السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

الجارحُ


يستعيض المغرّد عن السيف بالكلمات الجارحة مسخّرا شبكات التواصل الاجتماعي في “غزواته”، حتى تحوّل الفضاء الأزرق إلى ساحة قتال باسم الدّين أو باسم الوطن أو باسم الهويّة.
و لم تتأخرّ « نخبٌ» في الانخراط  في  حروب تُشعلها الغوغاء ويستغلّها السّاسة لحجب المشاكل الجوهريّة في ممارسة باتت مألوفة في بلاد العرب وما جاورها.
فحين لا يتردّد كاتبٌ في شتم شعوب أو إثنيّات أخرى، وحين يروّج  أخٌ له في الممارسة خطابا تكفيريا  أو عنصريا، فإن المسألة تحتاج إلى نقاشٍ جاد بين النّخب التي لم تفقد “العقل” بعد و في وسائل الإعلام  التي لم تفرّط في صفتها ومهمّتها، لأن ازدهار الشّتيمة والتقليل من شأن الآخر و إهانته ظاهرة تحيل إلى مأزق في العيش والتعايش، وتحتاج إلى إبرازٍ ومُعالجةٍ لأن الأمر يتعلّق باستخدام سلاح خفيف في تسويّة مشكلات صغيرة، قد يتطوّر إلى استخدام سلاح أثقل مع تعقّد المشكلات، أي أنه يتجاوز اللّغة بوصفها أداة تعبير إلى بنية تشكّلت في مختلف عصور الاستبداد، فالمغرّد الذي لا يملك من أدوات التسلّط  سوى أصابعه يتقمّص نماذج  جاهزة من المعتدين الكامنين في لاوعيه أو الظاهرين في حياته أو على الشّاشات، فيطلق رصاصه المكتوب على أعداء متخيّلين من خصوم الدين والوطن والهويّة في لعبة أشبه ما تكون بالألعاب الحربية التي يمارسها الأطفال، وقد يختلف رصاصه عن الرّصاص المطّاطيّ أو الرّصاص الحيّ، لكنه يلتقي مع الرّصاصين في المقاصد.
هذا المرض يحتاج إلى علاج جماعي يتطلّب الحريّة التي تجرّد  “المعتدي” من الحصانة وتعيد النظر في تعريفه في قواميس الوجاهة  وفي الحقول الرمزيّة،  ويتطلّب المرور من “الحالة الاستعمارية وما تلاها” في حياة الشعوب  إلى مرحلة الدولة الحديثة التي يصبح الفرد فيها مواطنا يؤمن بالقوانين التي تسري على الجميع ويحتكم إليها  ولا يحتاج في تدبير شؤونه ومعاشه إلى التذكير بقبيلته أو سلالته الكريمة أو التربة التي مشى عليها أوّل مرّة، ولا يحتاج  إلى “القفز” على الحواجز والأسوار والممنوعات، لأن هذه “الرياضة” تنتمي  إلى المراحل البدائية التي سبقت مرحلة الدولة.
ملاحظـــة
لا يعبّر المغرّد الجارح عن حالة خاصّة بقدر ما  يدلّ على قوم ينشدون الخلاص من سجن الشراسة.

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com