يحيل استهداف «أنوثة» التمثال إلى مشكلة نفسية يعاني منها المخرّب وليس إلى مخطّط وضعه استراتيجيو داعش ونفّذه جندي التنظيم في سطيف!
لقد كان الرّجل بصدد قتل أمه، أي تحطيم موضوع الرّغبة المستحيلة الآثمة، نتيجة فشل في تسويّة مشكلته الأوديبية، بحيث لم ينجح في كبت رغباته البدائية والامتثال لنواميس التحريم التي تقوم عليها الحياة الاجتماعية والحضارة، والمرور إلى حياة طبيعية ينتقل فيها إلى «مواضيع» أخرى بعيدا عن الأم التي عجز عن «امتلاكها».
الرجل في الخامسة والثلاثين ويبدو من خلال الفيديو الذي تمّ تداوله أمس أكبر من عمره الذي كان حافلا بمعاناة، كان يمكن تجاوزها لو كنا نهتّم بالصحة النفسيّة.
أجل، يمكن فهم الحادثة وتفسيرها على ضوء التحليل النفسي، وليس بالمقولات السياسية التي يجنح أصحابها إلى إطلاق الاتهامات، أو حتى هجاء بلدان أخرى تبعد عنا بآلاف الأميال، لكن ذلك لا ينفي وجود «عداء» للتماثيل في الجزائر يتغذّى من خطاب ديني يحرّم تصوير وتجسيد الكائنات، لأن الخلق من اختصاص الله وحده. وتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة يتطلّب جهدا يبدأ بالكفّ عن تسفيه الفنون والآداب في نظام التعليم وحتى في الخطاب السياسي الذي يمتدح التكوين التقني ويقلّل من شأن غيره، و بإشاعة ثقافة فنيّة وجمالية عبر وسائل الإعلام وإلزام الوسائط التي تستفيد من الدعم العمومي بذلك، لأن التجارة بالخطاب الديني المتخلّف أصبحت رائجة في المنابر الإعلامية الوطنية في وقت يتعرّض فيه خطاب العقل للتغييب أو التجاهل بحجة ضعف الإقبال الجماهيري عليه.
إن بناء مواطن سويّ مهمّة استراتيجية يجب الإنفاق عليها بسخاء، إذ لا يُعقل أن نسمع اليوم من يتهم «شيوخا» يقيمون في آسيا بالتأثير في شبابنا، مثلما لا يُعقل أن نسمع من يتحدّث عن نجاح مخابر أجنبيّة في إثارة نزعاتنا القبليّة البدائية، لأن ذلك لا يعني سوى الإقرار بفشلنا في بناء إنسان جزائري غير قابل للتلاعب والاختراق.
ملحوظــة
كان يمكن ثني الفاعل عن فعلته وحماية تمثال عين الفوارة من التخريب لو كان «المصوّرون» الذين بثوا الواقعة على المباشر، أمس، يتمتّعون بحسّ مواطنة، لكنّهم كانوا «يتلذّذون»، على ما يبدو، بالمشاهد السادية، ففضلوا تعميم اللّذة على نصرة المرأة المعذّبة!