الاثنين 30 ديسمبر 2024 الموافق لـ 28 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

فصلُ المخاوف

تقترحُ  وسائلُ الإعلام في مختلفِ أنحاءِ كوكبنا الصّغير على جمهورها الكتبَ المناسبة للصيّف، فصل العطلةِ والاسترخاءِ وفصلُ القراءةِ، أيضا.
لكنّنا نفتقدُ هذه العادة  في بلادنا، لأنّ فعل القراءة بات يثيرُ الاستغراب في مجتمعٍ يُمعن في التوجّه نحو البدائية، لذلك يكتفي إعلامُنا  بالاهتمام بالأكل  وأسعاره ونسبة ماء الصّرف في الخضر والفاكهة  ومجانيّة الدخول إلى الشواطئ،  ويغفل حاجة أساسيّة من الحاجيّات التي تبني الإنسان وتجعله مفيداً وليس مجرّد كائن يتغذى ويتسلّى ويُزعج الآخرين.
في كلّ شواطئ  العالم يستلقي الناس مع كتبهم، أما في شواطئنا فيذهبُ الناسُ للتفرّج على سيقان الآخرين بل أنّهم باتوا لا يكتفون بالتفرّج بعد أن ألقى صنّاع التكنولوجيا  في أيديهم هواتف تُتيح لهم تصوير ما يستمتِعون برؤيته، فيتحوّلُ الشاطئ إلى موقع علاج المكبوتات المخزّنة طيلة الفصول و الأعمارِ، وحلبةٍ للاعتداءِ على حريّة الآخرين، خصوصاً النّساء، اللائي يجدن أنفسهنّ مجبرات على الهروبِ إلى «اليابسة».
في الصيفِ، تبدو الحاجة إلى تدريب «الجزائريِّ» على القراءةِ والنّظافةِ واحترامِ الآخر الذي يُقاسمه الفضاءَ اضطراراً، كبيرةً، وفي هذا الفصلِ يتضحُ أكثـر أنّنا نحتاج قبل بناءِ المُدنِ إلى بناءِ الإنسانِ كي لا يصرخ في ليلِ شوارعِها ولا يخرّب ولا يلقي بقاياه.
وتتقاسم الأسرةُ والدولة المسؤولية في هذه المهمّة، فالأولى مطالبة بغرسِ العادات الإيجابيّة في أبنائها  وعدم دفعهم إلى الشارعِ “ليحتضنهم” النّاس، والثانيّة مُلزمة بفرضِ القواعِد وتطبيقِ القوانين التي تساعد على العيْشِ المشتركِ في سكينةٍ وسلامٍ، ولا يجوز لأعوانها غضّ البصر عما يحدث من انتهاكات.
الأبُ الذي يقرأ الكتب يدفع أبناءه إلى الفعل الحميد ذاته والأب الذي يلعب الدومينو أسفل العمارة ولا يتوقّف عن الصّراخ وذِكر أعضائه بين الكلمة وأختها يحرّض أبناءه على البذاءات ذاتها، وصمتُ العون العمومي  على الاعتداء على الفضاء العامّ هو الذي يجعل إخراج الكراسي والطاولات إلى شوارعِ و أرصفةِ المدنِ، ولعب الكرة ونصب المشاوي عرفاً يثير من يناهضه الاستغراب.
الصيف هو فصل الرّاحة والمُتعة، فصل القراءة وفصل الرحلات لدى الأمم التي قطعت مع أسبابِ الشّقاء، لكنّنا حوّلناه إلى فصلِ الترقّب في السيّاسة وفصل الخوف خارجها.

المزيد من الأعمدة

حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com