الفلسفــة لا تتنكّــر للحيـاة اليوميـة
• انغلاق العالم العربي على هويته جعله يبدو جامدا ومعطلا
في هذا الحوار يتحدث الفيلسوف والمفكر محمّد شوقي الزين عن بعض كتبه وترجماته، كما يتحدث عن العلاقة الراهنة بين الذات والآخر، وعن العولمة ومفارقاتها ومآزقها، وعن الهويات والثقافات، وعن موضوعات أخرى ذات صلة وعلاقة بالفكر والفلسفة والعولمة.
حاورته/ نوّارة لحـرش
ترجمت كِتاب «ابتكار الحياة اليومية» لميشال دو سارتو، كيف اقتربت من عوالمه؟ ما الّذي حفزك أكثـر على ترجمته؟
محمّد شوقي الزين: أشتغل على ميشال دو سارتو، مؤرّخ ومفكّر فرنسي معاصر (1925-1986)، منذ ما يقارب العشرين سنة. وتجسّد هذا الاهتمام بإنجاز أطروحة الدكتوراه في الفلسفة حول فكره وأترجم بالتدريج بعض أعماله. بدأت بهذا الكتاب «ابتكار الحياة اليومية» (1980) لأنّني أطرح منذ مدّة علاقة الفكر بالواقع أو الفلسفة بالحياة اليومية. هل بالفعل ينطوي الفكر على استقلالية تجعله يجترّ مقولاته بشكل مجرّد بعيداً عن الواقع؟ هل موقع الفلسفة هو الأكاديميات المغلقة ومراكز البحث المعزولة كالجزر المتناثرة لا علاقة لها بما يجري حولها وبداخلها أيضاً من حركات وهفوات وعفويات وانفعالات؟ كانت هذه التساؤلات المحفّز لترجمة الكتاب لما ينطوي عليه من أفكار جميلة تخصّ الثقافة وعلاقة الفكر بالواقع واللغة بالحياة وإدراك المكان الحَضَري بفتح المدينة على الخيال والذوق الفردي والجماعي وتأسيس فضاءات عمومية لا يكون فيها النقاش والجدال مجرّد أساليب في التعبير بل فنوناً في الرؤية وطريقة في إدراك العالم والتواصل بالغير. قبل العروج على الحياة اليومية، كان ارتباطي بميشال دو سارتو نتاج اهتمام مشترك بالموضوع نفسه، فهو متخصّص في التصوّف المسيحي وكتب حوله دراسة جامعة ومفيدة عنوانها «الحكاية العرفانية» (1982) وتخصّصتُ أنا في التصوّف الإسلامي من خلال شخصية محي الدين بن عربي، وساعدتني أفكار دو سارتو التي استقت من العلوم التاريخية والإنسانية والتحليل النفسي واللغوي مناهجها ومقولاتها، أقول ساعدتني هذه الأفكار في قراءة التراث الصوفي أوّلاً، ثم الاهتمام بالحياة اليومية في أبهى تجليّاتها البشرية، لأنّ في حقيقة الأمر هناك علاقة دفينة وملغزة بين الإدراك الصوفي للوجود والرؤية الجمالية والفنّية للحياة اليومية. وبما أنّ دو سارتو ساعدني بأفكاره في اكتشاف ذخائر الثقافة العرفانية، المسيحية منها والإسلامية، كان أيضاً موضوع الدراسة بإنجاز الدكتوراه حوله وكتاب حول نظرية الممارسات والاستعمالات من وجهة نظر تداولية.
هناك أيضاً ترجمة لكتاب مفيد عنوانه «الثقافة بالجمع» عالج فيه دو سارتو سؤال الثقافة في المجتمع وعلاقة المدرسة بالتربية والجامعة بالبحث العلمي وإبستيمولوجيا الثقافة.
أظنّ أنّ قراءة ميشال دو سارتو ستساعدنا كثيراً في رؤية ذواتنا بنمط آخر، تساعدنا في الوقوف على تاريخنا السياسي والديني والثقافي، وفي ذلك أشعر بالسعادة في التعريف بهذا الكاتب في السياق العربي لأنّه لدينا الكثير لنتعلّمه من قراءته العبقرية للسياسة والدين والثقافة والحياة البشرية اليومية.
كيف هي الثقافة الجزائرية مقارنة بمثيلتها العربية، من حيث مستوياتها ومرجعياتها ومحمولاتها، حسب قراءاتك ومقارباتك؟
محمّد شوقي الزين: للثقافة الجزائرية رصيد فكري وأدبي هائل تحاول الاشتغال به والبناء عليه، لكن هناك معوّقات ذاتية، داخلية، في بنيتها بالذات، وهي سيطرة ما اصطلح عليه المفكّر الراحل محمد أركون «اللامفكَّر فيه» وهيمنته على العقول والسلوكيات، وهي حالة لا تنفرد بها الجزائر، بل كلّ الدول العربية الإسلامية التي تجعل المحظورات في صُلب سياستها، فيمتنع الكاتب، في شكل رقابة ذاتية، عن الخوض في المقدّس أو الجنس أو غيرها من الممنوعات أو الممتنعات. فيلجأ الكاتب إلى التصوير الفنّي والرمزي لابتكار شخصيات روائية تحاول أن تقترب من هذه المناطق المحظورة. إنّ الفضاء الشاسع لـ»اللامفكر فيه» (والفكرة هي دائماً للراحل محمّد أركون) يحصر الإبداع والابتكار في مناطق محصورة وضيّقة جدّاً لا يمكن توسيعها بحُكم سيطرة مجال المحظورات والطابوهات، في السياسة كما في الدين. لكن لم يمنع هذا الأمر العديد من الفنّانين في الأدب والمسرح والسينما من التعبير عن الواقع كما هو، وكما يتبدّى للعين، وعرضه في الروايات والعُروض المسرحية والأفلام. تبقى المشكلة في كيفية الإدراك والعرض: يحاول الفنّان الاقتراب من الواقع لاقتناصه في التصوير السردي أو المسرحي أو السينمائي، لكن المؤسسات الثقافية التي تموّله أو تتوازى مع نشاطاته الفردية لها رؤية أخرى للواقع، أكثر تفاؤلية واختزالية تبعاً لدوافع إيديولوجية. وتلك هي مشكلة كلّ فنّان أو مبدع: فهو يريد ضبط الواقع كما يراه وليس كما ينبغي تجميله أو حجب نقائصه أو اختزال حقيقته، وهنا مكمن الصراع بين المبدع بعفويته وحسّه الفنّي والمؤسسات الثقافية بهياكلها الثقيلة واستراتيجياتها الغالبة. وأعتقد بأنّ المشكل الثقافي يقع في أرضية هذا السؤال: كيف التعبير عن الواقع كما يتبدّى في ذاته، بجماله وبشاعته، برونقه وخلله، دون أن نسقط في الرؤية الكارثية، التشاؤمية أو العكس في الرؤية التبجيلية، التفاؤلية؟ ليست لي رؤية عامّة عن الثقافة في الجزائر والبلدان الأخرى لأقدّم حُكماً منصفاً وحصيفاً، ولكن إذا انطلقتُ من تخصّصي وهو الفلسفة، فإنّ هناك العديد من الاجتهادات الفردية أو الجماعية، ربّما منعزلة أو متفرّقة، تحاول الابتكار في هذا الميدان وملأ الساحة الثقافية بالقراءات والتأويلات النوعية. أشير مثلاً إلى التجربة الفكرية في تأسيس «الرابطة العربية الأكاديمية للفلسفة» بإدارة وتنسيق الدكتور علي عبود المحمداوي من العراق والدكتور إسماعيل مهنانة من الجزائر، وهي رابطة فتيّة، حديثة العهد، ولها الآن رصيد من الكتب المنشورة بالتعاون مع دور نشر جزائرية وعربية بالإضافة إلى مشاريع في الترجمة والموسوعات. يمكن تأسيس أكاديميات مشابهة في الأدب والفنّ والمسرح تجمع الجهود الفردية والجماعية في تأليفات ونقاشات يستفيد منها المجتمع المعرفي، الجامعي منه والصحافي والمدرسي. وذلك هو الرهان الثقافي إذا أردنا أن تكون للثقافة معنى ومغزى في حياتنا.
كتابك «هويات وغيريات: تأمّلات في الهوية»، تُـرى كيف تتقارب وتتجاور الهويات والغيريات، وهل تحدث الشراكة دون الإخلال بنسق وتمايز وفرادة كلّ واحدة؟
محمّد شوقي الزين: الهوية والغيرية هي الوجه الآخر لثنائية الذات والآخر، والهوية هي أيضاً الوجه الآخر للغيرية. هناك مُغالطة كبيرة نحن ضحيّتها لأنّنا نأخذ الأمور كثنائيات مانوية وليس كعلاقات حيّة ودينامية. وتكمن هذه المغالطة في اعتبار الهوية والغيرية كحقيقتين منعزلتين تماماً. نرى فيهما «التوازي» وليس «التقاطع». ندركهما كذرتين مقفلتين. لكن لو تأمّلنا قليلاً وفكّرنا بمنطق العلاقات وليس بمنطق الحدود، فإنّنا نجد أنّ الهوية هي «غيرية» بالنسبة لهوية أخرى، والعكس، الغيرية هي «هوية» بالنسبة لذاتها. فلا تنفكّ كلّ هوية عن غيريتها، ولا غيرية عن هويّتها. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، هناك مُغالطة أخرى تعتبر الهوية كذات ناصعة، منسجمة، كاملة. ليست الهوية بهذه البساطة والسذاجة كما نظنّ، فهي بالأحرى متنوّعة، مركّبة، تخترقها أساليب وتتخلّلها كيانات. لنأخذ على سبيل المثال اللّغة العربية: هذه «الهوية» اللغوية ليست منسجمة كما نظنّ، بل لها في تطبيقاتها العملية تغيّرات وتحوّلات، لأنّ اللّغة هي ثابتة بمعاجمها وقواعدها، لكن عندما ننطق بها ونتداولها في حياتنا اليومية فإنّها تتغيّر في البنية والوظيفة، فهناك طريقة «جزائرية» في التكلّم بالعربية وطريقة «يمنية» في التكلّم بها، وهذا المعطى التداولي لم نوفر له الوقت والجهد لقراءته ودراسته، وبدأنا باحتشام اكتشافه والعمل به، فهو حديث العهد على صعيد الدراسات الألسنية، لأنّه يأخذ في الحُسبان العوامل الزمانية والمكانية والذاتية من ظرف وسياق وأنا متكلّم، إلخ. مثال آخر وهو «الهوية» الدينية. ليس الدين منسجم الأواصر كما ندّعي. هناك مُعطيات تداولية تجعله يتلوّن بتلوينات البشر في التصوّر والسلوك. ويفسّر هذا الأمر لماذا كانت هنالك في التاريخ اختلافات كلامية وفقهية، بل ونزاعات طائفية وحروب مذهبية. لو كان الدين «هوية» ناصعة وواضحة بذاتها لكان الأمر سهلاً ومهلاً. لكن الأمور هي أعقد وأشبك ممّا نظنّ لأنّنا في الغالب نغرق في الطوباويات والمثاليات والتجريدات ولا نأخذ الوقت في فهم الواقع وقراءته في ذاته بعيوبه وتناقضاته. نهوى الهدوء الملائكي في التعبير عن الهويّة، لكن ننسى بأنّ الهوية هي نتاج أرض وجذر وتصوّر، أي هي حصيلة معطيات مادّية وبيئية ونظرية وعملية وأنثروبولوجية يستحيل اختزالها إلى مجرّد انسجام الذات مع ذاتها. لو كانت الأمور بهذه السهولة لما كانت في التاريخ صراعات داخل الهوية ذاتها وحروب أهلية!، علّمتنا التجربة بأنّ الهويات هي بطبعها مُتنافرة البنية ومركّبة الوظيفة وتصبح منسجمة فقط عندما تلتقي بالغيرية على سبيل الالتقاء أو الصراع. أمّا على سبيل الالتقاء فإنّ الهوية المركبّة (أو الهوية بالجمع) تسعى لتبيان انسجامها الداخلي أمام غيرية، أي أنّها تريد أن تعكس صورة ناصعة عن ذاتها في شكل أنظمة «متماسكة» في السياسة والاعتقاد والتعبير والتفكير والسلوك. وأمّا على مستوى الصراع، فإنّ الهوية تسعى في علاقتها المحمومة بالآخر لأن تلمّ شملها وتوحّد صفوفها، لأنّ هناك خطر اسمه «الآخر» أو «الغيرية» يريد بالذات أو الهوية الشرّ والفتنة. لهذا السبب كتبتُ في تصدير كتابي «الذات والآخر» بأنّ العلاقة بينهما هي في الغالب خيالية أو توهّمية، فتتعامل الذات مع ما تصطنعه في خيالها حول الآخر، وليس هذا الآخر في حقيقته الواقعية. مثلاً، يكفي أن نقول بأنّ العدوّ أمام أبوابنا فنهرع لنوحّد الصفوف ونلمّ الشمل ونمنع الفرقة، لكن نعرف أنّ هذا التهويل هو من صنع الوهم أو الإيهام، وأنّ توحيد الصفوف وجمع الحساسيات هو مصطنع وظرفي وعابر لا يعبّر عن الهوية في حقيقتها المعقّدة والمتشابكة والمتناقضة.
ماذا عن فتوحات العولمة، ألم تكن لبعض هذه الفتوحات مغاليق معينة أزّمت من فتوحاتها وساهمت في تدرج الهوية إلى/وعلى مآزق متتالية؟
محمّد شوقي الزين: تشتمل العولمة على مفارقة. فهي، من جهة، تتوسّع على حساب الهويات المحليّة، لكن في الوقت نفسه، تساعد هذه الهويات في التوسّع والانتشار والتعرّف بواسطة الأدوات الالكترونية والسبرانية (الحاسوب، الأنترنت، الشبكات الاجتماعية الافتراضية). فكيف ندّعي بأنّ العولمة هي قاتلة للهويات، بينما تجد هذه الهويات في أدوات العولمة أشكال ارتباطها بالعالم والتقائها بالآخر على سبيل التعارف والتبادل؟ لكن لتفادي «الذرّية» العقيمة التي تحدّثتُ عنها، علينا أن نأخذ العولمة في تجليّاتها المختلفة: فهي في الاقتصاد والتجارة مدمّرة للمنتجات المحلّية بتعميم كاسح للسوق بأبخس الأثمان، وهي في الإعلام والمعلومة مُحفّزة للهويات المحلّية بأن تُتيح لها بأن تظهر للوجود وتتواصل بالعالم. ولا يمكن مجاوزة هذه المفارقة، لأنّ العولمة ليست خيراً في ذاتها ولا شرّاً في ذاتها، بل استعمالها هو الّذي يُحدّد منفعتها أو ضررها. يبدو لي أنّ احتراس العرب من العولمة جاء نتيجة تماثل أقامه العرب بينها وبين الاستعمار الّذي كانوا يرزحون تحته لمدّة من الزمن، في المشرق مع الانتداب البريطاني وفي المغرب مع التواجد الفرنسي. دفع هذا الأمر العرب، عن وعي أو عن غير وعي، إلى المطابقة بين العولمة والاستعمار وبالتالي النظر إليها كإمبريالية كاسحة، مهدّمة للهويات، قاتلة للثقافات. لكن إذا لم تكن العولمة سوى وسيلة للاستعمال، إذا لم تكن أدواتها التقنية والمعلوماتية والاقتصادية سوى طرائق في الاستخدام، فإنّ العرب أساؤوا استعمال الأداة وأساؤوا فهم المعنى والمغزى وبالتالي فوّتوا على أنفسهم فُرصة الانخراط في العالم بالإنتاج والابتكار. ويمكن بالتالي تفسير عزوفهم عن العالم المتحرّك والمنتج واكتفاؤهم بخزائن التراث والماضي.
برأيك ما خلفيات مآزق الهوية، وإلى أين تتجه الهوية الآن؟
محمّد شوقي الزين: مأزق الهوية هو جمودها بالذات، اكتفاؤها على ذاتها، تقوقعها في عالمها، الركون إلى يقينياتها، السكون إلى بديهياتها. يكمن مأزقها في مجابهة المتحوّل باسم الثابت، ورفض الحركة والتنوّع والإبداع باسم ذخائر محفوظة وأسرار مكنونة. رؤيتها للعالم هي رؤية سحرية، كهنوتية، أسطورية تخلو من الأسباب والتأثيرات والتشابكات. إدراك الهوية لذاتها هي إدراك ذُري، مجزّأ، كجزيرة هادئة بعيداً عن العواصف العالمية من الحركة والسجال والمنافسة والمشاركة والإنتاج والتنويع. لا نجد صعوبة في فهم هذا الانغلاق «الذرّي» للهوية على ذاتها عندما نرى حالة العالم العربي الإسلامي الذي يكتفي بالمكتسبات التي ورثها عن تاريخه الطويل والقديم، في السياسة كما في الدين. لهذا يبدو هذا العالم وكأنّه جامد، معطّل، لا يبتكر في القانون أو التشريع، لا يخترع في الفنّ أو المعرفة، لا يأتي بالجديد في السياسة أو الاجتماع. هناك نواة صلبة يحكم بها ويحتكم إليها وهي المرجعية الدينية في أطرها الكلاسيكية، فيحيا بالتالي على حافة صفيحتين من النظر والسلوك، صفيحة المرجعية القديمة التي يغترف منها ويعود إليها، وصفيحة العصر الراهن الّذي يعيش تحوّلاته وارتقاءاته. وهذا الاحتكاك بين الصفيحتين، بين الرؤيتين، ولّد ظواهر زلزالية، بين وعي جديد يحمله الشباب الّذي يريد أن يحيا عصره وينخرط في عالمه ويبتكر الجديد ويكتشف المختلف والمتنوّع، ووعي قديم تسهر عليه المؤسسات السياسية والدينية والّذي هو بمثابة «المخزون» المقدّس، للتبرّك والخشية، يشدّ الانتباه إليه ويحول دون التقدّم إلى الأمام أو الالتفات إلى شيء آخر. إذا جاز لي تصوير هذه الفكرة يمكنني استعمال «أسطورة الكهف» عند أفلاطون في طريقة إنتاج الظنّ وإظهار الأوهام وتحريك الأطياف وحجب الحقيقة. فهذه الأسطورة تنطبق بشكل جيّد على حالة الوعي الّذي يريد أن يتحرّر من الأوهام والأشباح ويريد أن يرى بعينيه سطوح الواقع وسطوع الحقيقة. فالهوية التي ننتمي إليها، أو الهوية التي ليست سوى «نحن» بالذات، هي كالزيف أو خداع البصر trompe-l’oeil تصوّر شيئاً وهمياً على أنّه شيء حقيقي وواقعي. والنتيجة أنّنا نقضي أوقاتنا في الاهتمام بالأشباح والأوهام، أي القشور، وننسى الألباب، أي نتناسى الواقعي والجوهري، فنبني العجيب الخلاّب والمهيب الغريب في نظام الذهن وليس في نظام الواقع، فنبتعد عن الأرض، الملموس، الجسد، الحيّ، المتحرّك، ونعتنق الوهم، الخرافة، الثابت، الجامد.
ن/ل