يعرض قريبا، على ركح برج بوعريريج، عمل جديد للمؤلف و المخرج عيسى شريط، بعنوان «التيليفون الملعون» تمثيل سفيان بوسكرة، وسفيان غلاب، وسينوغرافيا رزيق نصيب.
المسرحية كوميدية تراجيدية، مدتها 60 دقيقة، وتجري أحداثها حسب مخرجها، في محطة قطار قديمة، أين ينتظر «التهامي» مكالمة هاتفية مهمة قد تَزفّ إليه بشرى الحكم في قضية زوجته «زوينة» التي توفيّت إثر حادث، لكنّه ظلّ ينتظر مدّة ثلاثين سنة، ولم ترد المكالمة، فباع كل شيء لردّ الاعتبار لزوجته، وانتهى به المطاف حبيس المحطة طوال مدّة الانتظار، ليتحوّل إلى شخص منعزل بلا مأوى ولا عنوان.
بينما هو على هذه الحال، ينزل أحد المسافرين بنفس المحطة، وكان ينتظر أيضا مكالمة من الهاتف العمومي في المكان، وقد تميز عن الآخرين بحقيبة تبدو مهمة بالنسبة إليه لا يُهملها لحظة واحدة.
تنشبُ بين التهامي والغريب خلافات حول كابينة الهاتف، فكلاهما ينتظرُ مكالمة مهمة، ونكتشفُ تدريجيا عبر أحداث المسرحية أنّ هذا الغريب قد تحمّلَ نفس المعاناة، حيث قضى عقوبة امتدت ثلاثين سنة داخل قبو الأرشيف، فقرر الانتقام ممن عاقبه، وقد أعدّ ملفّا يورط الجميع يحتفظ به في الحقيبة العجيبة، ونكتشفُ أيضا حسب المخرج عيسى شريط، أنّ الملف يتعلق بقضية «زوينة» زوجة التهامي.وبعد مدٍّ وجزرٍ بينهما، يتّفقان في النهاية على التعاون لحلّ قضية «زوينة» بعيدا عن نزعة الانتقام،و خلال الأحداث تتطرّق المسرحية إلى جملة من الظواهر الاجتماعية والبيئية.
يقترحُ نص «التيليفون الملعون» كما كشف عنه المخرج، جملة من المواقف، والحالات، والأحداث التي تبدو في ظاهرها أنها نتيجة لوجود مشكلات حقيقيّة وعميقة، لكنّها في الحقيقة تحدث بفعل مشكلات مزيّفة لا مبرر لوجودها في الأساس، وهو العامل الذي يفجّر صراعات بين الناس ويفسد طبيعة العيش. وقصة «التهامي» المأساوية كما يوضح شريط، جاءت نتيجة لحادث فرضته بروتوكولات لا معنى ولا ضرورة لوجودها، وكذلك مأساة «الغريب» التي حدثت نتيجة معاقبته على موقفه المعارض لمشكلة كان يراها مزيفة، أما القضايا الفرعية التي يقترحها النص كنظافة المحيط، ونفاق التواصل، واعتماد نهج ميكيافيلي لتحقيق المنافع وغيرها، فمواضيع من وحي المجتمع تعكر صفو وجودة الحياة.
وهذا الصراع المزيّف كما قال المخرج : «دفع إلى اعتماد رؤية إخراجية تستّند على العبثية ومنها السخرية، فالمشكلة المزيّفة لا يمكن معالجتها بشكل جادٍ، بل تستدعي المقاربة الساخرة، واعتمدنا فضلا عن ذلك مقاربة تبدو صادمة للوهلة الأولى بالنسبة للمتفرج، وهي الانتقال السريع من الدرامي إلى الكوميدي في نفس الموقف، وفي نفس الجملة أحيانا ذلك ما جعلنا نصنّف المسرحية ضمن نوع «كوميدية تراجيدية» تتكلم عن الفرد، وعن المجتمع في آن واحد»وأكد المتحدث، أن الجمهور سيعيش من خلال المسرحة و أحداثها ساعة من الزمن ثريّة بالفكاهة، والابتسامة والدراما أيضا.
ع.بوعبدالله