الخميس 20 فبراير 2025 الموافق لـ 21 شعبان 1446
Accueil Top Pub

في مهرجان نجح في استقطاب الجمهور: نساء الخشبة يُبدعن على ركح عنابة

كسبت عروض المهرجان الثقافي الوطني للإنتاج المسرحي النسوي بعنابة، رضا الجمهور الذي استمتع منذ انطلاق الحدث بقصص ولوحات فنية من صميم وعمق المجتمع الجزائري، قدمها مبدعون ومبدعات من مختلف المسارح الجهوية، حيث كان دور المرأة بارزا بمواقفها الثورية، وتزيت نساء الركح بألبسة ذات طابع تقليدي، وتقمصن دور الأم، والحبيبة، والأخت، والزوجة، و المجاهدة طوال عمر التظاهرة المسرحية.

وميزت عروض المرأة فعاليات الختام التي جرت أمس، على ركح المسرح الجهوي عز الدين مجوبي بعنابة، وكان للمسرحيات التي تحكي عن الثورة وصناعها نصيب هام من أجندة اليوم الأخير، والتي لم تختلف كثيرا عن برنامج التظاهرة ككل، حيث تم الاحتفاء بسيدات الركح وإبراز دورهن الكبير في إعادة سرد القصص المجتمعية على اختلافها، بما في ذلك قصص نضال المرأة ومسيرتها ضد المستعمر.
ورحلت مسرحية «حلم الحياة» للمخرجة سهام كفي، بالجمهور إلى أجواء مشحونة بالعاطفة والإبداع، إذ جسد العمل واقع المرأة وصراعها من أجل تحقيق ذاتها وسط التحديات، و صورت المسرحية جانبا من مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي، من خلال قصة عائلة متواضعة تسكن حي القصبة العتيق، يساهم أبناؤها في العمل الثوري بأشكال مختلفة، وعلى رأسهم الأب الذي يبدي اهتماما كبيرا بما يجري في الساحة الوطنية والدولية، حاثا أبناءه على ضرورة قراءة ومعرفة تاريخ الأجداد لاستخلاص العبر منه.
كما تبرز المسرحية كذلك، مدى تغلغل الثورة في الأوساط الشعبية واحتضانها لمختلف الفئات.
من جهتها روت مسرحية «الكليبة 48» للمخرج إبراهيم نفناف، جانبا من حقيقة مشاركة الجزائر في الحرب العالمية الثانية، حيث جسد القصة الثنائي عبد الوهاب سليم شندري، وبوسعد سعيدي، وذلك من خلال شخصيتي «صالح السمينة قاهر لالمان» و«العربي»، وكان لكل منهما موقف مختلف من القضية، فالأول كان مؤمنا بضرورة المشاركة في حرب فرنسا الاستعمارية ضد النازية لأجل تحقيق وعد استقلال الجزائر، أما الثاني فكان موقنا أن فرنسا لن تفي بوعودها وبالتالي رافضا للمشاركة في حرب لا ناقة للجزائريين فيها ولا جمل.
وقد تميزت المسرحية بتحول عميق في شخصية «صالح السمينة»، ففي بداية المسرحية كانت شخصية مرحة، قدمت للجمهور دورا كوميديا، لكن بعد وفاة شقيقه واصطدامه بواقع الحرب تحول صالح، إلى شخص غير متزن، تأثر كثيرا بالحرب التي لم تحقق أية مكاسب للجزائر.
واعتمدت مسرحية الكليبة 48، بشكل كبير على قوة النص الذي مزج بين الكوميديا والتراجيديا، واستعمل لعرض التحول الجذري للشخصيات بسبب عنصر خارجي هو الاستدمار الفرنسي، واستغلاله للأفارقة في حروبه القذرة.
ودائما ضمن الأحداث الثورية، عرضت مسرحية «الساقية العظماء لا يموتون»، إخراج سامية بوناب، والتي دخلت ضمن المنافسة الرسمية على جائزة «كلثوم».
العمل من إنتاج المسرح الجهوي لسوق أهراس، يدور حول أحداث ساقية سيدي يوسف، حيث تسلط المسرحية الضوء على مصير «ربيحة»، وهي أرملة شهيد تواجه قسوة الحرب وألم فقدان ابنها «خليفة»، الذي التحق بصفوف الثورة، بينما تنضم ابنتها «حورية» إلى صفوف الهلال الأحمر التونسي.

وتظهر إلى جانب هذه الشخصيات، شخصية الممرضة التونسية التي قدمتها الفنانة سالي، وبرعت في إبراز دور التضامن بين الشعبين التونسي والجزائري لمواجهة المحن، أين اختلط دم الشعبين في هذه الأحداث. وبالحضور الكبير للشخوص النسوية، أبرزت المسرحية الدور المركزي الذي لعبته المرأة في المقاومة والحفاظ على الذاكرة الجماعية.
كما جاء الديكور منسجما مع أحداث المسرحية، وكانت صور المنزل العائلي، و القرية، والمناطق الجبلية حيث يتمركز المجاهدون، وكذا البيئة الحدودية بين الجزائر وتونس، متناسقة مما يبرز البعد الجغرافي للأحداث، حيث نجح المخرج في محاكاة أجواء من التوتر والقمع والمقاومة بشكل درامي وعاطفي.
وخارج ركح المسرح ساهمت الندوات والمحاضرات التي نشطتها الأستاذة حسينة بوشيخ، مع أساتذة مختصين في المسرح وكذا ضيوف من بينهم مدراء مسارح جهوية، في إثراء النقاشات حول مواضيع مختلفة تهم المسرح النسوي الجزائري بشكل عام، وكذا المآلات والتحديات المستقبلية للمرأة المسرحية.
وأبرز الأستاذ الجامعي الدكتور عبد الحميد ختالة، من جامعة خنشلة، في محاضرة حول واقع المسرح النسوي، تطور هذه المؤسسة في الجزائر، قائلا: «لا يوجد تراجع لدور المرأة في المسرح، وقد كسرت الكاتبة زهور ونيسي النمطية التي تسوق لتحجيم هذا الدور في المشهد الثقافي من خلال كتاباتها، حيث قدمت عبرها تصورات جديدة تخدم المسرح النسوي». وشدد ختالة، على ضرورة رقمنة أرشيف المسارح الجهوية، ومختلف الأعمال والأنشطة الفنية، معتبرا فضاء قهوة العاصر المستحدث في هذه الطبعة، حدثا بارزا أنعش مستوى النقاش، وقال إنه جهد يستدعي التوثيق و التسجيل.
نفس الرأي شاطرته المخرجة فوزية آيت الحاج، موضحة الحاجة إلى رقمنة الأرشيف للحصول على قاعدة بيانات للجامعة، ومرجعية للباحثين. كما عرض في نفس الجلسة مدير المسرح الجهوي لوهران، تجربة رقمنة جميع الوسائط بمؤسسته، دعيا باقي المسارح للاقتداء بهذه التجربة، مع استعداده لتمرير الخبرة عبر القيام باتفاقيات تعاون.
وقد ساهم الحضور الهام للجمهور ومحبي المسرح والمختصين، في إثراء النقاش الذي مزج بين التراث والمسرح، وزينت «السينيات» النحاسية والحلويات التقليدية والقهوة والشاي، الجلسات التي تخللتها عروض غنائية تراثية ونقاشات مختلفة، منها التأليف الموسيقي والغناء في العرض المسرحي، والشعر، والفنون التشكيلية وغيرها من المواضيع.
حسين دريدح

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com