شعر/ عبد القادر رابحي
1 -
الطّريقُ التي تؤدِّي إليْك
اعبُرْهَا لوَحْدِك..
ثِمَّةَ كَنْزٌ قاتِل
خبّأتَهُ لمَجيئك
لا يُريدُ أنْ تقْسِمَهُ مع أحَدْ..
2 -
كأنّكَ حيلةُ العنكبوت
معَ الخيط الهارب..
كأنّك الحلَق الأخير
في شَجَرَة التفَّاح العانِس..
3 -
تتدلّى نبتةُ الرّيح
في حديقَةِ دارِ المُسِنِّين..
تُعاودُ كُلَّ رَبيع..
لاَ عُمْرَ لهَا..
4 -
لا يزالُ الوقتُ
ينسجُ بعضَ أسرِاره
في أواني الصّباح الهَرِمَة..
مُوسيقى السّقوط
مِن بينِ الأيادي المرتجِفة..
5 -
ليْس للأنهارِ ذاكِرَة..
ذاكرةُ الأنهارِ
ما تحملُهُ للبحْر
و تتذَكّرُه عند الوصُول..
6 -
لم يعُدْ للأنهارِ ما تُعطِيه
لقدْ أعطتْ كُلّ شيء
قبل أنْ تولد
مِنِ رحِم الجَبلِ الغائِم..
7 -
الأشجارُ الفارعة
ليْستْ شامخةً بالضّرورَةِ..
تطَاوُلٌ عنيد
ورِثتْهُ من عنَتِ السُّلالة..
8 -
الأرضُ البُور
لا تحِنّ إلى الرّبيع..
تحتَ كلّ حجرةٍ
عقْربٌ تُريدُ الانتقام..
9 -
الأشجارُ الطّويلةُ
لا ظلّ لها..
قيلولةُ الخريفِ العابر
في حِضنِ الورَقِ الأصفر..
10 -
أغارُ منكِ كثيرا
أيّتها النّخلةُ الباسِقَة..
لاَ أحدَ يستطيعُ أنْ يتطاولَ عليك..
11 -
تشيخُ البيُوت..
تحنُّ الأحجارُ الكريمةُ
إلى أوْطانِها الأصلية..
12 -
ليْس للأحْجارِ معْنى
غير الذي تحفرُه الرّيح
قبْلَ مجيءِ البنّائين..
13 -
تكادُ تخنُقُها بلُطف
تلك الفكرةُ التي يحملها العشّاقُ
عنِ الوردة الهاربة من عِطْر الحديقة..
14 -
تلك الأشجارُ الوارفَةُ
استراحةُ الجنديّ القتيل
و عُكازُّ الوقتِ العابر
عندما تقسطُ الأوراق..
15 -
ظِلالُ الغيوم الرَّاحلة
كانتْ أوراقًا خضراءَ
في دفاترِ الأرض البُور..
16 -
لمْ تعُدْ المرأةُ العَجُوز تعْتني بالحَديقةِ..
هشاشةُ الظلِّ العابرِ
تعْتَنِي بهِمَا معًا..
17 -
يعودُ الخريف..
تزدادُ حساسيةً من طَلعْ الذكريات
أرملَةُ الوقتِ المتبقِّي..
18 -
هناكَ.. من أعلَى السّفح
غادرَ ثلاثون طائرا
ابتعدوا داخل الغيم
حتَى بَدَوا واحدا..
19 -
هي ذي مِنسَاتُك الأولى
وحُلمُك الأخير
ترجّلْ كمَنْ يريد
أن يصِلَ إلى النّبع..
20 -
تكادُ تطيرُ من الحُزن
تلك العصافيرُ المرسومةُ في الصُّحُون..
سيِّدةُ البيتِ
التحقتْ بالسِّرب..
21 -
نهَشَتْ كَبِده..
نبتَتْ لهُ كَبِدٌ أخرى
يا لحرَارَةِ حُبِّه.!!
22 -
عتبةُ البيتِ القديم
نهرٌ متوقِّف
مَعْبَرٌ صابِرٌ
بيْن حياتيْن..
24 -
بَحّةُ صوتِها،
لباسُها الباسمُ الأنيق،
تِرحابُها الدائِم بخطَواتِ الغريب..
شهَادةُ الأنْهار
لِرمادِ الغابةِ المُحتَرِقة..
25 -
قالتْ كلَّ شيْءٍ..
لم يعُد لديها ما تقول..
الأناشيدُ ملهاةُ الأبكم..
26 -
القمَرُ المشْحونُ بالأسْرار
يشْهدُ بما يرَى
في ليْلِ الغابَةِ البَهيم..
27 -
فجأةً..
تَنْطَفِئُ 'عينُ العِجْلِ' المُطِلّة على الحَياة..
لا طَرْقَ بعْدَ اليوم
على بابِ البيْت المُظلم..
28 -
قبلَ أن يصير سَائلاً
- عنْ أحفادِه -
في غيومِ البهَاءات
كانَ الحِبرُ "الأعظم"
جمَاداً يؤُمُّ الواقفين
في ديرِ القصيدَة..
29 -
الفراشةُ كذلك،
قبل أن تصير فراشة،
كانتْ دودةً عميَاء
تتسلّق ورقةَ الحيَاة..
30 -
سمَاءٌ صافيةٌ..
شواطئُ بأعلامٍ خضراء..
أسماكُ البرّ المُجمَّدة
ترْكبُ الموجة..
31 -
ينْتَابُ الورودَ البهيّة
قلقٌ مُرعِب
من عِشرة عمْرٍ طويلة
تنتهي بذبولٍ فادِح
قبْل مجيء القاطف..
32 -
البَنْدقُ
في أرْضِهِ
و توتُ البرّ
في أرضِهِ أيضاً،
و شَوْك النَّبْقِ النّابت في المسرّات
في أرضِه كذلك..
33 -
تكتسِبُ الأسُودُ هيبتَها
من أنْيابِها الملطخَّة بالدِّماء..
34 -
يحدثُ أن تقودَ الكلابُ
إنسانًا ضَريرًا
إلى الضفّة الأخرى من الطّريق..
35 -
كعلامَةِ 'لاَكُوستْ'
على صَدْرِ البطّال النّائمِ
تلْتهِم التّماسيحُ
أحلامَ الأفواهِ الجائِعة..
36 -
سيّاراتٌ تمُرُّ بسُرعة..
قمْحُ الحقولِ المائل
تحصُدُه الأعين الحادّة..
37 -
هُناك..هناك..
في جوْفِ الغابةِ المُظْلم
ثمّة حطَبٌ عجيب
ينتظرُ مُسافرًا بِلا رفِيق..
38 -
تعوّدتُ أن أصِلَ إلى النّبْع
بجِرَارٍ فائِضَة..
39 -
سَمكَةُ اليُوتُوب المُجمَّدَة
تعودُ إلى الحياة..
نبْضُ الحريّةِ الدّافئ..
40 -
ليْسَ مجنونًا بتَاتًا
ذلك الرّجُلُ الغريب
الذي يتحدّثُ لِوحْدِه..
إنّهُ يكلّم من يُحِبّ..
41 -
آهٍ يا رفيقتي السُّلحفاة
لستُ متعجَّلا تمامًا
ما دُمنا نسيرُ معًا
خطوةً بخطوة..
سعيدة في : 27/10/2019