* محمّد بوطي
ليس لي...
من قامة الوقت المُحَمل بالتردي.. جامع الخيبات
إلاّ نبضه الساديُ..
إلاّ هاجسُ السقطات مُسرف
ليس لي إلاّ الرحيل بقارب الكشف الكثيف
أشقُ من شغفي.. عباب فضاضة المعنى.
*******
أوشك أن أفُكَ عن التخيُّل
جُلّ أزرار القميص المرهف الهذيان
أن أفتك من جيب الظنون مفازتي
فرحي الّذي تنأى به غيلان وحشة رغبتي
حتى حديث البرق منخفض
ويفلت من سماعي غائرا
في لُجّة الغيم القصية
*******
ليس لي
اِسم له وقع الصدى عند النداء
وليس لي تِبْن يلبي حاجة الأحياء حتمًا
لو تجيئ بغرُّة سبع عجاف
ليس لي متن العبور إلى المدى
مُترنح التحليق في علياء أطراف التجلي
ليس لي يا منتهى آي البلوغ لسدرة
في البُعد تحفظ لي مقامًا شيّقًا
عُشًا يلفُ الرّوح
ليس لي...
إلاّ القصيدة لو أدق الباب تفتح لي ذراعيها
وقد أنسى بسؤرة نصيَ المدفون
تحت كثافة المعنى مآل الرّوح
*******
رأيت منذ البدء
منذ غرابتي الأولى
رفوفًا في مخيلة العجائز
إذْ رأيت الله منذ البدء
ينثر قمحه للطير
يمنح خبزه للغير
يُفرد من جناح الرحمة القصوى سرائره
*******
تؤلمني.. مغباتي التي تترى تباعًا
يؤلمني التموقع داخل التابوت
أسئلة الملائكة الغلاظ.. وقد
أحاطت بي خطايايَ
وتؤلمني الحياة بسم تكرار السؤال
*******
أُقَشِرُ ليلتي حتى بلوغ صباحها الرطب
أحاول رفعه نحو العُلى عبثًا
لكأنّما وحدي خرجتُ من الرماد ملوحًا للنار
يا رحماك يا أم المجاعة
فلتكوني لي ملاذاً آمنًا.. عُشًا يلفُ الرّوح
يا نار هل يأتي السلام مجنحًا
من فورة اللهب المُمد في عمد
من دفقة الجمر المُصفّف في نسوج توهجي
ولربّما تأتي غُييمات أقول فقط
غييمات الخلاص
*******
هذا ما عنيتُ.. إذا أقول بأنّني وحدي
أُشرد داخل النسيان
أسأل من رأيت على الرصيف
ولم يكن يهذي على وجه الرصيف
سوى شبح لظلي شاحبٍ
هل باعني أهلي لقافلة اليتامى عنوة
أم شردوني أبترَ
أدق من وجل على باب القيامة
دون جدوى
كأنّ الله يتركني ببطن الحوت منفيًا بلا زاد
فلا موتَ أغالبه.. ولا مطر تجن به الحياة
*******
أحفر بالأظافر جلد ليلي
كي أطل على صباح لم تزل عيناه مغمضتين
أفتح.. ثم أغمض.. ثم أغمض
حينما قال الرواة وكنتُ أتبعهم إلى حتفي
إلى أن دق ناقوس التأني (قلت لا)
لا رهان بعد يا ليل الرعاة
ولا قصائد فخركم يهتز من شغف لها
سعف النخيل بحقل ذاكرتي
ولا إعجاز يخرج من قبور الأولياء
ليطفئ النّار التي.. في حرّة النعمان
*******
وها إني....
وهذا الليل لم يخلع رداءً بعدُ
أهرق كأسيَ الأخرى بجوف مغبتي
والسُكر غاب لوهلة
مِمَا تراءت سوءة التاريخ في سهو الزمان
*******
متى يا قلب
ننسج من بياض الرّوح قمصانًا
متى تنأى الهزيمة عن مضاربنا
متى ينعى التردي روحه في مدفن الرؤيا
متى تنحاز أجوبتي لفاتحة الجنون
المشرئب لدفن أسئلتي
متى يا قلب...
يوجعنا الصباح بشهقة النعناع
*******
هل أقضي...
بقية عمري المأهول بالإمعان
أنفخ في رماد الغائبين بمحض غفلتهم
وهل أحتاج يا وجه الغرابة
أن أموت مضاضة.. أن أحتم بالآخرين
برغم أنفي من سياط الآخرين
*******
أذكر أنّ أمّي...
ذات يوم مشمس مثل القيامة حارق
والوقت صوم.. كلمتني عن مدى عطشي
فقلتُ.. (الوقت صوم)
*******
قد أحتاج..
من تعب مراراً في غضون الليل
حضنًا دافئًا.. يا روح أمّي
محجة بيضاء
ها قد جاء طفلك ضارعًا
هل من حنان مشمس عند الهزيع بمقبرة
هل من شموس بالتراب على يديك غريبة
ستذيب عن وجهي الجليد
تخط بعداً سابعًا لو تستقيم المسطرة
أحتاج يا أمّي... أنام على ثراك
ممرغًا جسمي كمُهر جامح
أحتاج يا أمّي.. فما عمر بلا أم
سوى حبر يجف بمحبرة
*******
قد أحتاج آلهة صغارا
كي أزحزح ليل أهلي وهمهم
أحتاج طينًا مفعمًا بالرّوح
كي أطلي به وجه التماثيل المقيمة
في براري الخوف
من خوف يجيئ فجأةً
أحتاج سكينًا لتقشير التكلس
من على أشداق تجار الخطابة
ربّما أحتاج في ذهني
مقصًا ناعمًا لشراشف تدني خيوط فجيعتي
*******
أدق على الحجارة
كي أفجر ماءها المأهول بالحُمى
أدق على نواقيس المجاز لكي..
يصيخ الصمت للمعنى
أدق على أعجوبة الموت التي تدعى الحياة
أدق.. وليس لي
إلاّ القصيدة لو أدق الباب
تفتح لي مصاريع الكناية تسحب المزلاج
*******
حسبي...
أنّني أدرجت..
في الوجع الأخير من الولادة...
ماء روحي
قد يكون النص ضمآنا.