السينما انساقت نحو العنف لضغوطات سياسية وإجتماعية
انتقدت الناقدة السينمائية المصرية أمل جمل توجه السينما العربية للرد على العنف الذي تعيشه الأوطان العربية وعايشته عبر مختلف الحقب التاريخية من خلال سينما تمجد قيمة العنف وتعتبرها أداة لنيل الحقوق، وذلك ضمن الندوة العلمية التي حملت عنوان التسامح إنتاج مشترك و اختتمت فعالياتها أمس بقاعة المحاضرات بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة ،ضمن أيام الفيلم المتوج المنعقدة حاليا في قسنطينة.
وقد احتدم النقاش ما بين المحاضرين والمتدخلين حول ضرورة التسامح السينمائي الذي رأى البعض بأنه تسامح سلبي، لا يضمن مشاركة السينما في فضح جرائم الاستعمار و قول الحقائق التاريخية، أما البعض الآخر فدعا إلى ضرورة التصدير للوطن العربي من خلال تبني القيم الإنسانية ومخاطبة الآخر، من خلال نافذة تمجد التسامح و تدعو للإتحاد الإنساني بعيدا عن الصراعات.
الأستاذة أمل جمل من مصر، ذرفت الدموع و هي تسرد حكاية تعرضها للاعتداء الجنسي، و كيف سامحت مغتصبيها و حاولت أن تروج لهذه القيمة في السينما، معتبرة المغتصبين ضحايا المجتمع، و دعت لعدم الرد على العنف بالعنف.
و من خلال مداخلتها حول التسامح بالنسبة للمرأة المغتصبة أو ضحية التحرش في السينما العربية دعت الناقدة أمل جمل إلى ضرورة أن تطالب المرأة بحقوقها، لكن يجب ألا تنساق للعنف الذي قد يفقدها إنسانيتها .
الناقدة السينمائية وفي ردها على أسئلة الحضور ، اعتبرت بأنه ليس من الضروري أن يكون السينمائي امرأة، ليتوجه نحو السينما التي تدافع عن المرأة، وذلك لأن القضية العادلة لا تحتمل معادلات مثل معادلة الجنس أو العرق من أجل الانتصار لها.
الناقد المصري محمد عبد الرحمان تحدث في مداخلته عن مواجهة السينما للاستقطابات السياسية، حيث شرح فيها كل الأفلام التي فيها دعوة للاستقطاب، معتبرا بأن الفنانين المصرين تناسوا أهداف السينما النبيلة وجرتهم السياسة لإنتاج أفلام مستقطبة لأفكار بعينها وتحرض على الإخوان المسلمين ،حيث تحولت الأزمة السياسية لعالم الفن وأثرت عليه ،وذلك نظرا لما عايشه الفنانون في تلك المرحلة من تضييق عليهم وخوفهم من زوال السينما المصرية، حيث شهدت السينما المصرية انزلاقات فنية غير معتادة، على غرار تحميل الإخوان سينمائيا كل مشاكل العالم.
و جاء دور الشاعر خالد بن صالح الذي كانت مداخلته حول المنعرج التاريخي الحاسم والمقاربات السينمائية، خاصة في ما يتعلق بالمناطق التي تعيش صراعات سياسية وتعرف حروبا دامية، و طريقة تعامل السينما معها وكيفية تكريس مفهوم التسامح في الإطار الوطني، و ذكر مجموعة من الأفلام على غرار فيلم «الخارجون على القانون» و «الوهراني».
و أضاف بن صالح بأن الأفلام الثورية في الجزائر، كانت معظمها أفلام موجهة ،لأنها عانت وتعاني من مشكل التمويل السينمائي، داعيا في سياق حديثه إلى ضرورة التوجه نحو السينما المستقلة التي تكرس قيما إنسانية، متسائلا عن مدى حرية الصناعة السينمائية في الوطن العربي ومن يمولها و القيم التي تنتجها، و أكد بأن التمويل يتحكم بشكل مباشر في قيم الفيلم، وهو ما يؤثر كثيرا على القيم التي تحاول السينما تصديرها، بعيدا عن الصراعات السياسية والإيديولوجية.
حمزة.د