مازلت أكسر المسلّمات و القارئ المعرب لم يصل بعد للحداثة
صدر كتاب جديد للدكتور أمين الزاوي يحمل عنوان «حريق في الجنة» عن منشورات «تافات» والذي يحتوي على مجموعة أوراق ومقالات كتبت من أجل إعادة المنظورات ونسف المسلّمات حسب الكاتب الذي قال في اتصال هاتفي بالنصر بأن نصه الجديد عبارة عن ليالي في كل ليلة يتناول موضوعا جديدا، قد يكون فكريا أو فلسفيا، حيث ينقسم المؤلف الجديد إلى ثلاثة أبواب وهي باب النساء وباب الديانات وباب اللغات والثقافات.«حريق في الجنة» حسب أمين الزاوي هو نص كتب على شاكلة محاورات أبي حيان التوحيدي في كتابه الإمتاع والمؤانسة أين استوحى طريقة الكتابة منه في محاكاة لتجارب النصوص التراثية برؤية جديدة ومعاصرة خاصة من ناحية جرأة المواضيع الموجودة في المؤلف.أمين الزاوي قال أيضا أن كتابه عبارة عن مجموعة من الأفكار تعيد القارئ إلى مفهوم الحداثة من خلال مراجعة المسلّمات وتعرية السذاجات خاصة ما تعلق منها بجانب المرأة كزوجة وكعشيقة وكأم، كما يحتوي الكتاب على دعوات لاحترام الأديان الأخرى، والثقافات المتعددة ضاربا أمثلة من التاريخ عن التعايش السلمي ما بين اليهود والعرب وواضعا نصائح عديدة محورها كيف نعيش بعقلية «لا يكون هناك عدو في هذا المحيط».وعن سبب اختياره العنوان «حريق في الجنة» نفى الزاوي أن يكون عنوانه مستفزا وإنما يقصد بالجنة أرض الخيرات في إشارة للجزائر والتي هي عبارة عن جنة فوق الأرض حيث هناك من يحاول أن يحرقها بإشعال حطب الكراهية فيها. كما يتحدث الكتاب الجديد عن جنات أخرى تم إحراقها ويستعيد الزاوي معرة النعمان في سوريا حيث اعتبر الاعتداء على فكر أبي العلاء المعري بمثابة إحراق لكل ما هو جميل ساعيا من خلال كتابه أن يعيد تكريم هذه القامة الأدبية والفلسفية في الأدب العربي.الزاوي بين بأن كتابة نصه الجديد باللغة الفرنسية كانت متعمدة لأنه يتوجه إلى قارئ يملك أساسيات الحداثة، على عكس القارئ العربي الذي يتصف بالكسل ولديه ثقافة اتكالية، تقوم على أن يدع الآخرين يفكرون في مكانه، وإن كان التعميم خاطئا حسب الزاوي، لكن غالبية القراء المعربين لم يصلوا بأفكارهم إلى مرحلة الحداثة.
وأرجع الزاوي الوضعية التي يعيشها القارئ المعرب لعدم تواصله مع القراءات التنويرية والجادة حيث أنه منذ سنوات الثمانينات وهو يقرأ الكتب المرعبة والداعية للظلامية والتي ساهمت في فساد فكره وكرست نوعا من التغرب الحضاري نحو المشرق في شقه المصري الدعوي والسلفي والوهابي.واعتبر الزاوي من جهة أخرى الجوائز العربية التي تمنح للإبداعات الأدبية في الوطن العربي جوائز مالية وليست جوائز ثقافية لأنها لم تتمكن من خلق نقاش ثقافي حول العمل الفائز، إذ أنها تخدم الكاتب على المستوى المالي لكنها لا تخدمه على المستوى الثقافي على عكس الجوائز الأوروبية التي لا تمنح مالا بقدر ما تمنح قيمة ثقافية للكاتب الفائز، حيث تقرأ نصوصه على نطاق واسع ويبيع إصداراته المقبلة بمبالغ مالية كبيرة، رغم أن الجائزة لم تمنح له مالا بل منحته لقبا وفقط.الزاوي تحدث عن المسابقات الثقافية التي تخصص للقراءة في الجزائر بتنظيم من بلدان خليجية و أرجع ذلك إلى تقاعس الجمعيات الثقافية الجزائرية لأنها لم تقم بمهمتها ولم تكرم القراء على أكمل وجه، فتنشيط المجال الثقافي خاصة ما تعلق منه تكريس فعل القراءة في الحياة اليومية هو عمل المؤسسات الثقافية والتي وصفها بأنها معطلة حاليا لأن بعض المشرفين عليها أصيبوا ببرد المفاصل.
حمزة.د