الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

في إطار مشروع شراكة لأول مصنع من نوعه بالجزائر

نحو إنتاج 25 ألف محرك متطوّر سنويا بوادي حميميم بقسنطينة
* منافسة صينية شديدة وتركيز على السوق المحلي
من المنتظر أن يدخل مصنع المحركات المبردة بالمياه، الأول من نوعه في الجزائر والواقع بمنطقة وادي حميميم بقسنطينة، حيز الخدمة بداية من شهر جوان المقبل، ويتوقع القائمون عليه أن تصل قدرة الإنتاج السنوية إلى 25 ألف محرك خاص بالجرارات والشاحنات و كذا الحافلات، وهو مشروع ضخم من شأنه إخراج شركة محركات قسنطينة «إيمو»، أحد الشركاء، من كابوس الإفلاس بسبب مشاكل التسويق، في ظل منافسة شديدة تفرضها المنتجات الصينية.
و وصلت أشغال إنجاز الجيل الجديد من المحركات المبردة بالماء، المرحلة النهائية، بمصنع وادي حميميم، وهو ثمرة شراكة بين مؤسسة «إيمو» لصنع المحركات، وشركة «جيبيم» التابعة لوزارة الدفاع الوطني ومجمع «آبار» الإماراتي، حيث تعود فكرتها إلى سنة 2009، عند تقسيم مركب المحركات و الجرارات من قبل مجلس مساهمات الدولة، الذي أقر فصل الشركة إلى واحدة مختصة في صنع المحركات وأخرى مختصة في الجرارات، على أن تقوم كل منهما بعقد شراكة.
نسخة عن محركات «مرسيدس» الألمانية
وقد تم تجسيد الاتفاقية بين مؤسسة صناعة الجرارات الفلاحية «إيتراغ» والشركة الأمريكية لصنع الجرارات «ماسي فيرغسون»، فيما أبرمت «إيمو» شراكة مع وزارة الدفاع والمجمع الإماراتي، وقرر الشركاء أن يطلقوا عليها تسمية الشركة الجزائرية لصنع المحركات الألمانية «سافما».
ومن مزايا المحرك الحديث أنه يبرد بالماء، بينما يبرد المحرك القديم بالهواء ويخصص لتزويد جرارات «سيرتا»، كما يستخدم الجديد في جرارات «ماسي فيرغسون» و يعتبر نسخة من محركات العلامة الألمانية «مرسيدس»، إضافة إلى ذلك، سينتج المصنع الجديد محركات خاصة بالشاحنات والحافلات.
وتعد «إيمو»، بحسب ما أكدته مديرها العام، نجوى قادري، شريكا فعالا في هذا المشروع، حيث تكمن مهمتها في بناء المصنع وقد خصصت لها مساحة معتبرة بمحاذاة المصنع القديم بمنقطة وادي حميميم ببلدية الخروب، إذ بلغت الأشغال مرحلتها النهائية، لتوضع آخر الروتوشات بعد جلب بعض الآلات التي يستعدي تثبيتها حفر الأرضية، وذلك بعد الاستفادة من قروض خصصتها الدولة الجزائرية للشركة، على أن يدخل المصنع حيز الخدمة شهر جوان القادم.
يد عاملة جزائرية بنسبة 100 بالمئة
وينجز هذا المصنع وفق مواصفات عالمية، حيث أضافت السيدة قادري في لقاء بالنصر، أن الشركاء اشتروا مخططات الإنتاج الخاصة بطريقة ونوعية الآلات والتجهيزات المستعملة، والتي ستكون متطورة وحديثة ولها أثرها إيجابي على البيئة وعلى استغلال الطاقة و غيرها، على أن تكون اليد العاملة جزائرية بنسبة مئة بالمئة، موضحة أن المصنع سيكون طفرة نوعية في عالم الميكانيك في الجزائر لأنه الأول من نوعه من يصنع هذا النوع من المحركات.
ودخل هذا المحرك المتطور حيز الاستغلال، سنة 2014، بعد أن صنع بورشات نموذجية صغيرة تابعة لشركة «إيمو»، حيث تم على مستواها إنتاج ما يقارب 7 آلاف وحدة سنويا، لكن عملية تسويقه كانت شبه متوقفة بسبب المشاكل التي سجلت في تسويق جرار «ميسي فيرغيسون» الذي تنتجه «إيتراغ» و المزود بهذا المحرك.
وأكدت المتحدثة أن هذا المشروع طموح، لأنه يساير التطور الحاصل في نوعية الجرارات والشاحنات والحافلات، حيث عاين الشريك الألماني المحركات وتمت المصادقة على أنها تخضع للمعايير المعمول بها، حيث تعتبر نسخة مصغرة للمصنع الكبير الذي يقترب من دخول حيز الخدمة بوادي حميميم.
مخطط لعدم تكرار مشاكل التسويق
وأكدت المسؤولة، أن قدرة الإنتاج سترتفع من 7 آلاف محرك بالورشات النموذجية الصغيرة، إلى 25 ألفا سنويا بالمصنع الكبير، وهذا حسب التوقعات والمخططات والدراسات التجارية التي قام بها خبراء في المجال، رغم أن بعض الظروف قد تعيق أو تغير المعطيات، على غرار تأثير فيروس كورونا على الإنتاج، ممثلة بأن مؤسسة «إيمو» سوقت 900 محرك خاص بجرار «سيرتا» ثم 2000 محرك وبعدها 7 آلاف، لتعرف العملية بعدها تراجعا رهيبا بعد تفشي الوباء.
وتضيف المتحدثة أن مجلس مساهمات الدولة، درس النقطة المتعقلة بالتسويق، حيث تم خلق أسواق لبيع هذا المحرك مباشرة بعد شروع مصنع وادي الحميميم في العمل، لتجنب ما حدث في تجربة «ماسي فيرغيسون».
وقال المسؤولة، إنه تم وضع مخطط لتسويق المخزون، حيث سيوزع 7 آلاف محرك لفائدة مؤسسة «إيتراغ» للجرارات، و 12  ألفا لشركة صنع شاحنات «مرسيدس» بالعاصمة، فيما توجه الكمية المتبقية إلى وزارة الدفاع، وهي أسواق خُلقت لبيع المحركات المصنوعة بالمصنع الجديد.
«المحرك القديم لا يزال مطلوبا من الفلاحين»
وتهدف الشركة المستحدثة، «سافما»، إلى تغطية السوق المحلية، في حين لم يتم التفكير بعد في التصدير إلى الخارج، حيث أكدت مديرة مؤسسة «إيمو» أنها حرة في تصدير المحركات القديمة «سيرتا»، فيما يبقى مستقبل المحرك الجديد من اختصاص وزارة الدفاع، خاصة وأن المصنع الجديد كان تابعا لوزارة الصناعة والتي كانت تهدف للتصدير، ولكن تحويل تبعيته يجعل من هذا الإجراء بيد الجهات المعنية.
وإضافة إلى التكفل بإنجاز المصنع، أسندت مهام أخرى إلى مؤسسة «إيمو» وتتمثل في تكوين وتدريب اليد العاملة، وهو ما جعلها تتعاقد مع قرابة 200 شخص تخرجوا من الجامعات ومختلف المعاهد حسب المديرة، والتي أضافت أن العملية مست قرابة 100 مهندس وتقني، إضافة إلى يد عاملة بسيطة.
وسيمكن هذا المصنع الجديد من إخراج مؤسسة «إيمو» من كابوس الإفلاس، حيث سيتيح تصنيع آلاف المحركات سنويا، مع تحديد الجهات المسوقة لها مسبقا، كما سيتم تحويل الطاقم العامل الحالي إلى المصنع الجديد بشكل تدريجي و وفق ما تقتضيه الضرورة، فيما أكدت المديرة أن التحويل لن يكون كليا ما دام المحرك القديم لا يزال مطلوبا ولو بشكل قليل، خاصة وأن التوقعات بتوقف تصنيعه كانت سنة 2009، إلا أن ثقافة بعض الفلاحين وتعلقهم بهذا المحرك القديم وبساطته جعلتهم يفضلونه على محرك «ماسي فيرغسون» لتتواصل عملية صنعه إلى أزيد من 11 سنة، مخالفة كل التوقعات.
وتعاني مؤسسة «إيمو» لصناعة المحركات من الناحية المادية، بسبب مشاكل في التسويق، لكنها استطاعت وفق القائمين عليها، تسيير الفترة الماضية، بفضل منتجاتها المتنوعة والمتمثلة في محركات الجرارات والشاحنات والحافلات، وهو ما مكنها من تسويقها إلى المؤسسة الوطنية للمركبات الصناعية «آس آن في إي»، وقالت المدير العام، إن مؤسستها قامت ببيع 2000 محرك خاص بجرارات «سيرتا» ومثلها إلى «آس آن في إي» سنة 2014.
بالمقابل، لم يتم منذ عام 2017 تسويق أي محرك لمؤسسة الجرارات «إيتراغ»، الزبون الرئيسي، الذي كان يقتني من 2000 إلى 3000 محرك سنويا، حيث انخفض العدد حسب المتحدثة، من 500 إلى 600 محرك، وهي كمية غير كافية لتلبية مصاريف مؤسسة «إيمو» حسب مديرتها، في ظل توظيف أزيد من 300 عامل وبكتلة أجور إجمالية تصل إلى مليارين سنتيم شهريا، ما أدخل الشركة في صعوبات مالية.
وعن الوضعية الحالية في ظل خروج «إيتراغ» من سباق الزبائن، ردت المتحدثة، أن المؤسسة الوطنية للمركبات الصناعية تقتني في العادة 500 محرك سنويا، ويضطر مسؤولوها إلى تركها في المستودع لأنهم بحاجة إلى 300 فقط، وذلك بسبب العلاقة التاريخية التي تربط المؤسستين، وأضافت أنه في آخر سنة قلصت  المؤسسة الوطنية  للمركبات الصناعية طلباتها واكتفت بـ 300 محرك فقط، فيما تم تسويق 200 للزبائن العاديين.
كما أوضحت السيدة قادري، أن مشاكل التسويق أدت لتكدس أزيد من 400 محرك في مستودع المؤسسة، فيما تملك مصالحها المواد الأولية اللازمة من أجل تركيب 400 محرك آخر.  وألقت أزمة كوفيد 19 بظلالها على مؤسسة «إيمو»، بعد أن تسببت في تقليص تصنيع المحركات وتناقص عدد الزبائن، ما جعل السلطات العليا في البلاد تطالب الهيئات العمومية بالتساهل خلال المعاملات التجارية مع المؤسسات المتضررة، وهو ما لم يحدث مع «إيمو»، حسب مديرها العام، التي ذكرت أن البنك الذي تتعامل معه قام بحجز الحساب البنكي، ويقوم بأخذ المبالغ التي تدعم الرصيد بنسبة مئة بالمئة، كرد عن تأخر المؤسسة في تسديد قيمة القروض.
وقالت المسؤولة، إن «إيمو» مهددة أيضا بقطع التيار الكهربائي في حالة عدم تسديد الديون المتراكمة لدى مصالح سونلغاز، وهو ما يجعل المؤسسة مهددة بالإفلاس، خاصة وأن توفير أجور العمال أصبح معقدا جدا حسب المصدر ذاته، في ظل الوضعية الجديدة وخاصة بعد حجز الرصيد البنكي.
مندوبو  المبيعات و وسائل التواصل لترويج المنتجات
وفي ظل الوضعية المادية الصعبة التي تصادفها «إيمو»، تقرر تغيير السياسة المتبعة من أجل خلق أسواق و طرق أخرى للتسويق تنقذها مؤقتا من شبح الإفلاس، وعليه قررت المديرة، البدء في الترويج لقطع الغيار المصنعة بذات المؤسسة، مع التركيز على مصلحة ما بعد البيع، حيث تم إرسال مندوبي مبيعات إلى سكنات الزبائن من أجل تقديم عروض جديدة، على طريقة شركات الأدوية.
وأتت هذه الطريقة بثمارها، وفق المصدر ذاته، حيث تم التوجه إلى كل الزبائن بعد العودة إلى قائمة المشترين في الأشهر والسنوات الأخيرة، إضافة إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي من أجل ترويج المنتجات، كما تم تنويع النشاطات باستحداث ورشة للتلحيم وتم التحول للعمل على كل ما له علاقة بالميكانيك، إضافة إلى استغلال طابعات بالمؤسسة موجهة للشركات المحاذية.
كما ابتكرت المؤسسة طريقة أخرى لإنعاش الخزينة، بعد أن شرعت مؤخرا في صنع محركات السقي بأنواعها، وأوضحت المديرة أنها لجأت إلى هذا الحل بعد عملية سبر آراء قام بها مندوبو المبيعات مع الزبائن، وتم استحداث هذه النشاطات وفق طلباتهم.
ويواجه المحرك الجزائري الألماني لمؤسسة «إيمو» منافسة شديدة من المحركات الصينية، التي تباع بسعر أقل مع ضمان الجودة، ما خلق حسبها، منافسة غير متكافئة في السوق الجزائرية، كما أكدت المسؤولة، أنها تلقت مقترحات من صينيين من أجل إبرام شراكات تقضي بجلب المحرك مباشرة من بلادهم وهو ما رفضته، لأن الهدف الأول من إنجاز المصانع والشركات الجزائرية هو خلق مناصب شغل واستحداث محركات من صنع جزائري.
حاتم بن كحول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com