تحولت مدينة العلمة في السنوات الأخيرة إلى قطب لسياحة الأعمال بعد أن واكب مستثمرون الحركية التجارية الكبيرة التي يعرفها « شارع دبي « ، بإنجاز عدد كبير من الفنادق لاستيعاب الأعداد الهائلة من المتسوقين القادمين من تونس والمغرب، لكن جائحة كورونا أخلطت أوراق أصحاب هذه المرافق وأدخلتهم في منافسة مع مراقد يقولون أنها تخطف الزبائن، كما دفعت بهم إلى الرهان على الزبون الجزائري في انتظار عودة السياح من دول المغرب العربي، حيث تم تقديم تخفيضات وتكييف نوعية النشاط وفق خصوصيات الفترة.
روبورتاج : أحمد خليل
كانت المنطقة قبل الجائحة تستقبل يوميا عددا كبيرا من رجال الأعمال و التجار من مختلف ولايات الوطن، و من دول الجوار، خاصة تونس التي كان يتوافد منها مئات المواطنين يوميا، بشكل منتظم، لاقتناء مختلف أنواع السلع، و كذا من ليبيا، لكن الجائحة كبدت التجار و أصحاب الفنادق، على حد سواء، خسائر معتبرة، ما جعل المستثمرون يراهنون على السياحة الداخلية لتفادي الإفلاس و الاستعداد للنهوض بأعمالهم بعد الجائحة .
قطب لسياحة الأعمال جمدته كورونا
زادت في السنوات الأخيرة شهرة و سمعة الحي التجاري «شارع دبي» ، ليس وطنيا فقط، بل حتى إقليميا، بدليل الأعداد الكبيرة من الوافدين التونسيين إلى مدينة العلمة، حيث تجاوز عددهم ، حسب الإحصائيات الرسمية، أكثر من ألف زائر في الأسبوع الواحد، مقابل عجز واضح في الفنادق و الغرف و الأسرة، لاستيعاب هذا العدد الكبير من السياح الأجانب.
و وجدت السلطات المحلية و حتى الأمنية، صعوبات في التعامل مع الوافدين التونسيين، بسبب عدم توفر العدد الكافي من الفنادق، حيث وصل الحد ببعض الأشقاء التونسيين، إلى المبيت داخل سياراتهم و مركباتهم، لفشلهم في إيجاد غرفة نوم بأحد الفنادق، معطيات شجعت رجال الأعمال و التجار على الاستثمار في المجال الفندقي، خاصة بعد التسهيلات الكبيرة التي قدمت لصالحهم من قبل مديرية السياحة لإقامة مشاريعهم الجديدة.
و أمام هذا الإشكال، سارعت السلطات المحلية ممثلة في مديرية السياحة لولاية سطيف و بلدية العلمة، لتطبيق إستراتيجية جديدة عاجلة، تتمثل في «تهيئة المساكن و تحويلها إلى فنادق»، و ذلك لإيجاد حل لمشكلة توفير الإقامة للوافدين الأجانب إلى أرض الوطن و في ظرف زمني قياسي، عرفت المدينة تطورا ملحوظا في عدد المؤسسات الفندقية، حيث تتوفر حاليا على 21 فندقا بمجموع 606 غرف و 1244 سريرا.
و الملاحظ أن الكثير من المستثمرين عمدوا لإقامة فنادق جديدة في قلب الحي التجاري «شارع دبي»، بهدف تسهيل مهمة الوافدين في الإقامة و اقتناء مختلف حاجياتهم من المحلات.
و قد كان السبب الأول لتطبيق هذه الإستراتيجية، هو تغيير وجهة إقامة الزائرين التونسيين، من الحجز في الفنادق المتواجدة بالمدن المجاورة مثل سطيف، قسنطينة و بجاية، إلى الفنادق المنجزة حديثا بمدينة العلمة.
15 نزلا جديدا في طور الإنجاز
و بالرغم من التطور الملحوظ في عدد الفنادق المتواجدة بمدينة العلمة و نجاحها في استيعاب الأعداد المتزايدة من الوافدين الأجانب، غير أن فكرة الاستثمار في هذا المجال باتت «موضة جديدة» بالنسبة لرجال الأعمال و التجار، خاصة في ظل التسهيلات الكبيرة التي وضعتها مديرية السياحة.
حيث تجرى حاليا أشغال إنجاز 15 فندقا جديدا، من بينها فندق يقع عند المدخل الغربي للمدينة، مرشح للحصول على تصنيف أربع نجوم، بالنظر إلى استثمار مبلغ مالي ضخم لإنجازه و مساحته الواسعة و توفره على الكثير من الهياكل المهمة.
و ينتظر أن يتجاوز العدد الإجمالي لعدد الأسرة في فنادق العلمة، 1500 سرير بحلول سنة 2022 و هو رقم جد معتبر، مقارنة بما تتوفر عليه مدن كبيرة جدا في مختلف مناطق الوطن.
و أمام هذا «التشبع» الحاصل في عدد الفنادق، فقد اضطرت مؤخرا مديرية السياحة، بالتنسيق مع بلدية العلمة، إلى تشديد الشروط الخاصة بمنح الرخص لإنشاء فنادق جديدة، حيث باتت ترفض منح التراخيص المتعلقة بتهيئة المنازل و تحويلها إلى فنادق، مع الرفض المطلق لإقامة فنادق جديدة بوسط المدينة، أو حتى على مستوى الحي التجاري «شارع دبي»، بسبب الاختناق المروري الذي باتت تعرفه معظم الطرقات الرئيسية.
و أصبحت مديرية السياحة تشترط إقامة «الفنادق المهيكلة»، ممن تتوفر على العديد من الهياكل الهامة و على رأسها مواقف السيارات.
خلال تجولنا عبر العديد من شوارع العلمة و تحدثنا إلى العديد من مسيري و أصحاب هذه المرافق السياحية، اتضح أن الفنادق تمر بوضع سيئ للغاية، بسبب التراجع الرهيب لعدد الزوار و الوافدين، لاسيما في ظل غلق الحدود البرية مع الجارة تونس، ما اضطر عددا من أصحاب الفنادق لاستغلال هذه الفترة من أجل القيام بورشات التهيئة و التجديد، في حين طبق البعض الآخر فكرة تركيز الجهود على تطوير المطاعم و فتحها أمام الزبائن، و اضطرت فئة ثالثة إلى غلق أبوابها مؤقتا.
و قال عدد من أصحاب الفنادق للنصر، أنه في حال استمرار الوضع على حاله، فإنهم سيتكبدون مستقبلا خسائر فادحة، نظرا للمبالغ المالية المعتبرة التي استثمروها في إقامة مشاريعهم الفندقية الجديدة، مرجعين سبب تراجع النشاط الفندقي إلى التأثر بقرار غلق المحلات التجارية على مستوى «شارع دبي»، خلال الحجر الصحي لمدة طويلة من الزمن، قبل غلق الحدود البرية نهائيا مع الجارة تونس.
و كان أصحاب عدد من الفنادق بالعلمة، قد وافقوا قبل أشهر ، على فتح أبوابها أمام المغتربين بالخصوص القادمين من فرنسا، خلال فترة الحجر الصحي و ذلك بطلب من السلطات العمومية في البلاد، كما وافقت عدد من الفنادق على استقبال أعضاء الطواقم الطبية العاملين بمستشفى صروب الخثير أو دار الولادة، من أجل الإقامة فيها مباشرة بعد تفشي الفيروس في المؤسسات الصحية بالمدينة التجارية.
التوقيف المؤقت للعمال لتفادي الإفلاس
و اضطر أغلب أصحاب الفنادق بمدينة العلمة في الأشهر الأخيرة، إلى توقيف العشرات من العمال بصورة مؤقتة، خوفا من التعرض للإفلاس التام، بالنظر إلى غياب الزائرين و الوافدين على المدينة التجارية، منذ انتشار فيروس كوفيد 19.
و برر مدراء الفنادق قرارات التوقيف، بتراجع المداخيل، مقارنة بما كانت تعيشه تلك الهياكل السياحية قبل سنتين من «أريحية مالية»، جراء توافد السياح التونسيين بأعداد كبيرة، خاصة في نهاية الأسبوع.
و في جولة استطلاعية قادتنا نحو أكثر من عشرة فنادق بالمدينة، وقفنا على العدد القليل جدا من الموظفين، مع تعمد أصحاب هذه الفنادق غلق المطاعم بعد تسريح العمال، من أجل ترشيد و تقليص النفقات المالية.
تخفيضات تصل إلى 50 بالمئة و رهان على السياحة الداخلية
لجأ أصحاب الفنادق ممن رفضوا فكرة الغلق المؤقت في هذه الفترة، إلى خفض الأسعار بنسب متفاوتة، مع توفير الحد الأدنى من الخدمات، على أمل النجاح في ضمان الحجوزات لعدد من الوافدين من مختلف ولايات الوطن، خاصة الغربية و الجنوبية منها.
و قال مدراء الفنادق للنصر، بأن عدد الزائرين تراجع بنسبة تفوق 90 بالمئة، مقارنة بالسنوات الماضية، و حسب الأرقام الرسمية التي تحصلنا عليها من مديرية السياحة و الصناعات التقليدية لولاية سطيف، فإن مجموع عدد الليالي في فنادق المدينة التجارية لسنة 2019، قد بلغ 11 ألف و 94 ليلة، من بينها 4868 ليلة في فندق واحد فقط مصنف ثلاث نجوم و هي الأرقام التي تؤكد على النشاط الكبير للهياكل السياحية قبل انتشار فيروس كورونا.
أما اليوم و بسبب أزمة كورونا و الأزمة الاقتصادية، فإن الرقم تقلص بشكل رهيب جدا، ما جعل أصحاب الفنادق يضطرون لخفض الأسعار بنسب تتراوح ما بين 10 و 50 بالمئة، على أمل استعادة النشاط قريبا، لاسيما مع رفع الحكومة مؤخرا الكثير من القيود في تطبيق إجراءات الحجر الصحي.
و فتح مدراء الفنادق مؤخرا قنوات الاتصال مع الوكالات السياحية، على أمل النجاح في تنظيم رحلات من ولايات الجنوب إلى العلمة، خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان، لكن الفكرة لم تجد بعد الصدى الإيجابي المطلوب، بسبب تراجع القدرة الشرائية في الآونة الأخيرة.
فكرة الاستثمار في المطاعم لم تنجح
حاولت بعض الفنادق «مقاومة» أزمة كورونا بالاستثمار في المطاعم التي تتوفر عليها، من خلال تخصيص وجبات خاصة في جميع أيام الأسبوع، مقابل أسعار معقولة، على أمل تنشيط عمل هذه الهياكل السياحية في عز الحجر الصحي، لكن هذه الفكرة لم تحقق أي نجاح ملموس، بسبب الإجراءات الاحترازية و الوقائية المتبعة للحد من انتشار فيروس كورونا.
و لم يكن أمام أصحاب الفنادق أي خيار آخر سوى غلق المطاعم بصورة نهائية، مع تسريح العمال، على أمل العودة إلى العمل من جديد مباشرة بعد تراجع انتشار الفيروس في انتظار استئناف دورة الحياة بشكلها الطبيعي الاعتيادي، و فتح الحدود البرية مع الجارة تونس أو حتى المجال الجوي مع الكثير من دول العالم.
كما حاولت بعض الفنادق، مؤخرا، الاتصال بعدد من الأندية الكروية، من أجل إقناعها ببرمجة تربصات تحضيرية مغلقة للموسم الرياضي الجديد، مقابل أسعار معقولة و خدمات مميزة، لكن الاقتراح لم يلق أيضا الصدى الإيجابي، بسبب عدم توفر تلك الفنادق و حتى المدينة على الهياكل الرياضية المطلوبة.
و تجدر الإشارة في هذه النقطة بالذات، إلى كون نادي «تيبي مازيمبي» الكونغولي، كان قد برمج قبل سنوات قليلة، تربصا مغلقا بالعلمة و اختار آنذاك فندق «الريف» الكائن بالمدخل الغربي للمدينة، من أجل إقامة الوفد لمدة امتدت لأكثر من أسبوعين.
«المراقد» منافس قوي رغم الفارق في الخدمات
و يشتكي حاليا أصحاب الفنادق بمدينة العلمة، من الانتشار المكثف للمراقد في الكثير من الأحياء الرئيسية، و التي يقدم أصحابها خدمات الإقامة مقابل أسعار منخفضة ، و هو ما جعل الكثير من الوافدين إلى الحي التجاري «شارع دبي»، يفضلون المبيت فيها، خاصة إذا كانت مدة إقامتهم لا تتجاوز يوما أو يومين على الأكثر.
فيما يجهل أصحاب الفنادق، الجهة الوصية التي تمنح حاليا تراخيص فتح المراقد، مادامت مديرية السياحة لولاية سطيف، غير معنية بمنح التراخيص و لا تملك أصلا صفة المسؤولية القانونية لغلق تلك المراقد.
و يدعو أصحاب الفنادق، السلطات المحلية، إلى ضرورة التدخل من أجل تنظيم عمل القطاع، لاسيما و أن الغالبية منهم استثمروا مبالغ مالية معتبرة، من أجل تنشيط المجال السياحي بشكل خاص و الحركة التجارية بشكل عام، لكن و بسبب انتشار المراقد في الآونة الأخيرة، فإنهم يفكرون بجدية في تغيير النشاط نهائيا، كما قالوا، و ذلك في حال استمر الوضع على حاله في الأشهر المقبلة.
سحنون إسماعيل مدير فندق «الباز»
تراجع نشاط الحي التجاري أثر علينا سلبا
قال مدير فندق «الباز» المصنف ثلاث نجوم و المتواجد في قلب مدينة العلمة، إسماعيل سحنون، بأن السبب الرئيسي لتراجع نشاط الفنادق، يعود بالدرجة الأولى إلى تراجع نشاط الحي التجاري «شارع دبي»، مؤكدا «التجارة تراجعت بشكل كبير منذ بداية أزمة كورونا و هو ما أثر سلبا على نشاط الفنادق بداية من الأشهر الأولى للسنة الماضية 2020».
و عن رأيه في العدد الكبير من الفنادق الحديثة التي دشنت في الأشهر الأخيرة، قال المدير السابق للمركب المعدني حمام قرقور، بأنه كان من الضروري القيام «بدراسات الجدوى»، قبل التفكير في إنجاز فنادق جديدة و ذلك في ظل التشبع الحاصل في عدد الهياكل السياحية بالمدينة التجارية، و أضاف« أصبحنا اليوم نعيش فترة العرض يفوق الطلب و لم أفهم بعد سبب موافقة الجهات الوصية على منح التراخيص لإنشاء فنادق جديدة، لأن الجميع يعلم جيدا بأن الاستثمار في مجال الفندقة بالعلمة، يعتبر مغامرة حقيقية» و تابع « من المفروض قبل التفكير في إنشاء فندق جديد، وجب أولا القيام بدراسة الجدوى من المشروع و ليس المغامرة باستثمار أموال طائلة دون فائدة».
نبحث عن منافسة شريفة
من أهم المشاكل التي تعاني منها الفنادق في العلمة، كما أكد المتحدث الذي كان مديرا لفندق «بانوراميك» بقسنطينة، أن المراقد انتشرت بشكل كبير جدا و أكد:» لا أزال أبحث باستمرار عن الجهة التي تمنح التراخيص لأصحاب المراقد و لا نستطيع منافستهم بأي شكل من الأشكال، لأنهم لا يدفعون الضرائب و لا يوظفون الشباب للعمل»، مضيفا « نحن نبحث عن منافسة شريفة بيننا و بين أصحاب الفنادق الأخرى، و من الصعب، إن لم أقل من المستحيل، منافسة أصحاب المراقد، نظرا للفارق الكبير في الأسعار بين الجانبين».
خفضنا الأسعار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
محدثنا ذكر أن مالك فندق «الباز» رفض تسريح أي عامل أو موظف، في عز فترة انتشار فيروس كورونا و تطبيق إجراءات الحجر الصحي، بالرغم من التراجع الرهيب في المداخيل العامة، مضيفا بأن تسديد الأجور الشهرية للموظفين مصدرها المال الخاص لصاحب الفندق، و ليس الميزانية العامة لهذا الهيكل السياحي، في ظل تراجع أو انعدام المداخيل في الأشهر الأخيرة.
و قال مدير الفندق، بأنه عمد لخفض الأسعار العامة بنسبة 10 بالمئة، بهدف استقطاب الحجوزات في هذه الفترة الحرجة، قائلا« عمدنا لخفض الأسعار في هذه الآونة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، و أعتقد أنه في حال استمرار الوضع على حاله، فإن جميع الفنادق دون استثناء، ينتظرها مستقبل مجهول و مخيف».
في حين استبعد محدثنا استئناف العمل بصورة طبيعية في القريب العاجل و ذلك في ظل استمرار انتشار فيروس كورونا ، مع رفض السلطات العليا للبلاد فتح الحدود، خوفا من تسجيل إصابات كثيرة من المواطنين.
و يرى أن الحل المناسب في هذه الفترة، هو تشجيع السياحة الداخلية، على أمل تنشيط الحركة الاقتصادية في جميع ولايات الوطن، و ليس في مدينة العلمة فقط.
فندق البلدية «براو» مغلق إلى إشعار لاحق
و تتوفر مصالح بلدية العلمة من مجموع الفنادق المنتشرة، على فندق واحد من أملاكها و هو فندق «براو» الكائن في قلب المدينة، و تم غلقه منذ توقيف المستأجر في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية و ذلك على خلفية وفاة فتاة مقيمة هناك، بعد محاولتها الهروب برمي نفسها من نافذة الغرفة، بسبب تهديدها من قبل أحد المسبوقبن قضائيا، و هو الموضوع الذي تطرقت له يومية النصر بالتفصيل في عددها الصادر بتاريخ 10 نوفمبر 2020.
و بالرغم من استثمار بلدية العلمة طيلة السنوات الماضية، مبالغ مالية معتبرة بهذا الفندق الذي يتواجد في موقع إستراتيجي هام و يتوفر على موقف للسيارات، غير أن ذلك لم يشفع في ضمان مداخيل مهمة للخزينة العمومية، بالرغم من الدعوات المتكررة من قبل السلطات العليا للبلاد، بضرورة استغلال الإمكانات الذاتية لضمان مداخيل مالية هامة.
تيغزة كمال مدير السياحة و الصناعات التقليدية لولاية سطيف
كان من الضروري إيجاد إستراتيجية لاستيعاب التونسيين
أكد مدير السياحة و الصناعات التقليدية لولاية سطيف، تيغزة كمال، أن مدينة العلمة باتت رائدة وطنيا في سياحة الأعمال و التجارة، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من الفنادق الجديدة التي تم تدشينها مؤخرا و دخولها حيز الخدمة رسميا.
و أضاف المدير التنفيذي في حديثه للنصر، بأن الهدف الذي تصبو لتحقيقه ولاية سطيف، هو بلوغ رقم 12 ألف سرير في جميع فنادق الولاية، و ذلك عند حلول سنة 2025، مضيفا بأن المديرية رافقت التطور المسجل بمدينة العلمة التجارية، من حيث الهياكل الفندقية الجديدة، بعد موافقتها على منح التراخيص الخاصة بإقامة الهياكل السياحية الجديدة.
و تابع المسؤول حديثه، بأن المديرية و بالتنسيق مع السلطات المحلية، كانت مضطرة لتطبيق إستراتيجية مستعجلة، من أجل استيعاب العدد الكافي من السياح القادمين إلى الحي التجاري «شارع دبي» ، و كان الحل الأمثل -حسب قوله- تطبيق فكرة تحويل المساكن و تهيئتها إلى فنادق، لاسيما في ظل عدد الطلبات الكثيرة من التجار الذين يمتلكون سكنات و إقامات على مستوى الحي التجاري، من أجل إقامة فنادق جديدة.
و أكد بأن الكثير من الوافدين من تونس، كانوا لا يجدون أي غرفة للإقامة و كانت أعدادهم في تزايد مستمر من أسبوع لآخر ، و هو ما جعل السلطات المعنية تسارع لإيجاد الحلول من أجل تطوير النشاط التجاري و ضمان الاستفادة من العملة الصعبة.
تراخيص لفتح مناصب الشغل
سألنا مدير السياحة عن الأسباب التي دفعت مصالحه إلى الترخيص لفتح عدد كبير من الفنادق الجديدة، فرد بأن المديرية كانت مضطرة لقبول طلبات المستثمرين لاستيعاب الأعداد الكافية من الوافدين، خاصة من خارج الوطن و الولايات الجنوبية، مع توفير ظروف إقامة أكثر من جيدة لهم، دون أن يضطروا مثلما حصل في السنوات الماضية، للحجز في فنادق خارج الولاية.
و أشار إلى التسهيلات التي وضعتها المصالح التقنية لبلدية العلمة، خاصة الموافقة السريعة على تسليم رخص البناء لصالح المستثمرين، من أجل تهيئة السكنات أو إنجاز هياكل جديدة ، و ذلك بالنظر إلى التنسيق الكبير بين المديرية و البلدية، مضيفا بأن من مهام المديرية المساهمة في خلق مناصب الشغل لصالح فئة الشباب و الفنادق الجديدة، التي سمحت في النهاية باستيعاب العشرات منهم، خاصة ممن يمتلكون شهادات من مدارس الفندقة.
و عن الشكاوى المرفوعة من قبل أصحاب الفنادق حول مسؤولية المديرية في التشبع الحاصل في هذا المجال، لاسيما في ظل التراجع الكبير في المردودية أجاب المدير بأن القطاع السياحي تأثر بشكل رهيب في جميع دول العالم، جراء انعكاسات انتشار فيروس كورونا، مضيفا بأنه بات من الضروري بالنسبة لجميع الفنادق العمل باستمرار على تحسين الخدمات، من أجل كسب رضا النزلاء و الزبائن، عند استئناف الحياة بشكل طبيعي و استعادة الحي التجاري «شارع دبي» لنشاطه الاعتيادي، مؤكدا أن المنافسة بين الفنادق، ستساهم بشكل كبير في الرفع من نوعية الخدمات المقدمة.
أغلب الفنادق أنجزت بأموال المستثمرين
و أكد مدير السياحة ، بأن الغالبية العظمى من الفنادق المتواجدة بمدينة العلمة، تم إنجازها بأموال المستثمرين، دون الاعتماد على القروض التي تقدمها المؤسسات البنكية لإنجاز الهياكل السياحية، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن أصحاب الفنادق وافقوا دون تردد على طلب السلطات العمومية لاستقبال المغتربين العائدين من ديار المهجر، مقابل مبالغ رمزية أو حتى مجانا، و أعطى مثالا لما فعله صاحب فندق «الشرق»، الذي وافق على توفير الإقامة الكاملة لمدة شهرين لصالح العاملين في المستشفى و دار الولادة، بعد تفشي فيروس كورونا وسط مستخدمي الصحة.
و أوضح المسؤول أن المديرية تنظم دورات رقابية دورية لجميع الفنادق، للوقوف على مستوى الخدمات التي تقدم للنزلاء، مع دعوة أصحابها لتطويرها بصورة مستمرة، حتى تحافظ مدينة العلمة على ريادتها في مجال «سياحة الأعمال».
أ/خ