تتوقع مديرية الفلاحة لولاية باتنة، أن يصل إنتاج التفاح لهذا الموسم إلى مليون و300 ألف و896 قنطارا وذلك عبر 4 أقطاب فلاحية بارزة أصبحت مقترنة بإنتاج التفاح وهي إشمول، ووادي الطاقة ومريال، وحيدوسة، حيث تتربع هذه الأقطاب بالإضافة لمناطق أخرى على مساحة قدرها 5639 هكتارا منها 4696 هكتارا تمثل المساحة المنتجة. وفيما يشتكي مواطنون من ارتفاع سعر التفاح رغم وفرته يُرجع فلاحون ذلك حسبما رصدته النصر، إلى نشاط الوسطاء وأصحاب غرف التبريد الذين يخزنونه لبيعه خارج موسم إنتاجه ما يرفع سعره.
روبورتاج: يـاسين عـبوبو
وفي جولة للنصر عبر مناطق إنتاج التفاح تزامنا وانطلاق حملة الجني بالجهة الشرقية للوادي الأبيض، وعبر بساتين إشمول وإينوغيسن المترامية، يشد انتباه الزائرين تطور شعبة التفاح بعد أن بات منتجون يستعملون الشباك الواقي من حبات البرد تفاديا لتضرر الإنتاج، خاصة وأن هذا الموسم عرف في عديد المساحات بإقليم إشمول وما جاورها تضررا على إثر العواصف الرعدية الأخيرة المصحوبة بتساقط حبات البرد، والتي أثرت على الإنتاج وكبدت منتجين خسائر، حتى أن بعضهم اضطر لبيع الكميات التي تعرضت لدرجة أقل ضررا، بأسعار منخفضة حيث بلغت 200 دج للكيلوغرام وقد طالب منتجون بأن يشمل الدعم أيضا الشبكات الواقية من حبات البرد.
ورصدنا بيع الفلاحين لمنتج تفاح صنف الروايال ببساتين الوادي الأبيض، والذي ينضج نهاية شهر أوت بقيمة تتراوح بين 200 و300 دج وفق النوعية، ورصدنا بلوغ سعر نفس الصنف في بعض المحلات الخضر والفواكه بباتنة للضعف، بحيث تراوحت بين 350 و450 دج، وأكد فلاحون أن لمستودعات التخزين دور بارز في التحكم في أسعار التفاح خارج موسم إنتاجه.
طموحات للتصدير
ذكرت رئيسة مصلحة بمديرية الفلاحة لولاية باتنة للنصر، بأن توقعات إنتاج التفاح لهذا الموسم تزيد عن مليون و300 ألف قنطار بارتفاع جزئي عن الموسم الماضي، موضحة بأن المساحة الإجمالية لأشجار التفاح تقدر بـ 5639 هكتارا منها 4696 هكتارا عبارة عن مساحة منتجة، فيما كانت قد قدرت المساحة الإجمالية الموسم الماضي بـ 5515 هكتارا، منها 4535 تمثل الأشجار المنتجة، وأشارت ذات المسؤولة إلى تحول ولاية باتنة إلى قطب وطني لإنتاج التفاح، بفضل أربع مناطق أصبحت مختصة في هذه الشعبة في السنوات الأخيرة، وهي إشمول ووادي الطاقة ومريال وحيدوسة.
وتُعرف المناطق الجبلية بولاية باتنة عبر الأقطاب الأربعة، التي زارتها النصر، بإنتاج فاكهة التفاح الموسمية لملاءمة المناخ بالدرجة الأولى حسب التقنيين في مجال الفلاحة بحيث يمتاز ببرودة شديدة في فصل الشتاء، ويساهم في إنتاج أجود أنواع التفاح على غرار الروايال والقولدن والقالاستار، وغيرها من الأصناف التي يحين موسم نضجها وفق كل صنف انطلاقا من منتصف شهر أوت إلى غاية نهاية شهر أكتوبر.
وقد باتت ولاية باتنة في السنوات الأخيرة، قطبا فلاحيا بامتياز بفضل انفرادها في إنتاج عديد الشعب الفلاحية، التي جعلتها تتصدر المراتب الأولى وطنيا، منها الأشجار المثمرة التي تحتل بها الريادة وطنيا.
ومن بين الأشجار المثمرة التي تمتاز بها، التفاح الذي يعرف إنتاجه بحسب المصالح الفلاحية بالولاية تطورا ملموسا، بفضل سياسة الدعم التي حظي بها الفلاحون في السنوات الأخيرة، ما جعل مساحات غرسه تتسع وتزداد بالموازاة معها كمية الإنتاج، حيث بلغ الإنتاج في الموسم الفارط ما يزيد عن مليون و300 ألف قنطار بمعدل متوسط 264 قنطارا في الهكتار، ويرتقب أيضا أن يستقر هذا الموسم الإنتاج إلى ما يزيد عن مليون و300 ألف قنطار من مختلف الأصناف.
وباتت ولاية باتنة تنتج التفاح بكميات ونوعيات جيدة، بفضل عوامل عدة، خاصة الطبيعية منها التي جعلت تفاح الأوراس علامة متميزة بمختلف أنواعه ونكهاته، وتنتج مختلف بلديات الولاية المقدر عددها بـ 61 بلدية التفاح، غير أن الخاص بالمناطق الجبلية يبقى الأحسن من حيث النوعية على غرار تفاح إشمول، أريس، فم الطوب وإينوغيسن بالجهة الشرقية وتفاح نافلة بحيدوسة بالجهة الغربية وكذلك تفاح مريال.
وأحصت المصالح الفلاحية لولاية باتنة خلال المواسم الماضية، مثلما أوضحته مسؤولة بمصلحة الأشجار المثمرة للنصر، توسعا لمساحات الأشجار المثمرة، حيث كانت قبل عامين تتربع على 4513 هكتارا، وتوسعت إلى 4677 هكتارا منها 3969 وبلغت هذا الموسم 4696 هكتارا، حيث تشير الإحصائيات إلى توسع مساحة هذه الأشجار وازدياد الإنتاج في الوقت نفسه سنويا.
ارتفاع إنتاج التفاح بولايات منطقة الأوراس، الذي تجاوز سقف المليون قنطار على مستوى باتنة لوحدها، جعل جمعيات منتجي التفاح تطمح للذهاب إلى تصدير المنتوج مستقبلا والتعريف به في الخارج، خاصة بعد أن لقي إعجابا في أسواق ومعارض دولية بفضل نوعيته المتميزة ونكهاته الطبيعية الخالصة.
ومن بين الدول التي طلبت تصدير التفاح إليها إندونيسيا بعد أن زارت سفيرتها المنطقة، أين أعجبت ببساتين التفاح المتواجدة بالمناطق الجبلية لإشمول وفم الطوب وبكيفية الإنتاج بطرق طبيعية، كما حظي تفاح الأوراس بالطلب من دول أوروبية نظرا لنكهاته الطبيعية كونه لا يخضع للنمو الكيميائي وقد تم تصديره لكن بكميات محتشمة.
تناقض بين وفرة الإنتاج وارتفاع الأسعار
تطمح عاصمة الأوراس إلى تصدير التفاح نحو الخارج بفضل الارتفاع السنوي في إنتاجه وتحقيق الصدارة وطنيا، فضلا عن نوعيته المتميزة ومذاقه اللذيذ بمختلف أصنافه، وفي الوقت الذي يتطلع فيه منتجون إلى التصدير لايزال يطرح مواطنون التناقض بين وفرة الإنتاج وارتفاع سعر التفاح محليا مقارنة بفواكه موسمية عديدة وهو ما رصدته النصر في أوساط الفلاحين كما المستهلكين، حيث أجمع مواطنون بأن المنتوج المحلي الذي يتعدى القدرة الشرائية ولا يمكن اقتناؤه رغم وفرته يطرح تساؤلات، وفي الوقت نفسه يثير الاستياء، وعلى النقيض من ذلك اعتبر أحد المستثمرين من ممثلي جمعيات إنتاج التفاح، بأن السعر يخضع للعرض والطلب ولتأثير مضاربين، معتبرا بأن ارتفاعه خارج موسم الإنتاج أمر طبيعي فضلا عن كون التفاح حسبه من الكماليات غير الملزمة بالاستهلاك. وفي ذات السياق، كان للقرار الحكومي قبل نحو سنتين بمنع استيراد التفاح من الخارج صدى إيجابيا وسط منتجي هذه الفاكهة وهو ما عبَر عنه أحد ممثلي الجمعيات بمنطقة تيبيكاوين بفم الطوب للنصر، والذي أكد بأن القرار من شأنه الدفع أكثر بتطوير ورفع إنتاج التفاح المحلي وحمايته، وقال بأن له آثار عدة أبرزها المساهمة في تطوير الاقتصاد من خلال وقف صرف العملة الصعبة وتخفيض فاتورة الاستيراد من الكماليات، باقتناء التفاح الذي هو متوفر بكميات كبيرة وبنوعية أفضل بشهادة المتعاملين الاقتصاديين من الخارج.
وقال ممثل جمعية منتجي التفاح، بأن الجمعية لطالما طالبت بمنع استيراد التفاح من الخارج لدواعي عدة، من بينها أن نوعيته ينصح بعدم استهلاكها، فضلا عن تخفيض فاتورة الاستيراد وصرف العملة الصعبة، وأضاف بأن الإنتاج المحلي وخاصة بمنطقة الأوراس يعرف تطورا ما يشجع مستقبلا على التصدير.
وعلى عكس المنتجين، الذين يرون في قرار منع استيراد التفاح بالشيء الإيجابي، فإنه بالنسبة للمستهلكين الذين رصدت النصر آراءهم، لم يكن له أي أثر بل إنهم يجدون في منع استيراده دون أن ينعكس ذلك على الأسعار، أمرا غير منطقي خاصة وأن منطقة الأوراس تشتهر بإنتاجه، ويتساءلون عن سبب بلوغ التفاح المحلي أسعار قياسية في بعض الأحيان تتراوح بين 700 دج و1200 دج للكيلوغرام، وهو التساؤل الذي تضاربت الآراء والإجابات حوله بين الفاعلين في إنتاج التفاح مثلما رصدته النصر.
وبالنسبة للجمعية الفلاحية بمنطقة فم الطوب، فهي ترى بأن ارتفاع سعر التفاح خارج موسم إنتاجه المتمثل في الخريف أمر طبيعي، وأقرت بوجود عوامل أخرى كالمضاربة من طرف بعض الأطراف أدت إلى ارتفاع سعره بأرقام قياسية، واعتبر ممثل الجمعية في ذات السياق بأن ندرة التفاح خارج موسمه، أمر طبيعي ما يؤدي إلى ارتفاع سعره في ظل محدودية إمكانيات التخزين، مؤكدا بأنه في موسم إنتاجه يتراوح حسب النوعيات بين 200 دج و350 دج، وأشار إلى خضوع الإنتاج لقاعدة العرض والطلب بحيث يرتفع سعره كلما انخفض العرض.
دعوات لتطوير قدرات التخزين
وتعتبر جمعيات لأقطاب إنتاج التفاح، بأن العمل على توسيع المساحات الفلاحية لإنتاج التفاح مع تطوير قدرات التخزين مستقبلا، من شأنه القضاء على المضاربة والاحتكار وبالتالي التحكم في الأسعار، مؤكدة بأن منع استيراده سيكون له الأثر تدريجيا بمرور السنوات خاصة في ظل غرس مساحات أخرى إضافية، إذ أن شجرة التفاح تدخل مرحلة الإنتاج على أقل تقدير بعد مضي ثلاث سنوات عن غرسها، وفي ذات السياق طرح منتجون عراقيل منها بالخصوص نقص غرف التبريد وهو من عوامل ارتفاع سعر التفاح حسبهم.
أكد أحد منتجي التفاح بمنطقة حيدوسة غرب ولاية باتنة للنصر، وهو منتخب سابق بالمجلس الولائي، بأنه خلال ترؤسه للجنة الفلاحة بالمجلس الشعبي الولائي، اعتبرت اللجنة بأن ارتفاع أسعار التفاح وبلوغه أرقام وصفها بالخيالية بعد أن تجاوزت حد 800 دج، أمرا غير طبيعي ولا منطقي خاصة بمنطقة الأوراس التي يقترن اسمها بإنتاجه وتعد من الولايات الريادية في شعبة التفاح.
وأرجع ذات المتدخل ارتفاع سعر التفاح، إلى ممارسات مضاربة لمتعاملين من ولايات الشمال بعد أن يقوموا باقتناء المنتوج بالدفع والحجز المسبق قبل موسم نضجه مستغلين تهافت منتجين للبيع، خاصة في ظل عوامل التخوف من عدم تسويقه وضعف إمكانيات التخزين، وأكد المتحدث للنصر، بأن التفاح الذي يقتنيه المتعاملون المضاربون في موسم الإنتاج يتم تخزينه لبيعه مجددا خارج موسمه، بحيث تعود نفس الكميات المنتجة بمناطق الأوراس مجددا لتسويقها بالمنطقة وبأسعار مضاعفة. ي.ع