تحتفل جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، بمرور 40 سنة على تأسيسها، أشرفت خلالها على تخريج دفعات من الطلبة الجزائريين والأجانب، إلى جانب تكوين إطارات دينية تعتنق مبدأ الوسطية والاعتدال و تدافع عن المرجعية الوطنية، ليتحول مشروع المعهد الذي كان مقررا في البداية، إلى حاضنة أكاديمية تتخطى سمعتها حدود الوطن، وتضم اليوم، ملاحق ومكاتب ومخابر بحثية هامة، تضيف قيمة علمية إلى الخصوصية الهندسية البديعة التي تتمتع بها البناية ذات الطابع الإسلامي.
إعداد: حاتم بن كحول
سواعد وطنية أنشأت مشتلة لإطارات الشريعة
ظهرت فكرة بناء مسجد كبير في قسنطينة سنة 1968، ولم يكن المقصود في البداية سوى مسجد بسيط يتسع لعشرة آلاف من المصلين حسب رغبة أصحاب الفكرة، ولم يتناول المشروع الأول مسألة المحيط بعين الاعتبار، إذ كان الموقع غير معتدل ويصعب بلوغه لوقوعه وسط غابة، مع ذلك أنجز الصرح بحي الأمير عبد القادر واختيرت له نفس التسمية.
جمعت الأموال لبناء مسجد بمبادرة من السكان، ثم خرج المشروع عن إطاره الأول ليشمل الجامعة الإسلامية ومسجد الأمير عبد القادر، وكلفت مكاتب «سونطراك» التقنية بوضع الدراسات وصممت المشروع بأكمله، كما كلفت فرق الهندسة العسكرية بوضع الأسس، بينما أسندت عمليات الإنجاز إلى المديرية الوطنية لتعاونيات الجيش الوطني الشعبي.
وتعتبر المؤسسة من الجامعات التاريخية على المستوى الوطني، خاصة وأن أول رئيس اطلع على مجسم المسجد والجامعة كان الرئيس الراحل هواري بومدين، والذي وضع حجر الأساس فيما بعد لإنجاز هذا الصرح العلمي والديني سنة 1971، تلاه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، الذي أعلن عن افتتاحها شهر أكتوبر من سنة 1984.
وبموجب المرسوم رقم 177 - 86 المؤرخ في 05 أوت1986، في العدد 32 من الجريدة الرسمية الصادرة في 06 أوت 1986، عرفت الجامعة أولى معالم التنظيم الإداري الخاص بها، وضمت بداية ثلاثة معاهد هي معهد الشريعة، ويشمل شعبة الفقه وشعبة أصول الفقه، إلى جانب معهد أصول الدين، الذي يشمل شعبة العقيدة، وشعبة الديانات المقارنة، وشعبة الدعوة والإعلام، فيما يضم معهد الحضارة الإسلامية، شعبة التاريخ الإسلامي، وشعبة الآداب الإسلامية، كما حدد المرسوم ثلاث نيابات تساعد رئيس الجامعة في مهامه إضافة إلى مجلس توجيه و مجلس علمي.
وتعتبر جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية من مؤسسات الأولى للتعليم العالي التي بادرت إلى التجسيد الفعلي لنظام الكليات، وذلك فور صدور النصوص القانونية والتنظيمية المحددة لذلك، بإنشاء كليتين سنة 1998 تتمتعان بالاستقلال المالي والإداري والتنظيمي، تحت سلطة مدير الجامعة إلى جانب وحدات مديرية الجامعة، لتضاف إليها كلية ثالثة ونيابة رابعة سنة2011 .وتعمل الجامعة حاليا بنظام ثلاث كليات وأربع نيابات لمديرية الجامعة، بموجب المرسوم التنفيذي رقم 39 - 11 المؤرخ في 06 فيفري2011 ،المعدل والمتمم مرة أخرى للمرسوم رقم 182 - 84 المؤرخ في 04 أوت 1984، حيث تدعّمت الجامعة بإنشاء كلية جديدة، انبثقت من رحم الكليتين السابقتين، وارتقت إلى مصاف الجامعات الكبرى التي تضم أربع نيابات بإحداث نيابة رابعة لمديرية الجامعة.
قبلة للإطارات الدينية في العالم الإسلامي و لأساتذة من 3 قارات
عرفت جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية تطورا كبيرا في الموارد البشرية كما ونوعا، حيث انطلقت في أكتوبر 1984 بحوالي 13 أستاذا و 34 موظفا إداريا وتقنيا ومع الأهمية التي أولتها الدولة الجزائرية لهذه الجامعة، لم تبخل عليها بفتح مناصب مالية جديدة سنويا، ليصل العدد في ديسمبر 2023، إلى 462 منصبا لفئة الإداريين والتقنيين وأعوان المصالح والأعوان المتعاقدين و 315 أستاذا باحثا.
وانفتحت الجامعة على المستوى الدولي، من خلال توظيفها لأساتذة من مختلف الجنسيات يمثلون 3 قارات، تركوا بصماتهم على الطلبة الذين استفادوا من هذا التنوع العلمي والديني، وتعاقب على التدريس في هذه الجامعة أساتذة مصريون وتونسيون وعراقيون وسوريون ومن الأردن والسودان وتركيا، وذلك منذ افتتاحها كما ضمت أساتذة من التشاد والهند، ليبلغ العدد خلال 40 سنة، 96 أستاذا أجنبيا بعقود دائمة، يمثلون أزيد من 10 جنسيات، فيما لا يزال هناك اليوم، أستاذة أجانب متعاقدون مؤقتا مع الجامعة يشرفون على تدريس اللغة التركية. وتصنع هذه الجامعة التميز وطنيا منذ سنة 2013، بفضل توفرها على أستاذة يدرسون هذه اللغة التي تعد مطلبا للعديد من الطلبة الجامعيين، حيث سبق لما يتعدى ألف طالب أن سجلوا لدراستها، بينهم 937 طالبا معنيون بالحصول على شهادة «ليسانس» فيما يتابع 272 طالبا تكوينا في طور «ماستر».
وتعتبر جامعة الأمير عبد القادر قبلة لأهم الإطارات الدينية عبر العالم، بفضل سلسة الزيارات التي حظيت بها طيلة هذه الفترة، بداية بزيارة وفود رابطة الجامعات الإسلامية برئاسة أمينها العام الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، ومحمد علي جمعة مفتي الديار المصرية، وفضيلة الشيخ سعيد رمضان البوطي، الذي قصدها لإلقاء محاضرات علمية، ووزير الأوقاف والشؤون الدينية بفلسطين، وقاضي قضاة فلسطين، إضافة إلى مفتيي الديار الروسية وكذا السورية. ومن بين الأسماء المهمة التي كانت جامعة الأمير محطة مؤثرة في مسارها، الشيخ الغزالي الذي كان أستاذا محاضرا، والبوطي والقرضاوي، وشخصيات دينية قدمت محاضرات علمية لا تزال تذكر، إلى جانب مرور سفراء من مختلف الجنسيات على القاعة الشرفية للجامع، التي استقبلت كذلك المفتي العام ورئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي القسم الآسيوي برورسيا، وتعتبر الجامعة كذلك قبلة للسياح بفضل جمال معمارها وعراقتها.
الرقمنة لمرافقة التكوين
واكب هذا الصرح الجامعي، مسار التطور التكنولوجي وما جاء به من رقمنة في عدة قطاعات، وذلك بحسب ما أكدته المكلفة بالإعلام والاتصال في الجامعة، أسماء عليوش، موضحة، أن المؤسسة أجرت العديد من دورات التكوين لفائدة الأساتذة والموظفين الإداريين والتقنيين في مجالات مختلفة مثل البرامج المكتبية «مودل و»كولد» وغيرها. كما تم مؤخرا، تنظيم دورة تكوينية لأكثر من عشرين أستاذا بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للتعليم عن بعد، حول كيفية إعداد الدروس على أرضية التعليم عن بعد، إضافة إلى التكوين في استعمال النظام المعلوماتي المدمج «بروغرس» والسهر على مرافقة كل المتدخلين ووضع أرضية للسرقات العلمية «تورنيتين»، وضع وتسيير أرضية الدروس عن بعد وتعميم استعمال «داتاشو» في التدريس وضع أرضية لتوجيه الطلبة من الجذوع المشتركة إلى الشعب، ومن الشعب إلى التخصصات وكذا للتسجيل والتوجيه في مسابقة الماستر، واعتماد بطاقة الطالب وربطها بالنظام المدمج.
كما أدخلت الجامعة الرقمنة في خدمة البحث من خلال إطلاق أرضية النشر «أو جي آس»، واستحداث المستودع الرقمي المؤسساتي لجامعة الأمير عبد القادر، فضلا عن الرقمنة في دعم الإدارة الحديثة، لإزالة الطابع المادي لسير الإدارة من خلال اعتماد الإمضاء الإلكتروني، واستعمال الإيميل بدل المراسلات، وضعت الجامعة حيز الخدمة، أرضية للتسيير الإلكتروني للوثائق، مع إطلاق خدمات رقمية على موقع الجامعة واستحداث فضاء الخدمات الرقمية، والإعداد لإطلاق خدمة الشباك الموحد، و توفير أرضية الحافظة الإلكترونية، هذا وقد قام المركز بتفعيل 42 أرضية رقمية تم إنشاؤها من طرف الوزارة لفائدة الأسرة الجامعية، تتضمن مختلف النواحي من « تبرئة، نقل، إطعام، بحث، شكاوى وخدمات متعددة».
نشاطات رياضية وترفيهية وتاريخية ووطنية
وحسب رئيسة مصلحة النشاطات الثقافية والعلمية بالجامعة ليديا غلاب، فإن المصلحة رافقت التطور الذي مس الهياكل البيداغوجية والتجهيزات المختلفة منذ نشأة المؤسسة الجامعية، وشملت المرافقة عدة مجالات منها ما يتعلق بالأنشطة العلمية والثقافية والرياضية، مع السهر على تنفيذ البرنامج العلمي والثقافي والرياضي المسطر من « ندوات، ومحاضرات، ورحلات علمية»، فضلا عن النوادي المعتمدة في الجامعة والتي تنظم «مسابقات، ومعارض وورشات للخط العربي»، ناهيك عن المشاركة في البطولات المحلية والولائية، ليستفيد بذلك الكثير من الطلبة من مختلف الأنشطة العلمية والثقافية والرياضية، وذلك بالتنسيق مع مصالح من داخل الجامعة، وكذا هيئات خارجية مثل محافظة الغابات، والهلال الأحمر الجزائري ومديرية الصحة، والرابطات الولائية، ومختلف المرافق الرياضية.كما نظمت المديرية، عدة نشاطات في مناسبات وطنية وتاريخية، وحاولت خلالها أن تستقطب أكبر عدد ممكن من الطلبة للانخراط فيها مع تفعيل النوادي العلمية الجامعية، لتشارك في عدة بطولات و تظاهرات و مسابقات ثقافية و رياضية على المستويين المحلي والوطني، وتعد المصلحة همزة وصل بين الجامعة والطالب، عن طريق النشر الواسع لجميع النشاطات المعلن عنها من طرف مديرية الحياة الطلابية، حتى يتسنى لجميع الطلبة الاطلاع عليها والمشاركة فيها.
اتفاقيات شراكة وتعاون منحتها صفة العالمية
من جهتها، أكدت رئيسة مصلحة التعاون والتبادل ما بين الجامعات، والشراكة والتعاون والشراكة الدولية، سميرة بوناب، أن جامعة الأمير عبد القادر أبرمت عدة اتفاقيات لا تزال قائمة مع جامعات أجنبية أدخلتها باب العالمية، أبرزها شراكات تعاون مع الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية زليتن– ليبيا، والتي أبرمت سنة 2009 لمدة 3 سنوات تتجدد آليا، وتتضمن إقامة برامج تعاون علمي مشترك في مجال العلوم الإسلامية والثقافة العربية. ناهيك عن اتفاقية مع جامعة الزيتونة بتونس، أبرمت في نفس السنة وجددت سنة 2023، وتتضمن التعاون في مختلف مجالات العمل الجامعي وتنويعها وفقا للمستجدات الجامعية، إضافة إلى تعاون مع جامعة قادش الإسبانية، تشمل تنمية ونقل ونقد العلم والتقنيات والثقافة وإدماجها في التراث الفكري الموروث، وتوزيع التكوين وتحضير ممارسة النشاطات المهنية علو مستوى التعليم العالي.
كما أبرمت اتفاقية أخرى، مع المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس في فرنسا، تجدد تلقائيا كذلك، وتتضمن تعزيز التعاون العلمي ليشمل كافة مجالات التعليم والبحث العلمي وتبادل المناهج الدراسية والمعلومات، وذكرت المتحدثة، اتفاقية أخرى مع جامعة دار السلام بأندونيسيا، لربط جسور التفاهم والتعاون والنهوض بالمستوى العلمي والإداري للأساتذة والباحثين والإداريين.
ومن بين الشراكات العلمية أيضا، اتفاقية مع جامعة مرمرة بتركيا، ومدرسة المانجمنت بستراسبورغ في فرنسا، ومؤسسة دار المنظومة بالمملكة العربية السعودية، وجامعة التفاريتي بالجمهورية الغربية الصحراوية، فضلا عن جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية بإسطنبول، ومعهد يونس أمره بتركيا، زيادة على جامعة مؤتة الكرك بالأردن، و الجامعة الإسلامية بمينيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا مركز إسلينجتون للغة الإنجليزية بإنجلترا.
وأنشأت الجامعة علاقات قوية في إطار التعاون والشركة مع المؤسسات والجامعات الوطنية، على غرار اتفاقيات مع جامعات حمة لخضر بالوادي، و الشاذلي بن جديد بالطارف، وجامعة الجزائر 1، بن يوسف بن خدة بالعاصمة، إضافة إلى جامعة الحاج لخضر باتنة 1، وجامعة أحمد دراية بأدرار، وكذا مراكز بحث متمثلة في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية « كراسك» وهران، و مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارات بالأغواط، وأيضا الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية بقسنطينة،والمعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية.
تتويجات و تميز طلابي
و تنعكس نوعية التكوين في الجامعة من خلال مستوى الطلبة ومدى انخراطهم في الحياة الجامعية، حيث مثل طلبة جامعة الأمير عبد القادر، في المهرجان الوطني الجامعي الرابع للمونولوج، المنظم من طرف مديرية الخدمات الجامعية بالوادي، وحققوا مراتب متقدمة. كما شارك آخرون في الطبعة الخامسة للمهرجان الوطني للمونولوج، وتم تكريم الطالب مبارك نبيل بجائزة أحسن نص و منحت للجامعة شهادة شرفية. ناهيك عن مشاركة الجامعة في جائزة الجامعة القاسمية الدولية للقرآن الكريم والسنة النبوية بالشارقة، وحصول الطالب الفائز محمد بوغالم، على المركز الثاني سنة2019.
وذكرت مسؤولة مصلحة النشاطات الثقافية والعلمية بالجامعة، أنشطة أخرى للطلبة على غرار المشاركات في الطبعة الثامنة للمسابقة الوطنية الجامعية لتجويد القرآن الكريم وترتيله بتلمسان، ووصول الطالب المشارك إلى الدور النصف النهائي، وأيضا المشاركة في الطبعة الثالثة للنصف مراطون الجامعي جزائري تونسي – سوق أهراس بجامعة محمد الشريف مساعدية، وبلوغ الطالب المرتبة السادسة.
* مدير مكتبة الجامعة يونس سدوس
كنز من المصادر و خدمات إلكترونیة مستحدثة بالمكتبة
ومن بين أهم ما يميز جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، مكتبتها التي تدعمت طوال الأربعين سنة الماضية، بالعديد من الدرر العلمية كما يؤكده مديرها يونس سودوس، مشيرا إلى أن هذه المحتويات الثمينة تخضع لعملية رقمنة شاملة تماشيا مع التحولات الجذریة التي تفرضها التكنولوجيا في مختلف مناحي الحیاة وتواكبها الجامعة.
وفي هذا السیاق، عرفت المكتبة الجامعیة حسبه، تطورا لافتا في أوعیتهاا الورقیة والرقمیة إضافة للخدمات الفنیة الرقمیة المعتمدة على برمجیات الذكاء الاصطناعي والأجهزة التكنولوجیة عالیة الدقة، سواء في الاستیعاب أو المعالجة أو الاسترجاع.
وقد حرصت المكتبة بصفتها قطبا وثائقیا متمیزا في عملیتي التكوین والتعلیم والبحث العلمي على المزاوجة بین أوعیتها الورقیة والإلكترونیة كما قال، مستثمرة كل الوسائل الحدیثة لتكنولوجیا الاتصال في خدمة روادها من مختلف الفئات، وتیسیر وصولهم للمعلومة بأقل جهد وفي أقصر وقت ممكن، مثمنا جهود المكتبیین لمواصلة وتحسین الأداء التقني الأداء.
كما عرفت الجامعة إلى جانب ذلك، اعتمادا متزايدا على الوسائط الحديثة في عملية الاتصال، من خلال توفير صفحة فیسبوكية لمكتبتها، قصد تسهیل عملیة التواصل مع الطلبة والباحثین، والرد على انشغالاتهم واستفساراتهم، وتزویدهم بجزئیات إلكترونیة من صفحات معدودة من الرسائل الجامعیة.
كما تشمل الخدمات الإلكترونية، الردود الآنية على الرسائل الواردة للمكتبة عبر البرید الإلكتروني و على موقع الجامعة، فضلا عن إعلام الطلبة بالمستجدات داخل المكتبة عبر شاشات إلكترونیة استفاد منها المرفق قبل مدة، تستعمل لنشر «إعلانات، وفیدیوهات تعلیمیة وغير ذلك».
كما تم الاستغناء عن بطاقة المكتبة والاكتفاء ببطاقة الطالب، من خلال استخدام (Barre code) للبطاقات، وتقنیة قارئ الرقم الشریطي (RFID)، في إعارة الكتب وإرجاعها، ما ساهم في تقلیص الجهد والوقت، وتمت أيضا رقمنة الرسائل الجامعیة القدیمة في إطار بناء فضاءات رقمیة، ويتعلق الأمر بكل الرسائل المسلمة في شكلها الورقي، مع إمكانیة تحمیلها بالنص الكامل موسومة بختم یبین ملكیة جامعة الأمیر عبد القادر لها، یظهر كخلفیة في جمیع الصفحات، والعملیة حسب سودوس، مستمرة لتشمل جمیع الرسائل «ماجستیر و دكتوراه»
إضافة حسبه، إلى العمل على استحداث مكتبة افتراضیة للمخطوطات المتحصل علیها من أصحابها مقابل رقمنة مخطوطاتهم الأصلیة، ورقمنة الكتاب الخاص بكل دفعة مع إمكانیة تحمیله من الفهرس الإلكتروني، وإتاحة الفهرس على الشبكة المحلیة وعلى الإنترنت، زيادة على إتاحة فهرس الموضوعات للكتب المرقمنة على شبكة الإنترنت، و إعداد فهرس مشترك للمكتبات الأربع « المكتبة المركزیة، مكتبة كلیة أصول الدین، مكتبة كلیة الشریعة والاقتصاد، ومكتبة كلیة الآداب والحضارة الإسلامیة»، وإتاحته عبر موقع المكتبة ضمن صفحة الجامعة على النت، مع إمكانیة البحث عن بعد في المقالات بالنسبة للمجلات.
مخطوطات مكتبة الجامعة جزء من ذاكرة الأمة
وتعتبر المخطوطات التي تتوفر عليها مكتبة جامعية الأمير عبد القادر، و التي تم الحصول عليها خلال الأربعين سنة التي مضت، جزءا من ذاكرة الأمة وتاريخها، ولذلك فقد أنشأت جامعة الأمیر في دیسمبر2011، مخبرا خاصا بمعالجتها حرصا على إبقائها ذخرا للبحث العلمي، حيث یحتوي هذا المخبر على رصید معتبر من المخطوطات اليدوية لعلماء أجلاء كما أكده يونس سودوس مدير المكتبة، مشيرا أيضا إلى الأهمية البالغة لمكتبة الشيوخ، التي تعد من أهم الأقسام بجامعة الأمیر عبد القادر، وهذا راجع إلى خصوصیة محتوياتها حیث تضم مجموعة من «المكتبات الخاصة لبعض المشایخ والعلماء الجزائریین»، و تحتوي أيضا على طبعات قدیمة ونادرة قدمت كهبة أو كوقف لمكتبة الجامعة، لدعم رصیدها خدمة للعلم والدین.
وقال سودوس، إن هذه المكتبة الجامعة، تضم 22 مكتبة خاصة تحمل كل واحدة منها اسم الشیخ الواهب لها، على غرار «مكتبة الشیخ خیر الدین» ، و» مكتبة زاویة الشیخ الحسین بسیدي خلیفة»، التي تضم نیفا ومائة مخطوط.
وحرصا منها على تدعیم الثروة الوثائقیة العلمیة، التي من خلالها یتم النهوض بالفكر العلمي بالإثبات والنقد البناء في مجال حوار الحضارات والأدیان، خصصت المكتبة المركزیة كم أوضح المتحدث، جناحا لمكتبة قدیمة یرجع تاریخها إلى أوائل القرن الماضي وهي مكتبة الآباء البیض التي تضم 1533 عنوانا، تؤصل للدیانة المسیحیة الكاثولیكیة تشمل معارف مختلفة تخدم البحث العلمي ولاسیما تخصص مقارنة الأدیان.
جامعة خرجت أجيالا من الطبلة و رجال الشريعة و الدين
التحق بهذا الصرح الجامعي، منذ تأسيسه أزيد من 40 ألف طالب جامعي، تخرج منهم 29272 طالبا تحصلوا على شهادات ليسانس وماستر في النظامين الكلاسيكي و «آل آم دي»، حيث تخرجت أول دفعة في نظام آل آم دي» سنة 2012، وسجل خلالها 433 طالبا إلى غاية نهاية سنة 2023، كما فتحت في نفس السنة، مسابقة دكتوراه وفق النظام الجديد.
وبلغ عدد الطلبة الأجانب الذين ناقشوا الشهادة 142 طالبا، من مجموع الطلبة الدوليين المسجلين منذ افتتاح الجامعة، و الذين يمثلون 29 جنسية تشمل 3 قارات، هي إفريقيا ممثلة في تونس وليبيا وموريتانيا والسنغال، إلى جانب أوغندا وساحل العاج، وغانا والصومال، وكذا السودان ومالي والصحراء الغربية، والتشاد وغينيا ونيجيريا وتنزانيا ومصر، فضلا عن طلبة من قارة آسيا، قدموا من اليمن وماليزيا وأندونيسيا، ودولة فلسطين والأردن والبحرين، زيادة على تايلندا وكوريا، ناهيك عن طلبة من دول أوروبا كالبوسنة وروسيا وتركيا ويوغسلافيا سابقا.
أما حاليا فتحصي الجامعة 34 طالبا من 10 جنسيات، منها 15 ماليزيا و5 موريتانيين وطالبا أردنيا، وطالبا من السودان وأخر من أندونيسيا، زيادة على طالب من كوريا الجنوبية و 6 من فلسطين واثنين من الصحراء الغربية وطالبا من مالي.
وقد أوضحت المكلفة بالاتصال على مستوى الصرح العلمي، أسماء عليوش، أن الجامعة تولي أهمية بارزة لتكوين الطلبة الأجانب، وذلك في إطار استراتيجية الدولة الرامية إلى الانفتاح على المحيط الخارجي، وقرارات وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتعزيز استغلال برنامج «أدرس في الجزائر»، الذي تقرر بموجبه إنشاء مكتب في كل جامعة للطلبة الدوليين، يتولى جميع انشغالاتهم الإدارية و البيداغوجية، ويكون حلقة وصل بين الجامعة والطلبة، وقد كرست جامعة الأمير هذا التوجه من خلال افتتاح مكتبتها الخاصة بالطلبة الأجانب سنة 2023.
4521 طالبا سجلوا في الجامعة هذا الموسم
من جهته، كشف صالح عادل، رئيس مصلحة التكوين المتواصل بنيابة مديرية الجامعة للبيادغوجيا، أن 4521 طالبا سجلوا في الجامعة هذا الموسم، وذلك ضمن طوري الليسانس والماستر.
وبلغ عدد طلبة الليسانس إجمالا 3605 طلاب، مقابل 916طالبا في طور الماستر، ووصل عدد الطلبة الجدد اللذين التحقوا لأول مرة بالتكوين في الليسانس 1667طالبا، وهو رقم لم يحقق منذ سنوات حسبه.
وأشار، إلى أن عدد التخصصات في الليسانس يقدر بـ 17، مقابل 24 تخصصا في الماستر، موزعة على أربعة ميادين هي، العلوم الإنسانية والاجتماعية، والعلوم الاقتصادية والتسيير، وعلوم المالية والمحاسبة، واللغات الأجنبية، واللغة والأدب العربي، ويتوقع هذا الموسم حسبه، تخرج 1250 طالبا في طوري الليسانس والماستر.
يذكر أن الجامعة اعتمدت على جدول شامل لمختلف برامج البحث منذ 1987، إلى غاية 2024، حيث تمثلت البرامج في «كناب برو» من سنة 1987 إلى 2016، وبلغ عدد المشاريع المسجلة في إطاره 168، مقابل 29 مشروعا ضمن برنامج «بيانار» سنة 2011 و100 في إطار برنامج «بيارفو» من 2018 إلى 2024.
* سعيد دراجي مدير الجامعة
جامعة العلوم الإسلامية تعد نموذجا للتطور
تستعد جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية حسب مديرها الدكتور سعيد دراجي، للاحتفال بمرور 40 سنة على إنشائها في 14 أكتوبر 1984، وقد تم اختيار موعد الاحتفال تزامنا مع احتفالات الذكرى 70 لاندلاع الثورة، حيث سيتم تكريم العديد من الأسماء التي تركت بصماتها في الجامعة كأول مدير لها وأول طالب تخرج منها، وأول طالب أجنبي درس فيها وهو مفتي روسيا.
وسيتم كذلك حسب دراجي، تكريم أول أستاذ توظف بها، وأول عامل وهو أمينها العام الأسبق رحمه الله، فضلا عن تكريم خريجين من الجامعة تقلدوا مسؤوليات ومناصب نافذة في الدولة.
وأوضح مدير الجامعة، أنها انطلقت عند افتتاحها بـ 286 طالبا، ليبلغ العدد حاليا حوالي 6 آلاف طالب، و 320 أستاذا و450 موظفا، وقد تطورت الجامعة جدا خلال 40 سنة من تأسيسها، خصوصا على مستوى الهياكل، وصارت تحصي عددا من الكليات ومجمعا للمخابر، إلى جانب رئاسة الجامعة.
وقال دراجي، إنه سعيد بالإشراف على هذا الصرح العلمي الهام، مشيرا إلى أنه يضم حوالي 170 أستاذا باحثا، على مستوى 9 مخابر حاليا، فيما هناك سعي إنجاز 15 مخبر بحث باعتبار أن البناية تحتوي على 15 مخبرا.
كما انخرطت الجامعة في إطار الاسترايتيجة الجديدة للوزارة، في سياسة الرقمنة، و باتت المهام تشمل بالعموم البيداغوجيا والبحث علمي، وكذا خلق الثروة عن طريق استحداث حاضنة للمقاولاتية، في إطار تشجيع الطلبة على خوض غمار المجال، ليتخرج الطالب بشاهدتين الأولى أكاديمية والثانية في مجال الابتكار، أو مشروع مؤسسة ناشئة قادرة على توفير مناصب شغل. كما ذكر مدير جامعة الأمير عبد القادر، بأن المؤسسة عرفت توسعا كبيرا، فبعدما كانت الانطلاقة بـثلاثة معاهد، بلغ العدد اليوم ثلاث كليات توفر تكوينا في 24 تخصصا في طور الماستر، و 17 تخصصا في طور الليسانس.
من جهته، أوضح نائب مدير الجامعة للتنمية والاستشراف والتوجيه، الأستاذ الدكتور بوبكر عواطي، أن أبرز إنجاز تحقق حاليا هو الملحقة الجديدة، في انتظار إتمام باقي البرامج الأخرى طور الإنجاز، على غرار تهيئة وترميم ملحقة كوحيل لخضر.
موضحا أن الملحقتين تعتبران متنفسا للجامعة، وينتظر أن تسهما في استقبال الطلبة بشكل أفضل، خصوصا وأنه يمكن لملحقة علي منجلي أن تتوسع لتشمل 4 آلاف مقعد. كما تحدث عن تجديد نظام التدفئة والاهتمام بصيانة قاعة المحاضرات على مستوى الجامعة، والتي تعد الأكبر وطنيا بسعة 700 مقعد، فضلا عن تميزها بطابع هندسي فريد.
ح. ب