ورشات خياطة تُغرق السوق بكمامات غير مطابقة
راجت في أوساط الشباب، منذ بداية الموجة الرابعة لوباء كورونا، موضة الكمامات الملونة التي تباع في محلات البقالة و على فيسبوك، و تقدم على أنها بديل وقائي عصري، يضمن شرطي الحماية والأناقة في آن واحد، خصوصا الكمامات الملونة التي يمكن تنسيقها مع الملابس، و تلك البراقة و المزركشة الخاصة بالمناسبات، وهي موضة واكبتها صيدليات تعرض أيضا أنواعا تتراوح أسعارها بين 20إلى 50دج، يرى أطباء بأنها أسعار مشجعة لكنها تطرح تساؤلا عن مدى مطابقة الكمامات للمعايير الوقائية، محذرين من استعمال أنواع مجهولة المصدر مصنوعة من مواد مكررة، قد تؤثر سلبا على البشرة و العينين.
أسماء بوقرن
كمامات بتصاميم عصرية و فعالية محدودة
تعرف سوق الكمامات الملونة و المخصصة للسهرة رواجا وذلك تماشيا مع الطلب، خصوصا ما يستهوي الفتيات اللواتي يحرصن على الحفاظ على أناقتهن، حتى وإن كان ذلك على حساب الصحة بدليل أن هناك شابات يفضلن تعريض أنفسهن لخطر الإصابة بالعدوى على ارتداء الكمامات الطبية الزرقاء، التي يرون بأنها بشعة و لا تتناسب مع إطلالاتهن، بعكس الأقنعة الملونة و المصنوعة من أقمشة تزينها الورود، أو من الساتان والدانتيل و وخامات لا تقل أناقة عن ما ترتديه نجمات الأنستغرام، وهو تحديدا ما ضاعف الإقبال على مختلف الأنواع الجديدة و المغايرة للموديل الأزرق الطبي الشائع، خصوصا مع بداية الموجة الرابعة و استفحال عدوى أوميكرون، وقد تداول العديد من أخصائيي الصحة معلومات تحذر من عدم احترام هذه الكمامات لشرط الوقاية بسبب استخدام أقمشة غير عازلة ، وبأنها مجرد إكسسوارات بلا فائدة خصوصا الكمامات السوداء و تلك التي تحمل نقوشا من قبيل شعارات ماركات مثل " برادا و إيف سان لولان و غوتشي وزارا" و التي يشيع استعمالها بين الجنسين.
و قد واكبت الصيدليات و المحلات التجارية بقسنطينة، موضة الكمامات الملونة لتلبية طلب الزبائن، حيث توفر أنواعا بألوان مختلفة و بسعر 40 إلى 50 دينارا، مع فارق في الجودة على اعتبار أنها كمامات "فيطال" أي طبيبة معروفة المصدر، وحسب بائعة في إحدى الصيدليات، فإن الطلب عليها كبير جدا من قبل الشباب ذكورا وإناثا، خصوصا الأقنعة ذات اللون الأسود.
فوضى البيع تكسر الأسعار
و علمنا من صاحب صيدلية بوسط المدينة، بأن تخلي الكثيرين عن استخدام الكمامة بسبب طول عمر الأزمة، فرض الحاجة إلى توفير ألوان زاهية للتشجيع على ارتدائها، مؤكدا بأن ما يروج عن عدم فعالية الكمامات السوداء، ليس حكما مطلقا لأن الأمر يتوقف على مصدر الكمامة فغالبية الصيدليات لا تبيع سوى العلامات المعروفة، بالمقابل نجد الأنواع سيئة الجودة في فضاءات البيع الفوضوية، أين تعرض كمامات غير صحية، مصنوعة على مستوى ورشات خياطة تستخدم مواد وأقمشة غير مطابقة و لا توفر أدنى حماية، مقابل أسعار لا تزيد عن 30 دينارا، و هو ما وقفنا عليه خلال جولتنا بوسط المدينة، أين لاحظنا باعة فوضويين يعرضون أكياسا بلاستيكية بها كمامات سوداء و أخرى زرقاء سعر الواحدة20دج، سألنا أحدهم عن مصدرها فقال بأنه يحصل عليها من إحدى ورشات الخياطة.
منتوج روجت له السوق الإلكترونية
وتلعب السوق الالكترونية و بالأخص صفحات فيسبوك و أنستغرام، دورا كبيرا في الترويج للأنواع الجديدة من الكمامات خصوصا الكمامات المصنوعة من الأقمشة الزاهية و البراقة والتي تعرض بشكل كبير و بأسعار متفاوتة، فبينها ما يباع بالجملة ومنها ما يخاط حسب الطلب من قبل مصممات شابات يملكن علامات وصفحات لها متابعوها، حيث يقترحن أقنعة بألوان و رسومات عصرية، مستوحاة من موديلات روجت لها فنانات و ماركات عالمية، وتكون إعلاناتها مرفوقة بعبارات من قبيل " كمامات للأعراس مناسبة لجميع حفلات الخطوبة والزفاف وفساتين السهرة ، الكمية محدودة"، فيما توفر صفحات أخرى كمامات في شكل طاقم يضم إلى جانب القناع إكسسوارات الشعر و الزينة بلون و تصميم موحد، وسوق لها بعبارات مغرية مثل عبارة " أحمى نفسك بأناقة، جميع موديلات كمامات الفنانين والمشاهير متوفرة لدينا فقط و بتصاميم مميزة و أسعار في المتناول"، كما تعرض أيضا على الانترنت أنواع خاصة بالأطفال.
* أخصائية أمراض الحساسية سامية كرميش
اللون لا يعكس مدى جودة الكمامة
تؤكد الدكتورة سامية كرميش، أخصائية أمراض النوم و الحساسية، بأن اللون لا يعد مؤشرا على مدى جودة القناع الواقي لأن النوعية هي وحدها التي تحدد ذلك، ولذا وجب التعامل جديا مع الكمية و التأكد من نوع الخامات التي صنعت منها.
ولأننا نجهل مصدر ومدى فعالية الكثير من الأنواع التي تباع في السوق، فإن الخيار الأمثل هو النوع الطبي الأزرق أو الأخضر المضمون، والمعروف بقدرته على الحد من التقاط العدوى الفيروسية، و أوضحت الطبيبة، أن الأنواع الجديد العصرية راجت بفعل طول الجائحة، التي فرضت على الكثيرين اللجوء إلى استعمال أنواع ذات سعر زهيد دون أخذ معيار الجودة في الحسبان، لاعتقادهم بأن كل الأقنعة توفر الحماية، وهي مغالطة لأن الوقاية تستلزم اختيار كمامات معلومة المصدر تتوفر على وسم الجهة المنتجة، وأنها جهة مختصة في صناعة الوسائل شبه الطبية و تعتمد على معايير السلامة و الصحة في صناعة منتجاتها، لأن المنتجين الموازين يستخدمون مواد بلاستيكية أو مكررة في صنعة الكمامات دون التقيد بأدنى معايير السلامة.
رائحة القناع تحدد على نوعيته
و بحسب أخصائي الأمراض الجلدية الدكتور فؤاد بونصر، فإن انتقاء الكمامة لا يرتكز على معايير جمالية فقط، و إنما يحتكم لشروط صحية في مقدمتها توفير الوقاية مع ضمان حماية البشرة مؤكدا، بأن هناك كمامات طبية و أخرى قطنية و من القماش توفر حماية جيدة دون أن تعيق التنفس، ناهيك عن أن مستوى الرطوبة وتراكم البكتيريا يكون منخفضا بفضلها، على خلاف الكمامات التي تحتوي على مواد اصطناعية تتسبب في ظهور حبوب و حكة و التهابات مختلفة في البشرة.
وأوضح الطبيب في الأخير، بأن رائحة القناع تحدد نوعيته بشكل كبير، وذلك وجب الانتباه إلى هذه الجزئية.
* محمد أمين خوجة طبيب عام
الكمامات مجهولة المصدر لا تضمن حماية من الفيروس
يؤكد الدكتور أمين خوجة طبيب عام و رئيس مصلحة الاستعجالات الطبية بمستشفى البير، بأن تجارة الكمامات تحولت إلى استثمار لا يحتكم لمعيار الجودة، إذ لا توفر الأنواع الرديئة أية حماية لصاحبها، فيما تتوقف فعالية الأنواع المصنوعة من القماش على نوعيته ومدى مطابقتها للجودة،حيث يمكن التأكد من الأمر عن طريق صب الماء على القماش، فإن حفظه أو أبطأ عملية تسربه للجهة الثانية فهو مناسب، أما إن مرر السائل إلى الجهة الثانية بشكل مباشرة وبشكل كبير فذلك دليل على الرداءة.
أ. ب