رياضيات واجهن المجتمع بعضلات التحدي
استطاعت نساء جزائريات من مختلف الأعمار، أن تصنعن الاستثناء في عالم الرياضة، حيث أصبحن اليوم، من حاملات الألقاب قاريا وعالميا على غرار الملاكمة إيمان خليف، التي توجت قبل أسبوع، بالذهب في كأس المنتخبات للملاكمة النسوية بصربيا وخلف بريق الميداليات توجد قصص تحد حقيقية، لرياضيات صمدن بين ملايين المواهب التي وئدت بسبب الأحكام القاسية و النظرة الاجتماعية الضيقة للرياضة النسوية وتحديدا الرياضات القتالية و بعض المنافسات» الرجالية» التي تعيد تشكيل الجسد و تمنح المرأة شخصية حادة وعضلات وجسدا ذكوريا نوعا ما. هذا الوضع بدأ يتغير تدريجيا، بفضل تجارب ناجحة لشابات متميزات أعدن تقديم الرياضة بشكل مختلف في نماذج إيجابية رفعت صاحباتها تحدي نقص الهياكل الرياضية وغياب التكفل الجيد في بداية المشوار عموما.
حليمة خطوف/هدى.ط
مُدربة المنتخب الوطني للكاراتي فايزة زيغاوة
نصحــوني بالاعتــزال إذا أردت تكويــن أســرة
قالت بطلة الكاراتي و مدربة المنتخب الوطني أكابر، فايزة زيغاوة، إن الرياضة القتالية غيرت حياتها كليا، فرغم أنها بدأت مسارها الرياضي في ألعاب القوى، إلا أن الفنون القتالية كانت دائما مجالا يستهويها، وهو ما يستغربه الكثيرون من حولها.
و كشفت البطلة للنصر ، بأن محيطها الاجتماعي لم يتقبل في البداية فكرة ممارستها لرياضة الكاراتي لأنها رياضة رجالية في نظرهم بل وقد قوبلت بالرفض والاستغراب، لدرجة أن هناك من نصحوها بالاعتزال والتوقف عن التدريب، لأن ذلك سيوثر على حياتها بشكل سلبي، و يمنعها حسبهم، من الارتباط والزواج، إلا أنها تحدت المحيط وأثبتت نجاحها في هذه الرياضة واستطاعت أن تحدث تغييرا إيجابيا واضحا وتقنع الآخرين بتوجهها.
محدثتنا، أشارت إلى أنها خاضت تجربة في مجال الرياضة المدرسية، لكنها واجهت عراقيل فيما يتعلق بإقناع الأولياء بالسماح لبناتهم بالتدريب، و اكتشفت بأن هنالك من يجبرون التلميذات على تقديم إعفاءات للمؤسسة التربوية، لأجل السماح لهن بالتغيب عن الحصة التدريبية، وهو ما جعلها تتعامل مع الوضع بجدية أكبر وتتدخل لإقناع الكثيرين بالسماح للفتيات بممارسة الرياضة لما لها من فوائد، فبعيدا عن المقارنة بين رياضة النخبة والرياضة التربوية، ترى البطلة، بأن ممارسة التمارين داخل المدرسة يخلق توازنا عقليا لدى المتمدرسات، كما يطور أفكارهن و يساعد على الابتعاد عن ضغوطات الدراسة.
مدربة المنتخب الوطني للكاراتي، قالت أيضا، بأن الرياضة النسوية في مجتمعنا، تعرف تغيرا مستمرا ويجب على المحيط مجاراة هذا التغير، والنظر إلى الجانب الإيجابي للأمور إذ يستحب كما قالت، أن يشجع الأولياء بناتهم على ممارستها لأنها أسلوب تربوي يساعد على مواجهات الإلهاءات وتقوية الشخصية.
بطلـة رفع الأثقال ميساء علـوي
الرياضة لا تعترف بالجندر ولا تخضـع للاحتكــار
تؤكد ميساء علوي أصغر بطلة جزائرية في رفع الأثقال، بأن الرياضة عالم جامع لكل البشر، ولذلك لا يمكن أن تقيدها أية أحكام خصوصا ما تعلق بالجنس، وعليه وجب علينا التخلي عن التصنيفات الجندرية التي تقدم رياضات معينة مثل رفع الأثقال، على أنها رجالية.
تقول محدثتنا، بأن رياضة رفع الأثقال لم تكن حلم طفولة أو ما شابه، لكنها اختارت ممارستها من باب التحدي، فقد أرادت أن تثبت لمحيطها بأن المرأة قادرة على المنافسة وفي مجالات صعبة وهو تحديدا ما صنع تميزها منذ أول يوم دخلت فيه إلى قاعة الرياضة غير آبهة بآراء الآخرين و محصنة بدعم عائلتها، فقد وضعت صوب عينها هدف تغيير مفهوم المجتمع للرياضة النسوية، وغم صعوبة ذلك، إلا أنها نجحت وأقنعت كل المحيطين بها بكفاءتها وبأن العضلات التي اكتسبتها لم تغير شيئا في حقيقة كونها امرأة، حتى أن الجميع يثقون فيها اليوم، و ينتظرون منها الكثير،على مستوى المنافسات العربية و القارية والدولية. وحسب الرياضية، فإن حبها للعدو الريفي لم يشوش تفكيرها ولا حد من خياراتها، لأنها اختارت أن تحترف مجالا أصعب بالنسبة للمرأة خصوصا بعدما تأثرت بمسار الرياضية ماريانا نعوموفا، أصغر بطلة عالمية في رفع الأثقال، حيث قالت، بأن طموحها في مجال الرياضة أكبر من اهتمامها بما يقال حولها أو عنها، لأن الرياضة في نظرها أسلوب حياة وسبيل للتغيير الإيجابي، فقد ساعدتها كثيرا على تنظيم طريقة عيشها وأكسبتها ثقة في النفس.
مدربة رياضة الكامبو القتالية رانيا سعدي
الذهنيات الـذكورية قضـت على الكثير مـن المواهب
تعتبر رانيا سعدي، وهي طالبة ومدربة وطنية في رياضة الكامبو، بأن الذهنيات الذكورية و النظرة الرجعية للرياضات القتالية، قضت على الكثير من المواهب النسائية، وقد شهدت منذ بداية مسارها، على قصص كثيرة مماثلة.
رانيا التي انتلقت من المنافسة إلى تدريب قبل سنة، قالت بأن الكامبو، فن قتالي يجمع بين الكثير من الفنون القتالية الأخرى، وهي رياضة صينية تطورت في اليابان و عرفت في الجزائر سنة 1979، حيث ظلت مصنفة كرياضة رجالية، ولعل ذلك هو ما يفسر التحديات التي تواجهها الآن كمدربة، خصوصا ما تعلق بالتعامل مع أولياء يمنعون بناتهم من القدوم إلى قاعة الرياضة أو يحطمون طموحاتهن في بدايتها، بحجة أن هذه الرياضة لا تناسب الجنس اللطيف وأن لممارستها انعكاسات سلبية على مستقبلهن، لأنها ستقلص فرصهن في الزواج، فكيف في رأيهم لفتاة تمارس الكامبو، أن تؤسس أسرة وتنجب أطفالا.
وتحاول رانيا جاهدة تغيير هذه النظرة، معتمدة على دعم والديها وأشقائها، حيث تقول، بأن الحل يكمن في تجاهل الأقاويل و الأحكام الاجتماعية والتحلي بالثقة وتحديد الأهداف والعمل على تحقيقها، خصوصا وأنها لا تقوم بأي خطأ وأن الرياضة لا تتعارض مع مبادئ الإسلام أبدا، حيث تسعى للجمع بين التدريب و التربية و تهذيب الرياضيين من خلال عمليها. وعما إذا كان ارتداؤها للحجاب، قد شكل عائقا أمام تقدمها أو طرح إشكالا معينا بالنسبة لعلاقتها بالرياضة، فقد نفت الشابة ذلك مؤكدة، بأن هندامها هو جزء من هويتها كرياضية بل هو رسالة أقوى تثبت بأن أي فتاة يمكنها أن تمارس الرياضة وأن تبلغ مرادها دون الحاجة إلى تنازلات ودون قيود. وعن طموحاتها في مجال الكامبو، تأمل الرياضية، في الانضمام إلى الفريق الوطني العام القادم خصوصا وأنه حلم تأخر لستة سنوات كاملة بسبب ظروف خاصة، كما تطمع أيضا، في افتكاك لقب عالمي.
لاعبة المنتخب الوطني لكرة القدم إيمان مروش
لا شــيء وقـف أمــــام شغــــفي بالكــــــرة
يشيد الكثيرون من محبي كرة القدم النسوية، بالفنيات العالية التي تمتلكها إيمان مروش، لاعبة المنتخب الوطني وفريق فتيات وئام قسنطينة، بدليل اختيارها في عديد المرات ضمن ترتيب أفضل اللاعبات في إفريقيا ومن بين أحسن مواهب الكاف.
وحسب إيمان، فإن ميولاتها الرياضية ظهرت من الصغر ولا شيء وقف في وجه تحقيقها لحلمها، لأنها لم تستلم ببساطة للآراء الهدامة، حتى أنها كانت في وقت سابق كثيرة اللعب مع الذكور ولم تعتبر أن في ذلك انتقاصا لأنوثتها، وهو ما شجعها على البحث عن فريق يحتويها، ولأن الكرة النسوية كانت ضعيفة في ذلك الوقت، فقد التحقت بداية بفريق لكرة اليد قضت معه عاما كاملا، قبل أن تخوض تجربة الساحرة المستديرة مع فريق الوئام المحلي.
منذ 13 سنة اختارت اللاعبة هذه الرياضة عن حب، خاصة و أنها مكنتها من تمثيل الألوان الوطنية، ولم تمانع عائلتها في ممارستها لها بل قدمت لها كل الدعم والتشجيع عكس المحيطين بها و الذين أبدوا نوعا من الرفض للفكرة، لأن الكرة بالنسبة إليهم رياضة رجالية، مع ذلك فلم تواجه كما قالت، الكثير من الصعوبات في بداياتها كونها رفعت التحدي وقررت التسلح بالتجاهل، وعد الإصغاء لما يعتقده الآخرون.