تحوّلت غابة بوزابين بعين مليلة، ولاية أم البواقي، التي تجاوزت تكاليف تهيئتها 100 مليار سنتيم، إلى حظيرة تسلية، اختيرت لها تسمية «دريم لاند»، تستقطب يوميا 03 آلاف زائر من مختلف الولايات الشرقية، للاستمتاع بما توفره من خدمات و ألعاب للكبار و الصغار يبلغ عددها 35 لعبة، إلى جانب مسابح، و 05 ملاعب جوارية و فضاءات للعائلات، و الملاحظ أن الموقع يشهد أشغال انجاز حديقة مائية و شاليهات ذات مواصفات عصرية، لأن القائمين على المشروع يطمحون إلى تحويله إلى منتجع سياحي. لم يكن أشد المتفائلين يتوقع خلال العشرية الأخيرة، أن تتحول غابة بوزابين بعين مليلة، إلى ما هي عليه اليوم، فقد كانت في وقت سابق بؤرة للانحرافات
و الإجرام الذي استفحل آنذاك بالغابة .
روبورتاج: أحمد ذيب
توجهت النصر إلى حظيرة «بوزابين دريم لاند»، الكائنة على الطريق الوطني رقم 3 ، في شطره المؤدي إلى ولاية باتنة، كانت الساعة تشير إلى السادسة مساء، فوقفنا على الإقبال الكبير للعائلات من مختلف الولايات الشرقية، استنادا إلى لوحات ترقيم سيارات لعائلات قدمت من ولايات قسنطينة و باتنة و خنشلة و ميلة و الطارف، و حتى سطيف و عنابة و مدن ولاية أم البواقي.
أعرب أفراد من العائلات التي التقيناها بالحظيرة عن إعجابهم بالخدمات التي توفرها، من بينها توفر عنصر الأمن، حيث ينتشر أعوان الأمن التابعين للمرفق بكل أرجائه ، كما ثبتت كاميرات المراقبة، في إطار تعزيز نظام الأمن الداخلي، مما جعل الزوار يستغلون كل مرافق الحظيرة، بكل أمان و طمأنينة.
و ذكر عديد الزوار أن المعطيات تغيرت كثيرا، مقارنة بالسنوات الفارطة، فالعائلات أصبحت تقصد المكان دون مشاكل تذكر، بعد أن كان محظورا، حتى بالنسبة للعائلات القاطنة بمدينة عين مليلة، لأنه كان مرتعا لعصابات أشرار تروج للإجرام، و تحتضن مختلف أوكار الرذيلة.
في حين انتقد بعض الزوار عدم تهيئة الحظيرة الكائنة بالمدخل الرئيسي، و غياب الإنارة العمومية في شطر منه.
من غابة إلى حديقة ومشروع منتجع في الأفق
كشف مسير «بوزابين دريم لاند»، عبد الرزاق أونيسي في لقائه بالنصر، أن الحظيرة منذ افتتاحها في شهر مارس 2008، تستقبل 3 آلاف زائر يوميا، و يرتفع العدد في عطل نهاية الأسبوع، ليتراوح بين 10 و 15 ألف زائر يوميا.
و أضاف المتحدث بأن المشروع ، انطلق في شهر جويلية 2017، و صنف في خانة غابات الاستجمام، التابعة لمحافظة الغابات، مشيرا إلى أن الحظيرة تعد من بين الغابات الأولى عبر الوطن، التي تمت تهيئتها و دخلت حيز الخدمة، و تم رصد ما يزيد عن 100 مليار سنتيم لتجسيد المشروع، و كان سيضم ألعابا ترفيهية فقط في بدايته، ثم تم تطوير الفكرة، و أصبح القائمون عليه يطمحون إلى تحويل المشروع إلى منتجع سياحي، يضم كل الأنشطة الترفيهية.
تضم الحظيرة حاليا، مسبحا نصف أولمبي و مسابح على الهواء الطلق، و5 ملاعب جوارية، و35 لعبة للكبار والصغار، و في إطار رفع العراقيل على المشاريع الاستثمارية، وفق الإجراءات التي أقرها رئيس الجمهورية، تم الترخيص للقائمين على المشروع الاستثماري، بإنجاز 35 شاليها، مع مسابح في الهواء الطلق لكل واحد منها، و تم إلى غاية اليوم إنجاز 4 شاليهات ذات مسابح فردية خاصة بالعائلات، ينتظر أن تدخل حيز الخدمة بعد 5 إلى 6 أشهر، و قد تعطل المشروع، بسبب بعض البنود في دفتر الشروط الذي وضعته محافظة الغابات.
و أضاف مسير المرفق الترفيهي، أنه يجري التحضير لفتح حديقة مائية، و قد تقدمت الأشغال بنسبة 70 بالمئة، بعد أن تعطلت بسبب تداعيات جائحة كورونا، لأن المشروع يتطلب استيراد بعض التجهيزات.
دخول مجاني و مصليات للرجال و النساء
أوضح مسير «بوزابين دريم لاند»، أنها تضم عدة مرافق، تسمح للعائلات باستغلالها في أريحية تامة، فإلى جانب الألعاب المسخرة للكبار و الصغار، تضم دورات للمياه و مصليات للرجال والنساء، وقد تم تقسيم المكان إلى أجزاء، كل جزء يحتوي على المرافق الخاصة به.
و أكد المتحدث بأن الدخول إلى الحظيرة مجاني، و على العائلات اقتناء تذاكر استغلال الألعاب التي حدد سعرها بـ100 دينار بالنسبة للعب الصغار، و200 دينار بالنسبة لألعاب الكبار، مشيرا إلى أنه و أفراد طاقم تسيير الحظيرة، يسعون جاهدين لإضفاء الأجواء العائلية على مرافقها، من خلال فتح الأبواب أمام العائلات التي تشكل من 70 إلى 80 بالمئة من العدد الإجمالي للزوار، في حين يشكل الشبان 20 بالمئة من الزوار.
و هناك توجه لجعل المرفق وجهة عائلية بامتياز، رغم أن الشبان يعتبرون مصدرا معتبرا للمداخيل، و ذلك لأن الإدارة، رصدت بعض السلوكيات التي دفعتها لحصر دخول الشبان، و إعادة النظر في نوعية الزوار.
مشتلة و ألعاب إلكترونية ومضامير لسباق السيارات
قال السيد عبد الرزاق أونيسي، أنه تم تخصيص مستودع للألعاب الإلكترونية، يضم 05 ألعاب للعائلات و الشباب، كما توفر الحظيرة مضمارين لسباق السيارات، الأول خاص بالأطفال الصغار و هو حيز الخدمة، و الثاني خاص بالكبار و تتواصل الأشغال به، و توجد هناك أكشاك تجارية لبيع مختلف المنتجات، ناهيك عن مشتلة لتنويع الغطاء النباتي بالحظيرة.
قبل تهيئتها و افتتاحها كانت أشجار الصنوبر الحلبي تغطي الغابة، و تم التوجه حاليا لغراسة الأشجار المثمرة، وأخرى للزينة، إلى جانب صيانة المساحات الخضراء.
و يضم المشروع مطعما كبيرا يتوفر على مسبح في الهواء الطلق، و نادي للفروسية مخصص للأطفال يضم من 10 إلى 15 حصانا، ولد بعضها داخل الحديقة.
و يوجد مسبح نصف أولمبي مفتوح للأطفال و الشبان، يبرمج حصصا تدريبية يشرف عليها مؤطرون، يرافقهم طاقم طبي، إلى جانب أكاديميتين لكرة القدم، الأولى أطلق عليها اسم «أرض الأحلام» وتضم نحو 100 طفل، والثانية هي «أكاديمية ليفربول» بالجزائر، وهي مفتوحة منذ ثلاث سنوات وتضم هي الأخرى 100 طفل، و تشارك في دورات خارج و داخل الوطن.
ذكر مسيّر المرفق من جهة أخرى، بأن الاستثمار سمح بفتح مناصب شغل، تقتات منها عشرات العائلات، حيث تم توظيف لحدّ الساعة، 70 عاملا، في المسابح أو الملاعب الجوارية، أو الألعاب و في مجالي التنظيف و الأمن ، مضيفا بأن العدد مرشح في الفترة الصيفية، ليرتفع إلى 150 عاملا، بين عمال دائمين و مؤقتين، و سيرتفع العدد كلما اقتضت الحاجة ذلك، كما أكد المتحدث.
حظيرتان تتسعان لـركن 08 آلاف سيارة و كاميرات مراقبة
تضم «دريم لاند» حظيرتين لركن السيارات، الأولى تقع بالمدخل الرئيسي وتتسع لألف سيارة، و الثانية توجد بطريق باتنة و تتسع لـ7 آلاف سيارة، و زودت الحظيرة بنظام تأمين عن طريق كاميرات المراقبة، أين تم تركيب 70 كاميرا لمراقبة كل الألعاب وكل زوايا الحديقة، و تأمين المداخل والمخارج، فالمساحة الإجمالية للحديقة تقدر ب 25 هكتارا و لم تستغل كلها، لهذا تقتصر المراقبة على 12 هكتارا مستغلا، كما تم وضع حاويات لرمي النفايات و فرزها عبر مختلف الزوايا.. و تعرض الأكشاك التجارية منتجات تقليدية، في إطار تشجيع الحرف التقليدية والإنتاج الوطني و السياحة الداخلية.
صعوبات في اقتناء الألعاب و مشكل التزود بالمياه
أردف المتحدث بأنه واجه، بمعية المستثمر، صعوبات كبيرة في استيراد الألعاب، خاصة في فترة جائحة كورونا، و قد تم استيراد 35 لعبة لحد الآن، منها 10 ألعاب جلبت من تركيا و25 لعبة من الصين، من بينها العجلة التي تعتبر الأولى من نوعها، حسبه، في الجزائر، لأن ارتفاعها 45 مترا، و تكفلت إطارات الشركة المصنعة بتركيب الألعاب .
ومن بين الصعوبات التي تواجه مسيرو «دريم لاند» حاليا، توفير كميات كافية من المياه يوميا للمسابح و مختلف المرافق، فقد قامت الإدارة بحفر نقب لهذا الغرض، لكن الكمية التي تضخ قليلة جدا، مقارنة بالاحتياجات.
و يتمنى القائمون على المشروع أن يتم ربط النقب بالخزان الجديد القريب من الحظيرة الذي سيتم ربطه بمياه سد بني هارون، مشيرين إلى أن احتياجات الحظيرة إلى المياه، تشمل إلى جانب المسابح، نظام إطفاء الحرائق وسقي المساحات الخضراء.
و ذكر السيد أونيسي من جهة أخرى، أن الإدارة تطمح لتجسيد مشروع تهيئة محيط الحظيرة و مداخلها، لإضفاء لمسات جمالية عليها، و التخلص من النفايات و النباتات الضارة، مشيرا إلى أن المدخل الرئيسي لم يتم ربطه بالإنارة العمومية.
الألعاب آمنة و تخضع للرقابة
أضاف المتحدث بأن جميع الألعاب بالحظيرة، تخضع للمراقبة من طرف الشركة المعتمدة لمراقبة الألعاب الترفيهية «إيناكت»، و يتم دفع سنويا بين 70 إلى 80 مليون سنتيم للشركة، لمعاينة الألعاب، والتأكد من سلامتها، وتحرير محضر بهذا الشأن. كما أن الإدارة تلجأ إلى وكالة تأمين معتمدة، لتأمين حظيرة الألعاب، و تحوز كل الآلات المستوردة على شهادات مطابقة.
محافظ الغابات بأم البواقـي عثمان رغيوة
بوزابين من بين الغابات الأولى التي تم تحويلها إلى غابة استجمام
أكد محافظ الغابات لولاية أم البواقي، عثمان رغيوة في لقائه بالنصر، بأن مصالحه هي التي باشرت الإشراف على تحويل جزء من غابة بوزابين بعين مليلة، إلى غابة استجمام، في إطار تجسيد المراسيم التنفيذية، المتعلقة بالاستثمار في الغابات.
و أوضح المتحدث « إن التحضير لمقترح إنجاز غابات الاستجمام انطلق سنة 2015، و تم التقيد بالمراسيم التنفيذية التي تحدد و تضبط العملية، مع مراعاة الجانب الأهم للغابة».
كانت البداية بـخمس غابات، منها غابتين دخلتا حيز الخدمة، وهما «الصنوبر» بأم البواقي و»بوزابين» بعين مليلة، و تم مؤخرا تنصيب المستغل الذي سيستثمر في غابة عين شجرة بالزرق، للانطلاق في الأشغال، في انتظار الإعلان عن المنفعة العامة لمشروعين آخرين، حسب محافظ الغابات.
و أردف «الهدف الأسمى لهاته المشاريع، هو الحفاظ على الثروة الغابية، ويتم ذلك بطرق مختلفة، و من بين الوظائف الغابية، الاستغلال في مجال الاستجمام و الترفيه عن الساكنة».
و اعتبر المتحدث بأن مشروع غابة بوزابين، من بين المشاريع الناجحة على المستوى الوطني، على غرار مشروعي خنشلة و المسيلة، و يطلب من المستثمر المستغل للغابة في مجال الاستجمام، أن يحافظ على الثروة الغابية.
أحمد ذيب