شاطــــئ سيـــدي سالـــــم يتحـــــوّل إلى مقصـــــد للمصطافين
نجح شاطئ سيدي سالم في استقطاب المصطافين هذا الموسم، بأعداد هائلة خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، رغم الصورة القاتمة التي اقترنت بالحي سابقا، حيث يحاول سكان الحي استغلال الشاطئ لإعطاء صورة مغايرة على جزء معزول
من حقيقة عراقة الحي وأصالة سكانه.
ربورتاج : حسين دريدح
النصر زارت الشاطئ الذي يبلغ طوله نحو 6 كلم إلى غاية شاطئ البطاح التابع لبلدية الشط في ولاية لطارف، حيث يشبهونه بشاطئ «كوباكبانا» في البرازيل و يحمل تقريبا نفس مواصفاته.
في حدود الساعة السادسة مساء، كانت حركية كبيرة بكورنيش الشاطئ، والمقاهي عامرة وشباب من مختلف الأعمار يبيعون «المسطورة المشوية» البوراك الشاي، بالإضافة إلى تقديم «الكور» الجديد المطل على البحر، خدمات متنوعة منها الأكل الخفيف، المثلجات وغيرها، حيث أن أغلب المقاهي والأكشاك كانت بداخلها العائلات.
لدى نزولنا للشاطئ لم نستطع تقييم عدد ومستوى التوافد، إلا عند وصولنا إلى مياه البحر، حيث وصلت المضلات إلى الصف الرابع والخامس، نفس الأعداد الموجودة بشواطئ « شابي، سانكلو وعين عشير» إلا أن عرض شاطئ سيدي سالم الذي يصل لنحو 100 متر، حيث يُخيل لك بأنه فارغ حتى التقدم شيئا فشيئا نحو الأمام باتجاه مياه البحر، بذلك يمكن معرفة حجم توافد المصطافين نظرا لمساحته الشاسعة، حيث يستطيع استيعاب جميع مصطافي شواطئ الولاية دفعة واحدة.
أثناء تجولنا صادفنا مصطافين من عدة ولايات، منهم من قضى يوما كاملا في السباحة والبعض جاء للنزهة والجلوس في المقاهي قبالة البحر وآخرون للفضول والذكرى على أنهم زاروا حي وشاطئ سيدي سالم المعروف، حيث التقينا شبانا من العاصمة بصدد شراء الذرة المشوية، قالوا بأنهم في زيارة إلى عنابة ويحبون المرور على سيدي سالم كونه حي شعبي معروف على المستوى الوطني، مثل الحراش بالعاصمة، حيث أكدوا أنهم لمسوا الترحاب وحسن المعاملة وكذا أجواء جميلة نظرا للحركية التي يصنعها المصطافون، لم يكونوا يتوقعون ذلك، مبدين إعجابهم بالشاطئ .
داخل مياه البحر كانت الأجواء مميزة، العائلات تراقب أطفالها وهم يسبحون، النسوة حاضرات بقوة حتى بدون مرافق، يجلسن في أمان دون مضايقات، حيث عبرت بعضهن عن الرضا بالأجواء. وحسب العاملين بالشاطئ، فإن المصطافين يتوافدون من عدة ولايات منها بسكرة، باتنة، الجزائر العاصمة، الطارف، تبسة، سوق أهراس وغيرها من الولايات كما تشير ألواح ترقيم السيارات.
أما من جانب النظافة، فصنف شاطئ سيدي سالم هذا الموسم، من أنظف الشواطئ بالولاية، بشهادة مدير السياحة، كمال تغزة، في تصريح للنصر، من خلال معاينته الدورية لمختلف الشواطئ، للوقوف على مدى جاهزيتها والخدمات المقدمة للمصطافين وهو ما لمسته النصر فعلا، بأن الرمال كانت نظيفة، دون وجود للنفايات أو لمخلفات مرمية وحتى الأطفال يلعبون في الرمل كأنه ملعب مفتوح ورغم شساعته، نجحت المصالح المسؤولة على النظافة في تجهيزه بشكل يومي لاستقبال المصطافين في أحسن الظروف.
وفي سياق متصل، حرصت المصالح المكلفة بمتابعة موسم الاصطياف، على غرار متصرفي الشواطئ، على حث المصطافين والعائلات على عدم استخدام قطع القماش لغلق الأماكن التي توضع بها المظلات وهو ما يسبب حجب الرؤية عن الجالسين خلفهم وكذا مراقبة أبنائهم الذين يسبحون في مياه البحر، حيث تم تجنيد أعوان للتقرب من أي مصطاف يستخدم قطع القماش من أجل نزعها.
النصر تحدثت مطولا مع بعض سكان حي سيدي سالم، ممن التقيناهم في الشاطئ، حيث أبدوا سعادتهم بالتوافد الكبير للمصطافين من مختلف ولايات الوطن، معتبرين ذلك إقرارا بأن حي سيدي سالم آمن وأن محاولة تشويهه باءت بالفشل، رافضين إطلاق صفة الإجرام على كل من يقطن في سيدي سالم، قال أحد المصطافين «حي أنجب علماء وأطباء وضباط في الجيش وغيرها من المهن، دون أن ننكر وجود بعض الأعمال الإجرامية التي تقع في أي حي، لكنها تبقى معزولة ولا تؤثر على نمط العيش فيه، أو استقبال الزوار وخير دليل الشاطئ عامر ولم تسجل ولا حادث سرقة أو اعتداء». يقول مصطاف، أيضا التقينا به « أنا من ولاية مستغانم، أقيم هنا في سيدي سالم مند 20 سنة، لم أجد فيه إلا المعاملة الطبية، زوجتي من سيدي سالم، احتضنوني وأنا أعيش بينهم في أمان والشاطئ كما ترون، أجواؤه رائعة و عليه توافد كبير جدا خاصة يومي الجمعة والسبت».
مشاريع هامة تنتظر التجسيد بالشاطئ
نظرا للموقع الهام لشاطئ سيدي سالم والمقومات الطبيعية التي يزخر بها، فقد تم تسجيل مشاريع سياحية هامة على مستوى المنطقة، منها القرية السياحية، منتجعات وفنادق وكذا مشاريع أخرى من شأنها تغيير وجه الحي العتيق، غير أن بعض المشاريع جمدت وأخرى، اصطدمت بوجود التجمعات الفوضوية وكذا إسطبلات تربية الحيوانات، أمام عجز بلدية البوني إيجاد حل لذلك، بالإضافة إلى توقف مشروع ترحيل أصحاب السكنات الاجتماعية إلى موقع محاذي بنفس الحي واستغلال الوعاء العقاري في الواجهة البحرية لمشاريع سياحية، تخلق مناصب شغل لسكان المنطقة، وبقي النشاط الوحيد في المنطقة استغلال الشاطئ صيفا وخلق بعض الأنشطة بالكور الجديد.
وبحسب مديرية السياحية، فقد تم تصنيف سيدي سالم كمنطقة توسع سياحي، حيث صدر المرسوم التنفيذي الخاص بها، بالإضافة إلى وجود مخططات التهيئة، ما يسمح بإطلاق استثمارات حقيقة، دون وجود عراقيل.
رفع التجميد عن ميناء للنزهة بين سيدي سالم وسيبوس
وفي سياق متصل، تم اختيار موقع إنجاز ميناء النزهة، بعد رفع التجميد عن هذا المشروع الهام بين بلديتي البوني وعنابة على شاطئ جوانو وسيدي سالم، بمراعاة عدة نقاط تتعلق بارتفاع الكثافة السكانية بالبلديتين وتقريب هذا الفضاء الخاص بالنزهة البحرية للمواطن وكذا الزائر للولاية، بالإضافة إلى سهولة الولوج إليه عبر محور الدوران سيدي إبراهيم وكذا ملاحق جسر جوانو العملاق، للمساهمة في التطوير والاستقطاب السياحي للولاية، حيث خصص الغلاف المالي خلال السنة المالية 2023.
و تفتقر عنابة لميناء خاص بالنزهة لرسو مركبات وسفن النزهة والدرجات المائية، حيث توضع أرصفة عائمة صيفا، تابعة لمستثمر خاص على مستوى شاطئ «بلفودار»، مع محدودية الإمكانات، حيث تحصي السلطات المحلية نحو 500 قارب نزهة بشواطئ الولاية في موسم الاصطياف، بعضها لسياح ومصطافين من الولايات الداخلية، يقومون بجلبها مع بداية الموسم ويدفعون ثمن رسوها وحراستها، ثم يعودون لسحبها وإعادتها مع بداية الاضطرابات الجوية.
كما تتجه عنابة، نحو الخدمات النوعية في المجال السياحي، مع وجود فنادق بمواصفات دولية واستلام عدد هام من المؤسسات الفندقية تضم مرافق متنوعة وعصرية، ليكون التوجه الجديد نحو خلق فضاءات نوعية جديدة على مستوى الشواطئ، بعد استنفاد طاقة الاستيعاب على مستوى كورنيش عنابة، حيث تسعى مديرية السياحة والصناعات التقليدية لولاية عنابة، بعد إطلاق مزايدة، لمنح حق الامتياز لنشاط الألعاب المائية والاستغلال السياحي على مستوى أربعة مواقع بكل من شواطئ النصر، رفاس زهوان بلدية عنابة وشاطئ واد الغنم وشاطئ المركز بلدية شطايبي استقطاب فئة جديدة من المصطافين والسياح الباحتين على الجودة وخلق منافسة مع الدول المجاورة.
أوضح مدير السياحة لولاية عنابة في اتصال مع النصر، بأن الموسم المقبل سيعرف منح الامتياز لاستغلال الشواطئ وتم فيها حسب المرسوم الجديد، منح الأولوية للأصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية للاستثمار في الشواطئ الخاصة والألعاب المائية وفي هذا الشأن، قام مستثمر بجلب عتاد عصري ينتظر خروجه من الميناء، سيتم منحه استفادة مؤقتة للاستثمار، للتأكد من جدية المشروع إلى غاية ترسيم استفادة الامتياز.
استلام إقامة سياحية بسيدي عيسى الموسم المقبل
أكد مدير السياحة، أن الولاية تعرف وجود شاطئ « بونة بيتش» الخاص الذي يعرف إقبالا كبيرا صيفا ولتخفيف الضغط عن الكورنيش، سيتم فتح المجال للاستثمار في مواقع أخرى، منها سيدي سالم، نظرا لشساعته، للرفع من جودة التكفل في المجال السياحي والترفيهي، خاصة من وجود استثمارات جادة وأصحاب رؤوس الأموال من خارج الولاية يريدون الاستثمار دون الاعتماد على القروض البنكية، ما يسمح بتجسيد الاستثمار بسرعة، دون وجود تعقيدات إدارية مرتبطة بالتمويل، كما حدث من المستثمر القادم من ولاية أم البواقي، الذي قام بشراء فندق «سانكلو» غير المكتمل وفي بضعة أشهر أنهى الأشغال وقام بتجهيزه وافتتاحه في ظرف وجيز.
ويرتقب، حسب مدير السياحة، دخول مشروع فندق والإقامة السياحية التابعة للمستثمر فطيمي، بمنطقة سيدي عيسى 2، الخدمة العام المقبل، حيث يتكون الفندق من 138 غرفة و360 سريرا و48 جناحا، كما تحتوي الإقامة السياحية على 18 أستوديو، منها 6 «دوبلاكس» و12 فيلا موفرة 150 سريرا، بالإضافة إلى مسابح ومركز تجاري وغيرها من الخدمات، انتهت بها الأشغال، حيث توجد في مرحلة التأثيث والتجهيز.
ح. د