استطاعت الشواطئ المستغلة في إطار الامتياز السياحي، مع ذروة الاستقطاب السياحي على مستوى ولاية عنابة، صنع التميز والاستثناء مقارنة بالمواسم السابقة، باستقطاب المغتربين الجزائريين، وسُياح من تونس وليبيا، و جنسيات أخرى.
ربورتاج : حسين دريدح
كما تستقبل المدينة القديمة يوميا وفودا سياحية من مختلف الولايات وحتى أجانب، بفضل الحركية التي عرفتها في السنوات الأخيرة، بجهود شباب وسكان المدينة، التي نجحت في تحويلها إلى مسار سياحي بارز بعيدا عن الاستجمام بالشواطئ.
بدأت جولتنا السياحة في هذا الربورتاج من شاطئ جنان الباي المعروف « بواد بقراط»، الذي استفاد هذا العام من مشروع واسع لتهيئة واجهته مع إنجاز أكشاك خشبية وإزالة كل أشكال الممارسات الفوضوية وغير قانونية القديمة. في رحلتنا وبداية نزولنا في منحدر شاطئ جنان الباي، الذي تنتسب تسميته لباي قسنطينة في العهد العثماني، اكتشفنا منظرا جديدا وغير مألوف، حيث أعطت أشغال التهيئة صورة جميلة، وزادت التجهيزات التي أقامها المستثمرون تميزا للشاطئ، وفي طريقنا للشاطئ شاهدنا نشاطا لافتا للطيران الشراعي، بنزول المغامرين من أعلى جبال الإيذوغ إلى غاية جنان الباي.
عند الوصول بنحو 20 مترا وجدنا المكان بجوارالمدخل، مُسيجا لحماية المصطافين والسياح من السقوط في المنحدر ، كما استغل كموقع لركن السيارات، في حال امتلاء الحظيرة الواسعة الموجودة في الأسفل قبالة الشاطئ.
كان دخولنا البوابة الرئيسية للشاطئ بعد التهيئة، المؤشر الأول الذي منحنا الانطباع بأن الشاطئ تغير فعلا نحو الأفضل، ونهاية ممارسات الابتزاز السابقة في الدخول وركن السيارات، فقد استقبلنا شاب يرتدي سترة مكتوب عليها بلدية سرايدي، رحب بنا وكان متعاونا معنا بأسلوب متحضر، دخلنا الشاطئ وكانت مساحة الركن واسعة جدا، مع وجود عدد قليل من الأعوان للتنظيم، ما يشعرك بالراحة والأمان، كما يمكن التوجه إلى أي موقع من الشاطئ، دون أن يتقدم منك أي شخص لطلب الحصول على مال مقابل الركن، وبمجرد الدخول في البوابة الرئيسية ودفع ثمن 100 دج، يمكنك التوجه إلى أي مكان تريده.
لدى نزولنا من السيارة، احترنا أي موقع نتوجه إليه على طول 3 كلم، مع وجود خيارات عديدة، بعد إنجاز 5 مستثمرين شواطئ مجهزة، وكذا المساحة المجانية التي أخذت مساحة 70 بالمائة من الشاطئ في الوسط، كان تردد المصطافين ضعيفا على المساحة المجانية، اقتربنا من المصطافين فكانت الأجواء عادية وعائلات تجلس في هدوء ومعها عتاد البحر، دون تسجيل مضايقات، والأماكن فارغة إلى غاية ملامسة مياه البحر، عبر بعض المصطافين عن كامل ارتياحهم بالهدوء، معربين عن استغرابهم من الحملة الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج لكون الشاطئ أصبح غير مجاني وتم بيعه للخواص، قال مصطاف « لأول مرة شاطئ جنان الباي منظم بهذا الشكل وهي سابقة في عنابة وحتى الولايات المجاورة الساحلية، نحن مستمتعون بالأجواء، وآخرون همهم الانتقاد وهم لا يرغبون أصلا في المجيء لجنان الباي».
شواطئ الامتياز تستقطب المغتربين والتونسيين
مواصلة لرحلتنا بشاطئ جنان الباي، القينا نظرة عامة على استثمارات الامتياز في المواقع الخمسة، حيث لفت انتباهنا من بعيد موقع مُهيأ بشكل ملفت، بأفكار جديدة لم يعتمد وضع المضلات والكراسي وكرائها فقط، قام صاحبها بوضع تجهيزات خشبية تمكن العائلات والزوار من الجلوس مجتمعة بمعزل على باقي المصطافين، مجهزة بستائر عازلة للشمس، فيها خاصية الجلوس الدائري لمجموعة من الأفراد وكذا الاستلقاء وغيرها من الخاصيات والخدمات، قصدنا هذا المكان وركنا السيارة دون دفع المال. لدى اقترابنا برز اسم الشاطئ «سلطانة» كتبت التسمية في لوحات شبيهة بلوحات رياضة التجديف، وأنجزت خصيصا لالتقاط صور بجوارها والترويج للتسمية. وجدنا بمدخل الشاطئ موقعا للاستقبال، حيث قوبلنا بالترحيب من العاملين وصاحب الاستثمار السيد « فاروق عزوز»، حيث تعاملوا معنا بطريقة جيدة قبل معرفتهم بأننا صحفيون قدمنا لإجراء الربورتاج، ومعاينة الشواطئ ومدى الخدمات المقدمة.
في حديثنا لمسير الشاطئ « فاروق عزوز» أشار بأنهم يركزون على الخدمات الراقية وبأسعار مدروسة ومعقولة، مع الحرص على راحة الزوار والمصطافين وأمنهم، حيث يحصل الزائر على شارة عند الدخول، يجلس في المكان الذي يريد حسب الخدمات التي يرغب فيها، بأسعار تتراوح ما بين 2000 و 4000 دج، مع توفير أماكن مجانية للعب الأطفال والاستحمام وكذا التقاط الصور. وأهم ما يميز الشاطئ توفير الاستراحات الخشبية بمختلف التصاميم يمكنك الجلوس وأمامك الشاطئ على بعد متر ومترين، إلى جانب توفير الألعاب المائية و اليخوت لاكتشاف الشريط الساحلي العنابي ومشاهدة اللوحات الطبيعية الساحرة .
عند وصولنا لشاطئ سلطانة كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار، شهدنا توافدا كبيرا عليه مقارنة بباقي المواقع، أردنا معرفة ذلك بالاقتراب من بعض العائلات والمصطافين، البعض أشار إلى قدومه بشكل يومي، وأخرون أعجبوا بالتجربة من يومهم الأول.
يقول مغترب جزائري قادم من باريس « وجدنا في شاطئ سلطانة أشياء جميلة لم نعهدها من قبل، كأننا في أوروبا من حيث الخدمات وتوفر الأمن وفضاء للعب الأطفال مجانا، شيء جميل أن نبقى في الجزائر ولا نفكر في الذهاب إلى تونس ودول أخرى لقضاء جزء من العطلة هناك. وهو نفس انطباع عدد كبير من المغتربين الجزائريين الذين التقيناهم بالشاطئ .
كما التقينا بعائلة تونسية متكونة من 8 أفراد، قادمة من بنزرت، أعجبت كثيرا بشاطئ جنان الباي وفضاء « سلطانة»، النصر اقتربت منهم تحدثوا عن نظافة الشاطئ والمنطقة العذراء والخدمات الجيدة والأسعارالمعقولة، و أكدوا بأنهم لأول مرة يقضون عطلة في الجزائر، مع إعجابهم بالأجواء كما ستمتد إقامتهم لأسبوع كامل.
وأكد مُسير الشاطئ، بأنه قام بتحدي كشاب في إطار الصيغة التي أقرتها الدولة هذه السنة و لأول مرة، في إطار شواطئ الامتياز للرقي بالخدمات السياحية، ورغم ضيق الوقت– حسبه - نجح في الرهان واستطاع جلب السياح الأجانب من عدة جنسيات، على رأسهم التونسيين وكذا المغتربين الجزائريين بشكل كبير. واللافت في دخول شواطئ الامتياز حيز الخدمة هذه السنة، خلق تنافسا كبيرا بين المستثمرين، بإبراز خدمات نوعية وبأسعار تنافسية.
رقابة صارمة على منع كراء عتاد البحر
بعد إنهاء زيارتنا لشاطئ جنان الباي بسرايدي، كانت لنا جولة بشواطئ كورنيش بلدية عنابة، انطلاقا من عين عشير، فبمجرد نزولنا من السيارة، لمحنا شابا من بعيد، اتضح له بأننا لا نحمل أي عتاد للاستجمام، فاقترب نحونا، وعرض علينا كراء المضلات والكراسي للنزول إلى البحر، كان خائفا من اكتشاف المصالح الأمنية، بأنه يقوم بكراء العتاد، كون والي عنابة اتخذ قرارا خلال موسم الاصطياف الحالي، بمنع كراء عتاد البحر حتى في مدخل الشاطئ، بسبب التجاوزات التي كانت تحصل باحتلال نفس الأشخاص الذين يقومون بالكراء مساحات بمقدمة الشواطئ.
وفي حديثنا للشاب، ذكر بأنهم عجزوا هذه السنة فعلا عن النشاط نتيجة التعليمات الصارمة للسلطات، كانوا في السابق يحصلون على ترخيص من البلدية لكراء العتاد بمدخل الشاطئ، في حين هذا الموسم لم يتمكنوا من ذلك. وأشار بأن أصحاب الأكشاك والمطاعم هم من يقومون بتوفير خدمة كراء العتاد بأسعار تصل إلى 2000 و 3000 دج، وهو ما لم نتأكد من صحته.
وبعيدا عن موضوع كراء العتاد بعين عشير، يعرف كورنيش « شابي و سانكلو» أجواء مميزة على غير العادة، بعد أن استفادت المنطقة من عملية تهيئة واسعة من تجديد للأرصفة والأرضيات، والإنارة العمومية وعملية التشجير و وضع كراسي جديدة وإزالة السياج، نجحت السلطات رغم ضيق الوقت في إنهاء الأشغال مع بداية شهر جويلية الماضي، ليظهر أكبر كورنيش يتردد عليه زوار المدينة وساكنتها بحلة جديدة، تركت انطباعا جيدا حسب ما لمسناه في حديثنا مع هواة الاستجمام والنزهة، قال زائر قادم من سطيف» عنابة مدينة جميلة تستحق الأفضل، ونحن معجبون بالوجه الجديد للكورنيش، خاصة مع إزالة السياج و تهيئة مكان للجلوس على طول الشاطئ.
وفود سياحية يومية على المدينة القديمة
بعيدا عن البحر، تعرف المدينة القديمة حركية سياحية ملفتة، تستقطب يوميا وفودا سياحية من مختلف الولايات وحتى من خارج الوطن، حيث تحول شارع دار الباي غير البعيد عن ساحة الثورة إلى قبلة للزوار، تحدث مصطفى هاشمي صاحب دار الباي عن استقبال نحو أربع وفود يوميا، يوفرون لم مسارا سياحيا بمرافقة مرشدين شباب، يتعرفون على تاريخ المدينة بداية من العهد الفينيقي، بعدها يتناولون وجبة غذاء تقليدية بدار الباي، ويتعرفون على التحف الفنية
التقليدية وحتى الأثرية، بعدها يزورن القلب النابض للمدينة المعروفة « بساحة الثورة الكور» لتناول أشهر أنواع المثلجات والمشروبات.