كشفت الحرب الإعلامية والدعائية التي تعرضت لها الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، منذ 3 أيام، عن الوجه القبيح لعنصرية الغرب، وأظهرت كيف يمكن للحقائق أن تُشوَّه باستغلال قوة وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق أجندات سياسية وإيديولوجية. حملة التشويه غير المسبوقة التي استُهدفت فيها البطلة الجزائرية، كان موقع «إكس» مسرحها الرئيسي، وقد قامت النصر بتتبع بدايتها ورصد أهم الشخصيات العالمية التي أجّجت خطاب الكراهية ضد الملاكمة الجزائرية.
تحقيق: ياسمين بوالجدري
بعد دقائق من نهاية النزال الذي فازت فيه ضد الملاكمة الإيطالية أنجيلا كاريني في الفاتح من شهر أوت، وجدت البطلة الجزائرية إيمان خليف، نفسها في قلب حملة تشويه عالمية وغير مسبوقة تهدف إلى التشكيك في جنسها، بعدما أججها كتاب ومشاهير وسياسيون من اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وأوروبا. العديد من هذه الأصوات كانت لشخصيات تهدف لتحقيق مكاسب سياسية خصوصا لصالح المترشح في الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب، ضد منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
من خلال معلومات زائفة وحملات تضليل إعلامية مهولة، تم اتهام إيمان بالخداع والاحتيال، بكونها متحولة جنسيا وبأنها رجل يتظاهر بأنه امرأة، بهدف تبرير هزيمة منافستها الإيطالية، وهو ما يظهر بوضوح في العديد من التعليقات والمنشورات التي رصدتها النصر على منصات التواصل الاجتماعي طيلة الأيام الثلاثة الماضية، أين تم نشر شائعات حول جنس البطلة الجزائرية، دون تحقق أو استناد إلى أي دليل علمي أو طبي.
حملة بدأت حتى قبل النزال!
وقد تم توظيف منصات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف لتغذية خطاب الكراهية والتحريض ضد إيمان خليف، فيما كانت منصة «إكس» أو «تويتر» سابقا، الأكثر استخداما. النصر عادت إلى بداية حملة العداء ضد إيمان خليف على موقع «إكس»، و وجدت أنها تعود إلى أيام قليلة قبل نزال الفاتح أوت، فقبله بيومين تحديدا نشر مذيع أمريكي اسمه «بول سزيبولا»، معروف بأنه من مناصري دونالد ترامب، تغريدة يزعم فيها أن خليف «رجل» كما هاجم فيها اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية.
وسرعان ما تبنت منظمات نسوية وحقوقية غربية هذا الطرح، وبدأت تتحدث عن أنه سيتم «إجبار امرأة على منازلة رجل»، وهي تغريدات وضعت، على قلتها، أرضية خصبة لبدأ حرب دعائية شعواء ضد الملاكمة الجزائرية، فبعد نهاية النزال بدقائق بدأت التدوينات التي تسير في نفس هذا الاتجاه العنصري تتوالى، وقد كان من أبرزها تغريدة لكاتب بريطاني في صحيفة تلغراف البريطانية، اسمه أوليفر بروان، دافع فيها عن الملاكمة الإيطالية أنجيلا كاريني ونقل تصريحها الذي قالت فيه إنها «انسحبت لأنها لم تتعرض من قبل لضربة قوية كهذه»، قبل أن يصف هذا الأمر بـ «الفضيحة المطلقة».
هذه التغريدة التي نُشرت في منتصف النهار و7 دقائق، أي بعد قرابة نصف ساعة من نهاية النزال، انتشرت بسرعة البرق وتم الوصول إليها لـ 14.9 مليون مرة من قبل مستخدمي تويتر في غضون ساعات، وأعيد نشرها لآلاف المرات.
بعد ذلك بنحو 7 دقائق، قام «أولي لندن» وهو مغني بريطاني شاب، بنشر تدوينة جاء فيها: «ملاكم يفوز بمباراة ملاكمة نسائية في أولمبياد باريس. إيمان خليف من الجزائر؛ تركت الملاكمة الإيطالية أنجيلا كاريني تبكي بعد هزيمتها»، وقد أرفق هذه العبارة بصورة تُظهر إيمان خليف رافعة يدها فرحا بالفوز، بينما كانت الإيطالية جاثمة على رجليها وهي تذرف الدموع. ومن المثير للسخرية والاستغراب، أن صاحب هذه التدوينة كان يُحسب على من يسمون «العابرين جنسيا»، كما أنه خضع لعمليات تجميل لكي يصبح شبيها بالكوري «جيمين»، عضو فرقة «بي تي أس» الشهيرة، فضلا عن أنه من دعاة «الحركة المناهضة للنوع الاجتماعي» وهي منظمة دولية تعارض مفهوم «الجندرة».
هكذا استغل إيلون ماسك القضية
مالك منصة تويتر الملياردير الأمريكي الأسترالي «إيلون ماسك»، تلقف بسرعة تدوينة «أولي لندن»، معلقا عليها في منتصف النهار و36 دقيقة بعبارة، «هذا خطأ»، وقد وظف هذه التغريدة في حملة كان قد خاضها حديثا ضد الشواذ والمتحولين جنسيا والتي كان ابنه أحد ضحاياها، وهي حملة استغلها أيضا لتكون إحدى النقاط الرئيسية التي ركز عليها في دعمه لدونالد ترامب المعروف برفضه لما يسمى بمجتمع المثليين.
تعليق ماسك على تدوينة المغني البريطاني، جعلها تنتشر كالنار في الهشيم، على اعتبار أن الملياردير الأمريكي المثير للجدل يحظى بمتابعة قياسية من قبل مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام العالمية. وما زاد من توسع حملة الكراهية والتشويه أكثر فأكثر ضد الملاكمة الجزائرية، هو انتشار وسم «أقِف مع أنجيلا كاريني» باللغة الانجليزية، والذي أطلقته سبّاحة أمريكية سابقة تدعى ريلي غانيز، في منتصف النهار و58 دقيقة، حيث أرفقته بالتعليق الآتي»لا ينبغي للرجال أن يتواجدوا في الرياضة النسائية»، ومرة أخرى علق إيلون ماسك على هذا المنشور بكلمة «قطعا» وأعاد نشر التغريدة، الأمر الذي جعل رقم عدد المستخدمين الذين شاهدوا المنشور يصل إلى 285 مليون مرة، مع أزيد من 1 مليون كبسة على زر إعجاب وآلاف التعليقات وعمليات إعادة التغريد.
ومن خلال تتبع التفاعل مع التغريدة، وجدنا أن من بين الشخصيات التي أعادت نشرها، كانت صاحبة سلسلة هاري بوتر الروائية البريطانية الشهيرة جوان رولينغ والمعروفة باسم «جي كي رولينغ»، حيث يتابعها 14 مليون شخص في منصة «إكس»، وكانت قد أثارت جدلا واسعا في الغرب بسبب معارضتها للعديد من القوانين المقترحة التي تسهل عملية التحول الجنسي، وهو ما يفسّر هجومها الأعمى ضد إيمان خليف دون تثبت، فقد واصلت سلسلة تغريدات عدائية استهدفت أيضا اللجنة المنظمة للأولمبياد واستخدمت فيها عبارات من قبيل «العار»، و»الظلم الوحشي».
بعد ذلك بدقائق قامت رولينغ التي تدعّي أنها مدافعة عن حقوق النساء، بنشر صورة الملاكمة الإيطالية باكية بينما كانت إيمان تقف خلفها وتربت على كتفها، ثم أرفقتها معلقة «هل يمكن لأي صورة أن تلخص حركة حقوق الرجال الجديدة بشكل أفضل؟ ابتسامة ساخرة لرجل يعرف أنه محمي من قبل مؤسسة رياضية معادية للنساء، يستمتع بحزن امرأة لكمها للتو في رأسها، وحطم طموحها في الحياة».
كتّاب بريطانيون يؤجّجون خطاب الكراهية
هذه التغريدة التي حملت تحاملا فاضحا ضد الملاكمة الجزائرية، تمت قراءتها 113 مليون مرة في ظرف يومين فقط، مع 444 ألف نقرة إعجاب وإعادة النشر لما يزيد عن 48 ألف مرة، لتقوم الكاتبة بعد ذلك بنشر مقال رأي مغرض من صحيفة تليغراف لكاتبة بريطانية تكتب عن قضايا المرأة وتدعى سوزان مور، حيث كان تحت عنوان «لقد تعرضت امرأة للضرب على يد رجل بيولوجي - هل هذا ما نسميه الآن بالرياضة»؟
ورغم ظهور الرواية الحقيقية المنصفة للملاكمة الجزائرية وتراجع العديد من الشخصيات العالمية عن مهاجمتها، خصوصا في اليوم الثاني الذي تلا النزال، إلا أن هذه الروائية البريطانية واصلت حملتها غير الأخلاقية ضد إيمان، بزعم دفاعها عن حقوق النساء، وردت بسخرية على تغريدة لحساب أنونيموس الشهير جاء فيها «يجب على إيمان خليف مقاضاة كل حساب أو وسيلة إعلامية تدعي أنها متحولة جنسياً. إن الحمقى يعرضون حياتها للخطر».
حملة الشيطنة والتنمر التي تعرضت لها إيمان خليف استمرت لأزيد من يومين، وقد تصدر اسمها الترند العالمي مع اسم الملاكمة الإيطالية، حيث تم نشر كم هائل من التعليقات والصور والفيديوهات التي تسخر من الملاكمة الجزائرية وتهين كرامتها، وتتضامن بالمقابل مع منافستها الإيطالية، وقد انخرط في هذه الهجمة العديد من المشاهير والرياضيين والمؤثرين الغربيين مما زاد من انتشار وتأثير خطاب الكراهية ضد إيمان خليف دون أدنى مراعاة لمشاعرها وسمعتها.
ومن أبرز الوجوه السياسية التي دخلت على الخط، وانخرطت في الحملة المغرضة ضد إيمان، كانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا مليوني التي خاطبت مواطنتها في تدوينة، قائلة «أعلم أنك لن تستسلمي يا أنجيلا، وأعلم أنك يوما ما ستكسبين ما تستحقينه بالعمل الجاد والعرق. في منافسة عادلة أخيرا.»
هذا الموقف أثار استهجان ساسة إيطاليين من بينهم البرلماني ريكاردو ماغي الذي نشر تدوينة جاء فيها «إيمان خليف امرأة تعاني من خلل هرموني، وليست متحولة جنسيًا كما يقال منذ أيام مقابل حفنة من الإعجابات. إيمان سيدة خضعت لكافة الفحوصات الطبية قبل المشاركة في فئة السيدات في الألعاب الأولمبية واجتازتها».
وسائل إعلام عربية تقع في فخ الدعاية الغربية
واللافت أن العديد من وسائل الإعلام في أوروبا وأمريكا، انخرطت بقوة في الحملة المغرضة ضد إيمان خليف، وأطلقت أحكاما مسبقة عليها دون أدنى مراعاة لأخلاقيات المهنة التي تُلزم الصحافيين بالتثبت والتحقق من المعلومة والالتزام بالموضوعية والحياد، غير أن معالجة وسائل الإعلام الغربية لقضية إيمان خليف، أظهرت تحيزا وعنصرية واضحين، وتكريسا لصورة نمطية مفادها أن المرأة التي لا تفي بالمعايير النموذجية للأنوثة الغربية، ستكون عرضة للتنمر واتهامها بأنها متحولة جنسيا أو رجل. هذا الطرح وصفه مستخدمو منصات التواصل بأنه مثير للسخرية، خصوصا أنه يصدر عن ليبراليين مزعومين يروجون بفخر للنسوية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، وهم أنفسهم كانوا من أشد المرحبين بترويج أولمبياد باريس للمتحولين جنسيا في حفل الافتتاح المثير للجدل.
وما يثير الاستغراب الأكثر، أن عددا من وسائل الإعلام العربية وقعت في فخ التضليل الإعلامي الذي مورس ضد إيمان خليف، فقد قامت فضائيات ومواقع إخبارية عربية بتبني روايات فجة صادرة عن شخصيات غربية عن جنس الملاكمة الجزائرية، من خلال نشر أخبار عن هذه القضية في صفحاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما زاد من توسع الحملة الدعائية الكاذبة عربيا.
هذه المعالجة أثارت غضب العديد من الجزائريين والعرب، الذين أطلقوا حملات لمقاطعة بعض وسائل الإعلام العربية التي أججت خطاب العنصرية ضد إيمان خليف، الأمر الذي جعلها تتراجع لاحقا وتحذف عددا من المنشورات التي تضمنت معلومات كاذبة.
ي.ب
تصدّوا لحملة العنصرية والكراهية التي استهدفت البطلة
الجزائريون كسبوا موقعة «كلنا-إيمان» على مواقع التواصل
خلّفت الحملة العنصرية والشرسة التي استهدفت، شخصية وحياة الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، ردود فعل قوية تصدّرت الترند على مواقع التواصل الاجتماعي، شنّها رياضيون، مشاهير، ومؤثرون من أبناء الوطن، معبّرين عن تأييدهم وتشجيعهم لها، أمام الحملة المسعورة فاضحين المخطط الدنيء الذي استهدفها بنشر صوّر توّثق لمراحلها العمرية.
لينة دلول
وقد عرف موقع فيسبوك، من الخميس إلى السبت، موجة من الردود القوية من الجزائريين الرافضين لمحاولات المس بشخصية الملاكمة، وتصدت صفحات تحظى بملايين المتابعات، لكل ناشط افتراضي ينشر كلاما جارحا عن الملاكمة، معتبرين أن إيمان خليف ابنة الجزائر ومن يسيء إليها كمن أساء لأكثر من 45 مليون جزائري، كما ذهب رواد الفضاء الأزرق إلى إعادة نشر صورها وهي طفلة صغيرة ومشاركة مقابلاتها الإعلامية السابقة وهي تتحدث بكل عفوية وبراءة عن مسارها لإسكات أفواه الساخرين والمتنمرين.
وطالب نشطاء عبر مواقع التواصل، بالرد الحازم على هذه المحاولات المحرضة للتنمر، والتضامن بسرعة مع الملاكمة، حتى تشحن طاقتها جيدا في منافساتها القادمة، وقد تمحورت معظم التعليقات التي ضجت بها منصتا فيسبوك وتويتر، حول وصف ما حدث بالفضيحة في تاريخ الألعاب الأولمبية، خصوصا وأن الإدارة لم تقم بمعاقبة أي جهة تطاولت على ابنة الجزائر.
وحملوا مسؤولية إطلاق شرارة الحملة المسيئة والكاذبة للملاكمة إيمان لدول تحمل حقدا دفينا للجزائر وتحاول بشتى الطرق مهاجمة أبطالها والتقليل من قدراتهم، كذريعة للتبرير عن فشل ملاكميها المشاركين في أولمبياد باريس 2024 ، وهو ما استفز أكثر مشاعر رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين أبدوا استياءهم ودعمهم المطلق لإيمان بشن حملة واسعة للدفاع عنها، واصفين ما يحدث لها بالمحاولات البائسة والفاشلة لأن إيمان لن تحبط عزيمتها بكلمتين لا أساس لهما من الصحة.
هجوم على القنوات المحرّضة
وتجدر الإشارة إلى أن رواد فيسبوك وإكس هاجموا حتى بعض القنوات العربية التي تبنت الحملة المسيئة، والتي استخدمت مصطلحات قاسية في وصفها، حيث كتبت الناشطة أمينة لتلات ردا على ما جاء في محتوى قناة قائلة «قناة العربية بعناوينك المقرفة وتركيزك على الملاكمة الجزائرية إيمان خليف لإثبات أنها متحولة جنسيا نقول لك اطمئني جزائرية ولدت أنثى ودرست في المدارس أنثى ولعبت مع أترابها أنثى وأصبحت ملاكمة عالمية أنثى وستظل أنثى امرأة قوية ليست ككل النساء .. »، وعلق حكيم « تحيا إيمان امرأة بألف رجل».. وتحول وسم يدعو إلى إغلاق مكتب قناة العربية إلى وسم على إكس لساعات.
هاشتاغ «كلنا- إيمان» يتصدّرمنصة إكس
وقد لاقى هاشتاغ «كلنا -إيمان»، الذي دشنه رواد منصة «إكس» ، في 48 ساعة الأخيرة، تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصد أكثر من 50 ألف تغريدة، ليصبح الأكثر تداولا في الجزائر، وقد تداول الهاشتاغ عدد كبير من الجزائريين الذين ينشطون في مجالات مختلفة، من بينهم وزير الشباب والرياضة ، عبد الرحمان حماد، الذي توجه لإيمان عبر تغريدة على موقع «إكس» قائلا « إيمان خليف ابنتنا، أختنا وبطلتنا، إيمان خليف خط أحمر»، وندد الوزير بالحملة التي تعرضت لها الملاكمة واصفا إياها بـ«غير الأخلاقية»، وشجعها قائلا «انطلقي يا إيمان فالجزائر حكومة وشعبا كلها خلفك»
ودعا خير الدين برباري رئيس بعثة الجزائر في أولمبياد باريس إلى دعم ومساندة إيمان في «وجه الحملة الشرسة التي تواجهها من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية وذلك بغرض تشتيت تركيزها وكذا التأثير عليها».، مردفا بخصوص الإجراءات المتخذة ضد هذه الحملة «لقد قمت رسميا بإيداع شكوى كما قمنا أيضا بالتواصل مع اللجنة الدولية في إطار الميثاق الأولمبي لأجل حماية بطلتنا».
وهاجم المعلق حفيظ دراجي «الحملة الشرسة» التي تتعرض لها إيمان، كاتبا «العالم الغربي يتباكى قائلا الملاكمة الإيطالية كاريني التي خرجت باكية من الألعاب الأولمبية، وقعت ضحية لنزال مع «ملاكم جزائري» ينافس في فئة الإناث»، يبدو أن الغرب يعيش في زمن لا يفرق فيه بين الرجل والمرأة منذ صار يدعم المتحولين فاختلطت عليه الأمور، لكن عندما يتعلق الأمر بجزائرية يشككون ويشتكون، ويخلطون بين إيمان وأمين».
وكتبت الصحافية الجزائرية خديجة بن قنة أن «قضية المُلاكِمة إيمان خليف ليست قضية رياضية بحتة، بل هي قضية سياسية وثقافية قبل أن تكون رياضية...
وأنها لم تعد قضية فردية تخصّ إيمان وحدها ؛ لهذا أصبح واجبا على الجزائر أن تقف مع إيمان خليف في إجراءات المقاضاة في المحاكم الدولية ومحاسبة كل من تطاول عليها أو ساهم في شيطنتها، لأن في هذه الحملة الشعواء القذرة التي تُشنّ عليها استهدافًا صريحًا لبلدها الذي استعصى على صهاينة الشرق والغرب من العرب والعجم. ونشرت «الفاف»، عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، صورة مركبة للملاكمة الجزائرية، وأضافت لها عبارة، «وان، تو، ثري، فيفا إيمان خليف».
لاعبو المنتخب الوطني يساندون إيمان
وقد رد كذلك لاعبو الفريق الوطني الجزائري على الجدل والهجوم العالمي على إيمان، حيث نشر رياض محرز صورة للملاكمة رافعة يد الانتصار ومقطع فيديو عبر خاصية ستوري على إنستغرام قال فيه « مرحبا إيمان معك رياض، أنت ملاكمة كبيرة، حظ موفق».
كما نشر اللاعب الدولي يوسف بلايلي بدوره، فيديو حماسي لإيمان، فيما كتب إسماعيل بن ناصر قائلا «كل الدعم لبطلتنا التي تعاني موجة كراهية غير مبررة، إن وجودها في الألعاب الأولمبية هو ببساطة نتيجة لموهبتها وعملها الجاد، نؤمن بك لترفعي علم الجزائر عاليا»، ومثلهم فعل كل من عدلان قديورة، أحمد توبة وفارس شايبي، ورامي بن سبعيني ».
70 ألف شخص يشجّع الملاكمة عبر منصة إنستغرام
وقد لاقت الملاكمة إيمان مساندة مضاعفة وحب كبيرين عبر منصة إنستغرام، حيث بدأ مستخدمون في نشر صور وفيديوهات تعبر عن تضامنهم وتشجيعهم، كما صمم نشطاء وسم يحمل صورة الملاكمة شاركه أكثر من 70 ألف شخص في أقل من 24 ساعة، وقد عبر كذلك عدد كبير من الفنانين والمؤثرين عن دعمهم للبطلة إيمان خليف، والإشادة بمهاراتها وشجاعتها في مواجهة التحديات، منهم بشرى عقبي، زهيدة حر، ريم عماري، والوزيرة السابقة سليمة سواكري، والتي نشرت صورا وفيديو لإيمان تلاكم ابنتها وتعلمها مهارات الملاكمة .وتجدر الإشارة إلى أن الأنستاغرامور الجزائري، محمد أبركان المعروف باسم «ستانلي تالكس»، والذي يحظى حسابه بأكثر من 2 مليون مستخدم، قام بنشر ريليز وجه من خلاله رسالة شديدة اللهجة للمجتمع الغربي بخصوص قضية إيمان خليف، وجاء في الفيديو الذي حصد أكثر من 1.5 مليون مشاهدة و10 ألاف مشاركة، « هل كلف إيلون ماسك نفسه عناء البحث قبل الحديث عن إيمان خليف والقول إنها رجل بيولوجي، لأنه لو كلف نفسه عناء البحث ولو قليلا لكان قد اكتشف بأن الجزائر تحظر وبشدة أي فعل من أفعال المثلية الجنسية..»، مضيفا «الله وحده من يعلم ما تشعر به إيمان».
اعتذارات لإيمان بعد الحملة الشرسة
وقد نجحت المساندة التي شنها الجزائريون عبر الفضاء الافتراضي، في تغيير نظرة بعض الأشخاص الذين هاجموها، حيث اعتذر المصارع الأمريكي تام خان من إيمان خليف عبر منصة إيكس، وقد جاء في التدوينة التي كتبها «لقد ارتكبت خطأً عندما نشرت صورة ساخرة عن هذه الملاكمة، وبعد أن أجريت بعض الأبحاث حول هذا الموضوع الآن، اكتشفت أنها أنثى، أنثى بالفطرة، لقد وقعت في فخ نشر الأكاذيب كما يحدث دائما، إنها تتعرض للانتقاد الشديد بسبب انسحاب منافستها، أرجو أن تقبل اعتذاري»
وقامت كذلك الملاكمة المجرية لوكا منافسة خليف أمس، بحذف جميع المنشورات التي قامت فيها بمضايقة إيمان خصوصا تلك الصورة التي تجمع بين سيدة ورجل ذي عضلات قوية وكأنها تلمح بأن المنازلة ستجمعها مع وحش وليس فتاة، كما أغلقت خاصية التعليقات، على جميع منشوراتها. بعد أن تصدى لها الجزائريون بالتعليقات.
فيما قالت الملاكمة الإيطالية أنجيلا كاريني، التي انسحبت من مباراتها الأولمبية أمام البطلة إيمان خليف خلال 46 ثانية، إنها «تريد الاعتذار» لمنافستها عن الطريقة التي تعاملت بها مع اللحظات التي أعقبت المباراة.
وكتبت «أنا آسفة لمنافستي إيمان أيضا، إذا قالت اللجنة الأولمبية الدولية إنها تستطيع القتال، فأنا أحترم هذا القرار»، مضيفة «لم يكن هذا شيئا كنت أنوي فعله في الواقع، أريد أن أعتذر لها وللجميع لقد كنت غاضبة جدا لأن حلم دورة الألعاب الأولمبية التي شاركت فيها كان قد تحول إلى دخان».
وتجدر الإشارة، إلى أن إيمان تحاول تجاهل الحملة ضدها وتركز على تحقيق الفوز تلو الآخر بعدما جعلت الذهب هدفها من المنافسة التي تخوضها في باريس، حيث قالت في تصريح للتلفزيون الجزائري عقب المباراة «هذا النصر الأول، وأتمنى ضمان ميدالية أو الحصول على ميدالية ذهبية، أقول للشعب الجزائري إنني سأبذل كل ما في وسعي لإسعاده».
المنظمة العالمية لمكافحة الفساد
التهجم على خليف إساءة لكرامتها كإنسانة وامرأة ورياضية
أعربت منظمة الأمن العالمي لمكافحة الفساد والجريمة عن استيائها وقلقها العميق إزاء الهجمات الفاضحة وغير المؤسسة التي تستهدف الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، مؤكدة أن «هذه المعاملة غير المقبولة، تمثل انتهاكا خطيرا لكرامتها كإنسانة كإمرأة وكرياضية.
وقرر المكتب التنفيذي للمنظمة خلال اجتماعه المنعقد مساء الجمعة، تقديم دعمه الكامل للملاكمة إيمان خليف، معربا عن ثنائه على اللجنة الأولمبية الدولية على الموقف الحازم، الذي أكدت من خلاله على أن جميع الرياضيين المشاركين في دورة الملاكمة في أولمبياد باريس 2024 يلتزمون بقواعد الأهلية والتسجيل في المنافسة.
كما أشارت اللجنة الأولمبية الدولية إلى أن الرياضيتين إيمان خليف والتايوانية، لين يو-تينغ، اللتين كانتا ضحايا التحرش الإلكتروني، تشاركان منذ سنوات عديدة في مسابقات دولية للملاكمة في الفئة النسائية. ووفقا للنظام الأساسي لمهامها الرسمية، ولا سيما في مجال حقوق الإنسان، قررت منظمة الأمن العالمي لمكافحة الفساد والجريمة، اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة لتحقيق العدالة، مشددة على أنها ستضع أيضا جميع الوسائل البشرية واللوجستية لقسمها القانوني لدعم الملاكمة الجزائرية.
وأضافت أن :»سيف العدالة سيكون صارما ضد كل من يسعى لتشويه سمعة ومهنة الرياضيين البارزين، من خلال اتهامات كاذبة وحملات كراهية، لافتة إلى أن المنظمة ستقوم أيضا بإخطار مفوضية حقوق الإنسان للأمم المتحدة، لضمان أن تحظى هذه القضية بالاهتمام الدولي الذي تستحقه وأن تتخذ التدابير المناسبة.
وأكدت المنظمة أنها ستظل ملتزمة بقوة، بالدفاع عن حقوق وكرامة جميع الرياضيين، خاصة أولئك الذين يتعرضون للاستهداف غير العادل، داعية المجتمع الدولي ووسائل الإعلام وجميع المؤسسات المعنية للانضمام إليها في إدانة هذه الأفعال المشينة ودعم الملاكمة إيمان خليف. وأعقبت قائلة إن :»الشفافية والعدالة واحترام حقوق الإنسان هي الركائز التي نبني عليها كفاحنا ضد الفساد والظلم». ق.ر
قال إن الكراهية التي تلقتها غُذيت من أجندات، توماس باخ يصرح
إيمان خليف ضحية حرب عرقية وسياسية
يرى رئيس اللجنة الدولية الأولمبية توماس باخ، أن ما حدث مع البطلة الجزائرية في رياضة الملاكمة إيمان خليف التي كانت عُرضة لحملة قذرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هو بمثابة حرب سياسية وعرقية وجب عدم الاشتراك فيها، مؤكدا أن الكراهية التي تلقتها الجزائرية قد غُذيت من بعض الأجندات.
خليف التي تضامن معها الجميع، تلقت دعما خاصا صبيحة أمس من رئيس اللجنة الدولية الأولمبية الذي دافع بقوة عن ممثلة الجزائر، مطالبا بعدم الانسياق وراء الإشاعات المروجة في حقها لأغراض وأجندات سياسية.
وقال توماس باخ، إن خطاب الكراهية الموجه إلى الملاكمتين إيمان خليف، والتايوانية لين يوتينغ في أولمبياد باريس غير مقبول على الإطلاق، مضيفا في ندوة صحفية:» لن نشارك في حرب ثقافية ذات دوافع سياسية، لدينا ملاكمتان ولدتا كنساء، وتربيتا كنساء، وتملكان جواز سفر كنساء، وتنافستا لسنوات عديدة كنساء.. ويريد البعض أن يمتلكوا تعريفا للملاكمتين».
وحول إيمان، رد ذات المتحدث:» خليف امرأة، وليس هناك شك على الإطلاق، لقد أجرينا اختبارات واسعة النطاق وثبت ذلك، لقد ولدت كامرأة، وعاشت وتربت كامرأة.. ونافست كامرأة طوال السنين الماضية. بدون أي مشكلة. ما رأيناه في آخر 48 ساعة هو أن البعض يريد تغيير مفهوم ما هي المرأة وما هو الرجل».
وأضاف:» لهذا السبب كل ما يمكنني فعله. هو أن أتحداكم أن تعطونني إثباتا علميا. على ما تروجون له، وما هو هذا التعريف الجديد للمرأة الذي تروجون له. نحن على استعداد لسماعكم».
وختم:» لن نشارك في هذه الحرب السياسية والعرقية التي صنعتموها بهذه الإشاعات، اسمحوا لي أن أقول إن ما حدث خلال آخر 48 ساعة في مواقع التواصل الاجتماعي، والكراهية التي تلقتها الجزائرية تم تغذيته من قبل هذه الأجندة غير المقبولة على الإطلاق».
سمير. ك
المؤامرة التي تعرضت لها حركت المشاعر
الجزائريون يحتفون بفوز البطلة خليف
احتفى الجزائريون يوم أمس بشكل غير مسبوق بتأهل الملاكمة الجزائرية إيمان خليف إلى الدور نصف النهائي ضمن دورة الملاكمة للألعاب الأولمبية 2024، التي تجري بباريس، بعد انتصارها على المجرية أنا لوكا حاموري، بنتيجة 5-0، بقاعة أرينا شمال العاصمة الفرنسية وهو ما ضمن للجزائر أول ميدالية.
وقد تم نشر وعلى نطاق واسع التهنئة التي وجهها لها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون عبر حسابه الرسمي على منصة التواصل الاجتماعي، عقب فوزها العريض، والمنتظر والمبهر، والتي جاء فيها ‘’ ‘مبروك التأهل إيمان خليف، لقد شرّفت الجزائر والمرأة الجزائرية والملاكمة الجزائرية..سنقف إلى جانبك مهما كانت نتائجك..بالتوفيق في الدورين القادمين..وإلى الأمام إيمان خليف .. تحيا الجزائر’’.
وقد أثلج فوز إيمان صُدورْ الجزائريين، من عموم المواطنين وكبار المسؤولين في الدولة و الشخصيات السياسية، وهو ما تبين من خلال المنشورات وعبارات التهاني التي أمطروا ملاكمتنا بها، عبر حساباتهم، معربين لها عن أملهم و’’ دعائهم ‘’ بأن تواصل مشوار المنازلات المتبقية إلى غاية التتويج بالذهب.
وسبق للجزائريين وأن عبروا عن تضامنهم مع ابنة ولاية تيارت، تحت شعارات مختلفة ‘’كلنا خلفك، إيمان. البلد كلها خلفك. نحن سعداء بإنجازاتك ‘’، بعد محاولات لتشويه سمعتها، من خلال حملات مسعورة مبنية على أكاذيب.
ولم يتوقف دعم ومساندة إيمان داخل أرض الوطن بل عبر جزائريون عبر مختلف أنحاء العالم عن دعمهم وتضامنهم ووقوفهم كرجل واحد خلف إيمان وقد تم ترجمة هذا التضامن عندما دخلت الملاكمة إلى حلبة المنازلة المزدحمة وسط هتافات عالية من المشجعين الذين لوحوا بأعلام الجزائر، قبل أن ينزلوا إلى الشارع للتعبير عن فرحتهم بعد فوزها.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الأولمبية الجزائرية كانت قد أدانت «التصرف غير الأخلاقي» الذي استهدف الملاكمة إيمان خليف بعد مباراتها الافتتاحية في أولمبياد باريس يوم الخميس الذي واجهت فيه ملاكمة إيطالية.
كما ندد وزير الشباب والرياضة عبد الرحمن حماد على صفحته على موقع إكس بحملة التشوية التي تعرضت لها ملاكمتنا.
ع.أسابع