تقنيـــة الـ "جي.بي.أس" لمراقبـــة الحافــــلات و "الويفي" لكسب المســــافرين
استفادت المؤسسة العمومية الاقتصادية لنقل المسافرين بالشرق، من استثمارات تفوق قيمتها 2 مليار دينار من أجل إعادة بعثها بعد سنوات من التوقف، حيث عادت للعمل رسميا في جوان من العام الماضي، من خلال توفير خطوط نقل طويلة بين عدة ولايات بالشرق الجزائري، مع خلق منافسة قوية للخواص، عبر انتهاج استراتيجية تسويقية جديدة تعتمد على تنويع الخدمات و استخدام حافلات متطورة و سائقين مؤهلين، و قد بلغت مداخيلها الإجمالية في السداسي الأول من هذا العام، أكثر من 16 مليار سنتيم.
المؤسسة التي كانت رائدة في نقل المسافرين بين الولايات الشرقية لسنوات طويلة، عرفت مشاكل كبيرة منذ نهاية التسعينات و تضاعفت ديونها، لتخضع لعملية تصفية دامت لعدة سنوات، حيث استمر نشاطها بعد ذلك بنسبة لا تتجاوز 5 بالمائة فقط من قدراتها، غير أن مجلس مساهمات الدولة قرر سنة 2012، منح قروض بنكية من أجل إعادة بعث مؤسسات النقل العمومية، فاستفادت مؤسسة نقل المسافرين بالشرق الواقع مقرها بالمنطقة الصناعية «بالما» بقسنطينة، من قرض تتجاوز قيمته 2 مليار دينار جزائري، شرع في استغلاله رسميا في منتصف سنة 2015، من خلال اقتناء حافلات جديدة و تسديد الديون العالقة و تكوين العمال و كذا وضع استراتيجية جديدة للوقوف بالمؤسسة.
الرئيس المدير العام للمؤسسة سلمون محمد، أكد للنصر أن حجم الاستثمارات التي أنجزت حاليا، بلغت ما يعادل 219 مليار سنتيم ، وزعت على عدة أقسام انطلاقا من تسديد الديون العالقة لدى الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية و العمال الأجراء و التي بلغت 383 مليون دج، ثم الشروع في اقتناء حافلات جديدة، حيث كانت أولى الحافلات التي تم شراؤها ذات صناعة وطنية و تابعة للمؤسسة الوطنية للعربات الصناعية «أس.أن.في.إي»، حيث تم اقتناء 26 حافلة بقيمة 420 مليون دج، كما تم بعد ذلك الإعلان عن مناقصة دولية لاقتناء عدد آخر و استيراد حافلات «فانهول» البلجيكية» و «ايفيكو» الايطالية، بمبلغ 1243 مليون دج، كما تم في مرحلة أخرى اقتناء حافلات صغيرة من نوع «مرسيدس» بقيمة 120 مليون دج، ليصل مجموع الحافلات المستعملة حاليا إلى 108، فيما بلغ العدد الإجمالي للعمال 384 عاملا، كما خصصت أموال أخرى من أجل إعطاء دفع للمؤسسة التي لا تزال في مرحلة إعادة البعث.
و من أجل العودة بقوة إلى ساحة النقل و منافسة الخواص، تم تخصيص تكوين احترافي للسائقين و القابضين في ماي 2015 بالمدرسة الوطنية للنقل البري بباتنة، حيث خضعوا لتكوين في كيفية التعامل مع الزبائن و كذا الالتزام بقواعد السير و اتباع أسلوب معين في القيادة، فعلى سبيل المثال يمنع تماما القيادة بسرعة تتجاوز 100 كلم في الساعة، مهما كانت نوعية الطريق، و غيرها من الأساليب المتبعة على هذا المستوى، ليشرع بعدها في استغلال العديد من الخطوط منذ صيف العام الماضي، من خلال إعادة بعث 3 وحدات رئيسية على مستوى بسكرة و سكيكدة و سطيف، تعد مراكز انطلاق أساسية نحو عدة وجهات، إضافة إلى خطوط أخرى بعدة مدن.
لكن الكثير من العراقيل واجهت المؤسسة في إيجاد خطوط نقل هامة، حسب ما أكده المدير العام، الذي أرجع السبب إلى غياب دفتر شروط يحدد بدقة هذه المهنة و يمنع الكثير من التجاوزات الحاصلة، على حد تأكيده، موضحا «في الكثير من الأحيان نتجه لمديريات النقل من أجل طلب استغلال الخطوط المعتمدة على برنامج استغلال قمنا بإعداده سنة 2014، غير أن أي توقيت نطلبه نجده محجوزا من قبل بعض الخواص، دون أن يستغلوه بشكل فعلي أو نظامي، حيث في الوقت الذي يفترض أن يشغل المتعامل 6 حافلات يشغل حافلتين فقط، و هو ما يعتبر تحايلا».
بالرغم من ذلك، يقول المدير بأنه قد تم إيجاد خطوط غير مستغلة تماما و تم كسب الكثير من الزبائن الذين يفضلون الحافلات العمومية بسبب النظافة و الراحة و الأمان و حتى من حيث الأسعار، فهي تنافسية و في غالب الأحيان أقل من تلك المطبقة من قبل الخواص، خاصة أن التعديل الأخير لتسعيرة النقل لم يمس القطاع العمومي للنقل، و حاليا الخطوط التي توفرها المؤسسة يزيد عددها عن 20، انطلاقا من بسكرة نحو العاصمة و وهران و جيجل و عنابة و بجاية، و كذا انطلاقا من عنابة باتجاه العاصمة و حاسي الرمل و وادي سوف و تبسة و ورقلة، و من تبسة في اتجاه سطيف و سكيكدة، و من هذه الأخيرة إلى وادي سوف و العاصمة، و من سطيف إلى بشار و وهران و غرداية، وصولا إلى أقصى الحدود الجنوبية مثل إليزي و تمنراست، غير أن ذلك غير كاف حسب المدير، الذي أوضح بأن المؤسسة لا تملك خطوطا بعدة ولايات هامة مثل قسنطينة.
و قد انتهجت المؤسسة، بحسب مديرها، أساليب عدة لكسب المزيد من الزبائن، من خلال تخفيضات للفئات التي تسافر كثيرا، إذ تصل إلى 25 بالمائة بالنسبة للعسكريين و 15 بالمائة للطلبة و تلاميذ الثانويات، أما بالنسبة للعائلات فمع كل 5 تذاكر يتم شراؤها، تمنح تذكرة سادسة مجانا، إضافة لذلك فقد قامت المؤسسة بتوقيع اتفاقيات شراكة مع وزارة الدفاع الوطني و وزارة التربية و مؤسسات اقتصادية و جهات مختلفة، من أجل نقل العمال و الإطارات نحو وجهات مختلفة.
العديد من الاستراتيجيات التسويقية تنتهجها المؤسسة حاليا لتنويع المداخيل و كسب أكبر عدد من الزبائن، حيث يتم إعداد دراسة، هي حاليا في طور التحضير، تخص استغلال الحافلات للإشهار لفائدة المؤسسات التجارية و الاقتصادية، إضافة لذلك يتم توفير أكلات خفيفة للمسافرين بأسعار رمزية، من خلال صفقة تجارية مع إحدى الشركات المختصة في إنتاج البسكويت و العصير، كما يتم توزيع مجلة شهرية مجانا على متن الحافلات، مقابل إشهار مجاني للمؤسسة على صفحات المجلة، و يتم التفاوض حاليا مع متعاملين للهاتف النقال، من أجل توفير الأنترنت بالحافلات من خلال تقنية «الويفي»، يستخدمها المسافرون بسعر رمزي أو قد يدرج في التسعيرة، كما يتم حاليا إعداد موقع انترنت سيمكن المواطنين من معرفة الخطوط المتوفرة و كذا الحجز دون الحاجة إلى التنقل إلى المحطات.
كما تم توفير خط نقل جديد سيدخل الخدمة بداية من منتصف سبتمبر القادم، يتمثل في خدمة الحافلة السريعة، و أول خط سيكون بين قسنطينة و العاصمة، فيما قد تعمم على باقي المدن، حيث تحتوي الحافلة على كافة الضروريات، كدورة المياه و القهوة الساخنة و تتوقف لمرة واحدة للتزود بالوقود، كما لا تستغرق الرحلة أكثر من 4 ساعات، إذ يكون الانطلاق في الرابعة صباحا و الوصول في الثامنة، و العودة تكون ليلا من العاصمة، مع ضمان سيارات لتوصيل المسافرين إلى عدة وجهات، من خلال إضافة مبلغ بسيط.
و ستزود جميع الحافلات بنظام «جي.بي.أس» يسمح بمراقبتها عن بعد و يتم التعرف من خلاله على موقع الحافلة و مسارها و كذا سرعتها، إذ يتم الاتصال بالسائق بمجرد تجاوزه لسرعة 100 كلم في الساعة، إضافة إلى مراقبة مدى استهلاك الوقود، و ستدخل هذه التقنية الخدمة خلال السنة الحالية، و أكد المدير بأن المؤسسة سجلت أرباحا قدرت بـ 163 مليون دج في السداسي الأول من 2016، من خلال تحقيق نسبة 98 بالمائة من الأهداف المسطرة، حيث تم مضاعفة مداخيل نفس الفترة من 2015، و من المتوقع أن تصل مداخيل 2016 إلى 400 مليون دج.
روبورتاج : عبد الرزاق مشاطي