"قــراصـنـة" يسـتـهـدفــون زوارق النــزهـة و الصـيـد بـعـنــابـة
• 800 قارب "حرقة " مخبأ داخل الأحراش
كشفت مصادر أمنية، بأن ورشات صناعة قوارب الهجرة غير الشرعية بمنطقتي جوانو وسيدي سالم بعنابة، أصبحت تُشكل تهديدا على الأمن، ذلك ما دفع قوات حرس السواحل بالجهة الشرقية خاصة عنابة، لأن تركز جهودها على التصدي لقوافل «الحراقة»، وحماية أفرادها من الغرق بعرض البحر. وتسجل ذات المصالح ظاهرة لا تقل خطورة تتمثل في ظهور «قراصنة» يستهدفون زوراق النزهة والصيد ويعتدون على ركابها بهدف الإستيلاء على معدات وأموال، كما وردت معلومات عن وجود خطط لاستهداف سفن تجارية.
تحقيق: حسين دريدح
وأكدت مصادر النصر، بأن ظاهرة «الحراقة» التي تعرف منحى تصاعديا أرهقت جهود البحرية الوطنية، في تأمين الحدود والتصدي إلى تهديدات أخرى، مع ظهور قراصنة يستهدفون زوارق النزهة والصيد بعرض البحر بإقليم ولايتي عنابة و الطارف، يقتربون من الزوارق العائمة ويهددون ركابها بالسيوف والخناجر، وكذا الغازات المسيلة للدموع من أجل الاستيلاء على القوارب والمحركات والأغراض التي بحوزتهم، وتحويلها إلى معاقلهم بسيدي سالم، حيث سجلت وحدات البحرية بالواجهة الرئيسية بعنابة 3 اعتداءات بعرض البحر مؤخرا، تقدم الضحايا للتبليغ عنها، يجري التحري بالتنسيق مع الجهات الأمنية، للكشف عن هويتهم، وتشير مصادرنا إلى ضرورة تكثيف الجهود لتوقيف أفراد تلك العصابات، مع توفر معلومات حول التخطيط لاستهداف سفن تجارية صغيرة، تكون قريبة من الميناء من أجل التفريغ، والتسلل إلى داخلها.
وتعتبر مصالح حرس السواحل ورشات صناعة قوارب الموت، أهم تحدي يواجهها، حيث أصبحت الشبكات الناشطة في هذا المجال تصنع وتبيع القوارب والمحركات مباشرة للمجموعات التي تحضر « للحراقة» دون وجود وسيط لتنظيم الرحلات، مما يحقق لهم عائدات مالية ضخمة، وتقدر مصادرنا عدد القوارب الراسية والمُخبأة داخل الأحراش بشاطئ سيدي سالم 600 قارب، كما تحصي 200 قارب بشاطئ جوانو، 80 بالمائة منها غير معرّفة ولا تحمل رقم أو ترخيص لاستغلالها في الصيد.
شواطئ الجنوح غطاء لشبكات صناعة القوارب
أدى ترخيص مصالح الولاية في وقت سابق، لإنشاء شواطئ الجنوح لقوارب الصيد والنزهة على طول الشريط الساحلي، إلى استغلالها من قبل شبكات الهجرة السرية وصيد وتهريب المرجان، لصناعة وعرض عدد كبير من القوارب غير القانونية، لتكون جاهزة للإبحار وبيعها للراغبين في تنظيم رحلات الموت، وزاد من تنامي نشاط الورشات، عدم وجود جهاز للرقابة، يقوم بتفتيش الشواطئ والتأكد من الوضعية القانونية للزوارق الراسية أو الموجودة على اليابسة، رغم أن القانون يلزم أي صاحب قارب سواء أكان تقليديا أو نزهة التقرب من الإدارة البحرية، وتقديم ملف إداري من أجل الحصول على رخصة ورقم، مع وضع تسمية للزورق، ليكون مُعرفا لدى مصالح البحرية. وفي هذا الشأن رفعت مصالح البحرية تقريرا مفصلا إلى القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، حول التهديد التي تشكله ورشات صناعة القوارب، وكذا شواطئ الجنوح المعروفة بنشاط العصابات الإجرامية، وشبكات تهجير البشر، بهدف وضع خطة فاعلة بالتنسيق مع الشركاء الآمنين من درك وطني وشرطة، لضرب معاقلها بقوة وبصفة مستعجلة ومداهمة الشواطئ ومختلف الورشات، وحرق كل القوارب، وإلغاء القرار الولائي المتعلق بالترخيص لجنوح الزوارق الصادر عن ولاية عنابة سنة 2004 ويتضمن تخصيص مواقع على مستوى شواطئ الرسو لجنوح قوارب الصيد البحري التقليدي الصغيرة ، حيث تبين التحريات و الخرجات الميدانية لحرس السواحل، أن أغلب القوارب في وضعية غير قانونية، وكونها المسؤولة عن نشاط شبكات تهجير البشر، وصيد المرجان، وتسعى مصالح البحرية إلى تضافر الجهود بالتنسيق مع السلطات المحلية، من أجل القضاء نهائيا، على ورشات صناعة القوارب التي توجد في نطاق اختصاص الدرك الوطني والشرطة.
محطات وقود تزود شبكات «الحراقة» بالبنزين
تساعد بعض محطات الوقود، في تسهيل وتنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بتزويد الشبكات بكميات معتبرة من البنزين بشكل يومي، رغم منع بيع الوقود وتعبئته في الدلاء والقارورات، حيث يضمن أصحاب محطات تمويل أفواج الحراقة بالبنزين، بتحويل المادة بطرق غير قانونية، أمام أعين الجميع، دون تبليغ المصالح المختصة أو تحرك مصالح مراقبة محطات الوقود. وتشير مصادرنا إلى تورط بعض عمال المحطات، في التعامل مباشرة مع شبكات تهجير البشر، وبيع البنزين بسعر أعلى من الثمن المحدد من قبل مصالح نفطال. كما يتراخى ملاك محطات البنزين ومسيروها في مراقبة العمال رغم وجود كاميرات لمتابعة سير العمل. كما تلجأ العصابات إلى استغلال الشاحنات من الحجم الكبير لتعبئتها في المحطات تم تقوم بتفريغها في مستودعات، بعيدا عن أعين الرقابة. ما يتوجب فرض تعليمات صارمة لمنع تسويق البنزين بطريقة غير قانونية وهو ما تطالب به مصالح البحرية الوطنية.
محركات زوارق محجوزة يعاد بيعها لحراقة
تُشير المعلومات التي تحصلت عليها مصالح حرس السواحل، بأن المحركات الميكانيكية، التي تحجز لدى توقيف أفواج الحراقة، تقوم شبكات الهجرة السرية، بإعادة استرجاعها عن طريق شرائها بالمزاد العلني، وحسب الإجراءات المعمول بها أثناء توقيف الحراقة، يتم تجميع الزوارق على مستوى المحطة الرئيسية لحرس السواحل، لاتلافها عن طريق الحرق، والمحركات تُحول إلى مصالح أملاك الدولة لإعادة بيعها في المزاد العلني، غير أن شبكات تستغل الأمر لاسترجاعها بأثمان منخفضة، أقل بكثير من السعر المتداول في السوق السوداء.
وتفيد مصادرنا بأن أغلب الدول منها الولايات المتحدة الأمريكية التي تعاني من الهجرة غير الشرعية عبر حدودها البحرية، تقوم بتفجير الزوارق وحرقها بجميع محتوياتها، كي لا تصل من جديد إلى يد الشبكات الإجرامية.
شبكات الهجرة تسوّق قوارب قابلة للغرق
تُسجل خفر السواحل الوطنية يوميا، ضحايا من «الحراقة» على يد شبكات الهجرة السرية، التي تحتال عليهم في بيع العتاد، بتسليمهم زوارق تم إعادة تصليحها، يسهل تدفق المياه إلى داخلها، إذا أبحروا مسافة طويلة، إلى جانب عدم قدرة المحركات الدفع بالسرعة المطلوبة، والمقدرة كحد ادنى 40 حصانا بخاريا، وتستغل الشبكات عدم معرفة «الحراقة» المنحدرين من عدة ولايات خاصة الداخلية منها، لأبجديات الإبحار و نوعية العتاد، إلى جانب تزويدهم بكمية غير كافية من البنزين، يتوقف قاربهم في منتصف الطريق أو يُضطرون إلى العودة.
الأفواج التي تصل إلى سردينا تستخدم التمويه ومحركات قوية
تُرجع مصالح حرس السواحل، سبب إفلات قوارب «الحراقة» من مراقبة الوحدات العائمة المناوبة بالمياه الإقليمية والدولية، استخدام شبكات الهجرة السرية مناطق الظل والشواطئ المغلقة للانطلاق، إلى جانب استخدام محركات ميكانيكية سريعة أحيانا لا تضبطها الرادارات، تصل سرعتها إلى 200 حصان بخاري، عادة ما يستخدمونها في زوارق النزهة، كما تتمكن أبراج المراقبة على غرار رأس الحمراء، من ترصد حركات زوارق الحراقة، حيث يتم إرسال إحداثيات إلى الوحدات العائمة، من أجل التدخل لاعتراض طريقها، ويتم توقيف القارب باعتماد طرق مدروسة، بإعطاء أوامر إلى قائد القارب، بتوقيف المحرك وتنظيم أنفسهم، من أجل الالتحاق بالفرقاطة ونقل أغراضهم، وفي حال وجود مصابين يتم إسعافهم في عين المكان، تمهيدا لنقلهم إلى المحطة الرئيسية لحرس السواحل، أين يخضعون لفحوصات من قبل طبيب الحماية المدنية، ومباشرة فرقة البحث والتدخل التابعة للشرطة التحقيق الإداري معهم، وتحويلهم على الجهات القضائية. وأحصت مصالح البحرية من جانفي 2017 الى غاية 17 جويلية 990 حراقا فيما بلغ العدد السنة الماضية 1500 مهاجر سري. من بينهم مسبوقون قضائيا و نساء و أطفال، ورعايا أجانب من الأفارقة، كما توسع نطاق توافد الحراقة على عنابة من مختلف ولايات الوطن، خاصة الجزائر العاصمة، يقصدون سواحل عنابة لقرب المسافة باتجاه جزيرة سردينيا الايطالية والمقدرة 224 كلم بحرا.
تقوم وحدات المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بعنابة، بتنفيذ بين الحين والآخر مداهمات للشواطئ والأماكن التي تتخذها شبكات تهريب البشر، قاعدة انطلاق لزوارق المهاجرين السريين، نحو جزيرة سردينيا الايطالية، مما يسفر عن حجز كميات معتبرة من الوقود والعتاد المستخدم في تشغيل القوارب.
و تدخل العمليات حسب مصالح الدرك الوطني، ضمن الجهود المبذولة بإقليم الاختصاص على مستوى المناطق الساحلية، للحد من نشاط عصابات «الحراقة» التي تنظم رحلاتها وتنقل العتاد عبر المسالك القريبة من الشواطئ. وتؤكد ذات المصادر، بأن عددا من الشواطئ التي تخرج منها قوارب «الحراقة» تدخل ضمن نطاق التغطية الأمنية للدرك الوطني على غرار شواطئ واد بقراط، ولاكروب .
كما تهدف عملية المداهمات للشواطئ إلى إفشال تنظيم الرحلات قبل انطلاقها، وتقليل عدد تدخلات الوحدات العائمة التابعة لقوات البحرية، التي سجلت في الفترة الأخيرة مع الاستقرار النسبي لأحوال الطقس، إحباط عدة محاولات للهجرة السرية وتوقيف عشرات الحراقة، رغم ذلك نجحت بعض القوارب من الإفلات تحت جنح الظلام، غير أن المعضلة المطروحة تكمن في ورشات تصنيع القوارب الموجودة في سيدي سالم و جوانو، والتي تعمل في سرية بعيدا عن أعين مصالح الشرطة .
وتؤكد مصادرنا بأن مصالح البحرية، لا تمنع إبحار زوارق النزهة المقدر عددها بـ 1430 قاربا خلال موسم الاصطياف عبر مختلف الشواطئ، إذ يقوم أعوانها بالتأكد من حيازة أصحابها على تراخيص الإبحار والأوراق التعريفية، وفي حال انعدامها توجه إلى المحشر إلى غاية تسوية الوثائق، وتتكفل مصالح البلدية بالتنسيق مع مديرية السياحة، بفتح منافذ لدخول الزوارق، ووضع حواجز عائمة للفصل بين مسار إبحار الزوارق والمصطافين، لتفادي وقوع الحوادث. وأرجع المصدر سبب وجود مشاكل في نشاط زوارق النزهة، بالولايات الساحلية، إلى عدم توفر موانئ للنزهة المعروفة « بمارينا»، علما بأن ذات المصالح أحصت 180 دراجة مائية بالولاية.
إعادة هيكلة البحرية وحراس السواحل التسمية الجديدة
صدر مرسوم تنفيذي بالجريدة الرسمية بتاريخ 02 فيفري الماضي، موقع من قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفلية، يتضمن تحديد مهام المصلحة الوطنية لحرس السواحل وتنظيمها الجديد. جاء فيه استبدال تسمية «حراسة الشواطئ» بحراس السواحل، باعتبارها ممثلة للقوة العمومية للدولة في البحر، وتمارس مهامها في المجال البحري الخاضع للسيادة. وتساهم وحدات حرس السواحل في الدفاع الوطني ومكافحة الإرهاب، وتشارك تحت سلطة قيادة القوات البحرية، في المخططات التي يقرها وزير الدفاع الوطني. وفي مجال الأمن البحري، تساهم في الوقاية من الأعمال غير المشروعة المرتكبة ضد السفن وأطقمها والمسافرين، حماية المنشات المينائية، وفي مجال الشرطة تسهر على الأمن العمومي في البحر، بعمل وقائي وردعي، من خلال معاينة الجرائم ومتابعة المخالفين، لا سيما في المجال الجزائي، والجمركي، والملاحة البحرية، والصيد البحري وتربية المائيات، وحماية البيئة البحرية، والمعالم والنشاطات المنجمية والمحروقات، وحماية المواقع الأثرية والتاريخية. ح / د