الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

على خط النار بقالمة


شـــواهــد علـــى الحصار الدامي و الصمــود الطويـــــل
من عين بن بيضاء و وادي فراغة و بوكموزة على الحدود مع ولاية عنابة و ولاية الطارف، إلى مجاز الصفا و وادي الشحم على الشريط المتاخم لولاية سوق أهراس، مرورا بمدينة بوشقوف شرق قالمة، مازالت أبراج المراقبة منتصبة وسط الغابات، و على التلال و رؤوس الجبال، تروي قصة خط النار الرهيب الذي بناه قادة العدو الفرنسي لخنق الثورة و عزلها عن قواعدها الخلفية بتونس، من حيث كانت تحصل على السلاح و المؤن و المدد.
عندما تأخذ طريق جبال هوارة و الناظور و الكرابيش و مجاز الصفا و وادي الشحم، يمكنك مشاهدة بقايا خط النار التي تروي سنوات الحصار الدامي و الصمود الطويل لكتائب جيش التحرير التي خاضت معارك ضارية على جانبي خط موريس بالإقليم الشرقي لولاية قالمة، ممر قوافل السلاح نحو القاعدة الشرقية و الحدود التونسية، و يقول المؤرخون المهتمون بتاريخ الثورة بمنطقة قالمة بأن عدد الشهداء الذين سقطوا بين جبال هوارة و بني صالح على تخوم الخط المكهرب يتجاوز 6 آلاف شهيد.  
و قد بدأ بناء خط موريس شرق قالمة شهر جويلية سنة 1957، و يمتد هذا الخط الدفاعي الذي يحمل اسم وزير دفاع جيش العدو الفرنسي «أندري موريس»، من البحر قرب مدينة عنابة، إلى نقرين بولاية تبسة على طول يتجاوز 460 كلم، و تم دعمه بخط دفاعي ثاني يسمى خط شال ببعض المناطق ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة.  
و يبلغ طول خط موريس العابر لشرق ولاية قالمة نحو 50 كلم، و هو المقطع الأكثر خطورة و أهمية بالنسبة لقوات الاحتلال، حيث كانت المنطقة الممتدة من بوكموزة إلى مجاز الصفا و وادي الشحم، المعبر الرئيسي لقوافل جيش التحرير المتوجهة إلى تونس لجلب الأسلحة، أو العائدة إلى الجبهة الداخلية للالتحاق بقواعدها عبر الولايات الأولى، الثانية، و الثالثة بمنطقة القبائل.   
و قد تم زرع خط النار الرهيب بالألغام المضادة للأفراد، و تجهيزه بمعدات مراقبة متطورة، و أسلاك مكهربة بقوة تصل إلى 6000 فولط.
 و شكل هذا السد الخطير تحديا كبيرا للثورة، و كاد أن يعزلها عن قاعدتها الخلفية بتونس، و يوقف قوافل الإمداد، قبل أن يقوم قادة الثورة بترويض خط الموت باستعمال معدات قطع الأسلاك المكهربة، و كشف الألغام المدفونة تحت الأرض، و ما زال سكان المنطقة يعتقدون إلى اليوم بأن كائنات الموت هذه ربما ما زالت بموقع ما تحت الأرض إلى اليوم، رغم الاتفاق المبرم بين وزارة الدفاع الوطني، و وزارة الدفاع الفرنسية في شهر أكتوبر 2007، عندما حصلت الجزائر على خارطة الألغام المزروعة على طول خط موريس بين سنتي 1965 و 1959.  
و تعمل قوات الجيش الشعبي الوطني دون توقف لتطهير الخط من الألغام، و وضع حد للمآسي التي خلفها على مدى سنوات طويلة، بين سكان المناطق المتاخمة للخط المكهرب ببلديات بوشقوف، عين بن بيضاء، وادي فراغة، مجاز الصفا و وادي الشحم و غيرها من المناطق الأخرى التي شملها الجدار الدفاعي شرق قالمة.

 و قد تحول خط موريس إلى مصدر خطر على مستقبل الثورة عند اكتماله، خاصة بعد ارتفاع عدد الضحايا و انتشار الخوف و الرعب وسط قوافل الإمداد كلما اقتربت من الخط، و في كل مرة تكون هذه القوافل وجها لوجه من الألغام و الكهرباء، و أجهزة الإنذار، و الطائرات و الدبابات العاملة ليلا و نهارا.
و تقول المصادر التاريخية بأن أعنف المعارك بولاية قالمة قد دارت رحاها بالإقليم الشرقي و على طول خط موريس الذي كان محاذيا لنهر سيبوس الكبير في مقاطع كثيرة منه، و ظلت هذه المنطقة مسرحا لقتال عنيف بين كتائب جيش التحرير و قوات العدو حتى قبل بناء خط النار، و من بين هذه المعارك التي دارت وقائعها على طريق قوافل السلاح و حول خط موريس، معركة بئر لعناني، معركة قلعة فيالة الأولى و الثانية، معركة جبال هوارة، معركة رأس الماء،و  معارك جبال لقرين و كاف لعكس قرب حمام النبائل.  
و كانت كلما مرت قافلة سلاح عبر الخط المكهرب و حرضت أجهزة الإنذار يسارع العدو إلى تطويق المنطقة بالكامل و سد الطريق أمام وحدات جيش التحرير، و في كل مرة تدور معارك ضارية تخلف ضحايا من الجانبين، لكن معركة عبور الخط بقيت مستمرة رغم الخسائر الثقيلة التي لحقت بوحدات جيش التحرير.  
و مازال السكان القدامى الذين عايشوا وقائع الثورة المقدسة ببلديات عين بن بيضاء، وادي فراغة، بوشقوف، مجاز الصفا و وادي الشحم ينظرون إلى خط موريس كواحد من أبشع و أخطر الدفاعات العسكرية في التاريخ الحديث، و لا يترددون في وصفه بجريمة حرب ما زالت آثارها إلى اليوم مجسدة في الألغام الخفية، و عدد الضحايا الذين سقطوا بعد استقلال البلاد، و الآثار النفسية المدمرة التي خلفتها الحرب العنيفة على امتداد الخط الرهيب.  
فريد.غ

يتبع

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com