مركب بتقنيات فريدة من نوعها في العالم يغيّر وجه المنطقة
أحدث مركب بلارة للحديد والصلب بجيجل تغييرا جذريا في حياة سكان بلدية الميلية وما جاورها بعد أن فتح بابا واسعا للتشغيل لم يكن متاحا من قبل، حيث تحول إلى أول مشغل بالجهة حيث وظف أكثر من ألف شخص، ومن المقرر أن يصل عدد العمال بالمركب إلى 1800 موظف، 70 بالمئة من هذا الوعاء خصص لسكان المنطقة والولاية، كما مكن هذا المشروع الصخم جامعيين من اكتساب خبرة في المجال بإخضاعهم لفترة تكوين مكثف حولتهم من مجرد مبتدئين إلى أعمدة في تسيير واحد من أضخم المركبات في الجزائر والعالم.
* استطلاع /ك. طويل
المشروع الذي هو عبارة عن شراكة جزائرية قطرية كلف 2 مليار دولار، وهو معد لإنتاج نوعية نقية من الحديد بتقنية الاختزال المباشر النادرة في العالم و التي تعتمد على الغاز ما جعل المركب يحظى بسمعة عالمية، و يبرم اتفاقيات مع شركات دولية للتصدير، وقبل ذلك دخل السوق الوطنية بمقاسات جديدة و فرض مكانته رغم تراجع الطلب.
المشروع هو ثمرة شراكة ما بين الجزائر و قطر، وفق قاعدة 51ـ 49، و حصة الجزائر مقسمة بـين مجمع سيدار الذي يمتلك 46 بالمئة و الصندوق الوطني للاستثمار بـحصة 5 بالمئة ، أما الجانب القطرى، فيمثله مجمع «قطر ستيل أنترنشيونل»، الذي يمتلك خبرة كبيرة في مجال صناعة الحديد، وقد تم إنجاز المركب على مساحة تفوق 216 هكتارا، في منطقة كانت قاحلة. وهو معد لأن ينتج سنويا ما يقارب 2 مليون طن من الحديد، منها 1,5 مليون طن من الحديد المسلح، و 500 ألف طن من الأسلاك الحديدية.
وقد شرع في إنجاز المركب سنة 2015، و دخل مرحلة الإنتاج أواخر سنة 2017، بعد أن تم تحقيق تحدي الدخول في الإنتاج قبل إتمام المنشآت ، المشروع عبارة عن مجمع ، يتكون من عدة مصانع، و تكمن قوته، في وحدة الاختزال المباشر، التي جعلت الجزائر من بين الدول القليلة التي تنتج بهذه التقنية التي تعتمد على عنصر أساسي و هو الغاز الطبيعي، وهي تساعد على التقليل من كلفة إنتاج الحديد .
عند دخول المركب، أول ما يصادف الزائر هو الترتيبات و الإجراءات الأمنية الصارمة، وقد وجدنا عند المدخل، شاحنات معبأة بالحديد بصدد الخروج، و الكثير من الحافلات أخبرنا مرافقونا بأنها تستخدم لنقل العمال كل ساعة نحو الورشات.
وقد بدا المكان وكأنه مدينة صناعية، لافتات تضبط سرعة القيادة، مئات العمال بالمصنع، في حركية لا تهدأ، كما توجد أشغال في نقاط متفرقة لإتمام ما تبقى من المنشآت.
تسع وحدات منجزة بأحدث التقنيات العالمية
أول ما يلفت الانتباه عند الدخول إلى المركب، هو الحركية الكبيرة ، حيث يبدو وكأنه مدينة تعج بالمارة، وينقسم حسب القائمين على المشروع إلى تسع وحدات، أهمها و أحدثها وحدة الاختزال المباشر، التي أنجزت وجهزت بأحدث التقنيات الأمريكية، و الأفران الكهربائية، و ثلاث وحدات درفلة، بالإضافة إلى وحدات ثانوية و هي، تصفية المياه، تحويل الكهرباء، فصل الغازات، إنتاج الحجر الجيري، و وحدتين لاستقبال المواد الأولية بميناء جن جن و بلارة.
وحسب المهندسة دلال أبركان فإن الدرفلات الثلاث دخلت حيز الخدمة منذ فترة، و تتضمن تقنيات عالية، تسير من قبل إطارات مؤهلة، و يتم عبرها إنتاج الحديد المسلح من مختلف الأقطار، بالإضافة إلى لفائف الأسلاك الحديدية، مشيرة بأن جل العاملين بالوحدات، حديثو العهد مع الآلات.
واصلنا جولتنا داخل المركب، أين شاهدنا الأشغال تتم على قدم و ساق، و ذكرت المهندسة لدى مرورنا عبر محطة تصفية المياه، بأن التقنيات الحديثة بالمركب، تجعله يضمن توفير أحسن الشروط البيئية، بحيث يتم معالجة المياه داخليا.
وحدة الاختزال المباشر
تقنية نادرة في العالم وفرن ضخم دون انبعاث حراري
يكمن القلب النابض للمركب في وحدة الاختزال المباشر، و التي تعتبر من بين الوحدات القليلة في العالم، وتعمل بتقنيات حديثة، تساهم في إنتاج المادة الأولية من الحديد النقي بنسبة مرتفعة، وهي أحدث التقنيات الأمريكية، لدى اقترابنا بدت المنشأة ضخمة و لا تزال تجري الأشغال بمحيطها الخارجي، في جانب التهيئة، وأوضح مرافقونا بأن الوحدة في مرحلة التجارب في الوقت الراهن. و قال المهندس سعدالي عبد المجيد، رئيس مشروع الوحدة، بأنها تعتبر من بين الوحدات الكبرى في العالم، تعالج 2,5 مليون طن في العام، و يكمن سر نجاحها، في استخدام الغاز لإعداد المادة الأولية التي تدخل في الإنتاج ، و تقدر مدة تشغيلها بثمانية آلاف ساعة في السنة، و تكمن طريقة عملها في اختزال أكسيد الحديد بواسطة الغاز الطبيعي، أين يتم التفاعل مع الغازات، لإخراج حديد نقي، و تتم هذه العملية داخل فرن، يعتبر من بين أكبر الأفران في العالم، قطره 7 أمتار ، وأضاف المهندس، بأنه داخل الفرن يتم تنقية المادة الخام، إذ لا بد أن تحمل مواصفات ذات أقطار من 3 إلى 06 ملم، بداخل في هذه المرحلة تتم معالجة يتمخض عنها ، منتوجان بحرارة مختلفة، بارد بـ 50 درجة و ساخن تفوق حرارته 650 درجة، لتوجه بعدها المادة إلى مخزن سعته ألف طن، كما أن جزءا من المادة الأولية يتم أكسدتها لتخزينها بعيدا عن الأوكسجين، و تنقل المادة الأولية بطريقة أوتوماتيكية، إلى وحدة الصهر.
و أوضح المتحدث، بأنه داخل وحدة الاختزال المباشر، يتم المحافظة على الشكل الفيزيائي للمادة الأولية، مع تغيير في التركيبة الكيميائية، للحصول على حديد نقي بنسبة عالية، وفي جل المراحل تجرى تحاليل مستمرة للمنتوج في وحدة الاختزال المباشر. وتكمن ميزة نظام وحدة الاختزال المباشر في معالجة الغازات داخليا و إعادة استعمالها، والتفاعل يتم داخل الفرن، كما أن للفرن ميزة خاصة، بحيث توجد مواد عازلة و تجهيزات تعزل الحرارة الداخلية عن الوسط الخارجي و التأثير على العمال، إذ يشرف على الوحدة العديد من الإطارات في مختلف التخصصات على غرار مهندسي الكهرباء، ميكانيك و كمياء.
رئيس مديرية المبيعات بلغري زوبير
اكتسبنا سمعة دولية واقتحمنا السوق بمقاسات جديدة
يؤكد رئيس مديرية المبيعات بلغري زوبير أن الحديد المسلح و الأسلاك الحديدية لمركب بلارة، تعتبر من بين المنتوجات التي تلقى رواجا في السوق، كون الإنتاج يتم بطريق حديثة و بتقنية تجعله “منتجا نبيلا”، و غني بمادة الحديد وفق الشروط و المعايير الدولية، فطريقة الاختزال المباشر المعروفة عالميا، تجعل الزبائن يثقون في المنتوج المصنع ببلارة، ما جعل لوحدة الاختزال، سمعة دولية حسبه.
وأشار، المتحدث، بأنه من الطبيعي عند دخول منتوج للسوق، تكون هناك تخوفات من قبل الزبائن، ما دفع بالقائمين على المديرية، إلى العمل على التعريف بالإنتاج ، و تقديم الوثائق التي تدل على مطابقته للمعايير الدولية والوطنية، كما أن مديرية المبيعات في بداية عملها، ركزت على الاستعانة بإطارات ذوي خبرة و كفاءة سابقة في مجال الحديد و الصلب، ما جعل العديد من الزبائن يثقون في المنتوج، و هي إستراتيجية جسدت من قبل الإدارة.
وقال، المسؤول، إن السنة الفارطة كانت صعبة للغاية، بسبب تغيرات طرأت على السوق المحلية، ما جعل القائمين على المديرية يرفعون تحديات صعبة أثناء تسويق المنتوج .
و اعتبر المتحدث، بأن الأفضلية في كسب رضا الزبون، تكمن في التشكيلة المختلفة للحديد، حديد التسليح ذو مقاسات من 8 إلى 40 ملم، مع وجود بعض المقاسات لم تكن موجودة سابقا، والتي كانت تستورد من الخارج، معتبرا الأسعار المتعامل بها في متناول الزبائن . وأكد رئيس مديرية المبيعات أن المركب سوّق خلال السنة الفارطة، كمية من الحديد استعملت في مشاريع كبرى على غرار مشروع ميترو الجزائر، السدود، الطريق السيار، و تم تصدير كمية صغيرة كتجربة لدولة النيجر، و من المنتظر القيام بعملية التصدير بكميات معتبرة، خلال السداسي الثاني، بعد نهاية مراحل التجارب ببعض الوحدات، و تجسيد الاتفاقيات الدولية الموقعة مع شركات عالمية.
المدير العام المساعد بالجزائرية-القطرية للصلب سفيان شايب ستي
نتــوقـــع دخـــــول الســـوق بقــــوة خــــلال أشهــــر و ركـــزنــا علـــى تأهيـــل العمـــالــة الجـزائريــة
* تقديرات بإمكانية توظيف 1800 عامل جديد
اعتبر المدير العام المساعد بالجزائرية-القطرية للصلب سفيان شايب ستي، بأن مركب الحديد و الصلب ببلارة، يعتبر من بين المصانع الكبرى التي سمحت بخلق فرص التوظيف، و امتصاص جزء من البطالة، فضلا عن كونه فضاء لتكوين الشباب و خريجي الجامعات في مجال الصناعات الثقيلة، مؤكدا أن تشغيل المصنع يعد من أكبر التحديات كما سيسمح بتلبية حاجيات السوق المحلي من حديد التسليح و الأسلاك الحديدية، و قد تم وفقا للمسؤول، ضمان توفير كافة الشروط للحفاظ على السلامة البيئية.
حاوره: كـ. طويل
يعتبر مركب الحديد و الصلب ببلارة أحد المشاريع الهامة في الاقتصاد الوطني، و جاء نتيجة شراكة، هل يمكن إبراز طبيعة هذه الشراكة؟
المشروع شراكة جزائرية قطرية، و نادرة، عبر اتفاق بين دولتي الجزائر و قطر تجسد في الميدان في أحسن الآجال، و لا تعتبر إقامة المصنع أمرا سهلا، كونه مركبا من عدة وحدات، و أنجز في آجال قياسية، حيث سمح بتحويل بلارة من منطقة قاحلة، إلى منطقة صناعية، و الجميع يلاحظ ضخامة المشروع.
تقدر تكلفة المشروع بـ 2 مليار دولار، حسب دراسة الجدوى المعدةو حاولنا إنجازه بتكلفة أقل، عبر قرارات متخذة، من خلال تجزئة بعض الوحدات، وقد كانت المتابعة أصعب و الجهد أكبر بتكلفة أقل، حيث حافظنا على نفس الميزانية المقدرة سنة 2013 بالدولار و لا توجد ميزانية إضافية. المشروع يعتبر من بين القرارات الناجحة، كون أغلب المشاريع في الجزائر، تعرف إعادة تقييم و اللجوء للرفع من التكلفة.
منجم غار جبيلات مُنتظر لتوفير المادة الأولية
ما هي وضعية مختلف وحدات المركب، من ناحية الإنجاز؟
في الوقت الراهن، المركب جاهز بنسبة تفوق بـ 97 بالمئة، فجل الوحدات أنجزت، و بقيت التهيئة الخارجية فقط، و معظمها تشتغل بصفة عادية منذ سنة تقريبا، و يتعلق الأمر بالدرفلات الثلاثة، و وحدة الصهر التي تضم وحدة تشغل الآن، و ثانية في مرحلة التجارب حاليا، أما وحدة الاختزال المباشر فلا تزال ضمن المرحلة الأولى من التجارب. تأخرنا في الوصول إلى مرحلة الإنتاج النهائي، كون وحدة استقبال المواد الأولية بالميناء غير جاهزة.
كما تعلمون، فإن إنتاج الحديد يمر عبر ثلاثة مراحل، و هذا ما يعكس أهم الوحدات الموجودة بالمركب، فالمرحلة الأولى تتم بوحدة الاختزال المباشر، عبر القيام بالاختزال، و المتمثل في تحويل المادة الخام إلى مادة قابلة للصهر، و هي تكنولوجيا حديثة تكون مردوديتها أفضل و صديقة للبيئة، نحن نمتلك أكبر وحدة في العالم.
بعد ذلك نمر إلى مرحلة الصهر، عبر وحدتين، عن طريق وحدات كهربائية طاقة كل منها تقدر بـ 1,1 مليون طن، ليتم بعدها المرور إلى مرحلة ثالثة عبر وحدات الدرفلة، أين يتم الحصول على المنتوج، و هو حديد التسليح و الأسلاك الحديدية.
تحدثتم عن تأخر إنجاز وحدة بميناء جن جن، هل من الممكن تقديم الأسباب و العراقيل التي واجهتكم؟
يوجد رصيف بميناء جن جن، حيث يفترض إنجاز الوحدة، وذلك من أجل استقبال المادة الأولية المتمثلة في المادة الخام للحديد، أين يتم تخزينها و نقلها إلى المركب عبر السكة الحديدية، و التأخر الحاصل، سببه إشكال تعاقدي مع مؤسسة الإنجاز. نحن في طور المفاوضات، و يمكن أن نقول أن التوقف راجع بشكل أكبر لأسباب تقنية، ما أثر على الجانب التعاقدي. لقد توقف الإنجاز لمدة فاقت تسعة أشهر، و نحن نملك حلولا أخرى تسمح لنا بالدخول في الإنتاج، لكن ليس بالوتيرة المطلوبة، إذ نتوقع تسليم الوحدة نهاية السنة.
ما هو مصدر المادة الأولية المستعملة؟
المركب يحتاج مادة أولية خاصة، و في الجزائر هناك خام الحديد الموجود في منجمي الونزة و بوخضرة، الذين يعتبران من بين مصادر تموين مصنع الحجار الذي توقف بسبب نقص توريد المادة، كما أنهما يشهدان مشاكل في الاستغلال، و حتى المخزون المتبقي بهما ضعيف.
98 بالمئة من العمال من ولاية جيجل
من جهة أخرى نوعية المادة الخام الآتية من المنجمين لا تساعدنا، بسبب ضعف نسبة مادة الحديد، فمركب بلارة يحتاج لمادة خام غنية بالحديد و بنسبة لا تقل عن 66 بالمئة، إضافة إلى بعض الخصوصيات التي يجب أن تتوفر فيها و غير الموجودة في الجزائر، حيث تتواجد فقط في أربع دول، لذلك لجأنا لجلب المادة الأولية من الخارج، حيث نطمح إلى أن يتم تجسيد مشروع منجم غار جبيلات في أقرب الآجال.
تسمح المركبات الصناعية الضخمة عبر العديد من بلدان العالم، بجلب نشاطات و مشاريع مكملة، هل تملكون معطيات حول عدد المصانع المكملة التي ستنشأ بجوار المركب لتلبية حاجياته؟
هناك مشروع في منطقة بلارة، لإنتاج مادة هامة تدخل ضمن الإضافات لإنتاج الحديد، أين حضرنا في لقاء بمقر ولاية جيجل، و قدمنا بعض الخصوصيات المطلوبة لفائدة المستثمر، كما نعمل حاليا على تجسيد فكرة قريبا، عبر تنظيم أبواب مفتوحة للمستثمرين في كل المجالات، حيث سيتم تقديم قائمة لمختلف المستلزمات التي يحتاجها المركب، من أجل إنشاء مصانع تدخل في الحلقة التصنيعية. هدفنا العمل على الإدماج الاقتصادي، و يجب أن تجسيد الفكرة الموجودة عبر مختلف بلدان العالم.
«المركب جاهز بنسبة 97 بالمئة»
كثر الحديث عن التوظيف بالمركب في الآونة الأخيرة، هل يمكن أن تقدم لنا معطيات عن هذا الملف؟
أولا، أود أن أشير إلى أن أبواب التوظيف مفتوحة و ستظل مفتوحة إلى غاية تلبية الحاجيات، و تقديراتنا تشير إلى إمكانية توظيف 1800 عامل، و حاليا وظفنا ما يقارب 1200 عامل جزائري، و 120 موظفا أجنبيا. لقد كثر الحديث عن التوظيف عبر وسائل الإعلام و مواقع التواصل الإجتماعي، مع القيام ببعض الاحتجاجات بجوار المركب من قبل بطالين، و الحديث عن توظيف عمال من خارج المنطقة، و هنا أشير إلى أن العملية مؤطرة وفق القانون الجزائري، و نحن نلتزم بالقانون، حيث قمنا بتقديم طلبات التوظيف للوكالة المحلية للتشغيل، المشرفة على دراسة الطلبات و تقديم المترشحين، و الرد يكون بالأرقام. الجزائرية القطرية للصلب، لم تأت للقضاء على البطالة، بل لخلق فرص عمل وفق ما هو متاح، و بالطبع العديد من الأشخاص لن يكونوا راضين على عدم توظيفهم، و ما أود قوله، هو أن أبواب التوظيف لا تزال مفتوحة.
التوظيف مستمر إلى غاية تلبية الاحتياجات
هل لك أن تقدم أرقاما و نسبا أدق بخصوص عملية التوظيف؟
من 1200 موظف، هناك 98 بالمئة من جيجل، و أقل من 2 بالمئة من خارج الولاية و يخص ذلك المناصب الحساسة التي لم نجدها داخل إقليم الولاية، على غرار المدراء و رؤساء المصالح، مصنع بهذا الحجم، يتطلب كفاءة و خبرة من يستطيع التعامل و التفاوض مع الشريك و المتعامل الأجنبي، و يقدر عدد هؤلاء بـ 16 موظفا، فيما تقدر نسبة التوظيف من دائرة الميلية لوحدها بـ 70 بالمئة، و ذلك لفائدة المسجلين بدائرة التشغيل المحلية، أما حوالي 27 بالمئة فهم من الدوائر الأخرى، نحن نتحدث بالأرقام و الواقع.
كيف تتم إجراءات التوظيف عمليا؟
يتم التوظيف عن طريق إجراء مقابلة بين القائمين عليها أجانب، من أجل اختيار الأفضل، وقد قمنا منذ بداية عملية الانتقاء للعمال، بعدة مراحل للتقييم، و كإجراءات تحفظية، قمنا بتغيير القائمين على التوظيف، و أشير هنا إلى أن النقائص لم تسجل بشكل كبير، حيث اعتبرنا التوظيف مسألة حساسة، و لذلك أجرينا بعض التغيرات، و هي مشابهة لباقي التغيرات التي تتم عبر مختلف المديريات التابعة للمركب في قسم الإنتاج. نؤكد بأننا نبحث عن الكفاءة.
منذ بداية إنجاز المنشأة كثر الجدل عن التأثيرات البيئية الممكن حدوثها، و تم مؤخرا الحديث عن وجود ضجيج صادر من المركب، هل من الممكن تقديم توضيحات؟
نحن نتواجد في منطقة صناعية، و كل منطقة صناعية يصدر عنها ضجيج، لكن يجب أن يكون مؤطرا. الشركة الجزائرية للحديد و الصلب، قامت بدراسة حول التأثير على البيئة مصادق عليها من قبل وزارة البيئة، و نحن اليوم ملزمون تعاقديا بهذه الشروط.
بعد القيام بالتجارب، لاحظنا وقوع تجاوزات لبعض النسب، خصوصا ما يتعلق بالضجيج خلال الليل، و قد أجرينا قياسات و لاحظنا بأنها ليست بالصورة الكبيرة، و الآن نحن بصدد إعداد دراسة من أجل التقليل و التحسين من نسبة الضجيج، حتى يدخل في النسبة المعترف بها و الموجودة في القانون الجزائري، لكن أود الإشارة إلى أننا لن نقضي على الضجيج، و هو يعود إلى تجارب قصوى لبعض المحركات و الآلات قمنا بها. سيتم تأطير الصوت و الضجيج.
أنتجنا 250 ألف طن من الحديد في 2019
و فيما يتعلق بشروط السلامة البيئية، أقمنا العديد من الاستثمارات، أين تتم معالجة كل المياه المستعملة في المركب، حتى مياه الأمطار يتم تحويلها للمعالجة. في ما يتعلق بالجو، قمنا بوضع آخر التكنولوجيات للحفاظ على نقاوة الجو، و التجارب التي أجريت، أثبتت عدم وجود ثلوت.
أود أن أشير إلى وجود تعليقات حول انبعاث دخان أسود مؤخرا من المركب، و الأمر يتعلق ببخار الماء و ليس دخان، و هو ناجم عن وحدتين لتبريد المياه و عملية التبريد تعطي بخار ماء، أما لونه الأسود فراجع لنسبة الرطوبة في الجو و للكثافة، و فيما يتعلق بمراقبة الشروط البيئية توجد هيئات خارجية تقوم بمراقبة مستمرة و المتمثلة في مديرية البيئة.
أين بلغت مرحلتا الإنتاج و التسويق لمنتوج المركب؟
نحن جدد في سوق الحديد و الصلب، الذي عرف تحولا خلال الثلاث السنوات الأخيرة، بحيث أن الدراسة التي أنجزت سنة 2013، كانت تشير إلى ارتفاع الطلب على حديد التسليح خاصة، و لكن للأسف تراجع الطلب خلال السنتين الأخيرتين، و تقلص بالنصف، و الكميات المنتجة في الجزائر، تلبي احتياجات السوق .
الآن نحن نركز على مرحلة التكوين و التأطير للعمال، و استراتجيتنا ترتكز على التحكم في الإنتاج و النوعية، كما أن الانتاج لا يعتبر الهدف الأساسي، كوننا لا نزال في مرحلة إنجاز المشروع، لكن سنة 2020، ستكون للإنتاج و التسويق، و سنة 2019، كانت للتكوين و الإنجاز، و وضع المركب في أحسن الظروف، لقد أنتجنا حوالي 250 ألف طن من الحديد، و ذلك راجع لعدة عوامل، أين أنتجنا بالمادة نصف الخام، و ليس بالمادة الخام.
استراتجيتنا هي العمل على تسويق نسبة في السوق الداخلية و التصدير، و قد قمنا بتوقيع اتفاقيات، و خلال بضع أشهر، نتوقع أن ندخل السوق بقوة، بفعل القوة الإنتاجية الكبرى و الأحسن.
لهذا السبب تأخرت مرحلة الانتاج
تحدثت عن إستراتجية في تكوين اليد العاملة، ما هي أهم التكوينات المقدمة لعمال المركب؟
التحدي الكبير الذي قمنا به، هو العمل على تكوين يد عاملة تساير أحدث التكنولوجيات في الصناعة الثقيلة، و الجزائر لا تملك مختصين في صناعة الحديد، و ولاية جيجل، لا تملك اليد العاملة المؤهلة، بحيث قمنا بمرافقة شباب و مهندسين و تقنين كانوا دون خبرة، إذ كوناهم في مختلف التخصصات، و لجأنا لتوظيف عمال أجانب للمرافقة و المراقبة في بعض التخصصات، و يتعلق الأمر، بتخصصات تقنية، في الصيانة و الميكانيك. لقد أدخلنا تكنولوجيا جديدة غير موجودة، و المتمثلة في الاختزال المباشر و التي تتطلب الدقة في الاستعمال.
كل الظروف قدمت لإنجاز المشروع من قبل السلطات الوصية و المحلية، إذ يعتبر مركب الحديد و الصلب من بين المشاريع الهامة التي ستجعل الميلية قطبا صناعيا بامتياز، و قد جلبت التوظيف لأبناء المنطقة و للجزائريين ككل. نجاح المشروع، سيفتح عدة أبواب، و يجلب إضافة كبيرة للمنطقة.
كـ.ط
توظيف 1096 عاملا من بينهم 758 من دائرة الميلية
أهم مشغل بالولاية وحاضنة لخريجي الجامعات
كانت بالأمس أرضا قاحلة واليوم أضحت تضم مشروعا تكلفته تقارب 2 مليار دولار، ما مكن من استعادة الأمل بالنسبة للبطالين الشباب من خريجي الجامعات و المعاهد، فالكثير من المخاوف التي تم التعبير عنها منذ الإعلان عن المشروع حول التوظيف تبددت مع الوقت، وأصبح المركب أهم مشغل بالولاية و الميلية تحديدا. حيث تحول إلى ما يشبه حاضنة للمتخرجين الجدد ، الذين وجدوا مناصب عمل مع مرافقة في التكوين مكنتهم من اكتساب الخبرة في المجال.
تشير المعطيات المتحصل عليها من قبل القائمين على المصنع، بأن المركب و إلى غاية كتابة هذه الأسطر، يشغل 1096 عاملا في مختلف التخصصات ، وتم إطلاعنا على وثيقة، تبين أن جل العروض المقدمة، استفاد منها بطالون من دائرة الميلية، بـ 758 عاملا، و من جيجل و ما جاورها تم توظيف 303 عمال، أما من خارج الولاية فتم توظيف 35 عاملا.
وجاء توزيع العمالة من داخل الولاية كالآتي ، 538 عاملا من بلدية الميلية، ما يعادل 49,09 بالمئة، تليها مدينة جيجل بـ 142 عاملا أي 12,96 بالمئة، و من بلدية الطاهير، تم توظيف 61 عاملا، و من خارج الولاية، تم توظيف 06 عمال من سكيكدة، 07 عمال من ميلة، و من العاصمة 06 عمال.
وأكد المدير العام المساعد، بأن التوظيف يتم وفق الأطر القانونية المعمول بها، فالمركب يستقبل المترشحين، الذين ترسل أسماؤهم من قبل وكالة التشغيل المحلية، مشيرا، بأن كافة العروض يتم الإعلان عنها من قبل الوكالة، على أن يبادر القائمون على الشركة في الأشهر القليلة المقبلة لوضع إعلانات التوظيف المرسلة عبر الموقع الإلكتروني للمركب.
الأرقام المقدمة مشابهة للأرقام التي بحوزة الوكالة الولائية للتشغيل، و التي و بالرغم من الإعلان عنها، إلا أن الشارع، لا يزال يشكك في صحتها، بدليل ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و تصريحات بطالين من المنطقة.
في زيارتنا للمركب، حاولنا التحدث مع بعض العمال ، من أجل إبراز القدرات و المؤهلات المكتسبة، و كذا معرفة عن قرب المناطق التي ينحدر منها العاملون بالمصنع، حيث أكد مهندسون ، بأن جل العاملين و بنسبة كبيرة، ينحدرون من ولاية جيجل، و أكبر عدد منهم ينحدر من دائرة الميلية، كما يشتغل بالمركب أجانب يشرفون على المرافقة في تسيير التجهيزات، بالإضافة إلى وجود إطارات ذات خبرة من مختلف ولايات الوطن.
* عمار مشوش مهندس إنتاج
التكوين المكثف جعلني أتحكم في أحدث التكنولوجيات
أعمل كمهندس إنتاج و مشرف على آلة التحكم الرقمي، ضمن مصلحة بالدرفلات الثلاث، أنحدر من بلدية الميلية، و متخرج من جامعة قسنطينة، تخصص هندسة ميكانيكية، دفعة 2011، بدأت العمل بالمركب نوفمبر 2016، بحيث انطلقت في العمل بشركة مناولة خاصة بالمركب، وبعد وضع عروض بالمركب، وبعد إجراء المسابقة، تم إبلاغي بنجاحي بعد مرور شهر، لم أصدق الخبر، خصوصا و أني شاركت عدة مرات في مسابقات توظيف، ، و قد جرت المقابلة في شفافية مطلقة، و شروط العرض الذي شاركت فيه، ساعدني كثيرا، بحيث كان الفاصل في القبول، في إمكانيات الفرد، وقد كنت من ضمن المحظوظين.
لم أكن أملك خبرة في الجانب التقني، فقد خضعت للتكوين المكثف في الاختصاص مع شركة دانيلي و معهد عنابة، و استطعت فرض نفسي، فقد كان للتكوين أهمية كبيرة، و ما أستطيع قوله، بأن العديد من التجهيزات الموجودة، حديثة و بتقنيات عالية، كما أن التكوين يعلمك الانسجام مع الفريق لتحقيق أهداف المؤسسة، و قد قدم المركب، فرصا عديدة للمهندسين من خلال التكوينات المكثفة.
* عماد بودرمين مهندس إنتاج
شروط التوظيف كانت في متناول الأفضل
بودرمين عماد، 27 سنة ، أعمل مهندس إنتاج، تخرجت من جامعة سكيكدة، تخصص في الصناعات البترولية، تخرجت سنة 2017، و نجحت في مسابقة سنة 2019، تجربتي في البحث عن العمل كانت قليلة، بحيث عملت في تجارة حرة، و كنت أتابع العروض المقدمة بالمركب، حتى جاء الفرج، بعد وضع الإعلان، أجريت المسابقة، التي لم تتضمن شروطا تعجيزية، و لم يشترط فيها الخبرة ، وقد ساعدني تحكمي في اللغة و التخصص الجامعي، و أؤكد، بأن التكوين في الجامعة جد مهم، بالرغم من أنني كنت طالبا متوسط المستوى في الجامعة، فقد فزت بالمنصب، بفضل تكويني الجامعي، و لم أستعمل الوساطة، و ما أؤكده بأن جل العاملين معي من المهندسين الأكفاء، كما أن اللجنة المشرفة على المقابلة، كانت صارمة لدرجة كبيرة.
ما أود قوله، هو أن للمركب أهمية كبيرة، بحيث سمح بامتصاص البطالة وسط الشباب، دون مركب بلارة، لا أعلم أين كنت سأكون، فقد اكتسبت تحكما كبيرا في مجال عملي، من خلال التكوين النظري و التطبيقي، و قد عمل زملائي القدماء بالمركب على تقديم الدعم و مساعدتي في التأقلم.
وقد لاحظت، بأن المركب، يضم طاقات شبانية، جلهم ينحدر من جيجل، و بالدرفلة رقم 02 التي أعمل بها، أغلبهم من دائرة الميلية، أهم ميزة بالتوظيف هنا هي إتاحة الفرصة لمتخرجين من الجامعة.
* أبركان دلال مهندسة التخطيط الإنتاجية
الجدية جعلتني أفرض مكانتي
أبركان دلال، من مدينة جيجل، أنا مهندسة التخطيط الإنتاجية، متخرجة من المدرسة الوطنية العليا للعلوم و التقنيات بالحراش، سنة 2016، و قد بدأت العمل بالمركب سنة 2017، منذ انطلاق إنجاز الدرفلات، فقد كنت شاهدة على طريقة انجازها، وتابعتها عن كثب، تجربتي مع مركب الحديد و الصلب، جعلتني أثق بأن للكفاءة والإرادة مكانة في الجزائر، لمن يفرض نفسه، و قد شاركت في مسابقة التوظيف بالمركب، بعد الإعلان عنه عبر وكالة التشغيل، بصراحة لم أكن أملك الخبرة المطلوبة، كما أن العرض المقدم، لم يكن يتضمن شرط الخبرة، وقد شاركت رفقة مجموعة من الشباب، يقدر عددنا بأربعة، و فزت بالمنصب بشفافية، لأنني قدمت كل ما أملك من معرفة، و أجبت عن الأسئلة بطلاقة.
كنت شاهدة على انطلاق الأشغال بالدرفلة، و تركيب التجهيزات، بحيث أصبحت أعرف كل كبيرة و صغيرة، كنت على وعي بمختلف التحديات التي سأواجهها في الدرفلة، وحاولت التأقلم مع كافة الظروف المحيطة، لذلك فرضت الاحترام و التقدير من قبل زملائي، لأنني أقضي ما يفوق 12 ساعة خارج المنزل. و ما أوده قوله، بأن التكوين الذي تلقيته، طيلة فترة تربصي، سمح لي بالتموقع أكثر، فالجزائرية القطرية للصلب، عملت على تكوين العمال، و التركيز على النوعية.
كـ. طويل