الأزمة الوبائية تجرّد عدسات التصوير من أماكنها في الملاعب الجزائرية
عرفت انطلاقة الموسم الجاري لبطولة الرابطة المحترفة الأولى طفو إشكالية التغطية الإعلامية للمباريات على السطح، بسبب الإجراءات الصارمة التي ما فتئت الرابطة المختصة تسهر على تطبيقها في الملاعب، تنفيذا لتدابير "البروتوكول" الصحي الذي اعتمدته اللجنة الطبية الفيدرالية، الأمر الذي حرم الإعلاميين من الاقتراب من حجرات تغيير الملابس، سواء للحصول على المعلومات قبل انطلاق اللقاءات، وحتى بعد صافرة النهاية لرصد ردود الأفعال والانطباعات، في الوقت الذي أصبح فيه المصوّرون مجبرون على متابعة المقابلات من المدرجات المخصصة للأنصار.
ملف من إعداد: صالح فرطاس
هذه التدابير غير المعتادة، وإن حالت دون ضمان التغطية الإعلامية لمباريات البطولة الوطنية وفق النمط المعتاد، فإنها تسببت في ظهور قبضة حديدية بين مجموعة "المصوّرين" والرابطة والفاف على حد سواء، وهذا بعد انفراج طفيف في الأزمة التي كانت مع الصحفيين بعد جلسة العمل التي كانت لممثلي الهيئتين مع المنظمة الوطنية للصحافة الرياضية الجزائرية، والتي كانت نتيجتها التخفيف من الإجراءات التي كانت مشترطة للتغطية الإعلامية، سيما منها إعفاء الإعلاميين على اختلاف تخصصاتهم من تحاليل "بي. سي. آر"، لكن الإشكالية المتعلقة بالمصوّرين تبقى متواصلة للجولة الثالثة تواليا، مما دفع بهذه الشريحة إلى التهيكل في إطار رسمي، والمبادرة إلى تأسيس جمعية وطنية للمصوّرين الصحفيين، مهمتها الاستعجالية الدفاع عن مكانة المصوّر في المشهد الكروي، خاصة عند تغطية لقاءات البطولة الوطنية.
رحلة بحث المصوّرين الصحفيين عن فضائهم المعتاد في الملاعب، بالتواجد على مقربة من ساحة للعب لالتقاط لقطات من كل المباريات، قابلتها الرابطة المحترفة بالتجرد من كامل المسؤولية في هذه القضية، لأنها تعمل على تطبيق التعليمات التي تصدرها اللجنة الطبية الفيدرالية، بصفتها الهيئة المخوّل لها قانونا السهر على تنفيذ "البروتوكول"ّ الصحي، في الوقت الذي استبعدت فيه اللجنة الطبية "التليين" من موقفها إزاء هذه القضية، لأن الأمر يندرج ضمن المخطط الوقائي الرامي إلى تجنب تحويل الملاعب إلى "بؤر" لانتشار الوباء، والمهم في مثل هذه الظروف الاستثنائية يكمن في عودة النشاط الكروي في الجزائر، بعد شلل فرضه فيروس كورونا دام قرابة 8 أشهر، والاستئناف يبقى بصورة تدريجية، وسط جملة من التدابير الاحترازية، ومع ذلك فإن المخاوف من التوقف الاضطراري تبقى قائمة، مادام كل شيء مرهون بتطوّرات الوضعية الوبائية، في ظل تواصل تسجيل بعض الحالات المؤكدة في أوساط اللاعبين قبل كل جولة.
* جعفر سعادة (رئيس الجمعية الوطنية للمصوّرين الصحفيين)
من تفاوض مع الرابطة تجاهل شريحة المصوّرين
أكد جعفر سعادة بأن فكرة تأسيس جمعية وطنية للمصوّرين الصحفيين كانت وليدة الظروف الاستثنائية التي طفت على السطح مع بداية الموسم الكروي الجاري، وأوضح في هذا الصدد بأن المبادرة التي كانت المنظمة الوطنية للصحافة الرياضية الجزائرية قد همشت فئة المصوّرين كلية، مما جعلنا ـ كما قال ـ " نجسد المشروع الذي سطرناه، وذلك باستحداث هيئة رسمية تتولى الدفاع عن حقوق المصوّر في إطار قانوني".
وأشار سعادة في معرض حديثه إلى أن المنظمة كانت قد تفاوضت مع رئيس الرابطة بحضور 5 صحفيين، دون المبادرة إلى تمكين المصوّرين من حضورهم في هذه الجلسة بممثل، لأن الانشغالات ـ على حد قوله ـ " تختلف من شريحة إلى أخرى، وظروف العمل في الملعب متباينة بين المصوّر والمحرّر وحتى المعلّق الإذاعي، والإتفاق على إعفاء جميع أفراد الأسرة الإعلامية من تحاليل "بي. سي. آر" للدخول إلى الملاعب يبقى من المكاسب التي يجب تثمينها، لكن كان من الأجدر بهذه المنظمة إلى الغوص في ظروف التغطية الإعلامية".
وذهب سعادة إلى الاستفسار عن المعايير التي تعتمدها الرابطة المحترفة لمنح الاعتمادات للصحفيين والمصوّرين من أجل تغطية مباريات البطولة الوطنية، لأن عملية "الغربلة" تبقى ـ كما أردف ـ " ضرورة حتمية، وذلك بالتمييز بين المصوّر المحترف والهاوي، لأن المحيط "تميّع"، باقتحام الكثير من الدخلاء هذه المهنة، انطلاقا من صفحات الفايسبوك، وتجاهل الرابطة شروط الاعتماد، ساهم في زيادة عدد المصوّرين في الملاعب إلى أكثر من الضعف، وعليه فإن حصر النشاط في الملاعب في المصوّرين التابعين للمؤسسات الإعلامية المعتمدة من طرف وزارة الاتصال يبقى المخرج الرئيسي من هذه الوضعية، وذلك بتصفية القائمة الرسمية، وقطع الطريق أمام أشباه المصوّرين الذين سرعان ما يتحوّلون إلى مناصرين عند تسجيل فرقهم لأهداف، والمشاهد التي كنا نسجلها في كل الملاعب تعد السبب الذي دفع بالرابطة إلى القيام بهذا الإجراء، وحرمان جميع المصوّرين من تأدية مهامهم بصورة عادية".
وخلص محدثنا إلى القول بأن استحداث الجمعية الوطنية للمصورين الصحفيين منذ أسبوع لم يمنع طاقمها من التحرك على جناح السرعة، إذ كانت لنا ـ كما صرح ـ " جلسة عمل مع مسؤول خلية الإعلام على مستوى الفاف صالح باي عبود خصصت لتشريح الوضعية التي يعيشها المصوّر في الملاعب، مع البحث عن حلول ميدانية ناجعة كفيلة بتخليصنا من الظروف المزرية التي أصبحنا نعمل فيها، لأن التصوير من المدرجات أمر مستحيل، ومن الأفضل عدم التنقل إطلاقا إلى الملاعب، والاكتفاء بالصور التي تنشرها الأندية على صفحاتها الرسمية، وممثل الاتحادية كان قد وعدنا بطرح الانشغال على الرئيس زطشي وكذا اللجنة الطبية الفيدرالية".
* الشريف قليب (مصوّر صحفي)
التدابير المعتمدة عقوبة مباشرة للمصوّر
اعتبر المصوّر الصحفي الشريف قليب الإجراءات التي تم اتباعها على مستوى الملاعب هذا الموسم بمثابة عقوبة تم تسليطها على الأسرة الإعلامية بصفة عامة، وشريحة المصوّرين على وجه الخصوص، وأكد في هذا السياق بأن وضع جميع المصوّرين في نفس الكفة يبقى أكبر خطأ ارتكبته الرابطة، لأن هناك فئتين في تخصص التصوير، وتواجد الكثير من الدخلاء في الملاعب بحملهم قبعتي المصوّر والمناصر في آن واحد أدى إلى تشويه سمعة المصوّر المحترف، رغم أن معايير "التمييز" بين الفئتين متوفرة، مادامت الرابطة هي الهيئة الوحيدة التي تشرف على منح الاعتمادات، وبالتالي فإن تقليص عدد المصوّرين "الفعليين" ممكن، مع وضع ضوابط جديدة للسماح بتغطية المقابلات في هذا الظرف الاستثنائي.
وسرد قليب الوقائع التي عاشها بملعب بن عبد المالك بقسنطينة في الجولة الأولى، عند تغطيته مقابلة "السنافر" ووداد تلمسان، حيث أوضح في هذا الصدد بأن ممثل اللجنة الطبية الفيدرالية كان قد سهر على التطبيق الصارم للإجراءات الكفيلة بمنع الاعلاميين من التقرب من محيط حجرات تغيير الملابس، وإجبارنا ـ كما قال ـ " على التوجه مباشرة إلى المدرجات المخصصة للأنصار، والمقابلة للمنصة الشرفية، وهذا المكان لا يتوفر على أدنى الشروط التي تسمح للصحفي بتأدية مهامه، فما بالك بالمصوّر، الذي وجد نفسه يعمل خلف السياج، ومن المستحيل إلتقاط صوّر للاعبين، لأن نوعية الصورة تبقى ضرورية، وقد حاولت شخصيا إقناع الطبيب المكلف بالسماح للمصوّرين الحائزين على بطاقة مهنية من الوزارة بالتواجد خلف المرمى، من أجل القيام بعملهم في ظروف أفضل، إلا أنه رفض هذا المقترح جملة وتفصيلا، وأبدى إصرارا كبيرا على ضرورة تواجد جميع الإعلاميين خارج محيط أرضية الميدان".
وفي سياق متصل أوضح ذات المتحدث بأن اتساع دائرة التصوير في الملاعب بوضع المحترفين والهواة في نفس الكفة، والسماح لهم بالتواجد جنبا إلى جنب كان وراء تحرك الرابطة واللجنة الطبية لمنع المصورين والصحفيين من الاقتراب من غرف الملابس والتواجد خلف المرمى لالتقاط الصوّر، لأن المصوّر المحترف ـ على حد تصريحه ـ " يبقى ملزما على التقيّد بالقوانين التي تضبطها الوزارة، كونه مهيكلا في مؤسسة إعلامية معترف بها من خلال الحصول على اعتماد رسمي من الوصاية، لكن الإشكال الذي أصبح مطروحا يخص الدخلاء الذي اقتحموا عالم التصوير وحتى الإعلام عبر أوسع الأبواب، مستغلين الكثير من الفجوات، لأن الرابطة وعند منحها الاعتمادات لتغطية المباريات لا تحصر هذا الاجراء في المؤسسات الإعلامية المعتمدة، بل هناك حتى أصحاب وكالات إشهارية، أو حتى من ينشط عبر صفحات الفايسبوك، ويتحصل على ترخيص الرابطة للتواجد في الملعب إلى جانب الصحفي والمصوّر المحترف، وهذا ما تسبب في فتح المجال أمام الأنصار لحجر أماكن في محيط أرضية الميدان أثناء المباريات، والتجرد من المهنية عند الاحتفال بهدف، مقابل التنازل عن قبعة المصوّر".
* عبد الله عبد الصمد (مصور تلفزي)
أصحاب «الكاميرا» أكبر ضحايا «البروتوكول» الصحي الرياضي
صنّف المصور التلفزي عبد الله عبد الصمد شريحة المصورين في خانة الضحية الأكثر تضررا من الإجراءات التي قررت الرابطة اعتمادها مع بداية الموسم الجاري لتغطية لقاءات الرابطة المحترفة الأولى، وأشار في هذا الإطار إلى أن الوضعية الراهنة كفيلة بوضع المصورين التابعين للقنوات التلفزيونية الخاصة خارج نطاق الخدمة في التغطية الإعلامية للبطولة الوطنية، وهذا في حال تمسك الرابطة واللجنة الطبية بموقفهما إزاء شريحة المصورين.
وأكد مصور قناة الهداف تي. في بأنه كان قد احترم «البروتوكول» الصحي في جولة الافتتاح، عند
تكليفه بتغطية لقاء اتحاد بسكرة والضيف شبيبة سكيكدة، لكنني ـ كما استطرد ـ « حاولت استغلال فرصة مغادرة الفريقين الملعب بعد نهاية المباراة لرصد انطباعات المدربين وبعض اللاعبين، وذلك على مستوى الموقف المخصص لحافلتي الفريقين، خارج محيط غرف الملابس وأرضية الميدان، إلا أن العمل الذي قمت به دفع بالرابطة إلى استدعاء إدارة الفريق البسكري، وتحذيرها من تفادي الإدلاء بتصريحات بعد نهاية كل مباراة، وعليه فإن عودتي إلى نفس الملعب في الجولة الثانية قابلها مسيرو اتحاد بسكرة بمنعي من التقرب كلية من اللاعبين والطاقم الفني حتى بعد نهاية اللقاء، لأن لجنة الانضباط كانت قد هددت الفريق بغرامة مالية بقيمة 50 مليون سنتيم في حال بث إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة تصريحات لمدرب أو لاعب في محيط الملعب بعد نهاية كل لقاء».
وانطلاقا من هذا الوضع أوضح عبد الصمد بأن تواجده بملعب بسكرة في الجولة الثانية كان شكليا فقط، لأنني ـ حسب تصريحه ـ « لم أقم بأي عمل يندرج في إطار المهمة التي تم تكليفي بها، على اعتبار أن حيازة التلفزيون العمومي على حقوق البث الحصري للمباريات يجعل نشاط مصوري القنوات الخاصة مقتصرا على بعض مقاطع عمليات التسخينات وكذا الانطباعات بعد نهاية كل مباراة، والإجراء الذي أقرته الرابطة المحترفة بالتنسيق مع اللجنة الطبية الفيدرالية يمنع جميع المصورين من التواجد إطلاقا في محيط أرضية الميدان أو غرف تغيير الملابس، وإلزام هذه الشريحة بالجلوس في المدرجات يحول دون أخذ مقاطع فيديو جديرة بالبث تخص عملية إحماء اللاعبين، وهذا ما عايشته في الجولة الثانية، لأن ممثل اللجنة الطبية أجبرني على الخروج من أرضية الميدان ثم من المنصة الشرفية».
* الدكتور كمال تواتي (عضو اللجنة الطبية الفيدرالية)
وضعية الملاعب لا تسمح بتواجد المصورين خلف المرمى
* هل لنا أن نعرف موقفكم من الشكاوى التي ما فتئ يطرحها المصورون في الملاعب عند تغطية مباريات البطولة الوطنية هذا الموسم؟
شخصيا فإنني أستغرب المواقف التي يثيرها بعض المصورين عند انتقالهم إلى الملاعب، لأن الأمور واضحة، وما على كل طرف سوى تحمل مسؤوليته، والتقيد بالإجراءات التي أقرتها اللجنة الطبية الفيدرالية، لأن هذا «البروتوكول» لم يكن المغزى منه حرمان الإعلاميين من تأدية مهامهم وفق النمط المعتاد، بل الحرص على ضمان الوقاية للأطراف التي لها صلة مباشرة بالمقابلة، على اعتبار أن الظروف الراهنة تجعل استئناف النشاط الكروي في الجزائر مكسبا كبيرا للأسرة الرياضية، بعد شلل اضطراري دام أكثر من 8 أشهر، ولو أن العودة إلى أجواء المنافسة تبقي الجميع ملزم بتوخي الحيطة والحذر، والمسؤولية في مثل هذه الظروف يجب أن تتقلص إلى أدنى مستوياتها، وذلك بحصر الدائرة في الفريقين والرسميين فقط، مع محاولة فسح المجال لأفراد الأسرة الإعلامية لضمان الحصول إلى المعلومة، شريطة عدم خرق تدابير «البروتوكول» الصحي المعتمد.
nلكن الإعلاميين، لم يتقبلوا وضعهم في المدرجات مكان الأنصار، ومنعهم من الاقتراب من المدربين واللاعبين بعد نهاية المباريات؟
نقطة الارتكاز في «البروتوكول» الذي تم تسطيره لإجراء المقابلات الكروية في هذا الظرف الاستثنائي تكمن في ضرورة خضوع كل الأطراف المعنية بالمباراة لتحاليل «بي. سي. آر»، والرابطة كانت قد أدرجت الأسرة الإعلامية ضمن هذه الأطراف، لكن تحفظ الصحفيين على هذا الإجراء جعل الفاف بالتشاور مع اللجنة الطبية تبادر إلى تليين موقفها، وذلك بإعفاء الصحفيين والمصورين من إجراء هذه التحاليل، لكن مع اعتماد تدابير أخرى تخص هذه الشريحة، لأن التواجد في محيط غرف الملابس يبقى مقتصرا فقط على الأشخاص الذين يحوزون على الوثائق التي تثبت عدم إصابتهم بالفيروس، وعليه فإن «الامتياز» الذي تم منحه للصحفيين بالسماح لهم بمتابعة المباريات من المدرجات فتح شهيتهم، ودفع بهم إلى رفع عارضة المطالب، من خلال الإلحاح على ضرورة السماح للمصورين والمحررين بالتواصل مع اللاعبين والمدربين، دون مراعاة مخاطر هذا الإجراء، لأن تسجيل حالة مؤكدة بعد المقابلة يستوجب إجراء تحقيق وبائي، ومن غير الممكن تحديد مصدر انتقال العدوى في وجود عدد معتبر من الإعلاميين، وبالتالي فإن الاحتياط واجب، والإجراءات المعتمدة ليست لها أي خلفية مع الصحفيين، بل تندرج ضمن المخطط الوقائي لضمان الحماية للاعبين.
nنفهم من هذا الكلام أن الأبواب ستبقى موصدة، ولا يمكن السماح بتواجد المصورين في أماكنهم المعتادة؟
هذا الأمر يتجاوز صلاحيات اللجنة الطبية الفيدرالية، لأن «البروتوكول» الذي تقرر اعتماده كان بالتشاور مع اللجنة العلمية وكذا وزارتي الصحة والشباب والرياضة، ومطالبة المصورين بالتواجد خلف المرمى لالتقاط الصور يبقى في الوقت الراهن أمرا مستحيلا، وكذلك الحال بالنسبة للمحررين الصحفيين، لأن وضعية أغلب الملاعب الجزائرية لا تسمح باتخاذ أي إجراء كفيل بتسهيل مهمة الإعلاميين، لكنه بالموازاة مع ذلك قد يكون بعواقب وخيمة جدا، لأن حدوث الكارثة يجعل من الملاعب أماكن موبوءة، والجولات الثلاث الأولى عرفت نجاحا كبيرا في تطبيق التدابير الوقائية، لأن ممثلي اللجنة الطبية يسهرون على هذه الإجراءات بصرامة كبيرة، والإعلاميين سواء كانوا محررين أو مصورين لم يطلعوا على محتوى «البروتوكول» الصحي، ونجاحهم في الحصول على الضوء الأخضر لدخول الملاعب دون تحاليل «بي. سي. آر» نصبهم في نفس الخانة مع ضيوف الشرف، لأن الإجراءات المتبعة تخول لكل فريق إحضار 10 أشخاص كضيوف، دون حيازتهم على وثيقة التحاليل الخاصة بفيروس «كوفيد 19»، وهذه المجموعة لا تقترب إطلاقا من حجرات الملابس، بل يخصص لها مكان في المدرجات، بينما تبقى المنصة الشرفية الفضاء المخصص لجلوس اللاعبين الاحتياطيين، وكل فريق مرخص له الحضور بوفد يتشكل من 30 فردا، مع حيازة كل عنصر لوثيقة نتائج تحاليله، كما أن أعوان الحماية المدينة سايروا هذا المخطط وأصبحوا يحضرون فرقا تخضع لتحاليل وباء كورونا، وكذلك الحال بالنسبة لوحدات الأمن، التي تسجل تواجدها في كل ملعب بعشرة أعوان، دون تجاهل الرسميين من حكام ومحافظ وممثل اللجنة الطبية، ليبقى ملتقطو الكرات معفيون من إجراء التحاليل، وحضورهم يكون بفوج من 6 شبان، شريطة عدم لمسهم الكرة باليد، وإلزامهم بالتعامل بالرجل فقط.
* سمير بشير (مدير المكتب الجهوي للهداف)
التعقل ضروري للبحث عن حل توافقي
ألح سمير بشير، مدير المكتب الجهوي لمجمع الهداف بسطيف، على ضرورة تعقل الإعلاميين ومراعاة الظروف الاستثنائية التي يعيش على وقعها العالم بسبب تفشي فيروس كورونا، وأكد بأن طفو إشكالية التغطية الصحفية على السطح مع بداية الموسم الجاري ناتج بالأساس عن تمسك مجموعة من المصورين بموافقهم، مع تجاهلهم ـ كما صرح ـ « الوضعية الوبائية وانعكاساتها على الحياة اليومية لمختلف شرائح المجتمع، لأن الفيروس تسبب في شلل كلي في كل القطاعات، واستئناف النشاط الكروي في الجزائر لا يعني عودة الحياة إلى طبيعتها، ومساهمة كل طرف في أنجاح الخطوة التي بادرت إليها الجهات المسؤولة، سواء الوزارة أو الفاف ببعث المنافسة من جديد بعد توقف دام أزيد من 8 أشهر تمر عبر مسايرة الإجراءات الوقائية المعتمدة، مع البحث عن حلول ميدانية ناجعة تحسبا للمرحلة المستقبلية».
وعرج سمير بشير في معرض حديثه عن هذه القضية على المعاناة التي يعيشها المحررون الصحفيون وحتى معلقو القنوات الإذاعية عند تغطيتهم لقاءات الجولات الثلاث الأولى لبطولة الرابطة المحترفة، لأن التدابير ـ حسب قوله ـ « التي تم إدراجها ضمن «البروتوكول» الصحي في الملاعب كانت قد انطلقت من إلزامية خضوع كل الأشخاص المرخص لهم بالتواجد في الملعب لتحاليل «بي. سي. آر»، وهذا الأمر منطقي، لأنه يضمن الحد الأدنى من شروط الوقاية للجميع، من لاعبين ومدربين ومسيرين، لكن عدم قدرة الإعلاميين على القيام بهذه التحاليل بصورة دورية قبل كل لقاء جعل الفاف تتفهم الوضع، فكان قرار إعفاء الصحفيين من التحاليل بمثابة «النعمة» التي سرعان ما تحولت إلى «نقمة» بالنسبة للزملاء الذين كانوا يراهنون على تواجدهم في الفضاءات المعتادة، وسوء فهم مخلفات هذا القرار تسبب في طفو قبضة حديدية على السطح بين الرابطة والمصورين وحتى الصحفيين، لأن الجلوس في المدرجات دون الحصول على أبسط المعلومات الأولية للمقابلة اعتبره كثيرون عقوبة لهم، لكن في الواقع إجراء وقائي يجب التقيّد به».
من هذا المنطلق أكد مدير المكتب الجهوي لمجمع الهداف بشرق البلاد بأن تضافر الجهود من أجل المساهمة في الحد من تفشي الوباء يبقى شعار كل الحملات التي كانت قد بادرت إليها مختلف شرائح المجتمع منذ ظهور الفيروس، وبالتالي فإن الأسرة الإعلامية تبقى ـ كما استطرد ـ « مجبرة هي الأخرى على التضحية بقليل من حقوقها المعتادة في الملاعب، شريطة قيام خلايا الإعلام التابعة للنوادي بالدور المنوط بها، ونشر التصريحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في حينها، لتمكين الصحفي من تأدية مهمته في الوقت المحدد، ولو أن ذلك يستوجب هيكلة النوادي وتأطيرها بإعلاميين لتنشيط هذه الخلايا، والانسداد السائد حاليا يتطلب التعقل، والشروع في التفكير بجدية في المرحلة الموالية، بالبحث عن حل يرضي كل الأطراف، لأن تحسين ظروف عمل الإعلاميين ضرورة حتمية، لكنها ليست من الأولويات الإستعجالية، لأن المهم هو عودة الحيوية إلى الملاعب وانطلاق البطولة الوطنية».