الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

مختصون يثمنون التطور التقني وتعدد الإنتاج ويؤكدون

المسرح أنقذ الدراما والسيناريو الحلقة الأضعف

عرفت الدراما الرمضانية الجزائرية هذه السنة، قفزة وصفت بالنوعية  ، من الجانب التقني والديكورات حسب مختصين ، بعد أن طغت القوالب التركية و الأجنبية على بعض الأعمال،  فيما يبقى السيناريو الحلقة الأضعف في نظرهم، بينما اختلف المهنيون حول جدوى الاستعانة  بنجوم السوشيل ميديا ،  بين مؤيد ومعارض لإسناد أدوار رئيسية لهم. من تحدثوا للنصر في هذا الملف أجمعوا على أن الغزارة خلقت منافسة وتعد خطوة أولى للتأسيس لدراما فعلية قادرة على الاستمرار وصنع الفارق، سيما بعد أن اقتحمها المسرحيون بقوة
بصمة «الخاوة» حاضرة دائما
هدى طابــي
الملاحظ هو أن معظم المسلسلات الدرامية التي تبث عبر القنوات الجزائرية هذا المسوم، بما في ذلك الأعمال الأكثر متابعة على غرار ليام و سبع حجرات و كذا الجزء الثاني من مسلسل يما و ثاني موسم من مسلسل مشاعر، صبت كلها في قالب واحد يتناول قصة الغدر و المافيا و الانتقام و بالرغم من السياق الدرامي المستقل  لكل، عمل يبقى التقارب قويا بينها وبين تجربة مسلسل «الخاوة» إنتاج سنة2017 ، و الذي يعتبر أول مسلسل جزائري يكسر الصورة النمطية للأعمال البسيطة بتقنيات تصويرها القديمة و بذات الوجوه الفنية المكرسة فيها، و يقدم بالمقابل، نموذجا أحدث سواء من ناحية الطرح أو التقنيات أو المعالجة الدرامية أو تقديم وجوه شابة جديدة رغم كونه عملا مقلدا عن المسلسلات التركية، ولعل الاعتماد على نفس الأسلوب الإخراجي و توظيف غالبية الوجوه التي سبق وأن صنعت نجاح الخاوة، هو ما يربط عقل المشاهد مباشرة بذات العمل عند مشاهدة أي مسلسل من المسلسلات سالفة الذكر.
و يعد « النفق» بطولة رانيا سيروتي و بهية راشدي وأرسلان، العمل الوحيد الذي لم يعتمد نفس أسلوب الإخراج الحديث، وهي ملاحظة سلبية أثارها متابعوه على مواقع التواصل أين تطرقوا لضعف الصورة و اعتماد المخرج بشير سلامي على تقنيات قديمة في الإضاءة والديكورات و الموسيقى التصويرية، وعليه فإن عدد  مشاهدات حلقات لم تتعد  300 إلى 500 ألف مشاهدة منذ بداية بثه.
مقابل ذلك يواصل مسلسل «يما2»، تحقيق النجاح رغم الانتقادات التي وجهت لفريق العمل هذه السنة، إذ اتفق المتابعون على أن  الجزء الأول كان أقوى وأكثر إقناعا بالمقابل عرفت قصة الجزء الثاني، تغيرا جذريا لدرجة أن الأحداث لا ترتبط بأي شكل بما حصل في الموسم السابق، مع ذلك  لم يمنع هذا الأمر من رواج العمل، إذ تتخطي مشاهدات بعض حلقاته عتبة المليون مشاهدة، وهو نفس الرقم الذي بلغته حلقات مسلسل   « ليام»، الذي يحكي قصة مافيا الاتجار بالأعضاء، و الذي أثنى الكثيرون على قصته  رغم وجود حشو في الأحداث و تفاوت كبير في مستوى الأداء التمثيلي.
أما الجزء الثاني من مسلسل «مشاعر»، فقد خسر رهان الجمهور هذه السنة، إذ تراجعت نسب مشاهدته نسبيا مقارنة بالموسم الأول ولم تعد تتجاوز معدل 300 ألف إلى 700 ألف مشاهدة، فالمسلسل وقع في فخ التقليد مجددا ولم ينجح في محاكاة الواقع الجزائري، بقدر ما يقدم للمشاهد عملا قريبا إلى المجتمع التركي سواء من ناحية المواضيع المطروحة أو القصة و طريقة المعالجة، كما أن هناك تركيزا كبيرا على الديكورات و الأزياء على حساب الأداء، حيث يتفق الكثير من المتابعين على أن سارة لعلامة لم تمنح الدور حقه و أن أداءها أضعف هذه السنة، عكس ما تقدمه في الكوميديا البيضاء « المليونير» أين تحظى بالثناء.           
اقتباس من الدراما التركية و توسع الإنتاج المشترك
 تميز هذا الموسم كذلك، بالاقتباس عن سيناريوهات وأفكار مسلسلات تركية سبق للمشاهد الجزائري أن حضرها عبر الشاشة، ففكرة عمل مسلسل سبع حجرات مثلا، سبق وأن قدمت في العمل التركي             « سامحيني»، و تدور الأحداث حول قصة رجل ثري و لا مبال، يستيقظ من النوم فيجد نفسه قد فقد كل شيء، فيتحول بعدها إلى سائق سيارة أجرة، ويقع في حب فتاة تعيد ترتيب علاقته بالآخرين، وهكذا ينطلق في رحلة بحث عن أشخاص أساء إليهم في حياته السابقة، وذلك بغرض طلب السماح و تصحيح أخطاءه، وهي فكرة تتقاطع في كثير من جوانبها مع سيناريو الكاتب رابح سليماني.
 العمل يخرجه مهدي تاسابست، بطولة الفنانة القديرة بهية راشدي و بشرى عقبي وزاكي الرباعي و جمال عوان و سالي بن ناصر و كمال رويني وآخرين، يتناول مجموعة من المواضيع والقصص بلمسة لا تخلو  من الكوميديا، و يحقق إلى غاية الآن نسب مشاهدة معتبرة كما يثني المتابعون على مستوى أداء ممثليه، رغم انتقاد البعض  لقصر عمر الحلقات، وهي  نقطة سوداء لطالما ارتبطت بالاعمال الجزائرية التي لا يتعدى حجم حلقاتها عادة 15 دقيقة.  أما مسلسل « بنت البلاد»، فقد اقتبست فكرته عن سيناريو المسلسل التركي «العروس الجديدة»، و يتعلق الموضوع بفتاة شابة ترتبط بشاب من الريف ابن عائلة ميسورة و كبيرة يرفض أفرادها قبولها و تواجه الفتاة مشاكل كثيرة مع زوجات حماها الثلاث، العمل من كتابة منال مسعودي ، تمثيل براح نوارة و ليليان بركون وبوسواليم محمد نجيب و الطيب بن نعيجة ولبنة نوي، ويعد أول عمل يضم طاقم تمثيل شاب و جديد كليا، حيث تغيب عنه أية أسماء معروفة، مع ذلك فقد استطاع كسب رهان الجمهور و احتل المراتب الأولى من حيث المتابعات كما كانت ردود الأفعال حوله جد إيجابية، خصوصا بعدما تمكن مخرجه يوسف محساس، من تقديم البيئة الريفية بشكل جديد و إيجابي، ناهيك عن ترك مساحة للكوميديا و الابتعاد عن الدراما السوداء.
الواقعية تضع «أحوال الناس» في الصدارة
واحتلت سلسلة « أحوال الناس»، لرضا سيتي 16،   الصدار لأسابيع ، إذ تحقق حلقاته مليون مشاهدة في ظرف 24 ساعة على بثها كما تحصي حلقات سابقة أزيد من 3 ملايين مشاهدة على غرار قصة    « هكذا يا ليام» بطولة ديدين كانون16 و ياسمين عماري.  و يعود السبب في ذلك حسب متابعين إلى واقعية العمل، فمعظم القصص التي تم التطرق لها، مستمدة من أحداث واقعية، وهو ما وضع السلسلة في صدارة التوندوص الجزائري على يوتيوب و فيسبوك، رغم الهجوم الكبير الذي تعرض له معدوها في البداية بسبب إشراك أحد مغني الراب المثيرين للجدل في حلقات العمل.  ورغم المتابعة الكبيرة للسلسة، إلا أن الكثيرين انتقدوا مبالغة رضا سيتي 16، في الظهور حتى في الحلقات التي لم يكن مشاركا فيها، والسبب على ما يبدو هو أن الفنان قام بتجسيد قصته الشخصية و تفاصيل دخوله للسجن بسبب قضية حيازة أوراق مالية مزوة، توبع فيها قضائيا و اتضح لاحقا بأنه استخدم المال لأغراض تتعلق بالتصوير.
موسم الوجوه الجديدة
و نجوم منصات التواصل
 و من أكثر ما طبع الموسم الرمضاني الجاري ، الاعتماد الكبير على الوجوه الفنية الشابة، بما في ذلك أسماء اشتهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، فالعمل الدرامي يما2، عرف مشاركة نجمة انستغرام وتيك توك الشابة مروة بوشوشة، شقيقة الفنانة أمل بوشوشة، كما أفتكت من جهتها، المغنية كنزة مرسلي بطولة مسلسل «ليام» الذي تقدم فيه أداء جيدا، أما بطولة مسلسل «بنت البلاد»، فقد كانت جماعية وتميز العمل بتوظيف طاقم جديد وشاب كليا من الممثلين، ضم مشاهير من مواقع التواصل على غرار ليليان بركون « روزا» وشيماء عطا الله « روزا» و محمد لويال « سعيد»، بالإضافة إلى عدد من نجوم المسرح.
إلى جانب ذلك، تمكن محمد رغيس، من تحسين آدائه كثيرا هذا الموسم عكس مونيا بن فغول التي ينتقد متابعون أدائها الضعيف مقارنة بغيرها من مشاهير انستغرام،  ومن بين الفنانات اللاتي استطعن البروز و تحسن أدائهن أيضا، نذكر الفنانة هيفاء رحيم، التي تألقت بفضل أدائها العالي في مسلسل ليام، وهو نجاح يضاف لما حصدته بعد مشاركتها البارزة العام الماضي في مسلسل « أولاد الحلال»، إلى جانب  يوسف سحايري، الذي يلقى الإجماع كذلك من خلال مشاركته في ذات العمل الرمضاني
 ورغم نجومية الكثير من الشباب هذه السنة، إلا أن رانيا سيروتي و مليكة بلباي، لا تزالان متقدمتين بأشواط، إذ تحظيان بالثناء والمتابعة بفضل دوريهما في النفق و يما2، كما تثبت بهية راشدي بأنها سيدة الدراما بامتياز و ذلك بشهادة الكثير من المتابعين خصوصا على مواقع التوصل الاجتماعي.           

* الدكتور الناقد و المخرج  حبيب بوخليفة يؤكد للنصر
لم نتخط مرحلة التأسيس لدراما جزائرية
انتقد  المخرج التلفزيوني  والناقد الدكتور حبيب بوخليفة، الإنتاج الدرامي الرمضاني لهذا الموسم، معتبرا مسلسل «النفق» الأسوأ على الإطلاق، لضعف  السيناريو و الأداء التمثيلي معا، رغم  أن العمل جمع كوكبة من المحترفين كبهية راشدي  و رانيا سيروتي وأرسلان، علما أن مسلسل «المليونير» لم يكن أفضل أيضا، رغم جمعه  الكوميديا و الدراما، فيما اتسمت باقي الأعمال بالبساطة و الاستنساخ
و غياب التميز و عنصر الدهشة.
 و قال الأستاذ المحاضر بالمعهد العالي لمهن فنون العرض السمعي البصري بالعاصمة و مخرج بالمسرح الوطني ، بأن  نسب المشاهدة لا تعتبر دليلا على نجاح العمل، كما أن الإنتاج الحالي هو عبارة عن محاولات من طرف منتجين أغلبهم ليس لهم علاقة بالتكوين السمعي البصري أو السينمائي، و لا يمتلكون ثقافة علمية و لا رؤية صحيحة و جادة حول الإنتاج التلفزيوني عموما،  لذلك نسجل الكثير من التجاوزات التي تؤثر على المسلسل، بداية بعملية انتقاء الممثلين و اختيار السيناريو و تنظيم الإنتاج، ما جعلنا نفتقد لقاعدة صناعية للإنتاج السمعي البصري عموما، مضيفا بأن بعض الأعمال التي شاهدناها هذا الموسم، كانت حسنة نوعا ما مقارنة بالمواسم الأولى، فالجزء الثاني من مسلسل «يما» مثلا ، كان مقبولا من الناحية الإخراجية ، لأن المخرج مديح بلعيد، اتسم بالمهنية في إدارة الممثلين و عمل جاهدا على الارتقاء بمستوى التصوير معتمدا  على أساليب ترافلينق و اللقطات المقربة الممتزجة، في إبراز استمرار الفعل ثم نوعية الصورة و التركيز على الجانب السيكولوجي للشخصيات التي  كانت موفقة إلى حد ما،  بالمقابل لم يوفق مسلسل «النفق» لا في الكتابة الدرامية و لا في التمثيل و لا في الصناعة الدرامية.
كما لم يوفق حسبه، مسلسل «المليونير»، في إبراز  جو الكوميديا و الربط بينها وبين الدراما، رغم الأسماء التي شاركت فيه كبيونة و حسان كشاش و نبيل عسلي  وسارة لعلامة، فيما استطاع مسلسل «بنت البلاد» أن يتفوّق في الجانب التمثيلي بفضل  ممثلين مسرحيين،  بالمقابل قال الدكتور بوخليفة،  بأن أعمالا أخرى  أخفقت حتى في جانب العناوين، و  في مقدمتهم مسلسل «دنيا» و الذي اختار عنوانا عاما قدم بأسلوب مألوف لا يثير التميز و بلغة سينمائية مستنسخة، فيما جاء مسلسل « مشاعر» بعنوان مبهم يفتقد إلى الدقة و المهنية،  و لكنه يبقى  كما أردف،  محاولة ناضجة لو ارتكز أصحابها على الإبداع و ليس على الاستنساخ، مع ذلك فالمسلسل حسبه، وفق إلى حد ما في تحقيق المتعة، رغم طغيان  اللمسة التونسية على حساب الجزائرية.
أما مسلسل «ليام»  فحمل عنوانا غير دقيق يوحي بالحشو بالرغم من ما توفر فيه من شروط النجاح و بالأخص الحبكة الدرامية،  فيما كانت  الأعمال الكوميدية مقبولة لكن غير مبنية دراميا و تفتقد لنوعية الكتابة مثل «طيموشة» التي نجد فيها التمثيل الجيد لمينة لشتر و طارق بوعرعارة.
ومن بين  أبرز أسباب رداءة الأعمال المقدمة كما قال، افتقادها للكتابة السينمائية و التركيز بشكل واضح على النوع ، مع انتقاء أسماء لا علاقة لها بفن التمثيل، و هي إشكالية ترتبط بغياب ثقافة  «الكاستينغ»، الذي ما زال يتبعثر في المقاربة الخاطئة في التشخيص وهو تحديدا ما يدمر الإنتاج، موضحا، بأن  مستوى أداء بعض الممثلين كان ضعيفا و مؤكدا بأن الشهرة و الموهبة وحدهما لا يكفيان إلا إذا صقلا بالتكوين، فالشكل الخارجي لا يمكن أن يحدد بناء الشخصية الدرامية و هذا ما نسميه الحشو في الممارسة الفنية التليفزيونية كما عبر، وهو أمر  لا يخدم  الهوية الثقافية الجزائرية، مضيفا، بأن المقاربات الإخراجية قتلت جزءا كبيرا من الطاقات المتميزة و همشتها في أدوار ثانوية، بينما قدمت وزعت أدوارا رئيسية  على ممثلين فاقدين للمهنية  لأسباب معروفة هي المحاباة و  في نفس الوقت عدم الرغبة في تبديد أموال الإنتاج .
 المتحدث، تطرق إلى قضية  الأساليب التقنية التي لا تراعي نوع الفيلم أو معرفة اللغة السينمائية المبدعة، داعيا المنتجين إلى مراعاة قيم التمثيل و الإبداع الفني السينمائي لتجاوز الترقيع و المناسباتية، لأن الإنتاج يتطور بالمعرفة و التكوين و ليس بالحشو في ظروف غير مهنية، مضيفا بالقول بأن نسب المشاهدة ليست مؤشرا على نوعية العمل و معيارا لنجاحه أو لجودته، بقدر ما هي دليل على الاهتمام بكل ما هو محلي و إن غابت البصمة الفنية، فالحاجة إلى إعادة اكتشاف الذات و التشبث بالهوية الثقافية الجزائرية كما عبر، هو ما  يدفع بالمتفرج الجزائري  للإقبال على كل ما يقدم له.
و ختم حديثه للنصر، بالتأكيد على كونه غير  مؤمن بالفن الظرفي المناسباتي عموما، لأن الظرفية  لا تنتج سوى الضباب مقارنة بما يحدث من مستوى فني عالي للصورة المتحركة في المجتمعات المتقدمة و هذا ليس  وليد نقص في الرغبة بأن نكون أحسن، بل  نتاج ضعف الموضوعية و الاستعداد لتقبل النقد البناء، كونه ضروري للتقدم الى الأمام، فبالرغم من كل السلبيات المذكورة،  يبقى الواجب تشجيع صناع الدراما على  الارتقاء بمستوى الإنتاج السمعي البصري، خصوصا في زمن الرقمنة و شبكات التواصل الاجتماعي.
أسماء بوقرن

* المخرج يوسف محساس
كثافـــة الإنتـــاج صنعــت الفـــرق تقــــنيا وفنــيا هذا العــــام
يرى المخرج يوسف محساس، صاحب مسلسل بنت لبلاد، بأن الدراما الرمضانية عرفت تطورا ملحوظا هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، سواء من ناحية الكم أو الكيف، و المميز حسبه، هو أن غالبية الأعمال التي قدمت للمشاهد تمت بفضل كفاءات محلية إخراجيا و تمثيليا و حتى تقنيا، فالاحتكاك الذي حصل بين التقنيين الجزائريين والأجانب بفضل الأعمال المشركة الأخيرة، أثمر تحسنا في مستوى الأداء .
وقال المخرج، بأن الوفرة في الإنتاج، سمحت للكثير من الكفاءات بالبروز، كما فتحت الباب لعودة بعض الوجوه التي افتقدتها الشاشة على غرار الممثل بريهم بناني الذي أطل على الجمهور من خلال مسلسل «ليام»، بعد غياب قارب خمسة عشر سنة، كما منحت الإنتاجات الرمضانية هذه السنة، الفرصة للوجوه المسرحية التي قدمت إضافة نوعية حقيقية للكثير من الأعمال على غرار نوارة براح و الطيب بونعجة و آخرين ، و لعل هذا المزج بين الركح و الدراما هو ما انعكس إيجابا على مستوى الأداء، فكلما زاد عدد الإنتاجات زاد تفرغ الممثل للعمل و كان لذلك تأثير مستحب على نوعية ما يقدم للمشاهد و هو تحديدا ما شاهدناه هذا العام على حد تعبيره، فرغم أن  هناك ممثلين وقعوا في فخ التكرار و استهلاك نفس الشخصية في أكثر من عمل واحد، إلا أن هناك ممثلين استطاعوا تقديم أدوار مختلفة و متجددة و تمكنوا من إثبات موهبتهم بفضل تنوع الوجوه التي قدموها في عدد من المسلسلات، و هي ملاحظة قال المخرج، بأنها تنطبق حتى على نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أبان بعضهم عن موهبة حقيقة رغم اختلاف نية المنتجين والمخرجين في توظيفهم، لذلك فإن الحديث عن استغلالهم المطلق لرفع نسب المشاهدة يتضمن الكثير من المبالغة، فالمشاهد ذكي في النهاية ويمكنه أن يميز الموهبة من عدمها، كما أن هناك أعمالا تتضمن أسماء شهيرة على «تيك توك» مثلا لكنها لم تحقق النجاح المرجو، إضافة إلى ذلك فإن الأنساق الدرامية التي انتهجت هذه السنة، رجحت أكثر كفة البطولة الجماعية على الطريقة السورية، وبالتالي فإن التركيز انصب على المواهب وقدرتها على البروز في ظل سيناريو مشترك يلعب الجميع دورا رئيسيا فيه.
 و المهم كذلك في سيناريوهات البطولة الجماعية كما أضاف، هو أنها سمحت بتقديم إنتاجات متكاملة ليست مفصلة على مقاس نجم واحد، ولعل ذلك هو ما قدم للمشاهد وجوها جديدة كانت لها بصمة واضحة، كما مكن من تشبيب الشاشة تماشيا مع تطورات المجتمع و تغير طبيعة المشاهد، خاصة وأن الوسائط الاجتماعية أصبحت منصات مشاهدة موازية لا تقل أهمية عن التلفاز
و ربما يعود السبب وراء النقلة النوعية التي عرفتها الدراما الرمضانية هذه السنة، إلى دخول منتجين جدد على الخط، وهو ما وسع من دائرة الأعمال و قدم خيارات أكثر للممثلين، وحتى وإن كنا لا نزال بعيدين عن الأرقام الفلكية التي تصرف على الدراما العربية والمصرية تحديدا، لكن هذه السنة تعد بداية مشجعة بالنسبة للمحيط الفني المحلي، خصوصا وأن هناك تنوعا ملحوظا في الإنتاجات و جمعا بين الدراما و السيت كوم و الكوميديا البيضاء و غيرها في قرابة 30 عملا، بينها برامج حوارية شاهدناها طيلة الشهر.
المخرج قال، بأن النقلة الكبيرة في المستوى التقني، هي ما دفعت المشاهد للخلط بين الإنتاج الجزائري والدراما التركية وإسقاط الأعمال المحلية على البيئة التركية، وهي ملاحظة أثيرت بخصوص عدد من المسلسلات بالرغم من  عدم دقتها كما أوضح، فسر نجاح الأعمال الرمضانية يكمن في مخاطبتها للمواطن العادي و تصويرها لواقعه بمختلف جوانبه، ولو أن المشاهد لم يجد نفسه في المسلسلات لما تابعها على حد رأيه، لذا لا بد حسبه، من أن ندرك بأن المجتمع الجزائري تغير و نمط العيش كذلك، ناهيك عن أن هناك تقاربا يصعب إنكاره بين المجتمعين التركي والجزائري بفعل عوامل تاريخية.
و بالحديث عن الاقتباس، قال يوسف محساس، بأنه حل مؤقت يبقى مقبولا في الفترة الحالية لكونه بديلا لضعف النصوص و شحها بتعبير أدق، علما أن ما تم هذه السنة، لم يكن اقتباسا كليا بكل جوانبه القانونية، بل تطعيما للأفكار و السيناريوهات، بشكل سيسهم حسبه ،في تحفيز الكتاب على الإبداع والخروج عن القالب التقليدي المستهلك.         هدى طابي

* الممثل محمد الطاهر زاوي
المنافســـــــة حسّنــــت المستـــوى و الغــــــزارة كشفـــــــت عن مواهـــــب مغمــــــورة
أثنى الممثل محمد الطاهر زاوي، على النقلة الإيجابية التي عرفتها دراما رمضان هذا العام، من حيث النوع و الكم كما قال.
وفي حديث للنصر، قال صاحب دور "جعفر "، في الجزء الثاني من مسلسل "مشاعر"، بأن غزارة الإنتاج الدرامي ساهمت في اكتشاف الكثير من الوجوه الفنية غير المعروفة خصوصا أبناء المسرح، الذين لم يفتح لهم المجال من قبل، كما قدمت فرصة لعودة وجوه غابت لسنوات طويلة عن الشاشة الصغيرة، و حسب رأي الفنان فإن الكثير من الأسماء المغمورة قد تميزت و تفوّقت هذا الموسم، بينما وقع بعض المشاهير في فخ الاستسهال و التكرار فكان أداؤهم باهتا.
ومع ذلك، فإن وفرة الأعمال لم تغط على ضعف السيناريوهات كما عبر، فالنصوص كانت بمثابة الحلقة الأضعف في العملية الإنتاجية، وهو أمر بدا جليا في كثير من المسلسلات التي افتقدت فعليا لجودة السيناريو، ما أثر بشكل واضح على أداء الممثلين وكان عائقا أمام تقديم بعض المخرجين لمشاهد أفضل من حيث الصورة و الأداء و الحوار، بالمقابل قال المتحدث، بأن الجانب التقني كان أحسن بكثير مقارنة بما اعتاده المشاهد، وذلك بفضل الإمكانيات التكنولوجية التي أصبحت متاحة إضافة إلى احتكاكهم مع تقنيين أجانب في عدة أعمال سابقة و اكتسابهم لخبرات جديدة و حديثة في التركيب و التصوير و الصورة و حتى المكياج.
وأضاف، أن هذا الانفتاح  قد ساهم في تمرس المخرجين و استعادتهم للثقة مجددا بعدما حظيت الكثير من الأعمال بقبول الجمهور بعد سنوات من القطيعة، بالموازاة مع ذلك شهدت الصناعة الدرامية استثمار رؤوس أموال ضخمة من طرف المنتجين و ظهور منافسة شرسة فيما بينهم لتقديم ما هو جيد للمشاهد الذي هو أكثر تطلبا، حيث بات يتابع الأعمال بعين المتفرج و الناقد في نفس الوقت، و أصبح ينتقي بعناية شديدة ما يرغب في متابعته في ظل الانفتاح و وفرة الإنتاجات العربية و تحديدا المغاربية التي جعلت المشاهد الجزائري في صلب اهتماماتها  التجارية، مضيفا بأن الوقت قد حان لاستغلال كل آليات الصناعة الدرامية  لتحسين الأداء، و هو أمر يستدعي القضاء على بعض الممارسات غير المهنية التي سادت لسنوات بين آهل الاختصاص، و كانت سببا في تراجع جودة الأعمال، و مع هذه الوثبة الفنية فإن العودة إلى الماضي غير مبررة كما عبر، لأن المتفرج الجزائري لن يقبل مستقبلا إلا بما هو أفضل، دون إغفال دور المنظومة النقدية التي تساهم في رفع المستوى كما هم معمول به في كل دول العالم، باستثناء الجزائر التي تقييم  فيها الأعمال بطريقة شعبوية، دون تشريح  دقيق من طرف أهل الاختصاص الذين يملكون سلطة التقييم العلمي لأداء الممثلين و كذا السيناريو و هم من يصنعون النجوم  و ليس عدد المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يرى أن تأسيس هيئة للنقد الفني ستعيد الصناعة الفنية في الجزائر إلى مسارها السليم.
وهيبة عزيون

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com