الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

النتائج المحققة ثمار السياسة الجديدة المنتهجة

فتيات يكسرن - الطابوهات - بإنجازات تاريخية للرياضة الجزائرية

وضع العنصر النسوي بصمته بصورة جلية على المشاركة الجزائرية «التاريخية» في النسخة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، وذلك من خلال النتائج الباهرة وغير المسبوقة في اختصاصات، دخلت اللائحة الذهبية لأول مرة في تاريخ المشاركة الجزائرية في العرس المتوسطي، الأمر الذي يجسد النهضة الكبيرة التي تعرفها الرياضة النسوية في الجزائر، تماشيا وخارطة الطريق التي سطرتها السلطات العليا للبلاد، والرامية بالأساس إلى توسيع دائرة ممارسة النشاط الرياضي إلى كل الشرائح، مع كسر كل «الطابوهات» التي كانت مقترنة بالجنس، لتكون ثمار هذه الإستراتيجية جد إيجابية، مادامت طبعة وهران كانت بمثابة البوابة التي مكنت الجمهور الجزائري، من اكتشاف بطلات كتبن أسماءهن بأحرف من ذهب في تاريخ العرس الرياضي المتوسطي.

قراءة: صالح فرطاس

حصاد الرياضة الجزائرية في الطبعة رقم 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، جاء ليكشف عن معالم جديدة للخارطة الرياضية الوطنية، لأن انتزاع الجزائر الذهب بفضل بطلات كان أمرا مألوفا، وتعود عليه الجزائريون في العديد من الدورات، لكن الحصيلة المسجلة فاقت كل التوقعات، بإحراز العنصر النسوي 7 ذهبيات، وهو ما يمثل قرابة ثلث إجمالي عدد الميداليات من المعدن النفيس، والنسبة ذاتها امتدت أيضا إلى مجموع الميداليات المحرزة، على اختلاف اللون، فكانت دورة «الباهية» محطة لبداية عهد جديد للرياضة الجزائرية، من خلال التألق الكبير للجنس اللطيف، واعتلاء منصة التتويج، في اختصاصات كانت إلى وقت ليس ببعيد حكرا في ممارستها على «الرجال»، خاصة الملاكمة، التي تعتبر من الرياضات «القتالية»، والتي دخلت لأول مرة لائحة المشاركة في الألعاب المتوسطية بالعنصر النسوي من دورة وهران، فكان التألق جزائريا بصورة واضحة، عقب انتزاع المنتخب الوطني للملاكمة اللقب المتوسطي بثلاث ذهبيات وفضية وبرونزية، في الوقت الذي ضرب فيه الكاراتي الجزائري موعدا مع التاريخ، بفضل الإنجاز الباهر للثلاثي النسوي ويكان، أبو ريش وميدي، بعدما كان التتويج بالذهب في سابق الدورات حكرا على منتخب الرجال، مع اكتفاء بعض المصارعات بالفضة أو البرونز، لكن بساط «التاتامي» أدخل الكاراتي النسوي الجزائري اللائحة الذهبية من وهران، وبثلاث ميداليات صفراء اللون دفعة واحدة، بينما كتبت المبارزة سوسن بوضياف صفحة جديدة في تاريخ الرياضة الجزائرية، باحرازها ذهبية في منافسات سيف الحسام، وهي الأولى لهذا الاختصاص في الدورات المتوسطية، على امتداد 15 مشاركة متتالية.
«انتفاضة» الكاراتي بمفاجأة مدوية فتحت الشهية
الحديث عن النهضة الكبيرة للرياضة النسوية بالجزائر، ينطلق من الإنجازات المحققة في دورة وهران، لأن حصد النخبة الوطنية في مختلف الاختصاصات 7 ذهبيات، فضيتان و5 برونزيات، مكنها من احتلال الصف الخامس في الترتيب الخاصة بالسيدات لهذه الطبعة خلف إيطاليا، التي أحرزت سيداتها أعلى حصيلة ذهبية، وجاءت تركيا في الصف الثاني، متقدمة على كل من فرنسا وإسبانيا، والتواجد في المرتبة الخامسة، يعد إنجازا غير مسبوق للرياضة النسوية الجزائرية، خاصة بعد التفوق على مصر، التي سجلت مشاركتها ببطلة العالم في الكاراتي فريال أشرف، وكذا النخبة التونسية، فضلا عن بلدان أخرى من القارة الأوروبية، في صورة اليونان، البرتغال وكرواتيا.
ولاحت مؤشرات تألق سيدات الجزائر في دورة وهران، عند إعطاء إشارة الانطلاق، لأن البداية كانت في رياضة «الكاراتي»، والتي فجرت من خلالها المصارعات الجزائريات مفاجأة مدوية، بحجز 3 مقاعد في الأدوار النهائية، قبل البصم على إنجاز تاريخي، بإحراز 3 ذهبيات، ونالت المصارعة سيليا ويكان شرف إهداء الجزائر أول ذهبية في الطبعة 19 من العرس المتوسطي، لتسير على دربها كل من زميلتها لويزة أبو ريش، ثم شيماء ميدي، ليخرج منتخب الكاراتي للسيدات من أول أيام المنافسة بثلاث ذهبيات، وينال تقدير «الامتياز»، بفضل مصارعات كن قبل هذا الموعد في دائرة الظل، لكن سلاح التحدي سمح لهن بكتابة صفحة جديدة في تاريخ الرياضة الجزائرية، فأصبح الجميع بين عشية وضحاها يتساءل عن سر بروز مصارعات شابات، من طراز ويكان، ميدي وأبو ريش بسرعة البرق، لأن هذا الثلاثي لم يكن مرشحا للتنافس على الميداليات المتوسطية، إلا أن حقيقة الميدان جعلت هذه الدورة، محطة ميلاد بطلات جديدات في رياضة الكاراتي.
«القفاز» النسوي يكسر «الصمت» بجيل تقوده خليف
كانت آمال الجزائريين معلقة على الملاكمة إيمان خليف لحفظ ماء الوجه لمشاركة العنصر النسوي في دورة وهران، لأن ابنة قرية بينان مصباح بولاية تيارت، خرجت من دائرة الظل قبل أقل من شهر من الموعد المتوسطي، وذلك بعد ظفرها بفضية البطولة العالمية للملاكمة، وتدخل خليف الطبعة 19 بوهران في ثوب أفضل سفير للقفاز النسوي الجزائري، لكن الحلبة أبانت عن امكانيات معتبرة للمنتخب الوطني للسيدات، بقيادة المدرب عبد الغاني كنزي، لأن الملاكمة الجزائرية كانت قد سجلت حضورها في هذه الدورة بستة ملاكمات، ونجح نصفهن في ترصيع السجل بالذهب، إضافة إلى فضية وبرونزية، وهو إنجاز تعدى حدود ما كان متوقعا، رغم أن الملاكمة روميساء بوعلام لها من التتويجات ما كان يرشحها للظفر ببرونزية على الأقل، وكذلك الشأن بالنسبة لإشراق شايب، التي كانت بدورها قد برزت في بطولة العالم الأخيرة، لكن حجيلة خليف سرقت الأضواء، وابنة بجاية خرجت من دورة وهران مرصعة بالذهب، فنال هذا المنتخب تقدير واحترام المتتبعين.
بوضياف تخرج المبارزة إلى الأضواء بطموحات عالمية
فجرت المبارزة الجزائرية مفاجأة مدوية، إثر تتويج سوسن بوضياف بذهبية اختصاص «سيف الحسام»، في إنجاز لم يكن أكبر المتفائلين في الجزائر يتوقعه، لكن بوضياف راهنت عليه كثيرا، لأن ابنة مدينة المسيلة تكونت في فرنسا، وتدرجت في الأصناف الصغرى للمنتخب الفرنسي، قبل أن تختار الدفاع عن الألوان الجزائرية تلبية لنداء الوطن الأم، ونزولا عند رغبة الأجداد، فكان ظهورها الأول مع «الخضر» تاريخيا، بإهداء الجزائر أول ذهبية في تاريخ مشاركاتها في الألعاب المتوسطية، وهذا بعد التفوق على أهل الاختصاص من المنتخب الإيطالي، في نصف النهائي ثم في المنازلة النهائية، فسطع نجم بوضياف في سماء «الباهية»، ومعها المبارزة الجزائرية التي دخلت اللائحة الذهبية بفضل هذا الإنجاز، ولو أن بوضياف وعقب هذا الإنجاز، سارعت إلى رفع عارضة الطموحات عاليا، ومن خلال المراهنة على تتويجات  عالمية، كونها اعتادت على ذلك في مشاركاتها مع المنتخب الفرنسي في الأصناف الشبانية، قبل أن تغيّر الجنسية الرياضية، وتلتحق ببلد الأجداد الجزائر.
دخول 3 اختصاصات السبورة الذهبية من بوابة وهران
والملفت للانتباه أن حصاد الرياضة النسوية الجزائرية في دورة وهران من الذهب، كان بفضل 3 رياضات لم يسبق للجنس اللطيف الظفر فيها بالمعدن النفيس، لأن المتعوّد عليه هو إحراز الجزائريات ميداليات ذهبية في ألعاب القوى، وبدرجة أقل الجيدو ورفع الأثقال، لكن الموازين تغيّرت في هذه الطبعة، بكسر كل «الطابوهات»، ودخول الرياضة النسوية اختصاصات رياضية، كانت دائرة الممارسة فيها حكرا على الرجال، خاصة الملاكمة، لأن «القفاز» النسوي الجزائري دخل بقوة غمار العرس المتوسطي، والأمر ذاته ينطبق على «الكاراتي» والمبارزة، وهي رياضات قتالية، خرجت من تحت المجهر إلى دائرة الأضواء، مقابل مواصلة اختصاصات الرياضات الجماعية النسوية الغياب كلية عن «البوديوم».
إنجاز للملاكمة الجزائرية كان كافيا لتنصيب منتخب السيدات في خانة المفاجآت السارة في دورة وهران، لأن تتويج إيمان خليف بالذهب كان منتظرا، بحكم تألقها في بطولة العالم، لكن بروز روميساء بوعلام، حجيلة خليف وإشراق شايب يجعل الآمال المستقبلية واعدة، ويكشف عن جدية العمل المنجز، مع وضع هذا الاختصاص في صدارة اللائحة، تحسبا للاستحقاقات القادمة، وتخلف بذلك الملاكمة رياضة ألعاب القوى، التي كانت قد تركت بصمتها بصورة جلية على إنجازات الرياضة الجزائرية على جميع الأصعدة، سواء القاري، المتوسطي وحتى العالمي، لأن «أم الرياضات» كانت البوابة التي دخلت منها الرياضة النسوية الجزائرية لائحة التتويجات في تاريخ ألعاب البحر الأبيض والمتوسط، انطلاقا من دورة 1967 بتونس، والتي كانت النسخة الأولى التي عرفت مشاركة العنصر النسوي، بعد 4 دورات «رجالية»، وكان حصاد الجزائر في تلك الطبعة برونزيتين بفضل العداءة ربيعة غزلان في اختصاص رمي الرمح وسباق 5000 متر، ثم جاء الدور على العداءة سكينة بوطمين التي نالت برونزية سباق 1500 متر في دورة سلبيت 1979، ليتحسن الحصاد النسوي الجزائري من البرونز إلى الفضة في طبعة 1983 بالدار البيضاء، عندما انتزعت العداءة دليلة طيبي فضية اختصاص السباعي.
حصاد نسوي تاريخي في ألعاب القوى وبوالمرقة تتصدر اللائحة
غياب العنصر النسوي الجزائري في رياضة ألعاب القوى عن التتويج بالذهب وحتى الفضة في دورة وهران، جعل حصاد الجنس اللطيف في «أم الرياضات» خلال هذه النسخة ينحصر في برونزية زوينة بوزبرة، لكن الحصاد الإجمالي لسيدات الجزائر في ألعاب القوى على اختلاف الاختصاصات وفي مختلف الدورات يبقى مميزا، وهذا بمجموع 11 ذهبية، وهو رقم يمثل نصف إجمالي الذهبيات التي أحرزتها الرياضة النسوية الجزائرية في 15 طبعة من التظاهرة الرياضية المتوسطية، وأول هذه الإنجازات، كانت قد تحققت في دورة 1987 باللاذقية بسوريا، عند نجاح العداءة نصيرة زعبوب في التتويج بذهبية السباعي، وكذا برونزية سباق 100 متر موانع، قبل أن يسطع نجم البطلة العالمية والأولمبية حسيبة بوالمرقة في دورتي 1991 بأثينا و1993 بروسيون، حيث توجت بذهبية سباق 800 متر لدورتين متتاليتين، مع تنازلها في طبعة 1993 عن تاجها المتوسطي لسباق 1500 م، إذ اكتفت بالفضة، وتكون بوالمرقة الجزائرية الأكثر إحرازا للذهب في الدورات المتوسطية.
وفي سياق ذي صلة، فإن سيطرة الجزائر على اختصاص 1500 م، تجسد في تتويج العداءة نورية بنيدة مراح بالذهب في دورة 1997 بباري، قبل أن تدخل باية رحولي اللائحة الذهبية من دورة تونس 2001 في اختصاص الوثب الثلاثي، وقد حققت هذا الإنجاز في نسختين متتاليتين، كما توجت سعاد آيت سالم بذهبية 10 آلاف متر في دورة 2005، وهي نفس النسخة التي كانت قد شهدت الرباعة ليلى لسواني بذهبيتين في طبعة واحدة، في منافستي الخطف والنتر.
من جهة أخرى، فإن انتزاع الرياضة النسوية الجزائرية 7 ذهبيات في وهران كان كافيا لتحكيم الرقم القياسي الذي كان مسجلا في نسخة ألميريا 2005، والذي كانت سيدات الجزائر قد خرجت منها بـ 5 ذهبيات، 3 فضيات و برونزية، وهذه الأرقام تكفي للتأكيد على أن «الجنس اللطيف» أصر على بداية عهد جديد في الرياضة، وعبر اختصاصات غير معتادة، لأن الملاكمة النسوية ارتقت إلى مركز الوصافة خلف ألعاب القوى، ولائحة تتويجات الجزائر بالذهب بفضل السيدات، تبقى مقتصرة على 6 اختصاصات، مع غياب رفع الأثقال والجيدو عن التتويجات الذهبية، منذ دورة 2005.
 ص / ف

 

* مدرب منتخب الملاكمة "سيدات" عبد الغني كنزي للنصر
لولا قلة الممارسات لـكان الحصاد أوفر !
أشار مدرب منتخب الملاكمة «سيدات» عبد الغني كنزي، بأن حصاد القفاز النسوي في الألعاب المتوسطية كان سيكون أكثـر وفرة، لو كان إقبال الفتيات بقوة على هذه الرياضة، معربا عن أمله في تغيير العائلات الجزائرية لنظرتها لمثل هذا النوع من الرياضات، خاصة وأنه يشتكي من محدودية التعداد، مقارنة بدول أخرى تقبل فيها فئة الفتيات بقوة على هذا الاختصاص، رغم نتائجها المخيبة على المستوى القاري والعالمي.
كنزي الذي كان وراء قيادة القفاز النسوي، لإهداء الجزائر ثلاث ميداليات ذهبية في دورة الألعاب المتوسطية الأخيرة، يرى أن الجزائر قادرة على امتلاك بطلات أخريات، إلى جانب كل من إيمان خليف وروميساء بوعلام وإشراق شايب وخليف حجيلة، لو يكون هناك إقبالا أكبر من الفتيات الجزائريات على ممارسة هذه الرياضة، وفي هذا الشأن أضاف:« لم نكن نتصور أن نُتوّج بهذا العدد من الميداليات، فكما تعلمون القفاز النسوي الجزائري لا يمتلك تقاليد كبيرة، ولم يتم بعثه سوى منذ سنوات قليلة، ورغم ذلك حققنا إنجازات كبيرة، والفضل في ذلك يعود إلى تضحيات بطلاتنا، اللائي اجتهدن كثيرا في سبيل الوصول إلى هذه المكانة، صدقوني لو كان الإقبال أكبر لكان الحصاد أكثـر وفرة في وهران، فمن مجموع 20 لاعبة فقط في المنتخب الوطني، تُوّجت ثلاث ملاكمات بالذهب وأخرتين بالفضة والبرونز».
وتابع كنزي تصريحاته بتوجيه رسالة مشفرة إلى الأولياء، قصد السماح لبناتهن بولوج هذا العالم، كونه قد يسمح لهن بالمنافسة على المستوى العالمي:« لدينا المادة الخام، وما إيمان خليف وبوعلام روميساء وباقي الملاكمات إلا أمثلة عن ذلك، ولذلك آمل أن تساعدنا العائلات الجزائرية بالسماح لبناتهن بممارسة الملاكمة، التي لا تقلل من شأنهن شيئا، بل على العكس تمنحهن الاعتبار، وتحولهن إلى بطلات عالميات».
سمير. ك

* مـُدرب منتخب المـلاكمة رجال أحمد دين للنصر
الطرف النسوي أسهم بشـكل كبير في الحصيلة الممتــازة
أشاد مدرب منتخب الملاكمة رجال أحمد دين، بالنتائج المبهرة التي حققها القفاز النسوي في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، مؤكدا تفوق بطلاتنا على الرجال من حيث عدد الميداليات المحصلة، وهو ما اعتبره بمثابة رسالة واضحة للاهتمام برفيقات إيمان خليف أكثـر، كونهن قادرات على التألق في الألعاب الأولمبية.
وقال دين في تصريح للنصر، بخصوص نظرته للتألق النسوي في ألعاب وهران:« الحصيلة كانت إيجابية إلى أبعد الحدود في الألعاب المتوسطية، والطرف النسوي أسهم فيها بشكل معتبر، وهنا أشكر الملاكمات كونهن فزن بثلاث ميداليات ذهبية، وهي حصيلة قادت الجزائر للتواجد ضمن كوكبة المقدمة في الترتيب العام، أنا فخور برفيقات روميساء بوعلام اللائي تفوقن على الرجال في هذه البطولة، وآمل أن يتم الاستثمار في هذه الرياضة، لتكوين بطلات قادرات على التألق على المستوى العالمي والأولمبي ولو أننا نمتلك إيمان خليف التي أرشحها للفوز بالذهب في ألعاب باريس المقبلة، لقد اتخذنا القرار المناسب ببعث هذه الرياضة في الجزائر والتي لولا الاتحاد الدولي للعبة لما رأت النور في بلدنا».                                                                                                                        سمير. ك

المتوّجة بذهبية الملاكمة روميساء بوعلام للنصر
الفوز على بطلة العالم يجعلني أتطلّع لعـرشها
عبرت الملاكمة الجزائرية روميساء بوعلام عن سعادتها البالغة بالتفوق  على بطلة العالم، واعتلاء منصة التتويج في الألعاب المتوسطية، لتبصم على إنجاز غير مسبوق بالنسبة للقفاز النسوي الجزائري، الذي دخلت تاريخه من أوسع الأبواب، بعد أن كانت أول ملاكمة جزائرية تتأهل لمحفل الأولمبياد، كما تحدثت البطلة في وزن 48 كلغ، عن فحوى اللقاء الذي دار بينها وبين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على هامش حفل التكريم الذي حظي به الأبطال في قصر الشعب، وعدة أمور أخرى تكتشفونها في هذا الحوار، الذي خصت به جريدة النصر.

 هل توقعت اعتلاء منصة التتويج في الألعاب المتوسطية أياما قليلة، بعد خروجك خاوية الوفاض من البطولة العالمية ؟
سأكون كاذبة إن قلت لكم توقعت الظفر بالمعدن النفيس، قبيل بداية الألعاب المتوسطية، ولكنني وضعت المرتبة الأولى نصب أعيني، وعملت جاهدة لتحقيق هذا الهدف، خاصة بعد الفشل الذي تعرضت له في البطولة العالمية في وزن 50 كلغ، أين اكتشفت صعوبة المنافسة، بعد العودة إلى لغة الإحصائيات والأرقام، لقد اتخذت قرارا صائبا، قبيل انطلاق ألعاب وهران بثلاثة أسابيع فقط، ويتمثل في تخفيض وزني إلى 48 كلغ، وهو ما انعكس بالإيجاب على نتائجي، حيث أزحت الجميع، وحققت الانتصارات الواحد تلو الآخر، لأعتلي في آخر المطاف منصة التتويج عن جدارة واستحقاق.

تخفيض وزني أكسبني الكثير من الامتيازات

متى آمنت بمقدرتك على الظفر بالميدالية الذهبية ؟
كنت واثقة أن تخفيض الوزن، سيسمح لي بكسب الكثير من الامتيازات، وحدسي وحدس مدربي كان في محله، حيث كنت متفوقة على منافساتي طيلة أطوار البطولة، ولم يكن أمامي سوى البطلة العالمية (التركية) من أجل نيل الذهب، والتي تفوقت عليها بمساندة الجمهور الحاضر بقوة في القاعة، فبفضل تشجيعاتهم القوية زالت الفوارق بيننا، كما أنني كنت مؤمنة بالإمكانيات التي أحوز عليها، ولم أكن أضع أي خيار آخر سوى الفوز بالمرتبة الأولى، خاصة وأن البطولة تلعب في بلدنا، والتتويج بالمعدن النفيس سيكون له طعم خاص، الحمد لله فزت عليها عن جدارة واستحقاق، ولم أترك لها أي فرصة في الأشواط الثلاثة، وهنا أؤكد لكم بأن الإطاحة بالبطلة التركية المعروفة في هذا الوزن، يزيدني ثقة في مؤهلاتي، ويجعلني أؤمن بخلافتها على عرشها كبطلة عالمية.

فخورة كوني أول ملاكمة جزائرية تبلغ الأولمبياد وتنال ذهبية متوسطية

قرار تغيير الوزن، كيف اتخذته ومن نصحك بذلك ؟
كما قلت لكم الانتكاسة التي انقدت إليها في بطولة العالم دفعتني لمراجعة حساباتي، خاصة وأن المدربين عبد الغني كنزي ومحمد شعوة كانا يصران عليّ من أجل تخفيض وزني إلى 48 كلغ، كون المنافسة في وزن 50 كلغ صعبة بعض الشيء، ولكن رغبتي في البقاء ضمن هذا الوزن الأولمبي جعلني مترددة بعض الشيء، قبل أن اضطر لتقبل الوضع في تركيا، خاصة وأنه لم يكن أمامي أي خيار، كونه تنتظرني بطولة خاصة في وهران، ولا أمتلك أي بديل عن الفوز بالذهب لإسعاد الجمهور الجزائري، الذي كان متشوقا لإهدائه المراتب الأولى.
 كنت أول ملاكمة جزائرية تتأهل إلى الأولمبياد، بالموازاة مع أنك أول من تفوز بالذهب في الألعاب المتوسطية، بماذا تشعرين بعد هذه الإنجازات ؟
الحمد لله أتشرف بأنني من يفتتح الأبواب دوما، حيث كنت أول ملاكمة جزائرية تتأهل للألعاب الأولمبية، وهذا بعد حجزي لمكانة في دورة طوكيو في وزن 51 كلغ ، ولو أنني لم أحقق النتائج المرجوة، ولكنها كانت تجربة فريدة من نوعها، كما ستظل محفورة في تاريخ القفاز النسوي، كيف لا وأنا أول من مثله في تظاهرة من هذا الحجم، لأعود وأحظى بشرف جديد، بعد نيلي أول ميدالية بالنسبة للملاكمة النسوية في الألعاب المتوسطية، أليس لدي ما أقوله سوى أنني محظوظة للغاية، وآمل أن أواصل على هذا المنوال، سيما وأن لدي العديد من الأهداف المستقبلية، على العموم الحصيلة المحققة في ألعاب وهران كانت منتظرة، بعد صدمة طوكيو، حيث تسببت الأخيرة في إعادة الحسابات على كل المستويات، واتخذ المسؤولون العديد من القرارات الصارمة على مستوى الاتحاديات، وهو ما انعكس بالإيجاب على تحضيرات الأبطال الذين كانوا في الموعد، ونجحوا في الفوز ببعض الميداليات في بطولة العالم، قبل أن يؤكدوا مستواهم العالي في الألعاب المتوسطية، بدليل أننا وضعنا الجزائر في المرتبة الرابعة في سلم الترتيب العام، متفوقة على بلدان تفوقنا من حيث الإمكانيات.

الرئيس فاجأنا بمتابعة نزالاتنا ويريد عددا من الميداليات في باريس

ما هي الأحاسيس التي انتابتك وأنت تعتلين منصة التتويج وتستمعين للنشيد الوطني ؟
يعجز اللسان عن إيجاد الكلمات المناسبة لوصف تلك الحالة التي كنت أشعر بها، خاصة عند عزف النشيد الوطني، حيث لم أتمالك نفسي، وذرفت الدموع من شدة الفرحة والفخر، لقد كانت لحظات لا تنسى، وتذكرت كل محطاتي الصعبة، والتضحيات التي بذلتها في سبيل أن أكون بطلة متوسطية، وفي رياضة صعبة للغاية، ولم يكن للجزائر أي تقاليد فيها، وهنا أتحدث عن القفاز النسوي فقط، على اعتبار أن الملاكمة رجال لطالما قدمت لنا أبطال متميزين بصموا على إنجازات فريدة.

«تشجيعات» جمهور وهران أزالت الفوارق مع الأبطال

حظيت رفقة بقية الأبطال بتكريم من نوع خاص بقصر الشعب من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ماذا تعني لك مثل هكذا مبادرات تشجيعية ؟
ملاقاة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وتسلم شهادات شرفية من بين يديه يعني لي الكثير، فلا يوجد شيء أجمل من تلقي التكريم من أيدي الرجل الأول في البلاد، والذي فاجأني حتى بالقول بأنه تابع نزالاتنا، وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على وقوف الدولة إلى جانب الرياضيين الجزائريين، من أجل تشريف الراية الوطنية، على العموم مثل هكذا مبادرات، من شأنها أن تشجعنا لقادم المواعيد، خاصة وأنه تنتظرنا استحقاقات قوية، بداية بالألعاب الأولمبية بباريس 2024.

صدمة طوكيو دفعت المسؤولين لاتخاذ عدة قرارات حاسمة

ما فحوى الحوار الذي دار بينك وبين المسؤول الأول في البلاد ؟
شخصيا حدثني الرئيس على هامش الحفل الذي أقيم على شرفنا بقصر الشعب عن الألعاب الأولمبية المقبلة، ووعدني رفقة زملائي الأبطال بتخصيص كل الإمكانيات والمؤهلات، لكي نحقق عددا من الميداليات في ألعاب باريس 2024، ومن منبركم هذا أؤكد لكم بأن الجميع واع بالمسؤولية، وستكون هناك تحضيرات قوية تليق بحجم التظاهرة المقبلة.

الملاكمات الجزائريات تحوّلن إلى سفيرات وقدوة للمرأة الناجحة

بماذا تنصحين الفتيات اللاتي يعشقن رياضة الملاكمة ويخشين ممارستها بسبب عادات مجتمعنا المحافظ ؟
ليس لدي ما أقوله، سوى أن الملاكمة لا تختلف عن باقي الرياضات الأخرى، كما أن ممارسة رياضة الفن النبيل لا دخل لها بالعادات والتقاليد والمجتمع المحافظ، ولا تؤثر على أنوثة المرأة، بل على العكس تجعل لها قيمة، وأتحدث عن تجربة، فقد تحولت رفقة زميلاتي البطلات إيمان خليف وإشراق شايب وخليف حجيلة إلى سفيرة للرياضة الجزائرية، كما أن الكثير من الشابات، يضعننا قدوة بالنسبة لهن لما حققته وزميلاتي من نجاحات.
 بماذا تريدين ختم هذا الحوار ؟
شكرا لكم على هذا الاهتمام، وأستغل الفرصة لتمرير رسالة إضافية إلى الفتيات الراغبات في ممارسة الملاكمة، عليكن باتخاذ القرار ولن تندمن أنا واثقة من ذلك، وعند شروعكن في التدريبات لا تلتفتن إلى الوراء، وردكن على من يحاول التقليل منكن يكون فوق الحلبة فقط، وبتشريف راية الوطن في كبرى المحافل الدولية.
حاورها: سمير. ك

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com