الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

المجاهد موسى بوخميس يروي شهادته حول 20 أوت 1955 : زيغود يوسف قال لي لو يقف معنا الشعب سننتصر


•زيغود كان ينام جالسا وقد استشهد في مواجهة وليس بسبب وشاية
يروي المجاهد موسى بوخميس تفاصيل جديدة عن هجومات 20 أوت 1955 بسكيكدة والساعات الأخيرة التي قضاها مع البطل زيغود يوسف قبل استشهاد الأخير بمنطقة الحمري بسيدي مزغيش، نافيا في حديثه للنصر الرواية التي تتحدث عن تعرض زيغود إلى وشاية، كما تحدث عن فضل ودور البطل الشهيد زيغود يوسف في نقل القضية إلى هيئة الأمم المتحدة و وطنيته وتعلقه الكبير بالشعب الجزائري.

النصر نزلت ضيفة على المجاهد موسى بوخميس بمنزله العائلي الكائن ببلدية امجاز الدشيش من أجل نقل شهادته عن مشاركته في هجومات 20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني، ورغم مرضه إلا أنه استقبلنا بنفسه ورحب بنا رفقة أبنائه.
زيغود أكد لفرنسا أن المجاهدين رجال يفضلون الموت من أجل الاستقلال
في مستهل حديثه أراد المجاهد أن يؤكد أن الهجومات كانت تهدف إلى فك الحصار عن منطقة الأوراس، ورفع القضية إلى هيئة الأمم المتحدة والتأكيد لفرنسا أن أولئك الذين تطلق عليهم بالهاربين إلى الغابة والسراق والخارجين عن القانون هم رجال شجعان وأقوياء يريدون التضحية بأنفسهم من أجل الاستقلال وأيضا التأكيد للعدو على مدى تعلق الشعب بالثورة.
عمي موسى كما يحلو للبعض مناداته رغم بلوغه 94 سنة لكنه لا يزال يتمتع بذاكرة قوية ويتذكر الأماكن والأسماء والتواريخ بصفة عادية، وقال إن التحاقه بالجبل كان في 1955 رفقة شخص يدعى صالح العوجة وأن التقاءه بزيغود يوسف كان صدفة عندما كان الأخير عائدا من منزله العائلي في السمندو وكان ذلك ليلا، و يسترسل عمي موسى في الكلام «طلب مني البقاء برفقته بحكم معرفتي الجيدة للمنطقة وضواحيها لأن زيغود وقتها كان متجها إلى منطقة بورطل وبني صالح في نواحي سيدي مزغيش ولهذا الغرض قمنا بوضع الحراسة لتأمين وصوله وأتذكر جيدا في تلك الفترة قام بالترخيص بتدخين السجائر لأنه سبق وأن قام بمنعها من قبل حيث اتصل بمسؤولي الدوار لتبليغهم قرار الترخيص بتدخين السجائر وأكد لهم أن قرار منع التدخين وغيرها من الأمور كان يهدف من خلاله للتأكد من مدى قابلية الشعب للامتثال للأوامر وتطبيقها ومدى التفافه وتمسكه بالثورة واحتضانه لها».
و يواصل المجاهد بوخميس حديثه لنا بالقول «أول كلمة قالها لي زيغود هي أنه إذا وقف الشعب مع الثورة سننجح وإذا لم يتبعها فلن ننجح»، والحمد لله يضيف المتحدث الشعب خدم الثورة وكان يطبق كل تعليماته وأوامره واستعداده للتضحية من أجل نيل الاستقلال وهذا أحد عوامل وأسباب نجاح الثورة.
أما بخصوص هجمات 20 أوت 1955 فإن زيغود قام بالتخطيط والتحضير لها جيدا من كل النواحي بدءا من شحن الشعب وتحضيره بعد أن تأكد من وقوفه مع الثورة، حيث قام زيغود بتشكيل مجموعات موزعة عبر المشاتي والدواوير وكل مجموعة يرأسها مسؤول أو قائد وقام هؤلاء بتجنيد الشعب وكل واحد فينا تسلح بما عنده من سواطير و عصي و قارورات البنزين وغيرها، حيث تم تكليف كل شخص بعملية معينة ، فقد كلفنا بقطع الطريق و بحرق المحاصيل و قطع الهاتف وكذا تهديم الأعمدة الكهربائية، و تهديم الجسور و أيضا بمهاجمة العساكر أو الدرك.
وأضاف أن هذه الهجومات كانت منظمة كما ينبغي وليس بهمجية لأن زيغود كان يريد أن يبرهن للعدو شجاعة الشعب الجزائري وتعلقه بالثورة واستعداده للتضحية بنفسه من أجل الحصول على الاستقلال .
هاجمنا العدو في مجموعات من سيدي مزغيش
ويتابع المتحدث شهادته بالقول إنه وفي حدود الحادية عشرة صباحا من يوم 20 أوت 1955 وصلتنا رسالة للتوجه إلى سيدي مزغيش للقيام بهجمات على العسكر حيث تم تنظيم مجموعات من نواحي مختلفة مثل بوساطور و أم قطيطة و الخربة، وعند وصولنا إلى المدينة قمنا بإشعال النار في أكوام التبن لدرجة أصبح عصيا علينا رؤية بعضنا البعض بسبب كثافة النيران والدخان وتبادلنا اطلاق النار مع العدو إلى غاية انتهاء العملية أين طلب منا الانسحاب وكل من يخرج سالما يعود إلى منطقة الخربة كما سبق وتم الاتفاق عليه وهناك قمنا بإحصاء من استشهد ومن تم اعتقالهم و من بينهم نساء.
زيغود يوسف استشهد في اشتباك مع العدو ولم يتعرض للخيانة
بخصوص الرواية التي تقول أن زيغود يوسف تعرض إلى خيانة ووفاته جاءت بعد وشاية، نفى المتحدث هذا الأمر بشدة و أكد أن سي أحمد كما كان يسمى وقت الثورة جاء إلى منطقة بوالزرد ليلا وفي تلك الفترة لما توفي بشير بوقادوم هناك مسؤولين في الجبهة تمت الوشاية بهم إلى فرنسا التي قامت باعتقالهم وفي اليوم الموالي سمعنا أن العسكر يوجد في منطقة الخربة، و «أريد أن أؤكد أمرا ربما القليل من يعرفه أن زيغود يوسف كان ينام جالسا بلباسه العسكري ماسكا بسلاحه مستعدا لأي طارئ وأتذكر حينها أن أخبارا وصلتنا تفيد أن العدو وصل إلى منطقة الخربة فتم تكليف المسمى «بوشريط رحايل» بمراقبة طريق المنحدر لكن للأسف تأخر في إخبارنا وبعث لنا الأخير طفلا يخبرنا أن الطريق آمنة وعلينا الاسراع في المغادرة.
وتابع المتحدث يقول أن العدو لما وصل قرب الواد وجد البعض من المناضلين بالزي المدني فارين يغتسلون من مياه الواد فقام أحدهم بالفرار فلحقوا بهم وكانوا يريدون الامساك بهم لكنهم نجحوا في الافلات منهم قبل أن نلتقي بهم لاحقا.
كما أوضح المجاهد بوخميس أنه «إذا كان زيغود يوسف تعرض إلى وشاية لماذا لم يقم الجنود الفرنسيون لما وصلوا إلى منطقة الخربة بالتوجه إلى المنزل الذي يتواجد به زيغود ولماذا لم يحاصروا المنطقة مباشرة»، لكن ما يجب الإشارة إليه حسب محدثنا «أن أولئك المناضلين الذين هربوا من العدو باتجاه الواد ربما كانوا سببا في كشف أمرنا»، مضيفا أنه «لما التقينا مع هؤلاء لاحقا بمنطقة الحمري ودخلنا في اشتباك مع العدو طلب منا زيغود يوسف أن نبتعد عن بعضنا البعض وعدم التواجد في مجموعة واحدة لمنع الجنود الفرنسيين من الاقتراب نحونا، ولما خرجنا في المساء سمعنا بخبر وفاة زيغود يوسف واثنين من مرافقيه وثالث يدعى (لباردي)».


وصرح المجاهد موسى بوخميس أن البطل الشهيد زيغود يوسف قام بأشياء وأمور لم يسبقه إليها أحد من خلال: أولا تنظيم المسؤولين بالنواحي حيث كان يضع في كل مشتة خمسة مسؤولين و التخطيط الجيد ولما كنا نشاهده يسير ذهابا و إيابا في مكان ما نتأكد أنه يفكر ويخطط لأمر ما، بالإضافة إلى تمكنه من الإلمام بالجانبين العسكري والسياسي، و كان كل مسؤول يتكفل بجانب معين مثل التموين بالسلاح و الأخبار و العمليات، وبعد كل شهر كنا نلتقي لنعرض حصيلة كل واحد كما أن زيغود يوسف لم يلجأ إلى الانتخابات في اختيار الرجال والمسؤولين وإنما كان اختياره يتم وفق معيار الروح الوطنية والراية وكل من عينهم بقوا في مناصبهم إلى غاية الاستقلال، كما أنه لعب دورا كبيرا في وصول القضية الجزائرية إلى هيئة الأمم المتحدة، من خلال هجومات الشمال القسنطيني التي كان لها صدى إعلاميا كبيرا.
و لم ينس المتحدث الدور الكبير الذي لعبه الشعب الجزائري في هذه الهجمات بخروجه للتضحية بعد أن مل من ممارسات المستعمر ومن شتى أنواع الظلم والإهانة للمطالبة بالاستقلال، و برغم التعذيب لكن الشعب احتضن الثورة وأبدى استعداده للاستشهاد .
وقال المتحدث أن الشعب الجزائري قام بمبادرات لم يقم بها المجاهدون وتمكن من إيصال صوت الثورة إلى المغرب و تونس وإيطاليا، وقام بأشياء صعبة و خطيرة مثل وضع القنابل وسط العسكر وكذلك الأمر بالنسبة للنساء اللاتي كنا يضعن القنابل في معاقل العدو فليس سهلا أن تقوم المرأة بمثل هذه المهام الصعبة والمعقدة.
ما كنا نجمعه من سلاح من العدو أكثر مما كنا نجلبه من تونس
وتحدث موسى بوخميس عن مرحلة ما بعد استشهاد البطل زيغود يوسف، قائلا «واصلت النضال مع بن طوبال الذي انتقل بعدها إلى تونس، ثم مع علي كافي، و بعدها مع صوت العرب صالح بوبنيدر، ثم ابراهيم شيبوط و أديت الخدمة مع مسؤول المجموعة المسمى مختار بوشحيط، الذي كان يعطينا الأوامر ونحن ننفذها بحكم أني كنت أعرف المنطقة جيدا وكنت حينها مكلفا بتموين الولاية الثانية، حيث كنت أجمع الأموال، ثم أقوم بمنحها لمسؤولي الجبهة وأخذ السلاح لأقوم بتوزيعه على الولاية».
وعاد بنا المتحدث إلى الفترة ما بين 1957 و1959 عندما كانوا يجلبون السلاح من تونس، وقيام فرنسا بغلق الحدود  بأسلاك (شال وموريس) وزرع القنابل. في هذه الفترة هدأت الثورة نوعا ما وأعيد تنظيمها من جديد عبر مجموعات في الجبال كل واحد فينا يتكفل بمهمته و يتحتم عليه بأي طريقة للحصول على السلاح حيث كان لزاما علينا قتل الجنود الفرنسيين والاستحواذ على أسلحتهم وكذلك الأمر بالنسبة للأكل وبهذه الطريقة وصلنا إلى احصاء أن ما نأخذه من سلاح من العدو أكثر مما كنا نجلبه من تونس وواصلت مهمتي إلى غاية الاستقلال.
كدت أضحي بابني الرضيع من أجل الثورة
وروى المتحدث قصة وقعت له تنم عن التضحيات الجسام التي كان يقدمها المجاهدون من أجل استمرار الثورة حيث يؤكد أنه في أحد أيام سنة 1959 كان على وشك أن يقتل ابنه الرضيع لمنع انكشاف أمر المجاهدين في الجبل وبالتحديد في جبال برقول المتاخمة للحدود بين بلدية أم الطوب وعين قشرة، حيث كانت طائرات العدو تحوم حول المنطقة و «كنت حينها رفقة زوجتي وابني الرضيع فوجدت نفسي في موقف صعب فلو نتركه يبقى معنا رفقة جيش التحرير فإن صراخه سيكشف أمرنا عند العدو لا محالة فانتهينا إلى قرار قتل ابني الرضيع وكان عمره آنذاك لا يتجاوز 6 أشهر وبقدرة قادر ألغينا القرار فقررت نقله رفقة والدته إلى مكان بعيد عن العدو في مغارة تحت الأرض يصعب كشفها وكنت كل أسبوع أزورهم وأزودهم بالمؤونة».
ويؤكد المتحدث أن زوجته وابنه بقيا على هذا الحال طيلة ستة أشهر ليقوم بعدها بنقلهما عند عائلة زوجته للإقامة عندهم، «فوصل إليها العدو و طلبوا منها أن تدلهم عن مكاني لأني كنت وقتها محل بحث من طرف فرنسا لكن زوجتي رفضت الانصياع إلى كل مخططاتهم للإيقاع بي واعتقالي وبقيت في الجبل إلى غاية الاستقلال وكتب الله لي أن أعيش وأحضر فرحة الاستقلال».
و يختتم المجاهد موسى بوخميس حديثه بالقول أنه «على الأجيال الصاعدة أن تعرف أن صعودنا إلى الجبال وانضمامنا للثورة وتقديمنا لتلك التضحيات كان من أجل هدف واحد و وحيد هو الحصول على الاستقلال و استرجاع الجزائر سيادتها وأن يعيش الشعب حرا مستقلا».  
 كمال واسطة

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com