حث الأستاذ في التاريخ محمد الأمين بلغيث الأجيال الصاعدة على الافتخار بالثورة التحريرية، والاجتهاد والتفاني للحفاظ على مكاسبها، مؤكدا بأن الجزائر لديها من الرجال لمواجهة التحديات، وكل ما من شأنه أن يهدد أمنها واستقرارها.
وأوضح المتحدث في تصريح «للنصر» بأن ربط الجيل الجديد بالثورة المجيدة، ومبادئها الرامية إلى تكريس السيادة الوطنية، يبدأ من إقناع شباب اليوم بأن الثورة التي قام بها أسلافهم، إنما ترمي إلى تحقيق العدالة والمساواة أمام دولة القانون.
وأضاف بأن الإبداع والتفاني من الأمور المطلوبة من جيل اليوم من أجل خدمة الوطن، لأنهم أحفاد مصطفى بن بولعيد وديدوش مراد ومحمد العربي بن مهيدي، وذلك بعد أن حررتنا الثورة من عبودية فرنسا الاستعمارية، باسترداد سيادتنا المغتصبة منذ الخامس جويلية 1830م.
وقال الأستاذ بلغيث إن أبناء الأرياف كانوا وقود الثورة، كما أكده فرحات عباس ذات يوم لإحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية، ما يمثل اليوم الجزائر العميقة، وأن الثورة المجيدة حررت النفوس الثائرة على الغطرسة والظلم الاستعماري الذي طال خمسة أجيال كاملة، كي يحيى أحفاد الشهداء في دولة الحريات يتساوى فيها الناس أمام القانون ويستفيد جميعهم من خيرات البلاد.
ولم يخف المصدر أهمية التحديات التي تواجه الجزائر أمام ما يشهده العالم من تحولات، لا سيما ما تعلق بالحفاظ على السيادة الوطنية، وذلك بالوقوف على نفس المسافة بين الدول، ومنح أفضلية للدول الصديقة التي لا تعادينا ولا تتآمر علينا، وكذا لحلفائنا التقليديين، مع الالتزام بمعاملة خاصة مع عمقنا العربي.
كما دعا إلى توخي الحذر من عدو الماضي والحاضر والمستقبل، وقال الأستاذ في التاريخ بجامعة الجزائر إنه المؤيدين لرفع الوصاية الفرنسية على بلدنا، تكريسا لمبادئ الجزائر المستقلة، التي تسعى دائما للحفاظ على مكانتها الدولية، وتقوية جبهتها الداخلية، مع ضرورة توخي الحذر ممن يشوشون على أمن بلدنا.
ويؤكد الأستاذ محمد بلغيث بأننا لدينا من الرجال من يسهرون على بلد ودولة بحجم قارة، تحرص على عدم الاصطفاف مع أي طرف في الصراعات الدولية التي تستهدف الدول الضعيفة، وتأبى التآمر على الدول التي تسعى لتنمية وتطوير مجتمعاتها ومؤسساتها، التزاما بمبدأ الحفاظ على استقلال وسيادة الجزائر، ومواجهة أي خطر قد يهدد سلامتها ووحدتها.
ويعتقد المتحدث أن أنسب طريقة لتحسيس جيل اليوم بأبعاد الثورة المجيدة والحفاظ على مكاسبها، هي حثه على مضاعفة العمل والإنتاج، مع تبني الأساليب الصحيحة والسليمة في تحقيق مطالبه، من خلال تفادي الاضطرابات والاحتجاجات التي تؤدي إلى تخريب الملك العام والخاص وغلق الطرقات.
وشدد على ضرورة مواجهة الحملات المغرضة التي تستهدف بلادنا عن طريق منصات التواصل، من خلال توفير الرعاية الكافية بفئة الشباب، لحمايتهم من المغريات والجهات التي تسعى لاستهدافهم، مع تمكينهم من التعليم، ونشر الوعي بينهم بالخطر الصادر عن هذه المنصات جراء ما تطلقه من شائعات، معتقدا بأن بعض المواقع هي أخطر على أمتنا من جميع أنواع المخدرات التي تفترس العقول والأجسام.
ويعتقد ا بأن جيل اليوم لديه ما يكفي من الوعي، وما يحتاجه هو منحه الفرصة للمساهمة في بناء الوطن، والدفاع عنه حين يدق ناقوس الخطر أبواب قلعتنا الحصينة.
وأكد الأستاذ بلغيث فيما يتعلق بملف الذاكرة، بأن تحديد الأولويات وماذا نريد تحقيقه من مكاسب، يساعد على دفع هذا الملف.
ويأتي في صدارة ملفات الذاكرة تجريم جيش الاحتلال جراء ما ارتكبه في حق الشعب، في ظل وجود من عايشوا الثورة، ومن اقترفوا جرائم ضد الشعب الجزائري، قائلا إن محاكمة من قادوا الجرائم ضد الشعب ستكون خطوة هامة.
ويقترح الأستاذ في التاريخ بجامعة الجزائر أيضا استرداد الأرشيف من فرنسا، خاصة الأرشيف العثماني، والأرشيف المشترك بين البلدين منذ سنة 1830 إلى غاية سنة 1966 على الأقل، وهي السنة التي تُجمع الدراسات بأنها كانت نهاية التجارب العلمية والنووية التي قامت بها فرنسا في أرضنا.
ويضاف إلى ذلك مطالبة فرنسا بملفات التجارب النووية للقنابل الثلاثة التي تم تفجيرها في جنوب الصحراء، في كل من «رقان» و»حمودي» و»إينكر»، وإلزامها بتنقية وتطهير المكان على مساحة حوالي 400 ألف كلم مربع من الإشعاعات، وتعويض العائلات المتضررة إلى غاية اليوم من آثار التجارب النووية التي جرت في الصحراء في 13 فبراير 1960م.
كما أثار المصدر ملف إلزام فرنسا بالاعتراف بجرائمها في الجزائر مع التعويض، وتمكين الجزائر من استعادة ديونها التي بحوزة فرنسا، وهي عبارة عن حمولة خمس سفن كاملة، مع دين يقدر بحوالي 24 مليون قطعة ذهبية وزنها ما بين 3.1 و3.7 غرام.
وبشأن كتابة تاريخ الثورة، ثمن المتحدث الجهود التي يتم بذلها من قبل عدة باحثين، واصفا العملية بالظاهرة الإيجابية التي تشهدها جل أقسام التاريخ بجامعات ومعاهد التاريخ، لكنه يعتقد بأنه في حال غياب التأطير الجيد، مع خروج أجيال التأسيس إلى التقاعد، ووفاة بعضهم، وجب إيجاد من يخلف تلك القامات، من جيل الأستاذ سعد الله وقنان وسعيدوني وغيرهم. لطيفة بلحاج