الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

المحلّل السياسي رابح لعروسي في حوار للنصر: منطق الثورة جعل الجزائرقبلــة للباحثين عن الحرية

أكد المحلل السياسي الأستاذ رابح لعروسي أن المنطق التحرري للثورة الجزائرية، هو الذي جعل الجزائر تساند الشعوب المظلومة والمستضعفة والحركات التحررية في العالم وتبقى ثابتة على هذا النهج ضمن سياستها الخارجية، موضحا بأن هذا النهج الذي سارت عليه الجزائر جعلها قبلة الثوار و كل من يبحث عن الحرية.

حاوره: نورالدين عراب

وأشار لعروسي في حوار للنصر أن حرية الشعب الجزائري لم تأت من العدم وإنما جاءت نتيجة تراكم تاريخي و نضالي كبير نظير الممارسات اللاإنسانية للمستعمر الفرنسي ضد الشعب الجزائري الأعزل.
النصر: مناصرة الشعوب المستضعفة والوقوف إلى جانب حركات التحرر من مبادئ الثورة التحريرية وبيان أول نوفمبر، إلى أي مدى سارت الجزائر المستقلة على هذا المبدأ ؟
- إذا عدنا قليلا إلى الحقبة التاريخية إبان الحركة الوطنية، نجد أن الجزائر عرفت تنوعا سياسيا كبيرا من خلال اتجاهات سياسية منها ما كان إصلاحيا ومنها ما كان استقلاليا ومنها ما كان إدماجيا، ومنها ما كان يدعو إلى توحيد صفوف الوطنيين في إطار مواجهة المستعمر الفرنسي، هذا التنوع خلال فترة الحركة الوطنية كان من أجل تحقيق العزة و الاستقلال للجزائريين والحصول على حريتهم والخروج من ويلات الاستعمار والاستيطان، والوقوف ضد كل الأساليب العنيفة التي كان يستخدمها المستدمر الفرنسي ضد الشعب الجزائري الأعزل.
هذه المسألة الجوهرية التي غرست في نفوس الشعب الجزائري، أنه تواق للحرية والتحرر وسيد على أرضه وترابه وعلى خيراته، كل هذه الأمور جعلت الجزائريين يؤمنون وبقناعة على أن التحرر هو قضية مركزية وقضية لا نقاش فيها، وقضية تحتاج وقفة رجل واجد، لأن المستعمر الفرنسي والأساليب التي استعملها ليست أساليب تجعل من المواطن الجزائري له نفس الحقوق التي كان يمتاز بها أو يعيشها المواطن الفرنسي، فقد كان هناك فرق كبير بين ما كان يحس به المواطن الجزائري والمعمر الفرنسي، وكان يوجد خطاب يروج لإعطاء الحقوق للجزائريين في إطار الشعار الذي رفعته فرنسا (الجزائر فرنسية) لكن في الممارسة والواقع الشعب الجزائري كان يعيش الظلم، ومنطق العبودية والتبعية والإقصاء والتعنيف.
و كل ذلك جعل الشعب الجزائري يناصر الأحرار ويبحث عن الحرية التي تصنع من المواطن الجزائري مواطنا حرا، ومن حقه أن يدافع عن أرضه، ويطرد المستعمر الفرنسي ويسترجع كل الحقوق والخيرات التي سلبها منه المستعمر، وبالتالي مقاربة التحرر والحرية لم تأت من العدم وإنما جاءت نتيجة تراكم تاريخي وتراكم نضالي كبير بسبب الممارسات اللاإنسانية التي مارسها المستعمر الفرنسي ضد الشعب الجزائري الأعزل، وهذه مسألة هامة ترسخت في وجدان الجزائري.
أما ما تعلق بتوحيد التوجهات السياسية تحت مظلة جبهة التحرير الوطني التي من خلالها تحرر الوطن بدماء الجزائريين الأحرار من الشباب الذين فجروا الثورة التحريرية، وكانوا معطائين ومندفعين من أجل الظفر بحريتهم واستعادة كرامة الشعب الجزائري نتيجة ما سلبه منهم الاستعمار الفرنسي، وبيان أول نوفمبر يتحدث عن رسالة هامة وهي الجهاد في سبيل الله وتحرير الأرض والوطن والإنسان والشعب الجزائري، وخاصة ما تعلق بأن الشعب الجزائري حر، وهذه العبارة رددها رئيس الجمهورية خلال زيارته لروسيا مؤخر «فعلا الشعب الجزائري ولد حرا وسيبقى حرا» وفعلا هذه المسألة الهامة والجوهرية التي يفهمها بعض أعداء الجزائر، لأن المنطق التحرري للشعب الجزائري هو الذي جعل الجزائريين يساندون كل الشعوب المظلومة والشعوب المستضعفة، الأمر الذي جعل الجزائر اليوم قبلة الثوار وقبلة كل من يبحث عن الحرية والأمثلة كثيرة في هذا المجال، إلى جانب نصرة المستضعفين في الأرض والحركات التحررية.
النصر: كيف تقيّم استمرار الجزائر على نهج مناصرة الشعوب المستضعفة بعد الاستقلال؟
- بعد الاستقلال والانتقال إلى الثنائية القطبية بعد الحرب العالمية الثانية وتشكل نظام دولي جديد من خلال وجود المعسكر الشرقي والغربي وما تعلق بالحرب الباردة بين المعسكرين، التحقت الجزائر مباشرة بعد استقلالها بحركة إقليمية وهي حركة عدم الانحياز، وهذه الحركة أهم ما فيها أنها كانت تشتغل في إطار أنها لا تناصر أي معسكر وإنما تترك مسافة واحدة بين المعسكرين، لأن مرحلة الحرب الباردة كانت مرحلة هامة أيضا فيها سباق تسلح، والبحث عن أكبر عدد من الدول التي تدعم طرفا على حساب الآخر، وبالتالي مظلة عدم الانحياز ضمت كل الدول التي عرفت ويلات الاستعمار و القهر و الاستيطان والعنف ضد شعوبها، وبهذا أغلب الدول التي كانت في حركة عدم الانحياز هي دول حديثة الاستقلال كالدول العربية، وبعض الدول الآسيوية والإفريقية، والتي جعلت القضايا العادلة والمصيرية وتحرير الشعوب وحركات التحرر في العالم كلها مسائل جوهرية وبذلك وجدت مظلتها في عدم الانحياز، وحتى المرافعات الدولية والإقليمية على مستوى الأمم المتحدة اهتمت بهذه الدول وخاصة الحركات التحررية التي كانت تواجه ويلات كبيرة، منها ما تعلق بجنوب الفيتنام والتمييز العنصري في جنوب إفريقيا وما تعلق ببعض الدول الآسيوية منها الهند وباكستان وما تعلق ببعض الدول الإفريقية كالكونغو ومالي والدول المستعمرة تقليديا.
كل هذا والجزائر من موقعها كدولة عرفت لغة التحرر وقفت إلى جانب الدول الطامحة إلى الاستقلال والتحرر ومنها الصحراء الغربية ، والجزائر تعرف جيدا ما معنى شعب تنتهك حريته، ويتم الاستيلاء على أراضيه وعلى خيراته، مثل ما يعرف الشعب الجزائري جيدا معنى الحرية و كذا معنى عزله وطمس حريته واستغلال خيراته وثرواته والتمييز العنصري.
و لدينا أيضا تجربة القضية الفلسطينية وهي قضية تتعلق بدولة تقبع تحت وطأة الكيان الصهيوني الذي يمارس الاستيطان والاحتلال، وكل هذه الممارسات تعبر عن حالة يأس وعنصرية في هذه الأنظمة الفاشية والاستعمارية التي لا تعرف معنى حقوق الإنسان، فأبسط الأشياء التي يمكن المرافعة عليها من طرف هذه الدول التي تتغنى بالديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان، لكن في خفاياها ووجهها الحقيقي أنها تقف ضد هذه القيم الإنسانية، وبالتالي الجزائر مقاربتها واضحة في هذا المجال ومقاربتها من عمق التاريخ الجزائري انطلاقا من بيان أول نوفمبر الذي رفع شعار تحرير الوطن ومناصرة القضايا العادلة والمستضعفة.
النصر: ما هي انعكاسات مبدأ الجزائر الثابت بدعم حركات التحرر على الشعوب المستضعفة الطامحة إلى الحرية والتخلص من الاستعمار في العالم؟
- في هذا المجال هناك بعض الأدوات ليست بيد الجزائر وإنما قوى إقليمية ودولية التي تملك حق النقض وحق الفيتو في مجلس الأمن وتملك الآليات الكفيلة بتوقيفها، لكن الجزائر من موقعها الإقليمي والاستراتيجي والدولي ووجودها اليوم في مجلس الأمن، اعتقد أنها سترافع من مقاربة قوية جدا، وهذه المقاربة تنطلق من وجود خلفية تتعلق بالدعم الإفريقي والعربي والآسيوي للجزائر بدليل عدد الأصوات التي صوتت لصالح الجزائر وهي 184 صوتا، هذا يؤكد بأن الجزائر من هذا المنبر سترافع وتفضح وتكشف الملابسات وتحرج الدول الإقليمية والدولية عن كل الممارسات التي لا تزال تمارس ضد الشعوب المستضعفة.
أعتقد أن هناك قضيتين مركزيتين للتحرر في العالم اليوم، هما قضيتا فلسطين و الصحراء الغربية، وأظن أن أمام هاتين القضيتين المركزيتين الجزائر سترمي بكل ثقلها من أجل فضح الممارسات التي يمارسها الاحتلال المغربي وجعل الأمم المتحدة ترجع إلى القرار الأممي المتعلق بتصفية الاستعمار وتنظيم الاستفتاء، لأن هناك سقطة وخذلان دولي ونكسة أممية، خصوصا وأن مجلس الأمن حال دون الوصول والذهاب إلى تقرير المصير عن طريق تنظيم الاستفتاء، وبالتالي الجزائر ترمي بكل ثقلها من أجل فضح ممارسات المستعمر المغربي إعلاميا وحقوقيا وأمميا وأي موقع آخر يتاح للجزائر إلا وتفضح من خلاله هذه الممارسات وتؤكد البطش والممارسات اللاإنسانية التي يمارسها الاحتلال المغربي ضد الشعب الصحراوي الأعزل ونهب خيراته وممتلكاته، وأن لا حل لهذه القضية إلا بتنظيم استفتاء الشعب الصحراوي الذي من حقه أن يقرر البقاء تحت المظلة المغربية أو الحكم الذاتي أو الاستقلال، لكن أهم شئ هو تطبيق الشرعية الدولية.
والجزائر في القضية المتعلقة بفلسطين، أعتقد أنها ستقوم بفضح الممارسات الصهيونية وتقوم بمزيد من الضغط على أعضاء مجلس الأمن من أجل وضع حد لهذه الممارسات وإقرار إقامة دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وأيضا تمكين فلسطين من عضوية دائمة، وهذا التمكين هو الذي سيجعل الدول الكبرى في إحراج كبير نحو الحقوق والواجبات.
النصر: إلى أي مدى يرسم بيان أول نوفمبر السياسة الخارجية الجزائرية؟
- صحيح أن الجزائر لما نرجع إلى مبادئها الثابتة في سياستها الخارجية، نجد أنها تقوم على مبادئ صلبة، وهذه المبادئ مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبيان أول نوفمبر والثورة التحررية كانت العمليات قائمة فيها على تحرير الجزائر، ولم تكن من أجل تقوية جبهة على حساب جبهة أخرى أو اتجاه ضد اتجاه آخر، وإنما كل العمل التحرري كان تحت مظلة واحدة وهي تحرير كامل تراب الجزائر ومنح الحرية للشعب الجزائري، ولما نقرأ بيان أول نوفمبر لا نجد فيه أي إشارة لاتجاه معين وبالتالي الرسالة كانت قوية وهي تحرير الأرض، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول تبقى ثابتة لا أحد يتجاوزها، والجزائر انطلاقا من هذا المبدأ الثابت زاد من احترامها وموثوقيتها في العالم، وفي نفس المنطق فإن المنطق التحرري هو الذي جعل الجزائر تقول كلمة الحق وخاصة لما يتعلق الأمر بالقضايا العادلة، وكل هذا كان نتيجة لمخرجات الثورة الجزائرية، وحتى يكون الاستقلال الكامل لابد أن تحصل الشعوب الأخرى على استقلالها، ومادام هناك مستعمرة واحدة في إفريقيا تبقى هذه القارة كلها تحت وطأة الاستعمار مهما كان نوع هذا الاستعمار، وبالتالي الجزائر من خلال مسارها التاريخي والبطولي للشعب الجزائري وثورة التحرير المباركة وما صنعه الأبطال جعلهم يرافعون ويساندون القضايا العادلة، وأكثر من ذلك النضال اليوم من طرف الشعوب المستضعفة ليس من أجل تحرير الأرض فقط وإنما طرد الاستعمار الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي، وبالتالي الشعوب المستضعفة والدول الموجودة في طريق النمو بحاجة إلى استقلال حقيقي من خلال تنمية حقيقية، و أعتقد أن الجزائر رائدة في ذلك وخير مثال هو ضخ أكثر من مليار دولار في إطار تنمية إفريقيا والبنية التحتية الإفريقية.
ن.ع

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com