الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 الموافق لـ 24 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

المجاهد محمد بولمصاحف للنصر: اجتزت خط "شال" مع 136 مجاهدا و عدنا محملين بالسلاح

عاشت جبال جيجل خلال الثورة المجيدة العديد من المحطات و المعارك التي يتذكر تفاصيلها المجاهدون، و من بينهم المجاهد محمد بولمصاحف ابن صالح المدعو « السحفي « البالغ اليوم 87 سنة، عضو المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني من 1955 إلى 1957، و عضو جيش التحرير الوطني من 1958 إلى 1962، الذي التحق بالثورة سنة 1955، و هو من المحكوم عليهم بالإعدام.

المجاهد مازال يتذكر جيدا تفاصيل عديدة من تنقله بين جبال بوسيف بأولاد عسكر إلى تونس في مهمة لجلب السلاح و الذخيرة، في رحلة مملوءة بالمخاطر و الجوع و العطش و التعب و السير لأيام من دون حذاء رفقة إخوته في الجهاد، حيث يروي في هذا اللقاء مع «النصر» كيف قضى ثلاثة أشهر رفقة مجاهدين و قادة في تونس أبرزهم الشهيد علي منجلي، كما يسرد تفاصيل إصابته و أسره ثم هروبه من الأسر، و قتل إخوته بسبب اللقب العائلي من قبل المستعمر و ما تحملته قرية «تاملوكة» بواد النيل بالشقفة من بطش المستعمر.
توجهنا إلى المنزل العائلي للمجاهد بولمصاحف محمد بمنطقة الخروبة ببازول، أين كان في استقبالنا رفقة ابنه و أفراد العائلة و قد أخبرنا ابنه بأنه تعب كثيرا طوال حياته كونه من الأشخاص الذين حملوا السلاح مرات عديدة في وجه أعداء الوطن خلال الثورة المجيدة وفي العشرية السوداء، و كان دائما شامخا و مناضلا في سبيل الله و الوطن.
أخبرنا عمي محمد عن تفاصيل التحاقه بالثورة سنة 1955، حين كان يبلغ من العمر 19 سنة، بعدما جنده مسعود الطاهيري مسؤول بالمنطقة، و الذي أشرف على تجنيد المخلصين من أبناء الوطن، أين قام أحد المجاهدين من عائلة بوفعطيط بالتعريف بهم، و كانت منطقة « تاملوكة « بالشقفة مقرا للثورة، و تضم مركزا هاما للمجاهدين، و التحق رفقة المجاهد علي بوفعطيط بالجهاد، وفي تلك الفترة كان يتم إنشاء فرق من المسبلين في عدة مناطق و منحهم السلاح « المسدسات» ، و تكوين العديد من الفرق و توزيعها عبر تراب الولاية و خصوصا في محيط بوسيف أولاد عسكر، و يتذكر عمي محمد العديد من الأسماء، على غرار عبد الحميد بلفريخ، مسعود بوحنيكة، بوجريحة، فريد بوفناس، و الذين ساهموا في إنشاء الفرق بعدة مناطق، و مازال يتذكر يوم استشهاد بلقاسم بوغريرة في تلك الفترة عند القيام بعمليات لإخافة و قتل أفراد الجيش الفرنسي، يومها أصيب عمي محمد برصاصة المستعمر، ما استدعى نقله إلى مسستشفى بولاية بجاية من قبل الجيش الفرنسي، و هنا يؤكد محدثنا أن الغرض من نقله ليس من أجل علاجه استعطافا بل من أجل استنطاقه و تعذيبه بعد العلاج.
و يكمل المجاهد روايته بالقول أنه بعد مرور مدة من الزمن تم إعادته إلى منطقة الطاهير، مضيفا « بعدما تم إعادتي و علاجي ببجاية، تم نقلي إلى مدينة الطاهير من قبل جنود فرنسيين، و تبين من خلال حديثي مع ممرضين، بأنه سيتم إستنطاقي و تعذيبي، وقررت الهروب من مستشفى الطاهير، بمساعدة ممرضة تدعى ( ساسية) و ممرض يسمى ( ياحي) من أبناء المنطقة، وبعدها تنقلت بإتجاه منطقة الشقفة، أين تم مساعدتي من قبل أحد أبناء المنطقة، و بعد فترة علمت بأنه تم إصدار حكم بالإعدام في حقي»، مضيفا بحزن و حسرة بأن ثمن هذا الهروب كان ثمنه غاليا جدا فقد كان سببا في قتل عدد من أفراد عائلته من قبل المستعمر.
مشينا شهرا حفاة و ببطون خاوية نحو ساقية سيدي يوسف
و عرج المجاهد للحديث عن مرحلة مهمة في حياته الثورية، كانت في أواخر سنة 1957، بعدما شرع في إعداد و تكوين الفرقة التي ستتوجه إلى تونس من قبل المجاهد عبد الحميد العياشي، نائب القائد مسعود الطاهري، و كان مكان اللقاء و التحضير بمنطقة النغرة بأولاد عسكر، أين تم إعداد فرقة تضم 136 مجاهدا، رفقة المجاهد عاشور لبداعي و قدمت له مختلف التوجيهات و طريقة التنقل، و هناك من المجاهدين الذين إنسحبوا، موضحا بأن التعليمات التي قدمت و خلال التنقل وفي حالة إصابة مجاهد يجب قتله تجنبا للعثور و القبض عليه من قبل المستعمر، ما سيتسبب في الكشف عن المخطط، وقال المجاهد « في المنطقة كان المجاهد صالح بوحبل مشرفا على مجموعة و نتواصل مع بعضنا البعض، و كنت أنشط بدوار بوتناش، وفي بداية شهر سبتمبر، انطلقت فرقة تضم 136 فردا على غرار عبد الحميد بلفريخ، بوزلوف أحمد، بيطاطيش علاوة، بوربون، مسعود تيرور، من منطقة النغرة في حدود الساعة الخامسة مساءا، وصولا إلى منطقة مشاط في حدود الفجر، أين أخبرنا مجاهدون باستشهاد (البركة )، بعدها واصلنا السير باتجاه بني صبيح، كنا نسير وفق برنامج مسطر مسبقا، و كان تنقلنا في الليل، و بعدها واصلنا السير إلى الحروش و كان التنقل بسرية و حذر، مررنا بمنطقة العزابة، الدباغ، النشماية، أولاد بشيح و بعد أزيد من 28 يوما وصلنا إلى ولاية سوق أهراس، و أثناء تنقلنا كان يرافقنا مرشد من كل منطقة، و نحرص على عدم تركه إلا بعد يومين من تنقلنا، وبسوق أهراس، وجدنا المنطقة الحدودية ملغمة و محاطة بسياج من الصعب المرور عبره، و أمرنا، قائد المجموعة عاشور لبداعي بتغيير المسار باتجاه ولاية تبسة، لصعوبة المهمة، و كانت النتيجة سلبية، بحيث وجدنا المنطقة خطرة و ملغمة أيضا، بعدها عدنا إلى حدود ولاية سوق أهراس، و أخبرنا القائد بضرورة المخاطرة في العبور، أين قررنا تحمل كافة النتائج و مخاطرها و المرور باتجاه تونس».

و يتذكر عمي محمد تفاصيل لحظة العبور و التي كانت بعد صلاة العشاء، أين بدأ المجاهدون في التسلل و التنقل، قائلا « لحظة تنقلنا لم نكن نعي خطورة المكان، الذي كان محاطا بجنود و آليات الجيش الفرنسي، و فور تقطيع الخيط الشائك انطلقت صفارة الإنذار لينطلق الاشتباك، و كان الاتفاق على اللقاء في منطقة محددة بعد خط شال، أصبت إصابة خفيفة، و استشهد أحد المجاهدين « عبد المجيد» جراء انفجار لغم مزروع، دخلنا بالقوة باتجاه تونس، ساقية سيدي يوسف، بعد اشتباك فاق الساعة من الزمن، كان اللقاء في حدود الساعة العاشرة صباحا بالمكان المتفق عليه، بعدها واصلنا السير إلى ساقية سيدي يوسف، فقد كان جلنا مصابين و تم نقل عدد معتبر للعلاج، و بعد مرور أسبوع، تم نقلنا إلى ولاية الكاف».
عدت أحمل 50 كيلوغراما من الأسلحة و الذخيرة
و بولاية الكاف، ذكر المجاهد، بأن المهمة كانت تقتضي تدريبهم على حمل السلاح و التعامل معه، أما بالنسبة له فقد تم نقله من قبل القادة علي منجلي، محجوبي، عيسى، ووضعه تحت التصرف بمكتبهم و من أجل الحماية، و تدرب المجاهدون على العديد من الأسلحة الثقيلة لمدة قاربت ثلاثة أشهر، و بتاريخ العودة لم يتم إبلاغه بموعد العودة، حيث تفاجأ بعودة رفقائه، ما جعله يغادر مسرعا باتجاه ساقية سيدي يوسف، و قال « غصبت كثيرا، بالرغم من المهمة التي كانت ستوكل لي بتونس إلا أني أخبرت قائد المجموعة بأني أفضل الجهاد و محاربة المستعمر في الجزائر، بعدها تم تقديم سلاح لي من قبل المجاهدين، و قبل انطلاقنا سبقتنا مجموعة من ولاية سكيكدة، فقد كنت محملا بحقيبة ظهر تزن حوالي 50 كيلوغراما من الأسلحة و الذخيرة، و لدى وصولنا للخط الفاصل بإتجاه ولاية سوق أهراس، بعد مرور يوم تبين بأن الفرقة التي سبقتنا من ولاية سكيكدة قد قتل جميع أفرادها ماعدا ثلاثة مجاهدين، و تنقلنا كان في شهر ديسمبر، موسم تساقط الأمطار و الثلوج، فقد فقدنا جنديين جراء سقوطهما في وادي، بعدها، واصلنا السير لمدة فاقت 31 يوما وصولا إلى منطقة أولاد عسكر، و أتذكر، تفاصيل عديدة على غرار السير من دون حذاء لأيام، و قد كان السير على نفس المسار في مرحلة الذهاب، و طريقة الهروب و الاختباء من الجيش الفرنسي، أين تم فقدان 3 مجاهدين في رحلة جلب السلاح من تونس».
و عرج، المجاهد عمي محمد للحديث عن العديد من المحطات التي عاشها و تنقله و جهاده، بحيث عمل بمنطقة أولاد عسكر بوسيف، و حضر عدة معارك و شهد استشهاد العديد من رفقاء الدرب، و يتذكر معركة وقعت سنة 1959، بعد محاصرة الجيش الفرنسي للمنطقة، بما يفوق خمسة آلاف جندي، استشهد خلالها 8 مجاهدين بمنطقة تملوكة على غرار القادة شيبوط، مريخي، و في سنة 1960 تنقل إلى منطقة العوانة « القسم الثاني»، تحت قيادة أحمد لعبني، و واصل العمل المسلح بمناطق سلمى بن زيادة و المناطق المجاورة، ويتذكر تفاصيل الإعلان عن وقف إطلاق النار و تكليفهم بحمل و رفع العلم الجزائري يوم 5 جويلية، أين قام برفعه بساحة زيامة منصورية.
و يعرف عمي محمد باسم « السحفي»، وهو اسم أطلق عليه من قبل المجاهد مسعود بن الصم، بعدما أباد المستعمر عددا معتبرا من أفراد العائلة فطلب تغيير اسمه من بولمصاحف إلى السحفي من أجل إخفاء اللقب الحقيقي، و كان ذلك سنة 1956، بعد هروبه من المستشفى بولاية بجاية.
كـ . طويل 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com