أكد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة المسيلة مصطفى عبيد بأن الاحتفال بالذكرى 70 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 54 له وقع خاص هذه السنة، لأنه يحمل رسالة أمن و آمان وبأن الجزائر لها القوة والاستعداد للدفاع عن الوطن، و لها كلمتها بصفتها دولة ذات سيادة كاملة الأركان.
وقال الأستاذ مصطفى عبيد في حديث مع «النصر» إن إحياء ذكرى اندلاع الثورة التحريرية سنويا للتذكير بتضحيات الشهداء الأبرار، يحمل في طياته رسالة قوية بأن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير هو مؤسسة دستورية لها انضباطها، تمارس مهامها ضمن ما ينص عليه القانون الأساسي للبلاد، وأن الاحتفال بزخم بهذا الحدث التاريخي الفاصل يعكس مدى ارتباط الشعب بجيشه ووطنه.
كما تعيد هذه الذكرى الخالدة التأكيد في كل سنة على السيادة الكاملة للجزائر كدولة مكتملة الأركان، بجيشها القوي حامي البلاد يسهر على سلامة وأمن الوطن، حامي اللحمة الوطنية، وهي الرسالة التي يدركها تمام الإدراك المواطن بفضل ما يحمله من وعي أيا كانت المراتب والوظائف التي يؤديها، كل في مجاله العسكري والأمني والمدني.
ويؤكد الأستاذ في التاريخ المعاصر والحديث بأن المواطن الجزائري لديه من الوعي ما يمكنه من تقدير حجم الأخطار المحدقة بالبلاد، سيما في ظل الأوضاع الجيوستراتيجية العالمية، وما يحدث بالمشرق العربي ودول الجوار، لذلك فإن إحياء مناسبة اندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر هذه السنة تحمل بعض الخصوصية و رسالة عميقة بلغ صداها الشعب برمته.
ومغزى الاحتفالات والاستعراضات المبهرة التي تقام سنويا وتشد انتباه واهتمام المواطنين يقول المتدخل، يكمن أساسا في إظهار الصورة المشرفة للجزائر القوية الصامدة بأبنائها ووحدتها ولحمتها، بإطاراتها وعمالها وموظفيها ومسؤوليها كل في مجاله.
ويؤكد الأستاذ مصطفى عبيد بأن مبادئ الثورة في بعدها الوطني تجسدت كاملا لدى كل مواطن بما يشعر به من الغيرة على سيادة البلاد وأمنها واستقرارها، دون أن يرضى بأن تمس أو تهان، وهي السمة المشتركة بين كافة الجزائريين كافة والصفة التي يتقاسمها الجميع.
ويضيف الأستاذ في التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة المسيلة بأن الجهود تظل مستمرة لتحقيق أبعاد الثورة في شقها المتعلق بتحقيق التطور في شتى الميادين والمجالات، بناء على الأهداف المسطرة على المدى المتوسط والبعيد، وأن أشواطا هامة تم قطعها منذ الاستقلال لتحقيق التنمية.
ويرى المتحدث بأنه بعد 70 عاما على اندلاع الثورة المجيدة ما يزال الطريق متواصلا لتجسيد كافة الأهداف، في حين تظل الوطنية واللحمة والأرض والعرض وسيادة الدولة الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه وهي مبدأ لا يختلف عليه الجميع.
ويؤكد المتدخل في ذات السياق على دور المناهج التعليمية والتربوية في ربط الفرد بتاريخه، وعلى ضرورة إعطاء الأهمية لمختلف المراحل التاريخية سيما المحطات الأساسية منها، وأن ينتقل الاهتمام بالتاريخ من تحقيق أهداف مرحلية وبسيطة إلى إشراك الأفراد في بناء الدولة بنوايا صادقة.
ويقتضي تحقيق هذا الهدف ضرورة التفريق بين التاريخ والقصة لأن الكثيرين لا يميز بينهما، اعتقادا منهم بأن القصص التي تروي التاريخ هي التاريخ ذاته، في حين أن التاريخ هو علم، وفي أبسط حالاته هو فن، وللفنون أصولها وطرق تدريسها، وقد استفاد التاريخ من العلوم الأخرى وصار يؤمن بالدراسات النقدية والتحليلية والمناهج على نحو العلوم الإنسانية والاجتماعية.
كما دعا الأستاذ مصطفى عبيد لجعل التاريخ حام لعناصر الهوية الوطنية، من خلال الاهتمام بمناهج تدريسه، وبإثراء محتويات البرامج المعتمدة.
ويرى من جهته الأستاذ نجيب بن لمبارك أستاذ وباحث في التاريخ في حديث مع «النصر» بأن الظرف الدولي الراهن يحتم على الجزائر الاحتفال بذكرى اندلاع الثورة التحريرية في زخم، لأجل إظهار قوتها أمام العالم والأعداء الذين يتربصون بها، لذا على وسائل الإعلام القيام بدورها التوعوي على أكمل وجه، وكذا الأسرة من أجل تكوين فرد واع بالرهانات والمسؤوليات، سيما وأن أكبر مشكلة تواجهنا هي تواصل الأجيال.
ويضيف المصدر بأن التذكير بتضحيات الشهداء الذين سبلوا أرواحهم لأجل أن يحيا الوطن يحقق هدف التواصل بين الأجيال، ويجعل الفرد في مستوى التحديات المرفوعة، من خلال العمل الجاد، مقترحا بدوره مراجعة طرق تدريس التاريخ في مختلف المستويات التعليمية، بالاعتماد على عنصر التشويق والأسلوب الجذاب وعلى السمعي بصري في ترسيخه لدى النشأ.
ويؤكد الباحث في التاريخ بأن تلاحم القوى الوطنية هو من يصنع القوة، وأن وقوف الجزائريين في صف واحد كفيل بمواجهة المتربصين بالبلاد، مضيفا بأن التلاحم يبدأ من الأفراد، وأن الوعي تصنعه أولا الأسرة ثم المدرسة والحزب السياسي والمسجد والجامعة ومختلف المؤسسات التي تعنى ببناء الفرد، وتكوين النشأ على القيم النبيلة والروح الوطنية.
لطيفة بلحاج