تدابير لحماية الثروة الحيوانية و التنوع البيولوجي
أعلنت وزارة الفلاحة و التنمية الريفية بالجزائر إطلاق موسم الصيد البري 2023 يوم 15 سبتمبر الجاري وسط تحديات كبيرة تميزها التغيرات المناخية المتطرفة و تراجع الثروة الحيوانية و إلحاق الضرر بالملاذات الإيكولوجية التي تعيش فيها طرائد الصيد، كالغابات و الأحراش.
فريد.غ
و قد قررت وزارة الفلاحة و التنمية الريفية و من خلالها المديرية العامة للغابات اتخاذ المزيد من الإجراءات للحد من الصيد غير المرخص و الصيد الجائر الذي ألحق ضررا كبيرا بالثروة الحيوانية في الجزائر على مدى السنوات الماضية.
و قالت الوزارة في بيان لها بأنه و في إطار إعادة بعث نشاط الصيد في الجزائر، سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لجعل النشاط فعالا و ذلك من خلال تنظيم الصيادين وتدريبهم للحصول على رخصة الصيد، و تنصيب المجلس الأعلى للصيد والثروة الصديدية مع البدء في أشغاله و تحديد مناطق الصيد المخصصة للإيجار بالمزارعة و ضبط حدودها، و إعداد مخطط الصيد.
و بمقتضى القانون رقم 07-04 المؤرخ في 27 جمادى الثانية عام 1425 الموافق لـ 14 أوت سنة 2004 والمتعلق بالصيد، و تنفيذا لنصوصه التطبيقية، وبصفتها تتولى رئاسة المجلس الأعلى للصيد و الثروة الصيدية، أعلنت وزارة الفلاحة و التنمية الريفية، عن موعد افتتاح نشاط الصيد لموسم 2023-2024، ابتداء من تاريخ 15 سبتمبر 2023، على حسب مخطط الصيد لكل ولاية، و الذي يحدد فترات الصيد، و مختلف أنواع الطرائد المرخص بصيدها، والعدد الذي يسمح لكل صياد باصطيادها.
و دعت الوزارة محافظي الغابات لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة التي تترتب عن افتتاح موسم الصيد و ممارسته في ظروف حسنة مع اتخاذ كافة الترتيبات الوقائية والأمنية الخاصة بسلامة الأشخاص و احترام التوازن الإيكولوجي.
و يمنع القانون الجزائري ممارسة الصيد أو أي نشاط صيد أخر خارج المناطق و الفترات المنصوص عليها، و ممارسة نشاط الصيد في ملك الغير دون ترخيص بذلك، و اصطياد الأصناف المحمية، أو القبض عليها أو حيازتها أو نقلها أو استعمالها أو بيعها بالتجول و بيعها أو شرائها أو عرضها للبيع أو تحنيطها، و ممارسة الصيد في المساحات الخاضعة لنظام الحماية المحدثة وفقا لهذا القانون الذي يفرض عقوبات جزائية صارمة على أنشطة الصيد العشوائي، تصل إلى أحكام سالبة للحرية، و مصادرة معدات الصيد من أسلحة و مركبات تستعمل في التنقل إلى مواقع الصيد في الليل و النهار.
و بالرغم من صرامة القوانين سارية المفعول مازالت ظاهرة الصيد الجائر و الصيد غير المرخص و الاتجار بمختلف أنواع الطيور و الحيوانات البرية تأخذ أبعادا مقلقة و مؤثرة على النظام البيئي الهش و التنوع البيولوجي الذي ظل يميز مساحة واسعة من البلاد قبل أن يتراجع تحت تأثير عوامل كثيرة منها الاعتداءات المتكررة على مكونات الطبيعة، و التغيرات المناخية المتطرفة التي تكاد تقضي على ما تبقى من الملاذات الطبيعية الآمنة التي بقيت محافظة على بعض من تنوعها البيولوجي ومكوناتها الطبيعية، سواء بالحزام الشمالي الأخضر أو بالهضاب العليا و البر الصحراوي الجنوبي الذي تعيش فيه عدة أنواع من الطيور و الحيوانات المعرضة للمطاردة و الانقراض.
و تراهن وزارة الفلاحة و التنمية الريفية و معها حماة البيئة و الحياة البرية بالجزائر على رجال الغابات و الدرك الوطني و جمعيات حماية البيئة لصد مجموعات الصيد العشوائي الجائر من خلال الدوريات و عمليات المراقبة في الليل و النهار، حيث مكنت العديد من عمليات المراقبة من الإيقاع بالكثير من شبكات الصيد و الاتجار بالطيور النادرة و المهددة بالانقراض، لكن اتساع رقعة البر الجزائري وتعنت عصابات الصيد والمتاجرة شكل عقبة حقيقية أمام فرق حماية الغابات و حتى الدرك الوطني و الجمارك و حماة البيئة الذين لم يتوقفوا عن دق ناقوس الخطر محذرين من أن العديد من أنواع الثروة الحيوانية ربما ستختفي في غضون السنوات القادمة إذا استمرت العوامل المعادية على ما هي عليه اليوم من تغيرات مناخية و صيد جائرة و تجارة رائجة وفوق كل هذا حرائق تدمر بيئة الطيور والحيوانات وكل مكونات الحياة البرية كل صيف، ومن الصعب تجديد هذه البيئة و العودة إلى سلسلة التكاثر و ترميم التوازن الإيكولوجي المتصدع.
و استنادا الى المديرية العامة للغابات فإن ما لا يقل عن 24 نوعا من الطيور و 20 نوعا من الثدييات محمية بالجزائر و يمنع صيدها، بينما يوجد 23 نوعا من الحيوانات و الطيور المهددة بالانقراض من البر الجزائري مترامي الأطراف، و لذا فإن التحديات المستقبلية كبيرة و تتطلب بذل المزيد من الجهد حتى تتعافى الحياة البرية و يلتئم الصدع الإيكولوجي المثير للقلق.
و أنشطة الصيد، التي عرفها الإنسان منذ القدم، كمصدر للغذاء و كذلك من أجل التقليل من أعداد الحيوانات الضارة بالمحاصيل الزراعية، فإنها أيضا سياحة و ترفيه و رياضة و متعة لكن ممارستها تتطلب المزيد من التنظيم و أخلاقيات الصيد و حماية البيئة، فالصياد مطالب بالمحافظة على البيئة و الصيد الرحيم، و عدم الإضرار بالنباتات عن طريق الحرق و التلويث بالنفايات البلاستيكية، حتى لا تتأذى الطبيعة و تتعافى الحياة البرية التي تعرف تراجعا مقلقا للعديد من الطيور و الثدييات، و حتى النباتات التي كانت تزين الطبيعة في كل الفصول.
و مازالت عصابات الصيد بالجزائر متمادية في إلحاق الأذى بالحياة البرية و لا تتوانى في انتهاك القوانين و أخلاقيات الصيد من خلال الأنشطة الليلية التي تلحق أضرارا كبيرة بالثروة الحيوانية، حيث تستعمل هذه العصابات معدات الصيد الليلي من مركبات و مصابيح كاشفة و فخاخ، و شراك و بنادق صيد، و لا يقتصر نشاطها على الحجل و الأرنب البري و السمان و الزرزور، بل يتعداه إلى طيور و حيوانات أخرى كالثعالب و الذئاب و الخنزير و الضربان و النسور و الغربان و الصقور و البوم، بدافع التسلية و إشباع الرغبة في إبادة الثروة الحيوانية التي تمثل عصب التنوع البيولوجي و التوازن الإيكولوجي الذي يعاني من اختلالات كثيرة بسبب التغيرات المناخية و عبث الإنسان، العدو الأول للطبيعة.
و قد ظل نشاط الصيد البري بالجزائر مجمدا منذ سنة 1995 قبل أن يستأنف من جديد في شهر سبتمبر 2020 بقرار من السلطات العليا للبلاد، وسط إجراءات تنظيمية للمحافظة على البيئة و الحياة البرية.
غرست أزيد من 7 آلاف صنف من الأشجار عبر 5 مواقع بأم البواقي
مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للنفايات تندمج في عملية التشجير
نجحت مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للنفايات بأم البواقي، في كسب الرّهان الذي عُلّق عليها من طرف السلطات الولائية، وتمكنت المؤسسة وفي ظرف وجيز من خلال سلسلة تعاقداتها مع عديد المؤسسات الناشئة المختصة في تشتيل وبيع الأشجار، في تغيير وجه مدينة أم البواقي وإضفاء جمالية أكبر عليها، وتواصل المؤسسة فتوحاتها الخضراء باتجاه بلديات أخرى، بعد نجاح عملية التشجير بمدينة أم البواقي، على الرغم من الصعوبات العديدة التي تواجهها وأبرزها غياب الطاقم البشري المؤهل في مجال التشجير لمتابعة العملية ميدانيا ونقص الإمكانيات المخصصة للتشجير.
أحمد ذيب
مدير المؤسسة بوخالفة خالد وفي لقائه بالنصر، أوضح أنه وفي إطار تحسين المحيط وتهيئة مدينة أم البواقي والتكفل بالمساحات الخضراء وإعادة الاعتبار لها، وتنفيذا لتعليمات والي أم البواقي، وتحت تأطيره باشرت المؤسسة مطلع شهر رمضان المنقضي، عملية تشجير واسعة، أين كانت البداية بمدينة أم البواقي وبدأت في التوسع نحو عديد المدن بالولاية، ومن المتوقع أن تشمل البلديات الكبرى والصغرى، وأضاف المتحدث بأن العملية تكفلت بها مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للنفايات وبعض النقاط المرتبطة بها شارك فيها عديد المؤسسات، وبخصوص عملية الغراسة والتشجير التي تتواصل تحت درجات حرارة مرتفعة، وإمكانية تضرر الأشجار والفسائل المغروسة وعدم نجاحها على أرض الواقع، بين المتحدث بأن المؤسسة اتخذت جميع الاحتياطات والترتيبات المناسبة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، أين تم تسطير برنامج لمتابعة العملية بالسقي المتواصل، كما أن المؤسسة ولأجل إنجاح العملية اقتنت نوعية جيدة من الأشجار الملائمة لمناخ المنطقة، وتعاقدت مع عديد المؤسسات المختصة والتي ستتكفل بمرافقة عملية التشجير بالسقي، كما أن التعاقد مع هاته المؤسسات يشترط في أحد بنوده إخضاع الأشجار المغروسة لفترة سنة كضمان، بهدف إنجاح العملية، التي لا تزال متواصلة بعاصمة الولاية وستشمل بقية الأحياء. محدثنا أضاف بأن عملية التشجير تم تسطيرها بعد إتمام حملة كبرى لتنظيف المحيط من رفع للأتربة والأوساخ وإزالة النقاط السوداء ورفع النفايات الصلبة، لتأتي عملية التشجير كتاج على رأس حملة التنظيف الواسعة، أين شملت لغاية اليوم طرق مزدوجة وسط مدينة أم البواقي ومساحات خضراء كانت مهملة وعادت الحياة لها حاليا بفضل مجهودات السلطات الولائية، وتم تخصيص بعضها للعائلات بمقابل مادي للحفاظ عليها وصيانتها، في الوقت الذي تم تجهيز العديد منها بكراسي وتغطية مساحات منها بالعشب الطبيعي.
وبخصوص المبالغ التي رصدتها المؤسسة للعملية، أكد المتحدث بأن العملية تم تجسيدها ويتواصل ذلك من ميزانية الولاية، ويتضمن البرنامج التوجه نحو بلديات أخرى وبنفس النمط، أين تم الانتهاء قبل أيام من تهيئة عديد المساحات الخضراء والنقاط الدائرية بمدينة عين فكرون سواء على مستوى وسط المدينة أو بالمدخل الشرقي لها، كما انطلقت الأشغال بمدينة عين ببوش، أين سيتم تهيئة مساحات خضراء ونقاط دائرية بمدخل المدينة، مع غرس أشجار على حواف الطرقات، كما تجري الإجراءات بالتنسيق مع البلدية لتهيئة مساحات خضراء حضرية بجانب ابتدائيتي شاوي محمد وعزاب لكحل.
وبخصوص الصعوبات التي تواجهها المؤسسة في عملية التشجير، أشار المتحدث بأنه ونظرا لأن العملية انطلقت مؤخرا بالمدينة ولغرس ثقافة التشجير وسط سكانها، وجه رسالة لسكان المدينة وبعض المدن التي انطلقت بها عمليات مماثلة، لتقديم العون للحفاظ على الأشجار، وكذا تجنب وضع بقايا النفايات الصلبة في أحواض الأشجار، إلى جانب تفادي ما تم تسجيله من تعرض الأشجار والعصي الخشبية المسندة لها للسرقة، ناهيك عن تفادي المشي على المساحات المغروسة تجنبا لكسر الأشجار والشجيرات المحيطة بها، كما أن المؤسسة يضيف مديرها تعرف نقص المعدات نظرا لأن العملية حديثة، وعن أسباب تحول المؤسسة من تسيير مراكز الردم التقني للنفايات إلى إضافة مجال التشجير لنشاط المؤسسة، أوضح المتحدث بأنه وقبل الانخراط في عملية التشجير، بادر مجلس إدارة المؤسسة إلى توسعة نشاط المؤسسة وإضافة نشاط ثانوي يتمثل في تصميم وتسيير وتهيئة المساحات الخضراء، وقبلها تم كذلك توسعة نشاط المؤسسة إلى البناء والأشغال العمومية والتسلية، وبتعديل نشاط المؤسسة تم كذلك تعديل برنامج العمل بالنسبة للموظفين، أين تم استحداث فرقتين للسقي ليلا وفرق أخرى للبستنة والحدائق داخل مراكز المؤسسة وعددها 8 مراكز بالولاية وكذا على مستوى غابة الاستجمام "الصنوبر"، وحاليا عمال المؤسسة يخضعون لعمليات تكوين غير مباشر من خلال الاحتكاك بالمؤسسات المتعاقد معها في مجال الغراسة والتشجير والسقي.
أخصائيون يؤكدون للنصر
التربيــــة البيئيــــة ضروريـــة لتنشئــة جيـل يهتـم بالطبيعــة
تتزايد الحاجة إلى توظيف كل الوسائل العلمية والتربوية فضلا عن تجنيد مختلف الفئات والشرائح العمرية، لمواجهة المخاطر التي تهدد الكوكب وبيئته و الوعي بتغيرات المناخ و مخاطر التلوث الذي أدى إلى اختلال التوازن بشكل كبير، ما يستلزم تنامي الحاجة إلى توعية الأفراد بأهمية المحافظة على المحيط الذي يعيشون فيه، بما في ذلك الأطفال لأنهم جيل المستقبل، وعليه تضاعف الاهتمام بالتربية البيئية التي قد تساهم في حل بعض الأزمات.
عرض الممارسات تجاه الطبيعة بمنظور علمي
قال المتخصص في علم البيئة عزيز ملياني، بأن التربية البيئية تجمع شقين، الجانب العلمي الذي يبحث في ماهية البيئة، وتأثير الإنسان على المناخ، و جانب ثان يتعلق بالممارسات الإنسانية والمشاكل المناخية المترتبة عنها، وكيفية إيجاد حلول لها، إذ أرجع السبب فيها إلى نمط عيش الفرد والخيارات التي يضعها المواطن عند استغلاله للثروات الطبيعية لتلبية حاجياته، فتراكم هذه الخيارات بحسب ملياني، يؤثر سلبا على النظم البيئية وسلاسل الكائنات في الطبيعة سواء النباتية أو الحيوانية.
أما من ناحية المواضيع التي يجب أن يطَّلع عليها الطفل باعتباره عنصرا مؤثرا على الطبيعة، فذكر بأنه من المهم ترتيبها حسب الأولوية الجغرافية حيث تأتي المواضيع المتعلقة بالوسط الذي يعيش فيه على رأس القائمة بداية بتكوين معارف حول المشاكل التي تعاني منها الجزائر كالحرائق ومشكل التصحر و المياه، وإدراكه لأهمية الحفاظ على الثروة الحيوانية والنباتية، خاصة المتواجدة في الجزائر و حوض البحر الأبيض المتوسط، و في شمال إفريقيا عموما، و الوعي كذلك بقيمة التنوع البيولوجي.وأردف، بأن الطفل يجب أن يكون على إطلاع كاف بالزراعات المستدامة، و بالذات الزراعات الصحراوية التي لا توجد ثقافة علمية كافية حولها حسب ما قاله، فضلا عن الحفاظ على الشتلات وعدم الإسراف في استهلاكها خاصة التي تركها الأجداد كي يدرك طبيعة موارده المستقبلية ثم ينتقل إلى الإلمام بالمشاكل التي يعاني منها العالم كالتغيرات المناخية وما يترتب عنها.
وأوضح ملياني، بأن تربية الأطفال وزيادة وعيهم بضرورة حماية البيئة تكون بالجمع بين جهد الآباء والتأثير على سلوك أطفالهم عبر تقليد تصرفاتهم تجاه البيئة والمحيط، خلال تعاملاتهم اليومية كعدم الإفراط في استخدام البلاستيك، وتجنب رمي النفايات في المساحات الخضراء والمجهودات التي تقوم بها المدرسة من خلال استغلال تفتح هذا الجيل الجديد على المواضيع العلمية وشغفهم باكتساب معلومات ومعارف جديدة.
و ربط المتحدث، بين غياب الثقافة البيئية والاضطرابات النفسية التي أصبح العالم يعاني منها بسبب الهلع من الكوارث الطبيعية، التي تؤدي إلى الوقوع في الاكتئاب والقلق وقد يتفاقم الوضع إلى الانتحار في أغلب الأحيان حسبه، فالاهتمام بمجال التربية البيئية والفهم الصحيح لما يحصل في العالم، فضلا عن الابتعاد عن التهويل يسمح بتفادي هذه الاضطرابات كما يجب إعلام الأطفال بوجود حلول علمية لما يحصل خاصة إذا تم توظيف المعارف التي تحصلوا عليها في الحفاظ على الطبيعة، ويرى ملياني، بأن الاهتمام بالخرجات الميدانية والحملات التحسيسية، يحفز عاطفة الطفل و يضاعف قدرته على إدراك حجم الخطر الذي يتسبب فيه إهمال الطبيعة وتغيير سلوكياته السلبية اتجاهها.
العلم التطبيقي لتعزيز الوعي البيئي
من جانبه، اعتبر رئيس جمعية «إيكو سيرتا» العربي فوتني، بأن الإرث البيئي يتطلب أيضا وعيا بأهميته، وبحسب ما ذكره فإن العملية تبدأ منذ الطفولة، من خلال توفير المعلومات الكافية للأطفال عن المكونات والعناصر المتواجدة في البيئة، فضلا عن الأنواع النباتية والحيوانية المهددة التي يجب الاهتمام بها والحفاظ عليها حتى لا نفقدها، ووصف فوتني الأطفال بأنهم مستقبل العالم و لهذا يجب أن يكونوا مؤهلين لهذه المهمة بتوفير جميع الوسائل والعوامل الأساسية التي تساعدهم في ذلك، كما يجب اعتماد برنامج مواز مع المنهاج الدراسي خاص بالبيئة، يكون مسطرا ودقيقا حتى تكون النتائج أكثر فعالية.وأردف المتحدث، بأن العلم النظري غير كاف لوحده للطفل خاصة وأن هذا الجيل يتميز بشغفه بالتجريب، لهذا يجب اعتماد التثقيف البيئي بأنشطة ترفيهية، واستغلال الميدان في خلق علاقة اتصالية بين الطفل والطبيعة من خلال إعطائه فرصة المبادرة إلى البحث عن المعلومة، وإيجادها ومشاركتها مع زملائه، ومن ثمَّ تبنيها والعمل بها، وهو الأسلوب الذي يراه الناشط الجمعوي في مجال البيئة أفضل بكثير من التلقين الجاف. فبقدر ما تكون عملية التعليم مسلية وتفاعلية يستطيع الطفل حسبه استيعاب أكبر قدر من المعلومات والمواضيع دون إغفال جانب الاستمرارية في تطبيق الأنشطة واعتماد المنهجية الصحيحة، وفق ما ذكره.
أساليب بيداغوجية حديثة
وبحسب فوتني، فإن صعوبة بعض المفاهيم والمصطلحات العلمية الخاصة بمجال البيئة، لا تشكل عائقا للطفل في ظل وجود الأساليب البيداغوجية المناسبة والحديثة لإيصال المعلومات، خاصة وأن هذه الأساليب تتطور كل مرة، لتسهيل و تبسيط العلوم المعقدة وتجزئتها حتى يستطيع الطفل تطبيقها في الوسط الذي يعيش فيه واستيعاب وفهم الظاهرة الطبيعية بطريقة شاملة.وفي هذا السياق عرج للحديث، عن أهمية توفير المورد البشري في مجال التربية البيئية وتأطير الأساتذة من طرف مختصين، مؤكدا على ضرورة إلمامهم بالمعلومات الكافية في هذا الميدان، الذي وصفه بأنه يعرف تطورا هائلا، لهذا يجب أن يملك المؤطر الذي يتعامل مع الطفل نظرة شاملة عن الأنظمة البيئية وما تحتوي عليه، من أنواع نباتية وكائنات حية وأسمائها فضلا عن طرق الحفاظ عليها، والخبرة الكافية في الأساليب البيداغوجية التي تساعد على تعليم الطفل.
كما أكد المتحدث، على ضرورة استغلال العلاقة بين الطفل والتكنولوجيا ومكانتها في حياته اليومية، وتوظيفها في التربية البيئية كإنشاء تطبيقات تعليمية إلكترونية خاصة بالهاتف وجهاز الحاسوب، وأفاد بأن جمعية «إيكو سيرتا» توظف حاليا هذه التقنية التي تُمكِّن الطفل من التعرف على كائنات حية جديدة أو نباتات متواجدة في محيطه، فبعد تصويرها وتحميلها على التطبيق يمنحه كل المعلومات المتعلقة بها، وبحسبه فإن هذه التطبيقات تسهل على الطفل البحث والدراسة والوصول بنفسه إلى المعلومة، كما تجعله مرتبطا بصفة دائمة بالطبيعة وأكثر اهتماما بها، فضلا عن أنها تسمح له بمشاركة المعلومات التي تحصل عليها مع أطفال آخرين يملكون الميولات نفسها وقد يتحول الأمر إلى تكوين شبكة من الباحثين الصغار في المجال البيئي، و أوضح بأن تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة يشكل 80 بالمائة من الوسائل العلمية الموظفة في المجال.وتحدث، عن الدور المهم الذي تلعبه النوادي والجمعيات العلمية في تعزيز الوعي البيئي عند الأطفال، كما أكد على ضرورة تضافر الجهود، لإنشاء مشاريع هادفة تسمح بالقيام بأنشطة وتكوينات تؤثر على المدى القريب والبعيد.
وكشف رئيس جمعية «إيكو سيرتا» عن التحضير لمشروع في مجال حماية البيئة في محيط مدينة قسنطينة، خاصة أسفل واد الرمال، وقال بأن البرنامج سيجمع الأطفال والشباب وسيعمل على تأطيرهم أخصائيون وباحثون في مجال البيئة، من خلال توظيف طرق بيداغوجية لتعريف المشاركين بأهمية المحافظة على الإرث البيئي والتنوع البيولوجي الذي تتميز به المدينة.
إيناس كبير