عائلة محاصرة داخل قبو بين الجرذان والمياه القذرة في قسنطينة
تعيش عائلة من ستة أفراد ببناية قديمة في حي الصنوبر بقسنطينة ، في ظروف جد مزرية داخل قبو مساحته لا تتجاوز ثلاثة أمتار لا تزوره أشعة الشمس و لا يفرق قاطنوه بين الليل و النهار، فينامون على الروائح المنبعثة من قناة الصرف الصحي الرئيسية لحي سيدي مبروك ، و صرير الجرذان التي تغزو المكان، و التي نهشت رجل أحد أبنائها .
انتقلنا إلى منزل عائلة بولحليب المتكونة من ستة أفراد، و التي تقيم بغرفة داخل بناية قديمة تم تشييدها، حسب العائلة سنة 1948، وهي ملك لجد الزوج، غير أننا لم نتمكن من إيجاد مدخل لها، لنكتشف في ما بعد أنه موجود خلف قناة الصرف الصحي، ما اضطرنا للانحناء للمرور أسفلها، لنجد المدخل خلف أنبوب الصرف مباشرة، و بعد دخولنا تفاجأنا بما هو أسوأ، إذ سلكنا رواقا ضيقا يكتنفه الظلام باتجاه الغرفة الموجودة عند نهايته ، و قد رافقتنا ربيحة ربة البيت ، و هناك وقفنا على الوضع الكارثي و المزري للغاية الذي تعيشه هذه العائلة التي تفتقر لأدنى متطلبات العيش الكريم، حيث يجتمع جميع أفرادها بغرفة لا تزال تقاوم قسوة الظروف، و يستغلونها في النوم و الطهي و الاستحمام و غسل الملابس، كما أكدت للنصر السيدة ربيحة.
و لاحظنا بأن الغرفة و رغم مساحتها الضيقة، إلا أنها تجمع كل مستلزمات العائلة من ملابس و أفرشة و أوان و حتى سلة القمامة، و قالت لنا الأم بأن أنبوب الصرف الصحي مجاور للبناية من الجهة الخلفية، أي بجانب غرفتها، و قد لاحظنا تشققات بالجدار المجاور للغرفة، و عندما تتهاطل الأمطار يتحول الرواق إلى مجرى للمياه القذرة تمتلئ به الغرفة عن آخرها، و تقضي الأسرة ليال بيضاء في صرف المياه إلى الخارج، و هو ما تسبب في إصابة أفراد العائلة بأمراض خطيرة، و أضافت المتحدثة بأن مصالح الحماية المدنية تدخلت عند انفجار القناة الرئيسية داخل البيت.
و تابعت الأم بصوت خافت، لكونها تعاني من السرطان ، بأن ما زاد الوضع سوءا الانتشار الكبير للجرذان ، خاصة في الليل، كما تتسلل إلى مأوى العائلة، نظرا لهشاشة الباب، حيث سبق و أن تسببت في نهش رجل ابنها الذي تعرض في ما بعد إلى مضاعفات صحية استدعت نقله إلى المستشفى و مكوثه فترة للعلاج.
و أكدت المتحدثة بأن اثنين من أبنائها يعانيان من مرض الربو و اثنين آخرين مصابين بمرض في الدم، مشيرة إلى أن وضع أحد أبنائها تأزم في شهر رمضان الفارط ما اضطرها للمكوث رفقته بالمستشفى لأكثر من 20 يوما، و أرجع الطبيب المتابع لوضعه سبب مرضه للمياه القذرة و انعدام التهوية بالغرفة، و طلب منها توفير الظروف اللازمة ليتمكن ابنها من التماثل للشفاء، و أضافت بأنها تعاني هي أيضا من مرض الربو و الضغط الدموي و السرطان، و سبق و أن أجريت عملية جراحية على مستوى الغدة الدرقية .
محدثتنا قالت بأنها منذ زواجها سنة 2002 و هي تقيم بهذا القبو ، و قد قدم زوجها ملفا للاستفادة من سكن اجتماعي سنة 2011 ، و قدمت شكوى لرئيس دائرة قسنطينة و أطلعته على وضع الأسرة بالصور التي تبرز الوضع المزري و انتشار الجرذان، غير أنها لم تتلق أي رد، داعية والي ولاية قسنطينة إلى التدخل العاجل لحل أزمتها و إنقاذ أبنائها من الأمراض الفتاكة التي تنهش أجسادهم، مؤكدة بأنها لم تتمكن من متابعة حالتهم الصحية لدى مختصين، لأن راتب زوجها لا يتجاوز 20 ألف دينار، كما أصبح يعاني مؤخرا هو أيضا من مضاعفات صحية.
أسماء بوقرن