الأحد 3 نوفمبر 2024 الموافق لـ 1 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

اعتلت عرش النظافة بتيزي وزو


أزمور أومريم قرية تتصالح مع البيئة بفضل سواعد سكانها
تحوّلت أزمور أومريم، الفائزة في الطبعة السادسة لمسابقة رابح عيسات لأنظف قرية،  إلى مزار سياحي ، بفضل سواعد أبنائها الذين جعلوا منها قطعة  فنية ساحرة تستقطب الزوار،  كما أنها  أصبحت نموذجا في مجال التضامن واحترام البيئة.
 تقع قرية أزمور أومريم في بلدية تيرمتين،  على بعد حوالي 10 كلم جنوب عاصمة ولاية تيزي وزو، و قد تعوّد سكانها الذين يبلغ عددهم حوالي ألفين و 500 نسمة،  منذ سنوات، على تنظيم حملات تطوعية، لتنظيف أزقة وشوارع القرية وتخليصها من كل أنواع النفايات، حيث يسجّل على طول الطريق المؤدية إليها و التي غرست على جانبيها نحو 500 شجرة تزيينية،  اختفاء المفرغات العشوائية، فأبناء هذه المنطقة ينفردون بثقافة النظافة و المحافظة على المحيط كبارا وصغارا، وهو ما جعل بلدتهم  تحتل المرتبة الأولى في مسابقة رابح عيسات لأنظف قرية ، من بين 101 قرية مشاركة،  وتفوز بمكافأة مالية قدرها 900 مليون سنتيم منحها المجلس الشعبي الولائي لتيزي وزو، الجهة المنظمة للمسابقة.
ما يلفت انتباه الزائر للقرية بمجرد وصوله إليها، العدد الكبير لحاويات رمي القمامة المثبتة بإحكام في الأعمدة الكهربائية، و ذلك لتشجيع الكبار والصغار على نظافة المحيط ورمي نفاياتهم في موضعها، كما تم تخصيص حاويات من الحجم الكبير بلون واحد وضعت عليها ملصقات لتحديد نوع النفايات التي توضع فيها، لعزل كل مادة و فصل القمامة العضوية عن القاذورات القابلة للتحلل، حتى  تستعمل كسماد و لا تشوه بريق القرية التي تزينت كل شوارعها بالألوان الزاهية والأعلام الوطنية و تم طلاء أرصفتها، ما جعلها تبدو جميلة وجذابة.


عند مدخل القرية يلاحظ الزائر وجود لافتة كبيرة ترحب بضيوفها، ويقول السيد محمد حجار ، رئيس قرية ثدوكلي أزمور أومريم  «تجمع  السكان المصلحة المشتركة، و النظافة في قريتنا واجب مقدس ويعتبر تقليدا عريقا متوارثا بين الأجيال، ومن بين الانشغالات الرئيسية ومن الأولويات لأبناء المنطقة، حفاظا على جمالها ورونقها».
وأضاف المتحدث أنّ الجميع ساهم في تغيير صورة «أزمور أومريم» القديمة جذريا، وشارك كل أبناء القرية من الصغار إلى الجدّات المسنّات بإمكانياتهم البسيطة في أشغال التهيئة والتزيين لتتربع قريتهم على عرش النظافة في هذه المسابقة الإيكولوجية التي تهدف إلى تشجيع سكان جرجرة على التمسك بالتقاليد والعادات العريقة التي تتميز بها منطقة القبائل سيما تقليد «ثيويزي» أو «التويزة « لتنظيف البيئة والمساهمة في الأعمال الجماعية وإنجاز عمليات ذات منفعة عامة.
وعن فكرة المشاركة في المسابقة يقول السيد حجار، أنها لم تكن تراود السكان من قبل، بالرغم من نظافة  كل أزقة القرية وجمالها، وبعد تشجيع سكان القرى المجاورة لهم على المشاركة، خاصة و أنّ نحو 60 بالمئة من شروط المسابقة تتوفر عليها القرية ، مضيفا أنّ أعضاء لجنة القرية قاموا بعقد أول اجتماع نهاية شهر ماي الماضي ليقرروا خوض غمار المنافسة و أودعوا ملف المشاركة لدى المجلس الشعبي الولائي، منظم المسابقة، وهو ما أعطى نفسا جديدا للجميع للعمل الدؤوب والمتواصل، قصد تغيير الصورة التقليدية للقرية.
 وقال في سياق متصل «مشاركتنا لم تكن من أجل الفوز بحد ذاته، وإنما لكسب خبرة وتجربة نستغلها مستقبلا، وتكون بالنسبة إلينا حافزا على مواصلة العمل»، مضيفا  «طيلة شهرين بذلنا قصارى جهدنا وأضفنا لمسات جميلة لاستعادة قريتنا وجهها الجميل و تتحول إلى لوحة فنية فاتنة».
مشروع نموذجي لفرز النفايات بسواعد السكان وبأموالهم
للحفاظ على جمال محيط أزمور أومريم  و القضاء على المفرغات العشوائية، رفع السكان التحدي مع أنفسهم، بعدما وجدوا حلا  لمشكلة رمي النفايات، حيث تبرع أحد سكان القرية بقطعة أرض وتم تحويلها إلى مشروع نموذجي لمركز فرز النفايات، مهما كان نوعها ، ويتم وضع القارورات الزجاجية والبلاستيكية وغيرها من المواد غير قابلة للتحلل في مكانها الخاص، كما يتم تحويل قشور الفواكه و الخضر إلى سماد ما سمح بالحفاظ على نظافة القرية.
مكان مهمل يتحول إلى ساحة عمومية وحديقة رائعة
رشيد يحياوي،  عضو لجنة القرية الذي شارك بخبرته في مجال الكهرباء والإنارة ، رفقة يوسف إسماعيل،  قال لنا «إن حملات التنظيف ليست عادة، بل عبارة عن تقليد متّبع منذ فترة»، مؤكدا أن العمل التضامني ووحدة أبناء القرية كبيرا وصغيرا نساء ورجالا وأطفالا وشيوخا، ومساهمتهم جميعا في إعطاء وجه جمالي أكثر للقرية،  أتى بثماره و حققوا  نتائج جد إيجابية في مسابقة رابح عيسات لأنظف قرية.
و أضاف المتحدث، بأنه منذ اتخاذ قرار المشاركة في المسابقة، ضاعف الجميع جهودهم وعملوا بجد ليلا ونهارا، مؤكدا  «تركنا أبناءنا وبيوتنا من أجل العمل التطوعي، هناك موظفون يأتون للمشاركة في الحملات التطوعية و يباشرون أشغال التهيئة والتنظيف، مباشرة بعد خروجهم من عملهم في المساء، كما ترك البناؤون عملهم في ورشات البناء لأكثر من شهر، لمساعدة سكان القرية دون مقابل، كانوا يبدأون عملهم في الساعات الأولى من الصباح ، إلى غاية الفجر ، كل يوم».
من جهته السيد كريم إسماعيل، من أبناء القرية، قال « الجميع شارك جنبا إلى جنب لتنظيف المحيط وتزيينه وكل واحد لديه فكرة خاصة به لجعل «أزمور اومريم» أكثر جمالا و بريقا، الكل يشتغل بحماس طيلة شهرين دون انقطاع».
أضاف المتحدث «استعنت بخبرة أحد أصدقائي بصفته فنان، لتحويل حائط مكشوف إلى لوحة فنية، كما قام بعدة إنجازات رائعة أخرى».
و اقترح كريم إسماعيل على أعضاء لجنة القرية إنشاء حديقة في مكان كان مهملا  منذ سنوات، مليء بالعشب الجاف  و الأحجار وغيرها، وهي الفكرة التي رحب بها الجميع، وتم بين عشية وضحاها وبفضل تكاثف جهود أبناء أزمور أومريم» تهيئته وتحويله إلى حديقة خضراء،و أكد المتحدث» غرسنا كل أنواع النباتات والزهور وشجيرات الزينة الصغيرة، و في وسط الحديقة قمنا بإنشاء نافورة زينت بأوان فخارية تعكس تراث وثقافة منطقة القبائل و التي زادت من جمال وسحر القرية، كما قمنا بإنشاء ساحة عمومية في نفس المكان، أطلقنا عليها اسم «ثدوكلي»، بمعنى»ساحة الإتحاد» وقمنا بتزويدها بمقاعد رائعة مطلة على القرية والشارع الرئيسي، ليستريح بها الزوار والعائلات التي تستمتع بالهدوء والنقاء والجمال الذي يحيط بها من كل جانب».
استرجاع مواد مستعملة لتزيين الواجهات

  من أجل تقليص نفقات المشاريع التي تكفل بها السكان من ميزانياتهم الخاصة، قاموا باستغلال بعض المواد الهامة التي ترمى في الطبيعة ، حيث قال السيد كريم إسماعيل، بأنهم قاموا باسترجاعها واستعمالها في تزيين القرية بطريقة حضارية وعصرية،  و من بين هذه المواد  إطارات العجلات المطاطية التي لونوها واستغلوها على شكل سلالم، كما قاموا بشراء مواد أخرى للقيام بأشغال البناء و التهيئة، و ذلك بفضل المساعدات المالية التي يقومون بجمعها على شكل اشتراكات شهرية رمزية تقدر ب 500 دج، تفرض على كل العمال الأجراء والمتقاعدين من السكان و توضع في خزينة القرية.
النساء ساهمن في عملية فرز النفايات وغرس الورود
يعود الفضل أيضا في فوز «أزمور أومريم» في المسابقة  واعتلائها عرش النظافة، إلى نساء القرية، كما أكد السيد محمد حجار ، حيث قمن بفرز النفايات انطلاقا من بيوتهنّ و وضع كل مادة في كيس لرميه في الحاويات المخصصة لذلك، من أجل  تسهيل انتقائها، كما قمن بإطعام المتطوعين وغرس الورود في الحديقة المنجزة حديثا، و أمام مداخل بيوتهنّ و سقيها للحفاظ عليها، حيث يمكن للزائر أن يستنشق رائحتها الزكية من بعيد.
و في ذات السياق، تقول السيدة تسعديت، وهي ربّة بيت، أنّ تنظيف المحيط تقليد تعودت عليه نساء القرية منذ قرون، حيث تقوم كل سيدة برفع النفايات أمام منزلها وفي الشوارع المحيطة بها، كما يقدمن إرشادات وقواعد النظافة و الصحة العامة لأطفالهنّ، حتى يحافظون على المحيط.


 مهرجان وطني بيئي في ربيع  2019
قال السيد محمد حجار ، رئيس «ثدوكلي قرية أزمور أومريم»، أنّ عدة مشاريع تنموية في الأفق، ستجسد على مدار سنتين أو ثلاث سنوات على الأكثر، حيث سيقوم السكان بتخصيص 20 بالمئة من الجائزة المالية التي فازوا بها في مسابقة عيسات رابح، لإطلاق المهرجان الوطني الأول الخاص بالبيئة ، و من المنتظر أن ينظم نهاية شهر مارس 2019 ، بالتعاون مع دار الشباب لتيرمتين.
كما سيتم إنجاز مساحة للعب الأطفال الصغار وقاعة كبيرة  أو»أخام نتدار» بمعنى «بيت القرية»، تنظم فيه مختلف النشاطات الخاصة بالقرية،  منها المحاضرات وحتى الحفلات العائلية، وسيخصص طابق لمكتب لجنة القرية، فضلا عن إنجاز مشروع إعادة تهيئة الطرقات الفرعية للقرية وتزفيتها وتزويدها بالإنارة العمومية، مع إعادة تهيئة منبعين قديمين يعود تاريخ إنشائهما إلى سنوات الثلاثينات والأربعينات.
و شدد المتحدث أنّ نجاح لجنة القرية كان بفضل رجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها الصغار، إضافة إلى التجار والمقاولين ، الذين ساهموا بكل ما يملكون في سبيل تفوقها على قرى جرجرة.
نقلة تفتح بابا للسياح
عندما كنا نهم بمغادرة القرية في حدود الخامسة مساء، كانت أزقتها تعج بالعائلات والسياح الذين شدهم الفضول لزيارتها   والاستمتاع بجمالها عن قرب، حيث تقول عائلة مغتربة تقيم بإسبانيا، بأنها و بمجرد وصولها إلى مطار هواري بومدين الدولي في الجزائر العاصمة، قررت زيارة «أزمور أومريم» التي شاهد أفرادها صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي فانبهروا بجمالها، مؤكدين أنها فعلا تحفة فنية رائعة وجوهرة جميلة ، و يأملون أن تعمم مثل هذه المبادرات عبر كامل قرى الجزائر للارتقاء بالمجال السياحي.
 سامية إخليف

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com