أسر تجتاح المراكز التجارية الكبرى من أجل كسوة العيد بالعاصمة
تشهد المراكز التجارية الكبرى بالجزائر العاصمة، منذ أزيد من 15 يوما، زحفا بشريا منقطع النظير، لأسر اعتادت العمل بمبدأ اقتناء كسوة العيد، قبل حلول شهر رمضان، في محاولة لتحقيق معادلة الجودة و السعر و الراحة في شهر الصيام. أجواء أيام شهر شعبان، تأخذ منحى آخر على مستوى الجزائر العاصمة، فرغم تواصل مسيرات الحراك الشعبي التي تغلق إثرها مختلف المحلات و المراكز التجارية كل جمعة، إلا أن الجميع يضبط عقارب ساعته على يوم السبت من كل أسبوع، فتسجل خلاله هذه الأماكن و منذ أزيد من 15 يوما، توافدا هائلا لزبائن يحتلونها بداية من العاشرة صباحا و إلى غاية العاشرة ليلا، أجمع بعض التجار، بأن هذا التوافد استثنائي.
أسر ترسخ عادة اقتناء الملابس قبل رمضان
بالرغم من أن هذه الفترة ليست فترة تخفيضات، لكن يبدو أن الجزائريين ابتدعوا عادة جديدة تتمثل في مسابقة الزمن من أجل اقتناء كسوة عيد الفطر قبل حلول شهر رمضان، عادة ساهمت الكثير من الأسر في ترسيخها في المجتمع خلال السنوات الأخيرة، في محاولة لضبط الميزانية قبل حلول الشهر الفضيل، و تفاديا لصرف مبالغ طائلة من أجل ألبسة يحرص الكثير من تجارها على رفع أسعارها، خاصة خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر الفضيل.
الزائر لمختلف المراكز التجارية، خاصة الكبرى منها، على مستوى الجزائر العاصمة هذه الأيام، سيلاحظ التوافد غير العادي على المحلات التي تعرض ألبسة الأطفال، خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع و في الفترة المسائية من كل يوم، بعد انتهاء دوام الموظفين، الذين يقولون بأنها فرصة لا تتوفر على مستوى باقي المحلات التجارية التي تغلق أبوابها في وقت مبكر من كل أمسية، كما عبرت إحدى السيدات التي التقيناها بالمركز التجاري باب الزوار، مضيفة أنها تفضل اقتناء الكسوة لأبنائها الثلاثة في هذه الفترة منذ سنوات، نظرا لما جنت من فوائد على مستوى مختلف الأصعدة، موضحة بأن التبكير في ذلك يمكنها من شراء ما تريده و بسعر معقول، عكس الأيام الأخيرة اقتراب المناسبة.
48 ولاية تتموّن من المراكز الكبرى بالعاصمة
و نحن نتجول بين محلات بيع الألبسة على مستوى إحدى المراكز التجارية الكبرى، سمعنا لهجات متعددة، و كان الجميع يقتني ملابس كثيرة، و يلتقط صورا و يقوم بإرسالها و انتظار الرد عليها في نفس الوقت، مظاهر لفتت انتباهنا فاستفسرنا عنها لدى الباعة، فأكدوا بأنهم يستقبلون زبائن من 48 ولاية منذ أكثر من أسبوع، خاصة مع بداية عرض الألبسة الصيفية، ما أكدته إحدى السيدات التي قالت بأنها تنحدر من ولاية باتنة، و جاءت رفقة شقيقتيها و والدتها فقط من أجل شراء ملابس ذات نوعية و بأسعار معقولة.
سيدة أخرى، قالت بأنها قدمت رفقة زوجها من ولاية وهران، و بأنها اقتنت ملابس العيد كفرصة اعتبرت بأنها لن تعوض، و أضافت بأنها اقتنت كذلك ملابس لأبناء اشقائها و شقيقاتها، و كانت تتحاور معهم عبر ارسال الصور من أجل شراء ما يروقهم، و هو نفس الشيء بالنسبة لسيدة أخرى قالت بأنها قدمت من بسكرة ، فبعد أن اشترت الألبسة العام الماضي، أصبحت تفضل هذه المراكز ليكون أبناؤها متميزون في يوم مميز بحسب تعبيرها، فالأمر فرصة لشراء ما يريدون و للتنزه في آن واحد.
زبائن يفرغون الرفوف في وقت قياسي
يبدو أن الكثير من الأسر الجزائرية و إن انشغلت بما تمر به البلاد في هذه المرحلة، إلا أن ذلك لم يلهيها أو ينسيها ما تعتبره أزمة الميزانية بين العيد و شهر الصيام، فبمجرد انقضاء يوم الجمعة، تعود الأسر لممارسة حياتها بشكل عادي، و تنشغل في البحث عن ملابس العيد في كل مكان، غير أن المراكز الكبرى لها زبائنها الذين يتزايد عددهم باستمرار بحسب بعض التجار و ما نقف عليه في كل مرة نتوجه فيها إلى هناك، إذ يعتبر الإقبال هذه الأيام فريدا من نوعه، و كأنه لم يتبق لعيد الأضحى سوى أسبوع واحد.
و قد وقفنا على سلوكات فرضتها الحشود التي احتلت مختلف المحلات خاصة تلك التي تبيع ألبسة الأطفال، أين كان الكثير يتسابق لأخذ قطع معينة، و البعض الآخر يرمي هنا و هناك مما تسبب في فوضى حقيقية داخلها، بينما تسابق آخرون من أجل الظفر في مكان في طوابير صناديق الدفع التي تعج بالزبائن الذين فاق عددهم و نحن هنالك الـ50 شخصا ينتظرون دورهم قبل الخروج بأكياس عملاقة تحتوي كل أنواع الألبسة.
و أوضح أحد الباعة بمحل لماركة فرنسية لألبسة بأن الإقبال على سلعهم كبير جدا، و زاد هذه الأيام خاصة و أن الناس يشترون كسوة العيد كما أنهم لم يفوتوا الفرص التي صادفتهم و التي تزامن و الإعلان عن تنزيلات خاصة بالألبسة الشتوية، مضيفا بأنهم اشتروا كل شيء إلى درجة أن الرفوف تفرغ في نهاية اليوم بحسب تعبيره، و أكد بأن الإقبال مرشح للارتفاع أكثر مع انطلاق عرض الألبسة الصيفية و اقتراب شهر رمضان لا اقتراب العيد الذي بات الوقت المفضل بالنسبة للأسر الجزائرية لشراء الكسوة.
الماركات العالمية الأكثر استهدافا
لا يركز الجزائريون هذه الأيام على الأسعار فحسب، بل إن الكثيرين منهم أصبحوا يفضلون ملابس من ماركات عالمية، خاصة مع انتشار المحلات الممثلة لها عبر مناطق كثيرة و بالمراكز التجارية بشكل خاص، فقد وجدنا عوائل كثيرة و إن كانت بسيطة الدخل، إلا أنها تحرص على أن تلبس أطفالها ملابس ذات جودة، ما تحدثت عنه السيدة شهيرة التي قالت بأنها تفضل ملابس هذه العلامات بسبب جودتها، كما أن أسعارها معقولة و لا تصل أسعار السلع التركية و الصينية التي تباع في الأسواق الأخرى بأسعار خيالية حسبها.
و تحدثت سيدة أخرى عن الغلاء الموجود في المقابل بهذه الأسواق، فسعر الفستان وصل 8000 دينار، رغم أنه كثير التفاصيل و لا يمكن ارتداؤه خارج المناسبات بحسب قولها، بينما تبيع المحلات العالمية ألبسة أنيقة و بأسعار معقولة مقارنة بجودتها، و مهما كان دخل الأسرة، فإن شراء قطع منها أفضل من شرائها في مواعيد أخرى و من محلات بيع ألبسة الأطفال التي أجمع من تحدثنا إليهم أنها شرعت منذ الآن في رفع سقف الأسعار لمعدلات قياسية، إذ قال أحد الأولياء بأنه وجد بدلة لطفل في الرابعة من العمر تباع بـ9000 دينار، مع أنها ليست من ماركة معروفة بحسب تعبيره. إ.زياري