العطلة الاحترازية تتحول إلى مناسبة للتسوق و الاستجمام
تحولت العطلة الاحترازية التي أقرها رئيس الجمهورية يوم الخميس الماضي، تفاديا لانتشار وباء كورونا، إلى مناسبة للترفيه و الاستجمام بالنسبة للكثير من القسنطينيين، حيث تسجل مختلف المراكز التجارية الكبرى و المطاعم و المحلات بالولاية، زيادة ملحوظة في الإقبال على التسوق، و حركية كبيرة في الشوارع ، و كذا تدفق المواطنين على الحدائق و الساحات العمومية ، رغم أن المختصين يدعون إلى تفادي التجمعات و المصافحة و الملامسة الجسدية، لتحاشي انتقال العدوى.
في جولة قامت بها النصر أمس عبر عدد من أحياء قسنطينة ، تفاجأنا بالحشود الكبيرة من المواطنين و الازدحام الكبير ، و غياب كلي للإجراءات الوقائية ، كوضع الكمامات و التخلي عن بعض العادات و الممارسات السلبية التي تساهم في انتقال المرض و انتشار الوباء.
الإجراءات الاحترازية منعدمة تماما
قصدنا عدة محلات تجارية و المطاعم المتواجدة عبر أحياء المدينة، معظمها إن لم نقل جميعها، كانت مكتظة بالزبائن، إلى درجة أن المشي صعب في شارع 19 جوان ، المعروف بحركيته ، خاصة في المناسبات، و كذا شارع بلوزداد ، عبان رمضان و العربي بن مهيدي، حيث لاحظنا التهافت على مختلف السلع من ملابس، أفرشة و أحذية و مواد غذائية، و حتى المطاعم هي الأخرى، تكاد تخلو من مقعد شاغر.
نساء و رجال و أطفال، و حتى شريحة المسنين يتنقلون بكل أريحية، عبر مختلف المحلات، نفس السيناريو سجل بكل من سوق بومزو و سوق بطو، فالجميع يمارسون يومياتهم بشكل عادي، فالطوابير طويلة أمام باعة الفواكه و الخضار و مختلف المواد الغذائية .
لاحظنا أن الالتزام بالإجراءات الوقائية، كوضع الكمامات و تفادي التجمهر و الملامسة الجسدية، شبه منعدم ، بالنسبة لمن التقينا بهم خلال هذه الجولة ، فمن بين العشرات إن لم نقل مئات المواطنين الذين وجدناهم في الشارع، كان اثنان فقط يضعان كمامتين ، فيما لم يمتنع الكثيرون عن المصافحة و لم يلتزموا بمسافة الأمان التي أقرتها وزارة الصحة العالمية.
كما أن المصابين بالأنفلونزا الموسمية لا يتخذون بدورهم أي إجراء وقائي، و من يعطس أو يسعل لا يستخدم أي وقاية، كالمناديل الورقية ، فيما اصطحب الكثير من الأولياء أطفالهم ، دون الاهتمام بإمكانية تعريضهم للوباء.
كورونا لا حدث بالنسبة للكثيرين
خلال هذا الاستطلاع قطعنا شارع العربي بن مهيدي، مرورا بشارع 19 جوان و سوق العصر، وصولا إلى حي بلوزداد ، ثم توجهنا إلى الساحة المتاخمة لقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة ، في أجواء ربيعية دافئة شجعت العائلات على الخروج من أجل الترفيه أو التسوق ، و سألنا بعض المواطنين عن رأيهم في انتشار وباء كورورنا في الجزائر، خاصة بعد تسجيل 37 إصابة مؤكدة و ثلاث وفيات ، فتفاجأنا بأن الكثيرين يعتبرون أنفسهم غير معنيين بالوباء.
قال لنا سيف الدين و يونس العاملان بمحل لبيع مواد التجميل في شارع العربي بن مهيدي، أنهما في منأى عن الوباء و لا يعنيهما، و هو حال الكثير من أصدقائهما، مشيرين إلى أنهم نادرا ما يتحدثون عنه رغم أنه يشكل حدثا عالميا.
أما عز الدين فقال لنا أنه غير خائف بتاتا من المرض، و اعتبر ما يحدث مجرد دعاية إعلامية لهذا الوباء، الذي أخذ حيزا كبيرا من اهتمام الرأي العام العالمي لأغراض سياسية،حسبه، أما أمينة فترى أن الجزائر رغم تسجيلها لبعض الحالات المؤكدة و الوفيات ، فهي تختلف عن بقية الدول الكبرى التي تتصارع في ما بينها ، معتقدة أن الوباء سيزول خلال أسابيع .
في حديثنا مع عدد آخر من المواطنين، اكتشفنا أنهم لا يعرفون حقيقة كورونا ، و رغم متابعتهم لمستجدات الوضع، في العالم و الجزائر ، غير أنهم غير مطلعين بشكل دقيق على الفيروس الذي قتل آلاف الأشخاص عبر العالم ، و خلف حالة استنفار عالمية.
قال حميد و هو عامل في 38 من عمره، أن ما يعرفه عن كورونا أنه مرض خطير يصيب المسنين ، و قد يؤدي إلى وفاتهم، أما ليلى و هي ربة بيت، فقد استغلت أيام العطلة لزيارة أهلها، رغم أنها سمعت أن كورونا مرض معد و من بين أعراضه ارتفاع كبير في حرارة الجسم، و قد يؤدي إلى موت المصاب، كما قالت لنا.
مضايقات وسخرية من واضعي الكمامات
ما أثار دهشتنا هو تخوف الكثير من المواطنين من وضع الكمامات، لكي لا يتحولوا إلى محط سخرية أو محل شبهة للإصابة بوباء كورونا ، و قالت إحدى السيدات و هي أستاذة جامعية إلتقيناها و هي بصدد شراء السائل المعقم، أنها تخاف من وضع الكمامة رغم أنها تحوز على واحدة في منزلها ، لأن أغلب المواطنين لا يلتزمون بوضعها ، و قد يسخر منها البعض، أما الحاجة فريدة التي كانت تضع كمامة فأكدت لنا أنها خلال مسارها من منزلها بوسط المدينة نحو المستشفى الجامعي الحكيم ابن باديس، للخضوع للمراقبة الصحية، سمعت الكثير من التعليقات الجارحة، فهناك من علق بصوت عال «كورونا «، كما حاصرتها نظرات الاستغراب و الخوف منها، لأنهم يعتقدون أنها تشكل خطرا عليهم ، بينما تلتزم بوضع الكمامة لتفادي الإصابة بأي فيروس، نظرا لضعف مناعتها بعدما خضعت لعملية جراحية على القلب.
أما بوجمعة ، صاحب محل لبيع الأفرشة، فقال لنا أنه قبل أيام زارت محله ثلاث طبيبات كن يضعن كمامات، فتعرضن لمضايقات و كلام جارح، على غرار «المريضات» و «الصينيات» و «كورونا»، ما جعلهن ينزعنها .
الوازع الديني لمواجهة كورونا
يحتمي الكثير ممن تحدثنا إليهم من المواطنين، خلف الوازع الديني لمواجهة الوباء ، و كانت إجابة سيدة حول مدى تخوفها من المرض و الإجراءات التي اتخذتها لحماية نفسها و عائلتها من العدوى، «إننا كمسلمين نؤمن أن الله سيحمينا مهما كانت خطورة المرض» ، و هو نفس رد صاحب إحدى محلات بيع هلام التعقيم، مضيفا أن الأوبئة معروفة منذ الأزل غير أننا كمسلمين ندرك أننا في مأمن».
بينما يعتقد البعض الآخر أن ارتفاع درجات الحرارة في الجزائر مؤخرا ، مؤشر إيجابي ، و من شأنه تقليص رقعة انتشار الوباء ، خاصة و أن بعض القنوات التلفزيونية و مواقع التواصل الاجتماعي، تروج أن الفيروس لا يستطيع العيش و الانتقال في درجات حرارة مرتفعة.
الطبيبة لمياء محلول الاستهتار بالإجراءات الوقائية يساهم في انتشار الفيروس
تنصح الطبيبة العامة لمياء محلول من العيادة متعددة الخدمات بسيدي مسيد في قسنطينة، كافة المواطنين بتفادي التواجد في الأماكن العامة، إلا عند الضرورة ، مع الالتزام بعامل النظافة خاصة غسل الأيادي و تهوية المنزل و غسل الملابس، مع الامتناع عن المصافحة و التقبيل، مع التشديد على أهمية وضع الكمامة بشكل دائم، سواء في أماكن العمل أو في المنزل أو الشارع ، و حتى في الحفلات و الأعراس ، تفاديا لانتقال العدوى ، خاصة و أن أعراض الوباء لا تظهر إلا بعد عدة أسابيع، فهي غير ظاهرة في بدايتها، و يمكن انتقالها بشكل غير ملحوظ.
كما أكدت المختصة للنصر، أنه يستحسن تفادي السفر، سواء عبر الولايات التي سجلت بها إصابات مؤكدة بالفيروس، أو نحو الدول التي تعتبر بؤرا لانتشار و تفاقم الفيروس .
هيبة عزيون