يواجه طلبة تعثروا في الحصول على شهادة البكالوريا أو شهادة التعليم المتوسط، ضغوطات نفسية وشعورا بالنقص أو الفشل بسبب إخفاقهم هذه السنة، وهو أمر يحتاج للعمل الجاد لتجاوزه و ترميم الآثار النفسية بمساعدة العائلة والأصدقاء، مع عدم الاستسلام في ظل تأكيد أخصائيين على أن الرسوب بمثابة نقطة انطلاق يمكن أن تحقق النجاح الأكبر.
تعذر النجاح على تلاميذ في شهادتي التعليم المتوسط والثانوي هذا العام وقد أثر ذلك على نفسيتهم سلبا، خصوصا مع استمرار الاحتفالات بنجاح آخرين قد يكونون من العائلة نفسها أو جيرانا، وانتشار صور حفلات النجاح على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يؤثر عليهم ويعرضهم لضغوط إضافية قد تكون عواقبها وخيمة وتستمر على المدى الطويل.
قلق وكآبة وتأثير على باقي أعضاء الجسم
وفي الوقت الذي اعتبرت نهال التي لم تتحصل على الشهادة في أول محاولة لها أن الأمر عادي خاصة وأنها قدمت كل ما عليها، إلا أن الارتباك خلال أيام الامتحانات أثر على عملها، فإن آخرين قد تأثروا وبمستويات مختلفة بالرسوب، مثلما حدث مع شابة التقيناها عند طبيب العظام والمفاصل، جاءت لزيارته رفقة والدتها بسبب فشل في رجلها وعدم قدرتها على السير، ليتبين بعد المعاينة أنه أمر ناتج عن قلق نفسي بسبب رسوبها في شهادة البكالوريا.
إضافة إلى حالات أخرى تتراوح بين القلق الدائم و الاكتئاب و الانطواء على النفس، بما يؤزم الأمر ويزيد من التأثير على باقي أعضاء الجسم التي يتحكم فيها العامل النفسي بشكل كبير بحسب ما يؤكده الأطباء، الذين يدعون دائما لتجنب القلق والتوتر والحزن لما لهما من تأثير مباشر على كافة أعضاء الجسم.
الفشل لا يعني النهاية
و ترى الأخصائية النفسانية خديجة كلوت، أن الفشل في شهادة البكالوريا أو شهادة التعليم المتوسط أو أي امتحان آخر، لا يعني الفشل في الحياة فالجميع معرض للإخفاق سواء أكاديميا أو مهنيا أو على غيرها من الأصعدة مؤكدة، أنه من الطبيعي جدا أن ينتج عن الفشل ألم نفسي يتمثل في مشاعر الحزن، والكآبة و التوتر و القلق أو الإحساس بالضيق وغيرها من المشاعر السلبية، معتبرة إياها مرحلة عابرة في الغالب، إلا أنها قد تستمر في بعض الحالات لفترات طويلة، مما يخلف مضاعفات سلبية تقول، إنها قد تؤثر على جميع مجالات الحياة خاصة الصحة الجسدية والنفسية وعلى المحيط الاجتماعي.
من جانبها تشدد النفسانية دلال حمادة، على أهمية الوعي الأسري خاصة مع بدل الأبناء مجهودات لأجل النجاح، وذلك من خلال الحذر في التعامل مع الراسب وعدم معاقبته من خلال تهميشه أو إهانته مثلما يفعل بعض الأولياء، داعية الأمهات بشكل خاص لتجاوز الأمر ومواصلة الحياة بشكل عادي كون الرسوب لا يمثل نهاية العالم بحسب تعبيرها.
الدعم الأسري أهم نقطة لاحتواء الأبناء بعد الرسوب
ودعت الأخصائية لمساعدة الأبناء الراسبين على تجاوز المرحلة من خلال الرفع من معنوياتهم ومحاولة إلهائهم بتنظيم خرجات أو حتى تشجيعهم على المباركة لأقاربهم أو أصدقائهم الناجحين دون خجل أو إحساس بالنقص أو الفشل، مؤكدة أيضا على أهمية التعامل مع الرسوب كنقطة انطلاق جديدة و معالجة الأخطاء، محذرة في نفس الوقت من الخطأ في التعامل مع الأمر خاصة وأن عدم احتواء الأبناء والوقوف إلى جانبهم في مثل هذه المراحل التي تعتبر بالنسبة لهم صعبة وقد تتسبب في أزمات نفسية خطيرة وتؤثر مستقبلا على حياتهم بشكل عام.
وركزت حمادة أيضا، على أهمية مواصلة مختلف النشاطات الخاصة بالراسبين أو بذويهم بالشكل العادي، مع ضرورة قيام الطلبة خاصة في مرحلة البكالوريا بالتحقيق من النقائص ونقاط الضعف التي تسببت في الرسوب والعمل عليها كي لا يتكرر الفشل وليتحقق النجاح.
كما تنصح الأخصائية، بضرورة العمل على إخراج الابن الراسب من محيط البيت ومحاولة إبعاده عن كل ما يذكره بالفشل، سواء كان ذلك عبر تنظيم عطلة عائلية أو خرجات، وتشجيعه من طرف الأولياء من خلال أسلوب الحوار الإيجابي والتذكير بأن الفشل في البكالوريا ليس النهاية، بل قد يشكل انطلاقة أكثر قوة وأكثر تميزا مثلما وقع مع أناس ناجحين في حياتهم اليوم بحسب تعبيرها.
إ.زياري