الأربعاء 8 جانفي 2025 الموافق لـ 8 رجب 1446
Accueil Top Pub

أخصائيون يوضحون للنصر: مظاهر التنمر الإلكتروني تتجدد تبعا لتحديثات الواقع الرقمي

يشوب العنف اللفظي لغة قطاع من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي فقد أصبح الاختلاف في الرأي فعلا يجلب إلى صاحبه وابلا من الألفاظ العنيفة المصنفة ضمن خانة التنمر الإلكتروني، وتتحول الظاهرة إلى فعل عادي يطبع يوميات الواقع الافتراضي بتقريبها من المزاح وكنوع من التسلية، لدرجة أن مستخدمين يطلبون من برامج المحادثة الآلية مثل «شات جي بي تي»،السخرية منهم، بالرغم من خطورة الظاهرة على الصحة النفسية والمشاكل المجتمعية التي يمكن أن تتسبب فيها.

إينــــاس كبير

الميمز لزيادة التفاعل
ويُوظف التنمر الإلكتروني وفقا لمنطق خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة التفاعل دون الاهتمام بتأثيره على الصحة النفسية، والمستخدم لن يصادف تعليقات ساخرة فحسب، بل سيجد أمامه أيضا عديد المنشورات من نصوص وصور في شكل «ميمز»، تحمل في طياتها عبارات تستهزئ بمستخدمين آخرين سواء بسبب لباسهم، أو أفكارهم التي يشاركونها، وأحيانا تكون السخرية على خلفية المشاكل الأسرية أو الشخصية التي ينشروها على مجموعات خاصة.
ولعل مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين يظهرون في الواجهة هم المتضرر الأبرز من هذا السلوك العدواني خصوصا التعليقات على لباسهم وطريقة حديثهم، وحتى مظهرهم، أما الفئة المحسوبة على الطبقة المثقفة فقد أصبحت تضيق على الرأي الآخر، لتجعل من الاختلاف أمرا من المحظورات إذا لم يتوافق الرأي مع الأغلبية، التي ستطلق على صاحبه وابلا من التعليقات السلبية التي تشكك في مستواه العلمي والثقافي، ويبلغ الأمر أحيانا نشوب نوع من المناوشات اللفظية الافتراضية.
كما رصدت النصر في الآونة الأخيرة، منشورات طلب أصحابها من برنامج المحادثة الآلي «شات جي بي تي» الاستهزاء بهم والتنمر على شخصيتهم بلغة لاذعة، وقد تداول أصحابها صورا من باب التسلية، بينما يرى مختصون أن الظاهرة تخلف آثارا نفسية واضطرابات خصوصا لدى الأطفال والمراهقين، الذين يقضون ساعات على مواقع التواصل الاجتماعي يتشبعون خلالها بهذا النوع من السلبية والعنف المعنوي.
مناورات إلكترونية لتسطيح فكرة التنمر
تشكل ظاهرة التنمر الإلكتروني وفقا للأستاذة بكلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري، صالح بوبنيدر قسنطينة 03، والباحثة روميساء مساهل، موضوعا مهما في بحوث الإعلام والاتصال، ويعود ذلك إلى درجة تأثيرها على الأفراد والمجتمع، خصوصا مع التزايد الرهيب لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وتضيف أن أهم ما تناولته هذه البحوث، هو وصف الظاهرة وتعريفها كأحد أشكال الإساءة التي تمارس عبر الإنترنت كالتحرش اللفظي، والتشهير، ونشر الإشاعات وتشويه السمعة، وأعقبت مساهل، أن هذه الدراسات ميزت أيضا بين أشكال التنمر التقليدية والحديثة مركزة على طبيعة الظاهرة في العالم الرقمي وسرعة انتشارها.
وأوضحت الأستاذة، أن النظرة البحثية لهذا السلوك تنطلق من منظور متعدد الجوانب، يجمع بين العلوم الإنسانية والاجتماعية والتقنية، ناهيك عن أسباب اجتماعية كالغضب والمشاكل النفسية، بالإضافة إلى عوامل تقنية من بينها سهولة استخدم التكنولوجيا وغياب الرقبة والمساءلة الإلكترونية.
وأبرزت مساهل، أن التنمر الإلكتروني ينتشر عبر جميع مواقع التواصل الاجتماعي وكذا الألعاب الإلكترونية التفاعلية، ومنتديات النقاش، لكن حدته تزيد على موقعي «فيسبوك» و»إنستغرام»، وربطت ذلك بكثرة استخدامهما، ثم إن المنصتين تتيحان حرية التعبير عن الآراء سواء من خلال التعليقات أو المنشورات أو عبر خاصية «ستوري»، فهذه الأدوات تجعلهما بيئة خصبة لممارسة هذا الفعل، كما تحدثت أيضا عن مشكلة استخدام الحسابات المزيفة دون الخوف من المساءلة القانونية بسبب غياب القوانين الضابطة للعالم الافتراضي.
وعن تكرار استخدام برامج المحادثة الآلية في التنمر أو إهانة المستخدم لنفسه من خلالها، ترى الأستاذة أن للأمر تأثيرات سلبية خصوصا على شخصية المراهقين فاستخدام «شات جي بي تي» في التفاعل السلبي ولو بشكل شخصي يؤدي إلى ترسيخ السلوك لديهم ويجعله مع الوقت طبيعيا ومقبولا، ويؤثر كذلك على حدودهم الأخلاقية خاصة إن لم يتم توجيههم بشكل صحيح حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي.
النساء أكثر عرضة للعنف الإلكتروني
ومن أبرز الأشكال الحديثة للعنف الإلكتروني التي تلحق بالتنمر، أشارت الأستاذة بكلية علوم الإعلام والاتصال إلى التحرش الإلكتروني مثل التعليقات المسيئة التي تحمل عادة لغة مهينة أو تهديدات، والتحرش الجنسي كإرسال صور أو مقاطع فيديو غير لائقة أو طلبات ذات طابع جنسي، وهناك التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل نشر صور محرجة للضحية أو الابتزاز الإلكتروني، كتهديد الضحية بنشر معلومات حساسة للحصول على المال.
ويوجد كذلك التصيد الاحتيالي وهو استخدام رسائل مزيفة لخداع الأفراد للكشف عن معلوماتهم، بالإضافة إلى التشهير الإلكتروني والإساءة للسمعة كنشر أخبار كاذبة ومعلومات مضللة لإلحاق الضرر بسمعة شخص معين، والمطاردة الإلكترونية وهي متابعة الضحية بشكل متكرر مما يؤدي لشعوره بالتهديد وعدم الأمان.
وأردفت مساهل، أن الدراسات البحثية توصلت إلى أن النساء أكثر عرضة لهذه الأشكال مقارنة بالرجال، وقد خلص بحث أجرته بمعية البروفيسور نوال بومشطة، إلى أن الأسباب المؤدية إلى استهداف النساء هي الضغوط على المرأة بسبب ممارسة دورها الاجتماعي والتصريح بمواقفها إزاء القضايا الاجتماعية، ويرتبط التنمر كذلك بالقوة، فهناك مجتمعات تنظر إلى المرأة من زاوية ضعف مما يجعلها عرضة للإساءة أكثر من الرجل، بالإضافة إلى طبيعة المجتمع وأعرافه، والتي تفضل حجب المرأة إلكترونيا فظهورها في الواقع الافتراضي يعد خطيئة.
ويوسع التنمر الإلكتروني المشاكل بين الجنسين وفقا للمتحدثة، وبشكل أكبر بالنسبة للمرأة، لأنه يخلف نوعا من التخوف الدائم أثناء التواجد على شبكة «الإنترنت»، وقد يؤدي الأمر إلى دوامة أو استمرار التوتر بين الجنسين و حتى فقدان الثقة بالنفس بين الجنسين في الفضاء الرقمي ناهيك عن نوع من التحيز الاجتماعي.
وقد سجلت الباحثة مجموعة من الملاحظات حول الظاهرة انطلاقا من انتشارها الرهيب والسريع، خصوصا مع تزايد استخدام المواقع الاجتماعية من طرف مختلف الفئات العمرية في المجتمع، مع رصد حالات متعددة لسلوك التنمر الإلكتروني في المواقع أو حتى وسائل الإعلام، كما دونت الآثار السلبية وتداعياتها على الصحة النفسية بسبب الارتباط بالتطور التكنولوجي وتأثيره على طرق التواصل، وكذا الأبعاد القانونية وغياب التشريعات التي تجرم الفعل في الجزائر، وارتفاع ضحاياه وبالأخص لدى فئة المراهقين وفئة النساء.
وختمت الأستاذة بكلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري، صالح بوبنيدر قسنطينة 03، الباحثة روميساء مساهل، بالقول بأن ظاهرة التنمر الإلكتروني تحتاج إلى معالجة شاملة نظرا لتأثيرها السلبي، واقترحت بعض الحلول للتعامل معها مثل توعية الأطفال والمراهقين، وتعليمهم كيفية الكشف عن التنمر الإلكتروني، وطرق الرد بشكل صحيح مع تثقيف أهاليهم ومعلميهم بمخاطر الظاهرة، وكيفية مراقبة سلوك الطفل عبر الإنترنت.
كما ترى، أنه يجب سن تشريعات صارمة ووضع قوانين تجرم هذا الفعل وتعاقب المتورطين فيه، كما يجب تسهيل آليات الإبلاغ عن المتنمرين وحالات التنمر الإلكتروني، و تطوير الخوارزميات لمنع ظهور المحتويات المسيئة أو الكشف عن مرتكبيها.
الحذر من تعرض الأطفال والمراهقين للتنمر
من جهتها، تحدثت الأخصائية النفسانية العيادية، فيروز صحراوي، عن تأثير التنمر على الأطفال والمراهقين، وقالت إن هذا السلوك العدواني سواء في الواقع أو على مواقع التواصل الاجتماعي يخلف آثارا واضطرابات عديدة لدى ضحاياه.
وأشارت، إلى بعض الاضطرابات والمشاكل النفسية الشائعة على غرار فقدان الثقة بالنفس، ورفض الذهاب إلى المدرسة، وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي، وظهور اضطرابات في النوم، والتبول اللاإرادي، زيادة على فقدان الشهية، والشعور الدائم بالخوف والقلق والحزن دون أسباب واضحة، وكذا العزلة الاجتماعية ورفض الانخراط في الجماعة.
وتطرقت الأخصائية أيضا، للحديث عن التنمر غير المباشر على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بتوظيف بعض الصفات في صور ومنشورات ساخرة أو ما يعرف بالميمز، وأوضحت أن بعض المستخدمين قد يتأثرون بها بسبب أنهم كانوا ضحايا لحوادث تنمر لم يتجاوزوها.
وترى صحرواي، أنه يجب التعامل مع سلوك التنمر في الواقع قبل أن ينتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تفادي بعض السلوكيات الخاطئة من طرف الأولياء كالتمييز بين أطفالهم، والمقارنات التي تقلل ثقتهم بأنفسهم.
أما إلكترونيا، فتنصح النفسانية بتقليل تعرض الأطفال والمراهقين للأجهزة الإلكترونية وتنظيم تواجدهم في الواقع الافتراضي مع المراقبة الأبوية، كما ذكرت ضرورة تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتشجيعهم من خلال إشراكهم في الأنشطة الاجتماعية والجمعوية والرياضية.
وفيما يتعلق بالمستخدمين من فئة ذوي الهمم، تنصح محدثتنا الأولياء بتعليمهم استخدام أعضاء أخرى من الجسم، وكذا تجاهل المتنمر والرد عليه بطريقة سليمة تجعله يفهم أن الخطأ يكمن في سلوكه، لأن السكوت عن الظاهرة يؤدي وفقا لها، إلى مخاطر عديدة قد تصل إلى الإدمان أو الانتحار خصوصا في فترة المراهقة.
إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com