الكيف والاكستازي أكثر المخدرات استهلاكا في الوسط المدرسي بالجزائر
كشفت نتائج التحقيق الميداني الذي أشرف عليه الديوان الوطني لمكافحة المخدرات، حول انتشار المخدرات في الوسط المدرسي، تسجيل نسبة ضئيلة فقط ممن يستهلكون المواد المخدرة والكحول، عكس ما هو مشاع، وأن القنب الهندي ( الكيف) هو من المواد التي يقبل عليها المدمنون نظرا لسعره المنخفض، في حين تعد المشاكل الأسرية وغياب دور الأولياء من أهم أسباب انتشار الظاهرة.
وقام بإنجاز هذه الدراسة الميدانية المركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة بالسكان والتنمية، تحت إشراف الديوان الوطني لمكافحة المخدرات، وبالتنسيق مع وزارة التربية، واستهدفت الفئة العمرية التي يتراوح سنها ما بين 15 و17 عاما، مع استثناء تلاميذ السنة الأولى متوسط لصغر سنهم، وكذا أقسام الثالثة ثانوي والرابعة متوسط بسبب امتحانات نهاية السنة، وشملت أزيد من 2 مليون تلميذ، تم انتقاء عينة من بينهم تضم 12 ألف و103 تلميذ، موزعين على 240 فوجا تربويا في التعليم المتوسط، و186 فوجا تربويا في التعليم الثانوي، بـ 46 ولاية، وتضمن الاستبيان 119 سؤالا، حول استهلاك التبغ والمشروبات الكحولية والقنب الهندي.
وتمّ الشروع في إعداد الدراسة الميدانية حول تفشي التدخين والمشروبات الكحولية والمخدرات في الوسط المدرسي في أفريل الماضي، واسفرت نتائجها النهائية التي أعلن عنها أمس، مدير ديوان مكافحة المخدرات السيد محمد عبدو بن حالة، عن الوقوف على جملة من المعطيات، أهمها تفنيد الادعاءات التي كانت تضخم نسب انتشار المخدرات في الوسط المدرسي. و تم تسجيل احتلال القنب الهندي المرتبة الأولى ضمن المواد المخدرة المستعملة من طرف الفئة العمرية ما بين 15 و17 سنة، لانخفاض سعره، وتستهلكه نسبة 3.61 من افراد العينة المقدر عددها بأزيد من 12 ألف تلميذ، ومع ذلك تبقى هذه النسبة مقلقة، لأنها تمثل حوالي 45 ألف تلميذ من مجموع العدد الإجمالي التلاميذ الذين وجهت إليهم الدراسة، والمقدر بـ أكثر من 2 مليون تلميذ في المتوسط والثانوي، وفق تأكيد السيد بن حالة، موضحا أن تعاطي هذه المواد في الوسط المدرسي يعد في حد ذاته أمرا مثيرا للقلق، وأن المقاربة المعتمدة في مجل الوقاية هي تأخير الاستهلاك، بالنظر إلى حساسية هذه الفئة الشبانية، وكذا مخاطر استهلاك المخدرات في سن مبكرة.
كما سجل التحقيق انتشار مخدر الإكستازي الذي يستهلكه نسبة 1.09 في المائة من أفراد العينة، في حين يتم استعمال الكوكايين والهيرويين بنسب جد ضئيلة لا تتجاوز 0.42 في المائة من قبل الشريحة التي استهدفها التحقيق الميداني، ثم تأتي المؤثرات العقلية بنسبة 2.28 في المائة، محتلة بذلك المرتبة الثانية من حيث الاستهلاك بعد القنب الهندي، لدى الفئة العمرية ما بين 15 و17 سنة التي ما تزال في مرحلة التمدرس، وهي في نظر القانون عبارة عن مواد مشروعة لكنها تستعمل بطرق غير مشروعة، وبينت الدراسة أيضا أن استعمال عدة مواد مخدرة، أي إثنين فأكثر، هي ممارسة تقتصر عمليا على الذكور بنسبة 6.6 في المائة من مجموع المستهلكين، مقابل 0.3 في المائة من الإناث، في حين يعتبر أغلب مستهلكي القنب الهندي من المدخنين والمدمنين على الخمر، وأن 13 في المائة من مستعملي التبغ لم يستهلكوا أبدا المشروبات الحكولية.
ويهدف التحقيق لوضح استراتيجية شاملة وفعالة لمحاربة الإدمان على المخدرات في الوسط المدرسي، بالتنسيق مع قطاعات وزارية عدة، منها التربية الوطنية والتكوين المهني ووزارة الشؤون الدينية، مع توعية الشباب بالأخطار التي تسببها هذه المواد على صحة مستعمليها، لكون نسبة هامة منهم لا يدركون ذلك، ولا يعرفون التبعات القانونية التي يمكن ان تطالهم.
ومن خلاصات هذه الدراسة أن الكثير من الشباب يجهلون رأي الدين بخصوص استهلاك المخدرات، إذ يعتقد 16.3 في المائة من المستجوبين أن الدين متساهل اتجاه تعاطي التبغ، و12 في المائة لديهم نفس الرأي بخصوص المواد المستنشقة، و10 في المائة من أفراد العينة يرون أيضا أن الدين متساهل اتجاه المدمنين على المؤثرات العقلية، وبحسب القراءة الأولية لهذه المعطيات، فإن اقتناع الشباب بأن استهلاك هذه المواد ليس حراما، من شأنه أن يقودهم إلى تعاطيها.
وتهدف الدراسة إلى إطلاق استراتيجية وطنية في الأشهر القليلة المقبلة، للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات، في ظل تمسك الدولة بتخصيص الغلاف المالي اللازم لتحقيق هذا المسعى، رغم تراجع المداخيل، حسب ما أكده السيد بن حالة، بهدف الحد من عرض هذه المواد والإقبال عليها وكذا حماية الحدود والطرقات، مؤكدا أن الجزائر تعد أقل تضررا من الظاهرة مقارنة بالمغرب، وأكثر انتشارا للظاهرة مقارنة بتونس.
لطيفة ـ ب