«بويشة» طبق الجواجلة يوم عاشوراء
يحيي سكان مدينة جيجل عاشوراء، بإعداد طبق تقليدي فريد من نوعه ، أصبح ميزة يعرف بها الجواجلة عبر ربوع الوطن، و يتمثل في طبق "بويشة" ، و الذي يتم إعداده، مرة واحدة في السنة في هذه المناسبة الدينية، و تتنافس بعض ربات البيوت في إعداد أحسن و ألذ طبق.
و تتميز هاته الأكلة بخصائص متعددة ، و لو أنه أصبح يعد بطرق مختلفة في السنوات الأخيرة، و تتمثل مكوناته أساسا في دقيق القمح «السميد» الخشن و التمر الجاف و زيت الزيتون أو زيت المائدة، حسب الرغبة ، و بالتالي فهو يحتوي على مقويات بروتينية و فيتامينات وحريرات طاقوية، فمن يتناول طبق بويشة يستطيع أن يقاوم الجوع، لفترة تزيد عن يومين.
و يؤكد الجواجلة بأنه مخزن من الطاقة والمعادن لاحتوائه على سكريات سريعة وفيتامينات ومعادن و سكريات في التمر ، و بعض الدهون في الزيت المستعمل، إضافة إلى كون زيت الزيتون غني بالأحماض الدهنية، ما يجعل هذا الطبق منتجا للطاقة بامتياز، و اقتصاديا ، بسبب عدم تكليف الأسرة مبالغ كبيرة في إعداده.
و تكلف كمية من «بويشة» كافية لخمسة أيام، حدود ألف دينار جزائري ، وبذلك فهو يعوض الحلويات أو الأكلات التي يتم تناولها عادة مع الحليب.
و قد عرضت مؤخرا أسواق و محلات بيع المواد الغذائية، بعاصمة الولاية، كميات كبيرة من التمر الجاف و دقيق القمح الخشن ، بمناسبة اقتراب يوم عاشوراء ، من أجل تحضير طبق بويشة الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بهذه المناسبة .
عن طريقة تحضيره، قالت السيدة مسعودة، بأنه يحضر أساسا بكمية من السميد الخشن، حسب حاجة العائلة، و يفضل أن يستعمل السميد، الذي يعد به قلب اللوز، على أن تضاف نفس الكمية من التمر الأصفر الجاف، أما الزيت، فيفضل استعمال خليط من زيت الزيتون وزيت المائدة، وذكرت المتحدثة بأن كيلوغرام من السميد، يتطلب إضافة نصف لتر من الزيت تقريبا، بالإضافة إلى الملح و الماء، و أشارت المتحدثة بأنه يتم نزع النوى من التمر، ليتم بعدها خلط السميد و الزيت مع الملح و الماء للحصول على مزيج متماسك، ثم يضاف له لاحقا التمر و يخلط جيدا.
بعد ذلك يتم حشو أحشاء خروف، سواء الأمعاء أو المعدة»الكرشة»، حسب الرغبة، بالخليط المذكور، و تطهى لأكثر من أربع ساعات، و بعد أن تنضج تترك ليلة كاملة لتبرد، و تقدمها ربة البيت لأفراد أسرتها في فطور الصباح.
و هناك طريقة أخرى، حسب المتحدثة، فقد أصبحت أمعاء الأضحية تعوض بأوعية ، مثل القارورات البلاستيكية أو الأوعية الحديدية، مع الحرص على عدم ملئها بالكامل ، كما أن مدة الطهي تكون أطول، إذ تصل إلى حدود ثماني ساعات.
و تقبل على هذه الأكلة ربات البيوت من خارج الولاية، خصوصا بعد رواجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام، حيث علمنا من إحدى مدارس تعليم الطبخ بجيجل، بأن فتيات و نساء من خارج الولاية، أصبحن يقبلن على تعلم طريقة تحضير «بويشة» ، و هناك من حضرن في موسم الاصطياف خصيصا لتعلمها، لعدة اعتبارات، أبرزها مرتبطة بالعائلة، كأن يكون الزوج من أصول جيجلية.
بالمقابل هناك عزوف من قبل الشابات الجيجليات عن إعداد هاته الأكلة التقليدية، و اعترف العديد من الرجال المتزوجين حديثا، بأن وجهتهم في يوم عاشوراء تكون بيت الأم، للظفر بكمية من بويشة، و ذلك لعدم إتقان زوجاتهم، طريقة تحضيرها.
و يقال بأن أصول هذا الطبق تركية، فيما يذهب البعض إلى اعتبارها أكلة إنجليزية، لكن المؤكد أنها أصبحت معروفة عبر ربوع الوطن، و علامة مسجلة بالكامل للجواجلة.
كـ طويل