* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
يؤكد الأخصائي النفساني و الناشط في المجال الإنساني، بوضياف عبد الله، بأن توفير المعلومة الصحيحة و الدقيقة و تبسيطها للمواطنين، من شأنه أن يساعد على تجاوز تبعات الأزمة التي فرضها فيروس كورونا المستجد، بما في ذلك الحاجة للالتزام بالحجر الصحي في المنازل أو المستشفيات، مشددا على ضرورة تجنب التعرض المفرط للأخبار المغلوطة المتداولة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن ذلك قد يسمم الأفكار ويضع الجهاز النفسي في حالة إنذار ما يعزز المخاوف، كما يقدم في هذا الحوار مع النصر، جملة من النصائح لتجنب التوتر و الضغط ، ناهيك عن توجيهات للتعامل الصحيح مع الأطفال و مع الأشخاص الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية التي قد تظهر بعد الأزمة على غرار الوسواس القهري.
uكيف ستؤثر هذه الجائحة على السلامة النفسية و العقلية للأفراد؟
ـ عبد الله بوضياف: لابد لنا بداية إدراك العلاقة المباشرة بين الظروف الاستثنائية و القلق، فالقلق ميكانيزم طبيعي يشتغل خلال كل وضعية لا نكون فيها مرتاحين، لأنه وسيلة آلية تساعدنا على تغيير الأوضاع التي يمكننا التحكم فيها وتغيرها كبعض المواقف التي تصادفنا في الخارج، لكن في وضعية الجائحة الوبائية الحالية، نحن نفتقر فعليا للقدرة على التغيير و التحكم، و لذلك فإن تركيزنا يكون منصبا أكثر على طريقة تعاملنا مع الظرف و استجابتنا للعامل الخارجي.
حاليا يجب أن يكون انشغالنا الأول هو معرفة طبيعة القلق الذي نعانيه وتقبله، لأننا نمر بفترة فرضت تغييرات جذرية ومفاجأة على حياتنا و ضاعفت مصادر القلق، التي هي في العموم الخوف من الإصابة بالمرض و نقل العدوى للآخرين و القلق من تغير نمط الحياة العادي بسبب التواجد المستمر داخل المنزل و تعذر الخروج منه، إضافة إلى القلق الناتج من طرق الحماية خوفا من الفيروس، و القلق من انحسار المساحة الشخصية بسبب التواجد داخل المحيط العائلي الكبير.
زيادة على ذلك فإن هناك عاملا لا يمكن إغفاله، وهو التوتر الناجم عن إلزامية العمل من المنزل، فمن لا يشتغلون يواجهون الهاجس المادي، أما من يمارسون وظائفهم من البيوت فهم عرضة لتأثير تغير المحيط المهني وتضارب فكرة البقاء في البيت بمفهومها المعروف «الراحة»، مع فكرة إجبارية إتمام العمل وسط ضغط الأبناء وعدم تفهم الآخرين لهذه الوضعية.
من جهة ثانية، هناك القلق الناتج عن الصراعات التي يفرزها تواجد نفس الأفراد في نفس المكان، أي المنزل، بشكل مستمر، ففي العادة قد نغادر المنزل للهرب من المشاكل، لكن في هذه الحال يصبح الانسحاب للخارج مستحيلا، وهو ما يخلف ضغطا مضاعفا على نفسية الأزواج مثلا، أو باقي أفراد الأسرة، ما يدفع الإنسان للتساؤل عن طبيعة سلوكه، وما إذا كان هناك خلل في علاقته بالآخرين لم يكن يدركه من قبل، وهنا لابد لنا من أن نعود للقاعدة التي تقول بأنه في الوضعيات غير الطبيعية فإن الاستجابات غير الطبيعية تكون طبيعية.
uمراقبة السلوك الذاتي والتوجس من الاستجابات غير الطبيعية، والإفراط في التطهير خوفا من العدوى، هل يمكن أن تؤدي للإصابة بالوسواس القهري، و من هم أكثـر الأشخاص عرضة لذلك؟
ـ الوسواس القهري كأي اضطراب نفسي آخر لا يترتب عن عامل واحد، بل يستوجب جملة من العوامل أهمها، أن يكون بناء شخصية الفرد تم بطريقة تسمح بظهور اضطرابات نفسية، فالوسواس القهري هو عبارة عن استجابة غير طبيعية لواقع طبيعي، مثلا أن نغسل أيدينا عشرين مرة يوميا دون وجود حاجة لذلك، أي بعيدا عن وضعية وبائية أو عدوى معينة، بمعنى أنه لا مبرر لمثل هكذا سلوك.
في هذه الحالة هناك احتمالان، الاحتمال الأول يتمثل في أن الجهاز النفسي لغالبية الأفراد يمكن ضبطه لأنه سلس، أي أننا نتفاعل مع وضعيات الخطر بسلوكيات معينة ثم نعود لطبيعتنا بعد نهاية الأزمة، تماما كرد الفعل بعد التعرض لحادث مرور مثلا، إذ نشعر بصدمة في البداية ثم نتأقلم مع الوضع وقد نعيش التجربة مجددا لكن بأقل الأضرار.
لكن هذا لا ينفي الاحتمال الثاني، و الذي يتلخص في إمكانية أن تتحول هذه الأزمات الإنسانية إلى عامل مفجر لاضطرابات نفسية لاحقة، فكل صدمة أو وضعية صعبة تنتج «احتمالا صدميا «، يمكن أن يولد إضرابات نفسية فيما بعد، خصوصا في حال كان بناء شخصية الفرد يسمح بظهور هكذا أعراض، ولهذا فإنه يتوجب على الأخصائيين النفسانيين التدخل بعد انتهاء مرحلة الحجر الصحي و الأزمة، للتكفل بهؤلاء الأشخاص وهم قليلون جدا في العادة، وذلك من خلال تنظيم حملات تحسيس و تكفل، تماما كما يحدث في حالات الزلازل.
uما هي النشاطات التي يمكن أن تساعد على تجاوز مرحلة الحجر و كيف يمكن للإنسان أن يحافظ على علاقته بالمحيطين به رغم تقلص المساحة الشخصية؟
ـ في أي أزمة إنسانية أو طارئ ، يكون أهم شيء بالنسبة للإنسان هو الحصول على المعلومة الكافية و الصحيحة بخصوص الوضع العام، لذلك فإن أول ما يجب أن يقوم به الأشخاص في هذا الوقت هو التربية النفسية، أي الاستعلام بشكل جيد عن طبيعة الفيروس و كيف يؤثر علينا و كيف يمكننا أن نحمي أنفسنا منه بطريقة علمية صحيحة، فلما نعرف الأساسيات نتفادى الخرافات، خصوصا في ظل الكم الهائل من الأخبار و المعلومات المغلوطة التي نتعرض لها باستمرار عبر الوسائط الاجتماعية، لأن التربية النفسية تساعدنا على التحكم في الخوف و التعاطي بشكل غير مبالغ فيه مع الاضطراب الحاصل فلا نجنح للإفراط أو التفريط.
لابد أن نفهم أيضا، أننا لسنا مجبرين على اتباع طريقة معينة أو أسلوب معين، لأن مثل هكذا وصفات غير موجودة أساسا في علم النفس، فكل إنسان يتعامل بالأسلوب الذي يمنحه الراحة، فهناك من يجد متعة في المطالعة و متابعة الدورات التدريبية عن بعد و غير ذلك، لأنه ببساطة يملك الرغبة و الطاقة اللازمتين، بالمقابل هناك شخص لا يمكنه قراءة أزيد من صفحة كتاب واحدة دون الشعور بالقلق لأنه يفضل النوم أو التلفاز، وهو ليس خطأ يستدعي الشعور بالذنب، والأهم هو أن يجد الإنسان طريقة لتوظيف وقت الفراغ في شيء مناسب له يبعده عن القلق، الذي تكون مسبباته كثيرة مسبقا خلال هكذا ظروف، أي أن الحل يكمن في ثلاث نقاط، أولا معرفة الاضطراب و طرق الوقاية منه، ملء وقت الفراغ بشكل مناسب و أخيرا الابتعاد عن الشعور بالذنب.
لكن وجبت الإشارة في هذه الحالة إلى أن الانسان، مطالب بالحفاظ على روتين حياته العادي، و تنظيم سلوكه المتعلق بالأكل و النوم و ممارسة أمور أخرى، لأن فقدان السيطرة على نظام حياتنا سيعرضنا لضغط مضاعف سيسبب لنا القلق تماما كما يحدث مع بعض الأشخاص خلال شهر رمضان، بسبب الاستسلام المطلق للنوم.
بالنسبة للجانب المتعلق بالحفاظ على علاقتنا بأفراد أسرنا وتجنب الصراع الناجم عن تقلص المساحة الشخصية، فإننا هنا ملزمون بتقبل بعضنا باعتبارنا جميعا في وضعية قلق، مع اغتنام الفرصة لتعزيز التقارب في ما بيننا عن طريق الحوار واحترام الخصوصية.
u لماذا يرفض الكثيرون الحجر الصحي و يتخوفون منه، هل للأمر علاقة بالطبيعة الاجتماعية للإنسان أم هو تأثير ما روج عن الموضوع عبر مواقع التواصل؟
ـ كما سبق وأن ذكرت، في مثل هذه الظروف الاستثنائية تعد المعلومة الصحيحة أهم شيء، إذ يجب أن تكون دقيقة صحيحة و مبسطة، لكن ما حدث في الجزائر خلال الأيام الأولى للجائحة، كان مخالفا وأثر عكسيا بسبب الكم الهائل من الأخبار و المعلومات المغلوطة التي تم تداولها على نطاق واسع.
الكثيرون يعتقدون أن الإصابة بالفيروس و دخول الحجر الصحي تعني الموت، ولذلك يفضلون الهرب من المستشفى، لأن نقص المعلومة الضرورية و ضبابية المشهد أثرا على تقبل الناس للفكرة و لأننا نخاف ما نجهله فإننا نفضل الهرب منه، وهو تحديدا ما حدث.
المعلومة الخاطئة عوضت غياب المعلومة الصحيحة وهولت الأمر، فأصبح البعض يرون بأن المرض قد يكون أقل ضررا من الحجر، مع ذلك فإن الأوضاع بدأت في التحسن في الأيام الأخيرة فالناس باتوا أكثر وعيا بعدما زاد عدد المتواجدين في الحجر الصحي.
بالنسبة للجانب الثاني المتعلق بكون الإنسان اجتماعيا بطبعه، فهو واقع لا يمكن إلغائه، وهو تحديدا ما يثبت أهمية الإعلام الصحيح لتوجيه الأفراد، فالمباعدة التي يفرضها الظرف الحالي أو الحجر تحديدا هي مباعدة جسدية وليست مباعدة علائقية، بمعنى أننا يجب أن نقارب علاقتنا مع الآخرين عن طريق وسائط التواصل لنلبي حاجتنا الاجتماعية ولكن نتباعد جسديا، مع الحرص على عدم التعرض المفرط للمعلومات المتداولة بكثرة عن الكورونا عبر مواقع التواصل و غربلة ما نستقبله، لأن إغفال ذلك سيجعلنا عرضة للمعلومات السامة و يضاعف مخاوفنا بشكل سيضع جهازنا النفسي في حالة إنذار.
uكثيرا ما ننسى الحديث عن الأطفال في مثل هكذا ظروف، كيف يمكن التعامل معهم وحمايتهم من التأثيرات النفسية التي قد تنجر عن الحجر؟
ـ الطفل عكس الراشد لا يمكنه التعبير عن الوضع رغم إدراكه لذلك، و عدم فهمه لما يحصل يسبب له القلق، لذلك وجب علينا كراشدين أن نضعه في الصورة باستخدام مصطلحات بسيطة، كأن نخبره بأن هناك مرضا معينا وجب علينا حماية أنفسنا منه بالبقاء في المنزل.
الأهم من النقطة الأولى هو استيعاب ردود فعل الطفل تجاه التغير الحاصل في حياته، والذي قد يترجم من خلال التبول غير الإرادي ليلا أو فرط الحركة أو الأرق و العدوانية، وهي طريقته للتواصل و التعبير عن ما يشعر به، لأنه يعجز عن ذلك شفاهيا و يفضل التعبير عن طريق رسائل جسدية، ولتجنب كل هذه الأمور يمكننا أن نحسس الطفل بأهميته من خلال منحه شعورا بالمسؤولية كأن نكلفه بتذكيرنا بضرورة غسل أيدينا مثلا، أو أن نسمح له بمساعدتنا على تحضير مائدة الطعام، أي أن نشغله و نمنحه مزيدا من الاهتمام و نلعب معه أكثر، دون التغاضي عن أهمية تدريسه في المنزل عن طريق الاستعانة بطرق التعليم المتوفرة على الأنترنت لكي لا يصعب عليه التأقلم مع المدرسة مجددا بعد عودته إليها. هـ/ط