التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
تستقطب الأراضي الفلاحية المحيطة ببلدية عين السمارة، الكثير من الشباب و المراهقين في الفترة الأخيرة، وذلك لتوفر فرص العمل في الحقول القريبة التي حققت هذه السنة وخلافا للسنوات الماضية، إنتاجا كبيرا من البطيخ و الذرة و الفلفل، و فتحت المجال أمام الكثيرين للعمل في مجال الجني و توفير دخل مناسب يسد باب الحاجة.
حركية كبيرة تعرفها المنطقة منذ بداية موسم الجني وهو مشهد لم يتعود عليه سكانها في السنوات القليلة الماضية، فكثير من الأراضي الفلاحية كانت مهملة وغير مستغلة، على عكس هذا الموسم الذي جاء غنيا و متنوعا، إذ ينطلق نشاط الجني مع ساعات الصباح الأولى و يستمر إلى حدود منتصف النهار، حيث ينتشر شباب تتراوح أعمارهم بين 17 و35 سنة، على طول حقول الذرة و البطيخ والفلفل، الممتدة بين منطقتي الكيلومتر 13 و الحمايد، ويعملون كخلية نحل لا تهدأ في جمع الغلة، متحدين حرارة الشمس طلبا للرزق خاصة وأن عودة استغلال الأراضي الفلاحية فتحت باب النشاط الموسمي أمام الكثير من البطالين، الذين تقربنا من البعض منهم لسؤالهم عن نشاطهم، فعلمنا بأن الموسم حل باكرا جدا و أن الجني بدأ قبل أسابيع من المواعيد التي كان متفقا عليها مع ملاك الأراضي و المستثمرين.
جل من تحدثنا إليهم، كانوا شبابا ينحدرون من عين السمارة و من علي منجلي و الخروب و حتى التلاغمة قال بعضهم، بأنهم يمارسون هذا النشاط سنويا، وأنهم لا ينشطون فقط على مستوى حقول عين سمارة بل ينتقلون بين بلديات الحامة و بني حميدان و عين عبيد ومنهم من يترددون على الحقول نفسها سنويا كلما استدعاهم أصحابها وذلك لأجل العمل.
النصر، قضت يوما في حقول الخضر والفواكه و وقفت على ظروف عملية الجني وكيف تحولت الأراضي من مساحات مهملة إلى حقول خضراء ومنتجة.
جني المحاصيل الزراعية في ظروف صعبة
تنقلنا بين عدد من الحقول على امتداد الطريق نحو بلدية عين السمارة، وكان المشهد يزداد جمالا في كل مرة، أراض خضراء و محاصيل متنوعة، قابلنا في حقل للبطيخ شبابا كانوا يقومون بجني المحصول، عددهم تجاوز العشرة، كان معظمهم يرتدون قبعات أو يلفون رؤوسهم بقطع من القماش لتجنب ضربات الشمس و مواجهة الحرارة ، خصوصا وأن درجتها كانت تشير إلى 40 في تلك الصبيحة.
كان هؤلاء الشباب و الرجال يتصببون عرقا، وكانت مظاهر التعب بادية على وجوهم، مع ذلك فقد استمروا في العمل كآلات مبرمجة، إلى غاية الانتهاء من جمع ما تبقى من غلة، وقد علمنا من عمي أحمد، صاحب حقل للبطيخ، بأنه اليوم الأخير للجني وأن العملية بدأت قبل أسبوع.
بعد الانتهاء من عملية جني المحصول، تم جمعه في مكان واحد و نقل إلى المقطورة الخلفية لجرار كبير حيث وضعت حبات البطيخ فوق بعضها البعض، فيما نقل عمال ما تبقى من محصول في مركبات.
تقربنا من أحد العمال وهو شاب من عين سمارة وسألناه عن ظروف الجني فأخبرنا، بأن المهمة صعبة خصوصا وأنها تتم تحت أشعة الشمس الحارقة، لكنه مضطر لممارسة هذا النشاط كما قال، كونه لا يجد عملا آخر يسترزق منه. فيما أخبرنا عامل آخر، أنه يجد صعوبة في المواصلة لأنه يشعر بالتعب، كون الجني هو عمل إضافي بالنسبة إليه، يمارسه صباحا فيما يعمل مساء في حراسة محركات السقي داخل كوخ يقع قرب الحاجز المائي القريب، وقال، بأن هذا النشاط خطر كونه يقوم بالحراسة في منطقة معزولة تكثر فيها الذئاب والخنازير.
عامل آخر قابلناه في حقل ثان للذرة، قال، بأن عمره 17سنة وأنه قادم من علي منجلي وتحديدا من الوحدة الجوارية 16، وأنه يعمل في الحقول لأول مرة، وذلك ليوفر مصاريفه الخاصة، وأضاف، بأنه تحصل على شهادة البكالوريا و يستعد لدخول الجامعة رفقة بعض من أصدقائه، و قد توزعوا على الحقول لأجل تحصيل مصاريف التجهيز للجامعة وخصوصا مصاريف الملابس. مشيرا إلى أن صديق لهم من سكان بلدة الحمايد القريبة هو من دلهم على هذا السبيل.
أما فارس صاحب 35سنة، فأوضح لنا، بأن العمل في الحقول يعتبر نشاطا موسميا دائما بالنسبة إليه، وأنه يتنقل بين الحامة مقر سكناه و عين السمارة، ليعمل لدى عدد من الفلاحين، حتى يتمكن من توفير رأس مال يستثمره لاحقا في بيع الخضر والفواكه.
وعن مداخل الجني، أوضح محدثونا، بأنها تختلف حسب ما يتم الاتفاق عليه مع صاحب الأرض، فقد يحدد النشاط بحسب الأيام و يدفع الفلاح في هذه الحالة مبلغا يتراوح بين 1500إلى 2000دج للفرد في اليوم، وقد يتحدد المبلغ بالكمية، فمثلا يجني الشاب كمية معينة مقابل 6000 إلى 8000دج في اليوم، وقد يتم الاتفاق على جمع ما يعادل شاحنة صغيرة مقابل مبلغ مليون سنتيم أو أكثر بقليل.
من الجمع إلى البيع
غادرت بعض المركبات التي كانت تحمل المحاصيل في اتجاهات مختلفة، وقد علمنا من صاحب حقل للفلفل الحلو، بمنطقة الكيلومتر13، بأن المحصول قد بيع قبل جنيه هذه السنة، و أن بعضا منه بيع لتجار خضار بعين السمارة و أخذ بعضه الآخر باعة متجولون، بينهم شابان اشتغلا في عملية الجني.
سألنا عنهما، فوجدنا واحدا فقط وهو علي، أما الشاب الثاني فغادر باكرا، أخبرنا المتحدث وهو ابن المنطقة بأنه وعلى غرار الكثير من الشباب، يشتري جزء من المحصول من الفلاحين سنويا، و يعيد بيعه على الطرقات وفي السوق الأسبوعية لعين سمارة، و أنه اقتنى رفقة زميله ما مقاره 70ألف دج، من محصول الفلفل هذا الموسم، لأجل العمل في تسويقها لاحقا، حتى أنهما عملا في الحقل لكسب جزء من تكلفة تأجير المركبة التي يستخدمانها في العمل. قال لنا، بعض الشباب الذين قابلناهم خلال جولتنا، بأن نسبة كبيرة من المحاصيل التي تباع على قارعة الطريق نحو عين سمارة و بو الصوف و العثمانية و التلاغمة، هي من إنتاج الحقول القريبة، وأن هناك شبابا يشترون كميات كبيرة منها قصد إعادة بيعها، بينما قد يكتفي البعض بصندوقين أو أكثر، كل حسب رأس ماله. وقد بدا لنا بأن البطيخ، هو أكثر منتوج منتشر على حواف الحقول، بالنظر إلى العدد الكبير لشاحنات بيعه لذلك استفسرنا عن أسعاره، فقيل لنا، أن سعره يتراوح ما بين 35 دج إلى 45 دج للكيلوغرام الواحد، بينما تتراوح أسعاره في أسواق الجملة ما بين 30دج إلى 40دج للكيلوغرام، ويتراوح سعر البطيخ الأصفر ما بين 45دج إلى 60دج للكيلوغرام، ويصل في الأسواق إلى 70دج للكيلو الواحد.
الجفاف عجل بجني المحاصيل
ورغم أن هناك عودة لاستغلال الأراضي في المنطقة إلا أن الموسم كان صعبا حسب بعض الفلاحين، وذلك بسبب الجفاف الذي ميز هذه السنة، وقد أكدوا لنا، أن تراجع منسوب المياه وندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، عجل بعمليات جني البطيخ، التي بدأت قبل موسمها المعتاد، وهو ما جعلهم يتخوفون من نقص جودة محاصيلهم، مؤكدين، أن مياه الحاجز المائي أصبحت مالحة، ما أدى إلى ظهور بقع بيضاء فوق أراضيهم الزراعية، حيث أبدوا مخاوف من استمرار الجفاف ما قد يجعلهم يتجنبون تكرار تجربة الزراعة العام القادم، وتحويل الأراضي للاستغلال العمراني أو تركها دون استغلال، لأن تكلفة الإنتاج باتت تتعدى بكثير مداخل المحصول.
كما تحدث الباعة من جهتهم، عن تراجع نوعية البطيخ هذا الموسم، وأن السبب حسبهم، مرتبط بشح المياه، و قالوا، بأن المنتوج متوفر من حيث الكم ولكن الفاكهة أقل جودة من المعتاد، ولذلك فإن الطلب عليها قل كثيرا مقارنة بما هو معهود خلال المواسم الماضية. عبد الناصر سليخ