دعا وزير الاتصال، محمد مزيان، أول أمس الخميس بوهران، الأسرة الإعلامية الوطنية لتكوين جبهة تتبنى خطا تحريريا قيميا خاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن...
أكد، أول أمس الخميس بالبليدة، وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي، أن دائرته الوزارية تسير في عمل تشاركي مركز وسريع مع المنظمات النقابية من أجل...
أكد أول أمس، من قسنطينة وزير النقل، سعيد سعيود، أن استلام أولى الطائرات الجديدة المقتناة سيتم نهاية أوت المقبل، كما سيشرع 4 متعاملين اقتصاديين في...
أجرى متعامل الهاتف النقال موبيليس، أول أمس الخميس، وبشكل حصري بحضور ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، تجارب ناجحة على الجيل الخامس، في إطار الاختبارات...
تحوّلت المنصات التفاعلية مؤخرا، إلى مواقع للتباهي بنمط عيش قريب جدا إلى حياة المجتمعات الغربية، و هو نمط تروّج له مؤثرات على أنستغرام و تيك توك بشكل أكبر، إذ كانت البداية بنشر المحتوى المتعلق بالسفر و الأناقة و الديكورات و الماكياج، ثم بدأ التنافس يحتدم للحصول على أكبر عدد من المتابعين مع تزايد عدد المؤثرين وصناع المحتوى، و صارت كل مؤثرة تبحث عن التفاعل من خلال التميّز وإثارة الجدل بداية بالخوض في الحياة الخاصة و من ثم التوجه إلى تقليد الغرب والاحتفال بطريقة استعراضية كتنظيم حفلة للطلاق و أخرى لكشف جنس الجنين، وهي سلوكيات تتعارض مع ثقافة المجتمع الجزائري و تكرّس للمادية بشكل كبير.
موضة « البيـبي شاور» و حفل توديع العزوبية
مع تزايد تأثير مواقع التواصل الاجتماعي و تراجع الخصوصية لدى الكثيرين أصبح التباهي والاستعراض هدفا للعديد من الناشطين عبرها، فبعد حفلات أعياد الميلاد وذكرى الزواج التي يشاركها مؤثرون مع متابعيهم، ظهرت احتفالات أخرى تصرف عليها أموال طائلة و تبث على المباشر وتنشر صور عنها على الصفحات، كحفل توديع العزوبية و كشف جنس الجنين فبمجرد أن تبلغ مؤثرات أو سيدات مهتمات بالمنصات التفاعلية، الشهر الخامس من الحمل، حتى تشاركن متابعيهن لحظة معرفة جنس الجنين، بإقامة حفلات باذخة بحضور الزوج والأصدقاء والأقارب، مع إعداد ديكور يتماشى مع المناسبة وتزيين القاعة ببالونات زرقاء وزهرية، أو سوداء و حمراء أو باستخدام خدعة الدخان الملون لأجل الإبهار، مع تحضير كعكة كبيرة و قائمة طعام متنوعة و كل هذا من أجل الكشف عما إذا كان الجنين ولدا أم فتاة، مع تكرار مشاهد الفرحة الدهشة و الاحتفاء التي كثيرا ما نشاهدها في المسلسلات والأفلام.
وتختلف ردود الفعل على هذا النوع من المنشورات من شخص إلى آخر، وتظهر بعض التعليقات رفضا، إذ يرى متابعون أنه سلوك دخيل على المجتمع و أسلوب لحصد المتابعة و التفاعل بشكل مبالغ فيه، فيما يعتبر آخرون أنه يحق لكل شخص الاحتفال على طريقته وأن الحياة تتطور و كذلك العادات.
ومن أكثر الحفلات انتشارا هذه الصائفة على المواقع سهرات توديع العزوبية، فهذا النوع من الاحتفال في طريقه لأن يصبح تقليدا واسع الانتشار، إذ يتباهى شباب وشابات بما يحضرونه لهذه المناسبة التي لم تعد تختلف كثيرا من حيث الإنفاق على ما يحضر للعرس ذاته وهو ما يضاعف الأعباء ويجرد فكرة الزواج من إطارها الصحيح.
الاحتفال بالطلاق و الرسوب بين المواساة و تحدي المجتمع
ولا يقتصر الأمر على المناسبات السارة، فحتى الأقراح باتت فرصة للاحتفال، ولعل حفلات الطلاق، هي أكثر مناسبة تثير الجدل والضجة على مواقع التواصل، لأنها أصبحت كثيرة، يحضر خلالها قالب حلوى خاص و تحتفل المطلقة مع صديقاتها على المباشر أو من خلال نشر صور لديكوارت و كعكة كتب عليها « وأخيرا تطلقت» أو « مبروك الطلاق» وغيرها من العبارات التي يجدها البعض مستفزة.
و غالبا ما يصاحب هذا النوع من الصور أو المنشورات جدل كبير، إذ تبرر صاحباتها الأمر بأنه محاولة لتجاوز المرحلة و المضي قدما بكل إيجابية، فيما يقول معلقون بأن في ذلك تمييعا لفكرة الطلاق و تشجيعا عليه.
ولم يتوقف الأمر هنا، بل تم تداول منشورات لفتيات شاركن صورا لاحتفالهن برسوبهن في شهادة البكالوريا و قد احتار رواد السوشل ميديا من هذا السلوك الغريب وقال معلقون، أن في ذلك مواساة للنفس، أما الغالبية فاعتبروه سلوكا غير مقبول.
* النفسانية والمستشارة الأسرية هدى زياد
هي أقنعة مزيفة
تقول الأخصائية النفسانية و المستشارة الأسرية هدى زياد، أن الاحتفال بمناسبات حزينة، هو قناع مزيف يرتديه الفرد ليظهر في صورة قوة، موضحة أن احتفال المرأة بالطلاق ليست عادة دخيلة على المجتمع الجزائري، فهناك مناطق جنوبية تقيم أفراحا ضخمة للنساء المطلقات منذ القدم، وذلك كطريقة لدعمهن من أجل المضي قدما.
أما فيما يخص احتفال التلميذ برسوبه في شهادة البكالوريا، فترى المتحدثة، بأنه سلوك مرتبط بشخصية الفرد ومحيطه، حتى يظهر لأقرانه ومجتمعه أنه بخير ولم يتأثر بالنتيجة، خصوصا إن كان الإنسان نرجسيا لا يقبل الانتقاد أو الفشل، أو لديه حواجز معينة تمنعه من التعبير عما يختلج صدره بكل حرية، في وقت أنه من الأصح والأجدر أن يصرح الشخص بمشاعره بكل صدق دون تلاعب، وأن يعيش حزنه وألمه ليتجاوزه حقيقه.
* أستاذ علم الاجتماع مراد بوعيسي
سلوكيات تهدد الهوية الاجتماعية
يرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة 2، مراد بوعيسي، أن هوية المجتمع الجزائري باتت مهددة بالتلاشي بسبب محاولات التماهي في ثقافات الغير بفعل العولمة و الرقمنة و مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها بشكل رهيب و تأثيرها المتزايد خصوصا مع التقليد الأعمى للغرب والهوس الشديد بالمؤثرين، ما أدى إلى ظهور نمط عيش جديد وعادات دخيلة على الأسرة الجزائرية، تسببت في انسلاخ أفراد عن ثقافتهم و محاولتهم الظهور بمظهر الآخر.
وعلى هذا الأساس، يجب حسبه، على كل فرد منا أن يقدم تنشئة اجتماعية حسنة لأبنائه، وفق ما تنص عليه تعاليم الدين و ثقافة المجتمع، مع ضرورة مراقبة الأولياء لأطفالهم أثناء استخدامهم لمنصات التفاعلية خصوصا فئة المراهقين، نظرا للمخاطر والأفكار التي تحيط بهم من كل جهة، والتي تستدعي دق ناقوس الخطر، و الوعي بالتأثيرات السلبية لأنواع من المحتوى الموجه الذي يستهدف العقول و يحارب القيم و يكرس للمادية والاستهلاكية.
حفلات للتعافي والانتقام
ويضيف الباحث في علم الاجتماع، أن ما يتم تداوله عبر منصات التواصل، من صور لجزائريات يقمن حفلات طلاق بحضور الأقارب والأصدقاء، يعد سلوكا غربيا لم تعهده الأسرة الجزائرية، التي لطالما احتفلت بشتى المناسبات السعيدة كأعراس الزواج والختان وحفلات التخرج، لأنها مناسبات تكتسي طابعا خاصا و مميزا يساهم في نشر الفرح والبهجة، أما هذا التوجه الجديد في الاحتفال بالطلاق، فهو كما قال، سلوك مناف للمتعارف و من شأنه أن يفكك الأسرة التي هي بمثابة الخلية الأساسية في بناء المجتمع.
ويعتبر المتحدث، أن سبب هذه الظاهرة هو هوس البعض بـ «السوشل ميديا»، و بما تعرضه المؤثرات و الفنانات على حساباتهن، بينما تتعدد الأسباب لدى فئات أخرى من النساء اللواتي وجدن في الاحتفال و سيلة لتفريغ مشاعر الألم والأسى والتعاسة، أو من أجل التعبير عن فرحهن بنيل الحرية، لكن في حقيقة الأمر يبقى هذا النوع من الاحتفال بالنسبة للمرأة انتقاما من الزوج بدرجة أولى.
ويؤكد بوعيسى، أن هذه الاحتفالات تبقى حالات شاذة ليس لها علاقة بثقافة وعادات المجتمع الجزائري، بل يتم اللجوء إليها لتعويض الإحساس بالنقص الداخلي كون الشخص يعيش اضطرابا نفسيا سببه تأثير الصدمة فتظهر لديه سلوكيات لاشعورية غير طبيعية، خصوصا وأن كثيرا من المطلقات يخفن من نظرة المجتمع الدونية فيكون هذا الاحتفال رد فعل وخطوة نحو التحرر و التخلص من رواسب المجتمع القديمة التي تحصر الأنثى في قفص العجز والضعف.
عنوان للتفاخر ولفت الانتباه
أما فيما يخص احتفالات « كشف جنس الجنين» و « توديع العزوبية»، فيرى أستاذ علم الاجتماع، أن الحالة الأولى ظاهرة اجتماعية غربية فريدة من نوعها انتشرت بسرعة في مواقع التواصل الاجتماعي، فارضة معايير أفكار لا تتناسب مع كل فئات المجتمع، في حين أن تطليق العزوبية عادة انتشرت منذ سنوات وسط العائلات الجزائرية المرموقة، خاصة عند كبريات المدن كعنوان للتفاخر ولفت الانتباه، ويبقى كل ذلك تقليدا دخيلا على المجتمع الجزائري المحافظ، رغم الإقبال على هذه المناسبات.
رميساء جبيل