أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
• عين تسهر على شاطى أفتيس منذ ربع قرن
قضى محفوظ هباش، مساعد بالحماية المدنية بجيجل أزيد من 35 سنة في حراسة الشواطئ و إنقاذ الغرقى، رجل لم يخرج في عطلة للاصطياف منذ سنة 1988، واختار التجند لحماية الناس بشاطئ أفتيس، الذي يعرف كل زاوية منه، كما يعمل اليوم على نقل خبرته للجيل الجديد من رجال الحماية و الحراس الموسميين ويشتهر بينهم كأب روحي تتلمذ على يده الكثيرون على مر السنوات.
قصص إنقاذ مثيرة
بطلنا هو قائد مركز حراسة الشاطئ و المحبوب لدى الجميع لتفانيه في العمل، يروي عنه أبناء منطقة أفتيس العديد من القصص و البطولات في إنقاذه للأرواح خلال كل صائفة، قال أحدهم " كثيرون كتب لهم عمر جديد في هذا الشاطئ و الفضل يعود بعد الله إلى تواجد عمي محفوظ هباش في المنطقة، لأنه ملم بكل ما يحدث و يبرع في تتبع حركة من يدخلون الماء ويعرف الأماكن الخطرة جيدا".
حسب أسامة أحد مستغلي شاطئ أفتيس، فإن قصص تحدي رجل الحماية المدنية لأمواج البحر كثيرة، فهو دائما موجود لحماية مصطافين من تهورهم و عنادهم قائلا : " على مر السنوات و منذ بداية نشاطي بالشاطئ، كان عمي محفوظ البطل الذي يحمي الطائشين من الغرق، يتواجد دائما في المنطقة للنصح و التوجيه و يتحلى بكثير من الصبر في التعامل مع هؤلاء، هو وزملاؤه في فريق الحماية المدنية"، مواصلا حديثه " شاهدته عدة مرات ينقذ أطفالا و شبابا و نساء، و هناك أشخاص أعرفهم حق المعرفة نجوا من موت مؤكد بفضل تدخله السريع، و ما شدني دائما هو تفانيه في العمل و الحرص على تتبع كل صغيرة و كبيرة على الشاطئ رفقة فريقه، لاحظت أيضا، أنه يأتي أحيانا قبل بداية دوامه حتى يتفقد حالة البحر و يطمأن على سلامة الناس".
وأضاف صديقه، بأن محفوظ، رجل الحماية المدنية الشهير، يعد من الأشخاص المحبوبين كثيرا في الشاطئ و له خبرة في السباحة و التدخل لإنقاذ الغرقى، وقد سبق أن غامر بحياته فعليا لينقذ غيره خاصة في الأيام التي يرتفع خلالها المد أو يكون البحر هائجا وعلق الشاب : " كان يغامر بحياته في أصعب اللحظات، حتى عندما يتهيب أفضل السباحين من المخاطرة و دخول البحر لسحب أحد العالقين وسط الأمواج، يرمي عمي محفوظ نفسه دون تردد و يندفع بكل عزم لإنقاذ من يصارع الموت، و لقد سمعت وتحدثت في مرات عديدة مع زملائه الذين أخبروني عن شجاعته و تفانيه منذ أن كان شابا يافعا"، مضيفا بالقول " يعرفه والدي منذ سنوات التسعينيات، و قد أخبرني عنه قصصا عديدة، فخلال العشرية السوداء كان بطل الشاطئ بامتياز و من القليلين جدا الذين يعملون في المنطقة و يتدخلون دون خوف".
جل من حدثناهم عنه، اتفقوا على أنه رجل ميدان يتواجد على الشاطئ طوال الموسم و يشرف على العديد من الأعوان الموسميين، الذين يستفيدون منه كثيرا، و ذكر أحد الشباب، بأن محفوظ أنقذ قبل عشر سنوات ابن عم له من ولاية سطيف، و قدم له الإسعافات اللازمة بعدما كان يغرق، و لا يزال هذا القريب يتذكر بعض التفاصيل التي حدثه عنها، وقال باقي شباب المنطقة بأنهم لا يتصورون نجاح موسم الاصطياف دون وجود رجل الحماية المدنية.
كان لنا موعد مع مساعد الحماية المدنية محفوظ هباش، وصل الرجل إلى مقر عمله بالشاطئ قبل ساعة من بداية الدوام و كله نشاط وحيوية، لاحظنا بأنه محبوب و يعرف الجميع في المنطقة بمن فيهم مستغلوا الشاطئ، استهل اليوم باجتماع تنسيقي سريع مع باقي أعوان الحماية و الحراس الموسميين، للتأكيد على كل التفاصيل دعا بصرامة إلى اليقظة و التعامل بشكل جيد مع المصطافين مؤكدا على أن عملهم إنساني
و يستوجب الفطنة.
رفعت بعدها الراية من قبل عونين فيما توجه الباقون إلى أماكنهم موزعين على امتداد الشاطئ، عندها قام محفوظ بتفقدهم واحدا تلو الأخر، و في كل مرة يقوم بتنبيه المصطافين بضرورة الحذر ومراقبة الأطفال الصغار، و بينما، نحن متواجدون معه و رفقة حارسين موسميين، انتبه هو إلى شاب قال إن ملامح التعب بادية عليه، ليهم بالتدخل في الوقت الذي كاد أن يغمى فيه على الشاب الذي تبين بأنه أصيب بوعكة صحية جراء قلة النوم. علق محفوظ على الموقف قائلا : " نقف على حالات مماثلة البعض يأتون متعبين بسبب السهر أو الانطلاق إلى الشاطئ باكرا و السباحة تتطلب وضعية صحية مريحة"، أكملنا بعدها السير على طول الشاطئ و قد لاحظنا اهتمامه بكل كبيرة وصغيرة.
ذكر مرافقنا، بأنه عين كحارس شاطئ بأفتيس سنة 1988، أي منذ ما يقارب 35 سنة، لذلك يعرف الشاطئ جيدا و يملك خارطة ذهنية عن الأماكن الخطيرة أو السهلة للسباحة، خاصة وأن أفتيس من الشواطئ الأكثر استقطابا للمصطافين حسبه، ومناسب لمختلف الفئات العمرية خصوصا الأطفال، مضيفا، بأن التضاريس داخل البحر تختلف من مكان إلى أخر، وهو ما تعلمه طوال مسيرته على الشاطئ، إذ ينطلق النشاط عند حدود التاسعة صباحا إلى غاية الساعة السابعة من مساء اليوم وهو روتين تعود عليه مشيرا، إلى أن مهامه كمسؤول تقتضي ضبط العمل و التنسيق بين مجموعتين، أين يقوم في الصباح الباكر بالتحضير النفسي و تقديم التوجيهات و النصائح للعاملين معه قبل التوجه إلى الفضاءات المخصصة لهم، لمراقبة الأداء. وعن السنوات التي قضاها بالشاطئ قال: " على مر السنوات أنقدنا العديد من الأرواح من الغرق المؤكد، بينهم من كانوا أطفالا وأعتقد أنهم شباب في أيامنا هذه، تغمرني السعادة عند إنقاذ إنسان لأنني أمنحه فرصة ثانية"، مشيرا إلى أنه يتذكر مواقف و لحظات صعبة مر بها في عمله، خاصة عندما تكون الأمواج مرتفعة مع وجود تيارات بحرية و ذكر، بأنه مهما كانت المخاطر إلا أنه كان مجندا دائما رفقة زملائه مؤكدا، بأن تهاون و استهتار بعض المصطافين يؤدي بهم إلى التهلكة، ولذلك يحرص أفراد الحماية المدنية و تحديدا حراس الشواطئ على التوعية و التحسيس في كل مرة بضرورة تجنب السباحة بالمناطق الخطرة وعند هيجان البحر إلا أن تعنت البعض يتعبهم، لكن واجبهم المهني و الإنساني يدفعهم إلى العمل بكل نزاهة و تقديم يد المساعدة مهما كانت الظروف والصعوبات.
استرسل في حديثه : " أتذكر جيدا يوم كنت خائفا من التدخل بسبب حالة البحر الهائج و صعوبة السباحة، لكني غامرت بحياتي وقفزت في الماء لأن ضميري و أخلاقي لا يسمحان لي بالتهاون كما تعود بي ذاكرتي إلى المرات التي رأيت فيها فرحة عائلات الغرقى وهم يعلمون بأن أحباءهم بخير، وهو ما يزيدنا كرجال حماية عزيمة و إصرارا"، أخبرنا محفوظ، بأن مهنته نبيلة و شريفة و يزداد حبه لها كل سنة مؤكدا، بأن عشقه للبحر منذ الصغر، جعله يتعلق بمهنته ويحافظ على حماسه.
من جانبهم، أضاف بعض الأعوان الموسميين، بأن العمل مع المساعد محفوظ هباش، ممتع للغاية و مريح، كونه يعاملهم مثل أولاده و يعلمهم مختلف التقنيات و الفنيات بصدق، كما أن تفانيه في العمل، يزيد احترامهم له و حبهم للمهنة.
كـ. طويل