أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، لدى إشرافه باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى...
يمثل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني « نتنياهو» و وزير دفاعه السابق» غالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد...
تعد الضجة الكوميدية التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، دليلا إضافيا على وجود تيار «حاقد» ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوّت...
أكد الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حميد بن ساعد، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن التمور الجزائرية بكل أنواعها تمكنت...
قمبيطة من ليون إلى شقرون.. قصة ثورة تحررية و نهضة فنية
تم إنشاء حي قمبيطة بوهران سنة 1930 ، عندما قررت الإدارة الاستعمارية الفرنسية توسيع الولاية التي كانت تقتصر آنذاك على وسط المدينة، و جاءت تسمية الحي على اسم الحقوقي و وزير الداخلية الفرنسية آنذاك "ليون قمبيطا"، و هو إيطالي الأصل تحصل على الجنسية الفرنسية عندما كان عمره 21 سنة، ليبدأ رحلة الدفاع عن الحقوق السياسية و الاجتماعية و عن حرية التعبير، ويبرز كأهم مهندس لقيام الجمهورية الفرنسية الثالثة والتي بدأها بأكبر مرافعة قام بها سنة 1868 ضد نابليون الثالث، و تقلد مناصب قيادية في الحكومة الفرنسية إلى غاية 1882 ،حين باغته تسمم في الدم نجم عن جرح على مستوى يده و مات ليون قمبيطا عن عمر ناهز 44 سنة.
أحياء تؤرخ لأموات صنعوا التاريخ
كانت رحلة ليون قمبيطا النضالية، برفقة صديقه جول فيري، وقد حافظ حي قبيطة بوهران على هذه الصداقة، حيث أطلق اسم جول فيري على أحد شوارع الحي، مثلما أطلق اسم العذراء الثائرة جان دارك على تجمع سكاني بقمبيطة، وأطلق اسم الفنان المثقف جون لفونتان،على تجمع سكني آخر بذات الحي، إلى جانب شارع ألفريد نوبل وغيرهم، وكأن فرنسا أرادت أن تؤرخ لبعض الشخصيات الأسطورية والتاريخية في هذا الحي الذي لا يزال يحمل تلك الأسماء لحد الآن، بعد 86 عاما عن إنشائه.
و يبقى الفن يصبغ حي قمبيطة بصبغته الإنسانية، حيث أن الحي رسم في المخيال الشعبي صورة الشاب حسني الذي ارتبط اسمه باسم الحي مباشرة، رغم أن قمبيطة يضم بين أحضانه عدة فنانين، من بينهم حميد بن شنين ومصطفى هيمون وهما الثنائي الذي أسس للأعمال الفكاهية الجزائرية، خاصة سلسلة "بلا حدود" في عز الأزمة الأمنية خلال العشرية السوداء، فمسحا بطلتهما عبر حلقات "بلا حدود" دموع الثكالى و اليتامى و المجروحين، و أطلق على أحد شوارعه باسم كاتب الأساطير العالمي جون لافونتان الذي عاش من 1621 إلى غاية 1695 و اشتهر بكتابة القصص الخرافية التي تحولت لروايات أسطورية و منحته مرتبة المثقفين العالميين، لكن يبدو أن رائحة الفن تكاد تختفي اليوم من الحي الذي تغيرت ملامحه بسبب مغادرة الكثيرين له.
من ماكس مارشان إلى حسني شقرون
ربما تختلف الوضعية الزمانية و المكانية، و تختلف الظروف ولكن ما يجمع ماكس مارشان، الذي لا يزال اسمه يطلق على مدخل حي قمبيطة، و حسني شقرون الذي أصبح اسمه منذ 1994 يطلق على الساحة الرئيسية للحي و بعض المقاهي و الشارع الذي كان يسكن فيه، هو أن كلاهما تم اغتياله من طرف جماعات متطرفة.
ماكس مارشان هو الاسم الذي يطلق على الطريق التي تؤدي إلى حي قمبيطة من الجهة السفلية، أي مباشرة بعد الخروج من وسط المدينة، لكن هذا الاسم لم يطلق عشوائيا على هذا الشارع، فإذا عدنا إلى التاريخ سنكتشف أن ماكس مارشان الذي عاش من 1911 إلى غاية 1962، عين أستاذا في الجزائر سنة 1948، و أصبح عاشقا لوهران، بعد أن أصبح رئيسا لرابطة أساتذة الجهة الغربية للجزائر، لكن هذا لم يمنعه من أن يجتمع بالمثقفين و على رأسهم مولود فرعون، علي حاموتان، مارسيل باسيت، روبيرت آيمار وصالح ولد عودية، كل هؤلاء أصدقاء ماكس مارشان و قد اغتيلوا مع بعض في عملية إرهابية نفذتها منظمة الجيش السري الفرنسي بالجزائر "أو آ س"في 15 مارس 1962.
على بعد أمتار من شارع ماكس مارشان، توجد ساحة حسني شقرون و نصب تذكاري، كأنه يشهد على حقبة تاريخية مدتها 32 سنة، أعادت صنع المأساة، الشاب حسني، هو الاسم الذي يطلق على "حومته" و ليس هذا فقط، بل كل حي قمبيطة أصبح مرتبطا باسم هذا الفنان الذي يعتبر ملك الأغنية الرايوية الرومانسية و قد اغتالته يد الإرهاب في 29 سبتمبر 1994. و هكذا يؤرخ حي قمبيطة للثقافة و الفن و لاغتيال الرجلين ، في ثنائي لا يتكرر في أحياء أخرى.
مبان عتيقة تتآكل و العمارات الترقوية تصنع الحي من جديد
يتوسط حي قمبيطة مبنى يتربع على مساحة كبيرة، لم يبق منه إلا الأطلال و لافتة كتب عليها "معصرة غاي"، نسبة إلى أشهر منتج و مصنع للخمور في سويسرا "موريس غاي" الذي أطلقت فرنسا اسمه على هذه المعصرة التي تحولت بمرور الزمن، إلى خراب تحتمي تحته بعض السيارات بعد أن استغله بعض الشباب كحظيرة للسيارات.
عكس المعصرة تحولت كنيسة القديس بول، المقابلة لمدخل الحي من الجهة السفلى لمسجد الصالحين الذي زين و أصبح من أكبر مساجد المدينة، إلى منشآت ذات منفعة في هذا الحي المميز، على غرار العديد من المباني التراثية.
من جانب آخر، من يجوب شوارع و أزقة حي قمبيطة يدرك أن هناك تجديد عمراني بوتيرة متسارعة، حيث أن سكنات عتيقة أنشئت سنة 1930 ، أصبحت تمحى من الخريطة بجرة جرافة لأسباب أو لأخرى، ل"تنمو" مكانها عمارات عصرية ترقوية وكأنها تريد إعلان إعادة تشكيل عمران الحي، في حين تتآكل المباني القديمة كل يوم و تهدد قاطنيها الذين تم ترحيل أغلبهم إلى أحياء جديدة، وكأن حي قمبيطة أصبح يصنع لنفسه تركيبة جديدة من السكان و السكنات، ليدخل عهدا جديدا بحلة عصرية.
هوارية. ب