عن دار الدواية، للنشر والتوزيع، صدرت هذا الأسبوع، رواية جديدة، للكاتب والروائي الصدّيق حاج أحمد (الزيواني)، حملت عنوان: "الطانفا.. أسطورة الواكس الإفريقي". وتتناول ثيمة الهويات الإفريقية، ومن بينها هوية لباس الشمع الإفريقي، المُعروف شعبيًا بالطانفا، أو ما بات يُعرف ثقافيًّا، بالواكس الإفريقي.
وهنا يقول الكاتب: "صحيح أني رأيتُ منذ الطفولة، غزو هذا القماش من جهة إفريقيا الجنوب، مع تُجّار تمور قصرنا لبلاد السودان، وتكرّس هذا الاِعتقاد وفاض، خلال رحلاتي المتكرّرة لتلك البلدان، جنوب الصحراء الكُبرى؛ غير أنّ الّذي جعل وعيي الكِتابي، يتحرّك ويستفزّني حقًا، للكتابة عن هذه الهوية، هو رؤيتي لبعض الأفارقة بموسم حج 2023، وهم يدخلون المشاعر المقدّسة، برداءات جماعية من ذلك اللّباس الملوّن الصارخ في لونه وتشكّلاته، حتى بات هوية، ليس للأفارقة بأوطانهم؛ إنّما بالشتات الإفريقي، كالكاريبي، وغيره من أماكن العالم، والتي هي في الحقيقة، صناعة اِستعمارية، تفطّن لها الاِستعمار الهولندي، خلال اِستقطاب بعض الأفارقة للعمل، بمستعمرة إندونيسيا، وعند نهاية فترة عملهم هناك، نظر بعضهم لشراء بعض الأفراح لعوائلهم، التي غابوا عنها سنوات، فوجدوا الباتيك الإندونيسي المزخرف، أحسن هدية لذويهم، مِمّا لفتَ الهولاند، ذلك السرور الفيّاض، الّذي استُقبلت به تلك الهدايا القماشية، فحملهم الاِستغلال التجاري والثقافي، للاِستثمار في صناعة هذا اللّباس".
وفي سياق أحداث الرواية، يقوم تاجر تمور تواتي من صحراء الجزائر، يُدعى (بوشكارة)، أُطلِق عليه هذا الاسم، لكثرة غرامه بأكياس تمور الحلفاء، وروائحها الملازمة له، خلال نهاية الخمسينيات، يُغامر في رحلة تجارية استكشافية، عبر شاحنة مُكتراة أوّلاً. بعدها يُصبح من عليّة القوم، فيفتح مغازات بيع التمور بالجملة بأسواق مدينة (مَرادي) جنوب النيجر، المتاخمة لحدود نيجيريا، وأخيرا يفز بعقد حصري مع شركة (vlisco) الهولندية، الماركة العالمية، لإنتاج الواكس الإفريقي، المنسوخ من الباتيك الإندونيسي.
في غمرة هذه الأحداث، ينسى أهله وأولاده بتوات، ويتزوّج موريتانية باهرة الجمال، مزواجة، اشتهرت بصيد التُجّار وأرباب الأموال بتلك الديار، لا تطهي، ولا تغسل، جلوسها أكثر من سيرها ووقوفها، العمل الوحيد الّذي تُحبّه، وتَتفنّن فيه؛ إقامة طقوس الشاي، وقد تنازعت مع نفسها مرارًا، للتنازل عن طقسها عزّةً وتكبّرًا، ولم تجد فكاكًا، لكونها تراه مشهدًا، من مشاهد زينتها وسلطتها.
يصير بعدها هذا التاجر، عوداً في كلّ شيء، مُعدمًا حتى في قوت يومه، ليجرّ خلفه أذيال الخيبة، ويعود لأهله بتوات، من فضلة أحد المحسنين، رقّ لحاله، فصرف له ثمن رحلته وعولتها لتوات، وثمّة تبدأ الحكاية..
الصدّيق حاج أحمد "الزيواني"، كاتب وروائي، يشتغل كأستاذ مُحاضر لمقياسي اللسانيات وفقه اللّغة بجامعة أدرار. تقلّد عِدة مهام بالجامعة منها نائب عميد كلية الآداب واللغات لمدة سنتين، ليتفرّغ بعدها للتدريس والبحث والإبداع. له مساهمات كثيرة ومتواصلة في الصحافة الوطنية وكذلك بالصحافة العربية، لاسيما جريدة (العرب) اللندنية، ومجلة (الجديد) اللندنية أيضا.أصدر أوّل رواية له عام 2013 تحت عنوان "مملكة الزيوان". وبعدها رواية "كاماراد: رفيق الحيف والضياع" عام 2015. و"مَنّا.. قيامة شتات الصحراء". كما له مجموعة إصدارات أخرى في مجال الدراسات والأبحاث وأدب الرحلة، من بينها: "التاريخ الثقافي لإقليم توات" عام 2003. "الشيخ محمّد بن بادي الكنتي: حياته وآثاره" عام 2009. "رحلاتي لبلاد السافانا: النيجر، مالي، السودان". نوّارة/ل