أوقفت مفارز الجيش الوطني الشعبي، 11 عنصر دعم للجماعات الإرهابية، كما تم ضبط 3 بنادق رشاشة في عمليات متفرقة، خلال الفترة الممتدة بين 30 أكتوبر و05...
إنهاء مهام واليين منتدبين و تحويل والية منتدبة و تعيين 3 جددأجرى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، حركة جزئية في سلك الولاة...
أعلن وزير الصحة، عبد الحق سايحي، أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، عن إنشاء خلية يقظة تتولى تسيير أرضية رقمية تابعة للصيدلية المركزية للمستشفيات من أجل تفادي...
التقت مداخلات نواب المجلس الشعبي الوطني، أمس الثلاثاء، في اليوم الثاني لمناقشة مشروع قانون المالية 2025 عند الدعوة إلى استغلال رصد الأغلفة المالية...
حفناوي زاغز ضابط الشرطة والأديب الذي عاش ورحل في صمت
نظم نهاية الأسبوع، قسم اللغة العربية بكلية الآداب واللغات بجامعة البليدة02 ملتقى حول الأعمال الأدبية للكاتب والمجاهد حفناوي زاغز، الذي وافته المنية في شهر سبتمبر الماضي عن عمر يناهز 91سنة، وجمعت النصر، على هامش الملتقى عددا من الشهادات حول هذا الأديب المجاهد، قدمها أساتذة وباحثون سعيا منهم لإعادة الاعتبار لهذا الأديب الجزائري الذي عاش ورحل في صمت رغم تنوع رصيده الأدبي.
جمعها: نور الدين عراب
الفقيد كان قد التحق بعد الاستقلال بسلك الأمن الوطني، ويعد أول من تقلد رتبة رائد في الشرطة، كما عمل في السلك الدبلوماسي، و لم يمنعه ذلك من ترك بصمته في ميدان الرواية والقصة.
الدكتورة فاطمة قسول
التزامه كشرطي أبعده عن أضواء الساحة الأدبية
تقول فاطمة قسول، أستاذة بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة البليدة2، بأن الروائي حفناوي زاغز، آثر عدم الظهور نظرا لطبيعة مهنته كضابط في سلك الشرطة، ما جعله يبتعد عن الأضواء، مضيفة بأنه لم يغب بل هو من فضل الظل، لأن نصوصه كما قالت، كانت تعالج قضايا المجتمع، وتخوض في السياسة، الأمر الذي لم يكن يتماشى بسهولة مع طبيعة عمله في سلك الأمن، وما يفرضه عليه ذلك من ضرورة التزام الحياد و الابتعاد عن انتقاد السلطة.
وحسب الأستاذة قسول، فإن مهنة الكاتب قيدته ومنعته من البروز، لكنها لم تقيد إبداعه و لم تردعه عن قول الحقيقة، ومن يقول الحقيقة كما عبرت، لا بد وأن يكون إنسانا قويا، وروايات ونصوص زاغز خير دليل على ذلك في رأيها، خصوصا وأن الرواية هي الجنس الأنسب للتعبير عن حياتنا، و الكاتب عرف من خلال رواياته كيف يشرح واقع الجزائر منذ زمن الاستعمار و إلى يومنا، على غرار ما قدمه في رواية» نشيج الجراح»و نص « في الاتجاه الآخر» الذي تطرق فيه إلى العشرية السوداء، حيث أوضحت بأن الكاتب، تناول هذا الواقع بأسلوب السهل الممتنع، العميق، المشبع بالقوة والإيحاء والغموض المحبب.
و تقول المتحدثة بأنها كلما تعمقت في قراءة نصوص الروائي لمست إبداعا و واقعية في الوصف و دقة متناهية في التعبير و هو ما سيجعل نصوصه تعيش أكثر مما عاشه صاحبها و تؤسس بذلك لاسمه في مجال الأدب، حيث دعت الطلبة والأساتذة إلى ضرورة العناية بأعمال الكاتب الأدبية وإعطائها حقها من البحث والدراسة.
الدكتور عمر برداوي
النقد الأدبي و البحث الأكاديمي لم ينصفا الكاتب
يقول الدكتور عمر برداوي، بأن هذا اليوم الدراسي جاء تكريما لشخصية أدبية كبيرة لم تنل حقها من الاهتمام النقدي والدراسي خلافا لأسماء عديدة أخرى، مضيفا بأن المناسبة تهدف لرد الاعتبار للأديب حفناوي زاغز، ومناقشة كتاباته بشكل يحفز طلبة الجامعة في الماستر والدكتوراه على الاهتمام به و انتقاء أعماله الروائية التي تربو عن 10روايات كمواضيع للبحث.
ويضيف الأستاذ برداوي بأن الكاتب، يعد شخصية وطنية حملت هموم الوطن كما حملت هموم الإنسان المغترب وهموم الفرد الجزائري المغترب حتى داخل وطنه، فعندما نتأمل حسبه، بعض أعمال زاغز مثل رواية» ضياع في عرض البحر»، فإننا نقف على الثراء اللغوي للكاتب و عمق قلمه و سعة خياله، ففي هذا النص يشبه الكاتب كما قال، الوطن بسفينة ضائعة وسط البحر ويثير إشكالية دور الركاب في محاولة النجاة بها وكأنه يستحضر حديث الرسول الكريم، حول حديث السفينة، وهذه الصورة النموذجية التي يقترحها زاغزحسبه، ليصور من خلالها الوطن، هي انعكاس لطبيعته كمواطن شريف و ضابط محب للوطن، يستحق أن تخضع أعماله للنقد الموضوعي، ويبحث في أسباب الإقصاء الذي تعرض له، سعيا من أجل إنصافه مستقبلا، أكاديميا و إعلاميا لأن الإعلام كما قال، يعد المسؤول الأول عن شهرة أسماء و غياب أو تغييب أسماء أخرى، كثيرا ما تبقى المعرفة بها سجينة الحقل الجامعي المحدود.
الدكتور علي محجوب
كان روائيا ملتزما
يرى الدكتور علي محجوب من قسم اللغة العربية، بأن الأديب حفناوي زاغز من الكتاب و الروائيين الذين ينبغي أن يلتفت إلى كتاباتهم القصصية و الروائية، فقد حمل الوطن في قلبه و فكره، ودافع عنه حسبه، إبان الثورة التحريرية مناضلا و مجاهدا، و حمل همّه بعد الاستقلال كاتبا و مؤلفا روائيا، فقد كتب عن كثير من القضايا كأزمة المثقف و مشكلة العنف، كما عبّر عن موضوع الغربة من منظور يكرّس فكرة عمق الإحساس بالانتماء للوطن و الإخلاص له، كما تحضر الثورة «التي عاشها بالأمس» في كتاباته، وتحضر أيضا القضية الفلسطينية في روايته «قدسيّة».
ويضيف المتحدث، بأن كل هذه الأمور تعكس مدى التزام الروائي بقضايا وطنه و أمته، فالكتابة التي لا تلامس الواقع و تعيد تشكيله بغرض فضحه و إعادة صياغة وعي القارئ، تبقى بعيدة عن الهدف المتوخى منها، لذلك لا ينبغي حسبه، أن يهمش أي مبدع جزائري لأنّ لكل كاتب رؤيته و طريقته في التّعبير عن الواقع شريطة أن لا يفقد النّص بُعده الجمالي، وقد آن الأوان في رأيه، أن تثمّن أعمال كُتَّابنا و روائيينا و ذلك بالتعريف بها من خلال وسائل الإعلام و المؤسسات الرسمية كدور الثقافة و المؤسسات التربوية و الجامعات.
عبد السلام لوبار طالب دكتوراه
كتابات زاغز ثارت على المنظومة السردية القديمة
يرى طالب السنة الرابعة دكتوراه بقسم اللغة العربية عبد السلام لوبار بأن الكثير من الأعمال الأدبية لحفناوي زاغز، لم تنل حقها من الدارسة ومثل هذه الملتقيات تعد ضرورية لتسليط الضوء على أهم منجزاته، و إسهاماته القادرة على إثراء الساحة الأدبية والنقدية مستقبلا، بحث يؤكد المتحدث أن الهدف من مناقشة أعمال الكاتب، هو تأطيرها بشكل جديد يسهل دراستها و استغلالها لاحقا، خصوصا وأن الأديب حسبه، يقاس بعظماء الكتاب مثل طيب صالح و عبد الحميد بن هدوقة، لكنه لم ينل حظه من الدراسة بسبب تجاهله إعلاميا، في ظل نقص الاهتمام بالكتاب الجزائريين عموما، وهو ما جعلنا اليوم كما عبر، نعيد اكتشاف أسماء كانت ستظل مغمورة لولا التكنولوجيات الحديثة والمنصات الإعلامية الجديدة.
ويضيف المتحدث قائلا «بأن حفناوي زاغز حاول في أعماله الثورة على المنظومة السردية القديمة، وابتكر تقنيات جديدة في الكثير من رواياته ومنها رواية الفجوة، فعادة يكون السرد في الروايات مستمرا طيلة مراحل الرواية، ولما يضطر الكاتب إلى الوصف يقف عند بعض الجزئيات وتوقيف الزمن، لكن زاغز، تمرد في رواياته على الزمن، فقد حاول أن يستعمل الأفعال في الوصف حتى يمزج بين السرد والوصف، وهي تقنية سردية متميزة لمستها في كتابات هذا الأديب، كما لمست أيضا نزعته للغموض، بحيث تطلبت مني بعض نصوصه قراءات عديدة، وهو أمر يعد محمودا إذا ما قيس بمعايير الدراسات الحداثية ، و يوجب علينا إدراج بعض نصوصه في المناهج الدراسية «.
الدكتور نورالدين بلاز
الثورة صقلت كتابات حفناوي زاغز
يقول رئيس الملتقى الدكتور نورالدين بلاز، بأن هذا المفكر والمجاهد والأديب ظاهرة أدبية لم ينصفها الدارسون والباحثون بالرغم من أنه روائي قديم وقدير، وذلك بسبب غيابه ككاتب عن المشاركة الفعالة في الحركة الأدبية خلافا لبقية الروائيين الآخرين كالطاهر وطار، بن هدوقة واسيني الأعرج وغيرهم، بالمقابل هناك من يرى حسبه، بأن عدم بروز زاغز يرجع إلى طبيعة مهنته كضابط في الشرطة ودبلوماسي ممثل للجزائر في عدة تظاهرات دولية.
ويضيف المتحدث، بأن الراحل وهب مكتبته العظيمة قبل وفاته إلى سجن سركاجي وهي نقطة هامة تحسب له، وتضاف لصفته كمثقف كان ينفق نصف معاشه على شراء الكتب.
أما عن كتاباته فيقول الدكتور بلاز، بأنها تميزت في بداياتها بالنزعة الشبابية المتمردة، لكن الثورة الجزائرية صقلتها وجعلتها أكثر رزانة، فبفضل تجربته الجهادية بدأ الأديب الراحل يكتب حسبه، الروايات الجادة، رغم أنه توقف بعد الاستقلال عقب التحاقه بسلك الأمن، قبل أن يستأنف نشاطه بقوة مطلع الثمانينات، حيث ترك عديد المؤلفات منها 09 روايات و03مجموعات قصصية، تناول الباحث كما كشف عنه، إحداها في رسالة الدكتوراه الخاصة به سنة 2010، وكلها أعمال أوضح بأنها قد تكون محور ملتقيات يعتزم تنظيمها في كل من مسقط رأسه ببسكرة والجزائر العاصمة و جامعات أخرى، خصوصا وأن هذه الأعمال التي نأى بها كاتبها كما نأى بنفسه عن الساحة الأدبية بسبب وظيفته، تستحق أن تثمن اليوم و توضع بين أيدي الباحثين والدارسين والطلبة.
أما عن طبيعة روايات زاغز، فيقول نور الدين بلاز، بأنها تجمع بين التاريخ والأدب الاجتماعي، فالرجل حامل كما أوضح، لشاهدتين جامعيتين في الحقوق و علم النفس، لذلك نلمس في كتاباته حسبه معالجة دقيقة للظواهر السلوكية وطرحا اجتماعيا عميقا ينم عن دراية بالقانون ونلاحظ بأن الطابع البوليسي يغلب على أعماله بشكل كبير.
ويضيف بلاز، بأن الكاتب بلغ مرحلة النضج الأدبي بعدما أثرت فيه الثورة التحريرية، وهو أمر يبرز جليا من خلال أسلوبه و لغتة الفصيحة، التي تؤكد قابلية تدريس رواياته في المستويين المتوسط والثانوي، وإن كان الفرنسيون يقولون حسبه، بأن من أراد أن يعرف فرنسا فليقرأ لبلزاك، فهو يقول بأن من أراد أن يعرف الجزائر عليه أن يقرأ لحفناوي زاغز.