وجه رئيس الجمهـوريّـة، السيّد عبد الـمجيـد تبون، كلمة بمُناسبة الاحتفال بالذّكرى الخمسين لتأسيس الاتّحاد الوطنيّ للفلاّحين الجزائريّين، هذا نصها...
أشرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، اليوم الثلاثاء، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال (الجزائر العاصمة) على مراسم الاحتفال بالذكرى...
* نشن حربا دون هوادة على الفساد والانحرافاتأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، أن الجزائر قد استكملت اليوم بناء منظومة قضائية جمهورية محصنة...
أعرب الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الاثنين بالكويت، لدى استقباله من طرف...
"البئـر" فيلــم ثـوري يسنـد البطــولة للنســاء
استطاع فيلم «البئر» للمخرج لطفي بوشوشي أن يثير عواطف الجمهور القسنطيني واعترف كثيرون بأنهم ذرفوا الدموع عندما تابعوا لقطات تجسد اغتيال النساء الجزائريات من قبل الجنود الفرنسيين، و ذلك أثناء عرض العمل أول أمس بقاعة قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة في إطار الأيام السينمائية للفيلم المتوج.
الجمهور الذي بدا عليه التأثر بقي معظمه إلى غاية مناقشة الفيلم مع المخرج لطفي بوشوشي، حيث عبرت الفنانة الجزائرية بهية راشدي التي كانت ضمن الحضور ،عن ألمها كلما شاهدت فيلم «البئر» واعتبرت بأن كل النساء الجزائريات اللائي ظهرن فيه، هن شخصيات واقعية جسدها المخرج في الفيلم، حيث يمثلن الصمود والتضحية معترفة بأن دموعها خانتها في كثير من المشاهد، وهو نفس الأمر الذي عبر عنه الكثير من المتدخلين.
المخرج الذي قدم فيلما ثوريا، لكن دون مجاهدين، استطاع أن يبرز الدور الكبير الذي لعبته المرأة الجزائرية في النضال،حيث أظهرت حكمة الشيوخ في تسيير الأزمات التي كانت تعصف بالقرى إبان الثورة التحريرية، فعلى مدار 90 دقيقة، أبرز العمل السينمائي معاناة سكان قرية صغيرة، معظمهم من فئتي النساء و الأطفال، في الحصول على الماء لهم و لحيواناتهم، بعد أن طوقتهم قوات الاستعمار و استحال عليهم استغلال البئر الوحيدة التي ألقيت بها جثث الجنود.
الفيلم يروي أحداثا تاريخية واقعية، تعود إلى حقبة محاصرة جنود الاستعمار الفرنسي لسكان قرية نائية بمنطقة الجنوب سنة 1960 ،فأظهر معاناة الجزائريين و الخلفية الحقيقية لنجاح الثورة التحريرية، وهي صمود الأهالي و إيمانهم بضرورة التحرر، فنقل من خلال مشاهد بطيئة ألم المرأة وهي تشاهد ابنتها تموت بين يديها، وألم مشاهدة كل من في القرية يموتون عطشا ببطء موجع .
القرية غاب عنها معظم الرجال وتم اختزال تواجدهم في ثلاثة شيوخ ينتظرون الموت، و نقل الفيلم نضال المرأة الجزائرية، بعيدا عن بطولة الرجل الذي كان يحتكرها في معظم الأفلام السينمائية، و كذا دورها الكبير في حماية بيتها وأطفالها و صيانة الرجال الذين يدافعون عن الوطن، فرغم أن ألم العطش كان كبيرا و ألم رؤية من تحبهم يتعذبون أكبر، فإن المخرج صور المرأة الجزائرية و هي في كامل شموخها.
أحداث الفيلم كانت بطيئة في بدايته، إذ تروي وقائع الحصار، لكنها تسارعت في الأخير و بدأت علامات التأثر تبدو على المحاصرين، خاصة بعد نفاد الماء المخزن لدى الأسر و موت الماشية و ظهور علامات الجفاف على أجساد الصغار، فقررت النساء و في مقدمتهن فريحة و خديجة، هذه الأخيرة فقدت ابنتها خلال الحصار، رفع التحدي و مواجهة رصاص قناصي الكتيبة الفرنسية المحاصرة للقرية، وهو ما يعد انتحارا جماعيا تقدم عليه النسوة، من أجل ضمان حياة صغارهن الذين قمن بإخفائهم في القبو.
وقائع «البئر» كانت مؤثرة و تجعل المرء يتساءل إلى أي مدى يمكن للإنسان فقدان إحساسه بالآخر في ظروف الحرب، حيث كانت تصرخ إحدى النسوة التي اقترحت أن يغادر الأطفال القرية، لأن الفرنسيين لن يقتلوهم لأنهم في الأخير بشر و لا يمكن لهم،حسبها، أن يقتلوا الأطفال، لكن اعتقادها كان خاطئا فقد تجرأ الفرنسيون على إطلاق النار على ابنها فتصرخ من أجل أن يعود أدراجه، مدركة حينها أن الإنسان لا يمكن أن يوجد في قلوب المحتلين.
في النقاش مع الجمهور، بعد انتهاء عرض الفيلم،شدد لطفي بوشوشي بأن الفيلم ينتصر لصمود شعب بكامله، مشيرا إلى أنه تفادى الوقوع في فكرة الأفلام الثورية التي تصنع أبطالا محددين ، ف «البئر» بطله سكان قرية معظمها نساء صمدن في وجه الاضطهاد.
المخرج لطفي اعتبر بأن الحروب المستقبلية في العالم ستكون على الماء، لذلك سعى لتجسيد مفهوم الماء في الثورة التحريرية، وكيف تم به اضطهاد قرية بكاملها في الصحراء الجزائرية، مؤكدا بأن تلك الوقائع الحقيقية حاول أن يستثمرها في حكاياته، مقدما فلسفة السيناريو التي تدور حول الصراع بين جهتين إحداهما تطلب الحياة، والأخرى تمجد الموت من أجل الاستمرار في البقاء.
المخرج كان صريحا في حديثه مع الجمهور، حيث تحدث عن ردود الأفعال في أوروبا حول الفيلم، قائلا بأن المشاهد الأوروبي لم يتقبل مشاهدة الفرنسيين بتلك الطريقة، لذلك لم يلق الفيلم صدى في البلدان الأوروبية ،بينما تم التفاعل معه بشكل كبير في الوطن العربي. و أضاف بأن على الأوروبي أن يفهم بأن العنف الممارس عليه الآن من قبل جماعات متطرفة، لأنه كان يمارس عنفا كبيرا على شعوب المنطقة العربية.
المخرج أوضح بأن السينما الجزائرية عليها أن تتجه لقضايا هذا البلد وتحاول تشريحها أكثر، فالمرحلة الراهنة ليست مرحلة صناعة السينما الكوميدية أو التجارية، و يجب أن تعالج السينما كل قضايا الوطن و ترد على تساؤلاته عبر البحث الجاد و استخراج القصص من تجاربنا المميزة عن التجارب التي تعيشها الشعوب الأخرى.
الجدير بالذكر أن «البئر» من إنتاج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي و المركز الوطني للسينما و»الفداتيك»، وأنجز في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال و قد اقتبسه ياسين محمد بن الحاج عن قصة لمراد بوشوشي ( عم المخرج) ،وشارك في الأدوار الرئيسية كل من ليلى مات سيستان و زهير بوزرار و أورايس عاشور و محمد أدرار، إلى جانب بعض الممثلين الأجانب، حيث قام بدور الضابط الفرنسي الممثل لوران مورال.
حمزة.د