- 1 -
لِباسٌ أنيق،
و نظْرةٌ ثاقِبة..
رجلٌ من طِينة الكِبار..
- 2 -
عيناهُ قاطِعتان
رَجلُ التّبن
الأعمَى..
- 3 -
رَجلُ التّبن
يشربُ القهوةَ
في كافيتيريا الرّبيع
واقفاً..
- 4 -
مُتّكئًا على مِنساتِه
رَجُلُ التّبن
يتأمّل السّنابلَ المُنحَنِيَة..
طائرٌ وحيدٌ
يحْفِر عُشًّا
في أسفلِ المِنساة..
-5-
لِرجُلِ التّبن أكتافٌ عريضةٌ
يَستعِينُ بها،
و هو علَى فراشِ الحياة..
-6-
يحدثُ أن يضَعَ الرّعاة سيجارةً
في فَمِ رَجلُ التّبن..
حَشْرَجَاتُ سُعالٍ
تتسَرّبُ إلى زقزقةِ العصافِير..
-7-
رَجُلُ التّبن
لا ينحني،
لا يحبّ الجُلوس..
فقطْ يتمدّدُ
عند الضّرورة..
-8-
لا يموتُ واقِفًا
رجلُ التّبن
يقفُ مَيّتًا..
-9-
مِنْ مكانٍ لآخرَ،
يجوبُ رجلُ التّبن
جهاتِ الحقْل الأربع،
من دون أن يتحرّك..
-10 -
لا قلبَ لرجُلِ التّبن..
يدان فارِعَتان..
و وَجهٌ بارِد..
-11-
تقولُ الحبّة العاشقة في باطن السّنبلة:
ليتني كنتُ لحنًا
فِي فَمِ الحَسّون العابِر..
-12-
لمْ يحدثْ أن شاهدَ رجلُ التّبن
باقةَ ورْد
في فيلم رومانسيّ
على شاشة الحياة..
-13-
رَجُلُ التّبن
لا يقرأُ الكُتب،
ولا يفهم مَنطِق الطّير..
-14-
أمرٌ غريبٌ
أنْ تخافك العصافير،
و أنت على هذه الحال.. !!
تقولُ الضّفدعةُ المُجَرِّبة..
-15-
لقدمَيْك مَقاسُ الغفْلة
و لوجهِكَ أرديةُ البياض...
ما أكثّ حَاجِبَيْك
و هُما تعلُوانِ على العينيْن .. !!
-16-
للرّيح صوتٌ..
لا صوتَ
لرَجُل التّبن..
-17-
ليْسَ من عادةِ رجل التّبن
أن يخطُب في أسراب العصافير
أو يصافح حشود السّنابلِ المُنْحنية..
-18-
رسائلُ مشفَّرَة
يقرأُها الجميع
في عيْنيّْ رجُل التّبن..
-19-
رجُلُ التّبن
يحرسُ الحقول الصّفراء..
الطّيورُ تغادر أوكارَها..
-20-
قصةُ حبٍّ جارفة
بين العصفورِ العاشِق
و السّنبلة المكتنزة،
يقْمعُها رجُلُ التّبن..
-21-
الحقولُ
شواطئ صفراء..
الشواطئ
حقولٌ زرقاء..
تهبّ الريح
يتموّج البحران
و يلتقيان عنوةً
في جوف رجُل التّبن..
-22-
مَوائدُ عامرةٌ
في حقولِ الوقت الصّفراء..
لا تقربُها العصافيرُ الجائِعة
خوفًا من رجُلِ التّبن..
-23-
ربّما كانَ عازٍفَ إيقاع
فِي فرقةِ جازٍ مَحلولة
رجُلُ التّبنِ الصّامت..
-24-
وحْدَها الرّيح
تعرف الفرْق الخفيّ
بيْن رجُلِ التّبن
و الجَبل..
-25-
عداوةٌ قديمةٌ
زرعتْها رياح الخريف
في طَلْعِ العام القادم..
-26-
تهُبّ الرّيح فجأةً
تَطيرُ العصافير..
تزْدادُ السنابلُ انحناءً..
يَهْوي رجُلُ التّبن..
-27-
محمولاً على الأكْتاف
يَدخلُ رجلُ التّبن
مصْلَحةَ الاستعجالات
قبلَ جميعِ المَرضى..
-28-
أدويةٌ
و أمصالٌ
و مَلاءاتٌ بيضاء..
رجلٌ عظيم
يعود من ميدانِ الشّرف..
-29-
يغيبُ رجُلُ التّبن
بعد سُقوطِ المَطر،
لكنْ سرعانَ ما يَعود..
يحملهُ شخصٌ غريبٌ
على كتِفِه اليُسرى..
لعلّهُ مُصمّمُ بَزَّتِه..
-30-
رِجْلاَه إلى الأمَام،
و رأسهُ في الخلف.. !!
تتعجّبُ السّنابِلُ المُنْحَنِية..
-31-
بمِطرقَةٍ ومسَامِيرَ
يُثبّتُ الشّخصُ الغريب
رجُلَ التّبن العائد،
في عَرْشِهِ المعهود،
أمامَ الحشْدِ الكريمْ..
-32-
نسائمُ صباحٍ
تتخلّل حُقُولَ السّنابل..
كأنَّما تصْفيقٌ مُحْتشَم..
-33-
تبدُو السَّنابِل الفارِغة
أكثرَ شهامةً
و هِي تنْظرُ بانْدِهاش
إلى بزّةِ رجُلِ التّبن..
-34-
لمْ أرَ يومًا رجُلَ التّبن
يسْتحِمّ في بِركة الحياة..
تقولُ الضّفدعةُ المُجرّبة..
-35-
سِرٌّ ما
وَرِثهُ عن مُصَمّم بزّتِه،
و هو يملؤها بالتّبن،
و يضعُ على رأسِه الفَارِغة
قُبَّعةً سوداء،
و على أكتافِه العريضَة
أنْجُماُ و نياشين..
-36-
أَأَنتَ البزّةُ؟
أم البزّة أنت؟
أم أنّكما مَعًا؟
-37-
بإمكانِه الآن
أن يرمي الحَشد الكرِيم
بشَزَرٍ قاتل
يسمّونه الخوف..
-38-
مُصمّمُ بزّتِك
أكثر وحشةً منك،
و هو يعبئها بالتّبن
و يرجع إلى بيته
مطمَئنُّا
-39-
هلِ التّبنُ خَوف ؟
هلِ الحقولُ
وليمةُ العصافيرِ المُحرّمة ؟
-40-
الطُّيورُ المُتْعبة
لا تبلغ المرآة..
تموتُ قبل الوصول،
بإشارةٍ من رجُل التّبن..
-41-
وحْدهُ الطّائرُ المُتهوّر
يستطيع فضح السرّ..
وحدَه يستطيعُ العُبور
إلى السّي ميرغ ..
شعر: عبد القادر رابحي
سعيدة في : 23/06/2018